من بين أكثر المزاعم ترديدا من قبل مسؤولي و أنصار الجبهة
التركمانية خلال الأشهر التي أعقبت سقوط نظام البعث البائد
هي إتهام الكرد بمحاولة تكريد كركوك و السيطرة عليها . تلقفت
القنوات الفضائية العربية و الأقلام الشوفينية كعادتها هذه
الأكذوبة و أضافت إليها من خزينها الأحتياطي الكثير من
المزاعم و التحليلات السياسية و العسكرية و الأقتصادية . ولم
تتردد أطراف هذه الحملة من اللجوء الى جميع الوسائل بما فيها
بث إشاعات عن شراء الأسرائليين للأراضي و الممتلكات في
كوردستان العراق . الغريب أن الجرائد التركية نشرت مثل هذه
الأشاعات وذلك لإثارة الرعاع و الغوغاء في العراق و البلدان
العربية الذين يصدقون أي شئ يقال دون تدقيق أو تمحيص ، هذا
في الوقت الذي تمتلك الشركات الأسرائيلية مئات المشاريع
الأقتصادية و المؤسسات المالية في تركيا بل أن الشركات
الأسرائيلية هي الشريكة الرئيسية في بناء السدود على دجلة و
الفرات ضمن مشروع
GAP
. هذه الأشاعات من السفاهة حتى أنها لا تستحق الرد عليها .
تحاول الجبهة التركمانية من خلال حملات التضليل و التشويش
التي تقوم بها في وسائل الأعلام التركية و العروبية تشويه
الحقائق المتعلقة بالأوضاع في كركوك . تردد الجبهة على مدار
الساعة تقريبا أن الكرد يسيطرون على دوائر الدولة في كركوك
بينما التركمان مهمشون . من سوء حظ الجبهة أن الناس يرون
بأم أعينهم الأوضاع و لا يمكن إخفاء الحقائق مثلما كان الأمر
في عهد صدام حسين . يبدو أن الجبهة لا تدرك بإن تضليل الناس
في ظل المجتمعات المنفتحة و الأعلام الحر أمر في غاية
الصعوبة . وتظهر الأرقام و المعلومات المتعلقة بنسب الموظفين
و رؤساء الدوائر التي سأشير إليها في هذا المقال حقيقة الأمر
في كركوك و كذب الجبهة التركمانية . فالتركمان الذين لم
يشكلوا أبدا أكثر من خمس سكان محافظة كركوك وفق الأحصائيات
الحكومية الرسمية لا زالوا يسيطرون على نسبة كبيرة من
الوظائف و المناصب الرسمية في دوائر الدولة تفوق حجمهم
السكاني كثيرا . و لم تعبر هذه الحالة أبدا عن التركيبة
الأثنية لسكان المحافظة بل أرتبطت بالظروف التأريخية و
السياسية التي مرت بها المحافظة . حاولت الحكومات العراقية
المتعاقبة تهميش دور الكرد في كركوك و تقليص عدد الموظفين
الكرد فيها كلما أمكن ذلك . ومنذ عام 1963 بدأت حملة مكشوفة
لأبعاد الكرد من إحتلال أي منصب أو وظيفة مهمة في كركوك ،
أما خلال العقدين الأخيرين و في ظل تنفيذ سياسة التطهير
العرقي ضد الكرد فقد منع الموظفون الكرد من العمل نهائيا
داخل مدينة كركوك و من ثم في المحافظة . وقد تحدث على
الكيمياوي عن ذلك بعبارات واضحة في شرط مسجل يعود تاريخه الى
نيسان 1989 وذلك في معرض حديثه عن جهوده الأستثنائية لزيادة
عدد الوافدين العرب الى كركوك و طرد الكرد منها و منعهم من
العمل خارج منطقة كوردستان للحكم الذاتي على حد تعبيره .
وهناك المئات من القرارات و الكتب الرسمية الصادرة من ما كان
يسمى بمجلس قيادة الثورة و مكتب شؤون الشمال و محافظة كركوك
و الدوائر الأمنية و الحزبية تشير بصراحة الى عمليات تهجير و
طرد الكرد من المدينة و مصادرة ممتلكاتهم و منعهم من شراء
العقارات أو حتى تصليح بيوتهم الآيلة للسقوط أو فتح مخبز أو
دكان أو حلاقة أو أي وسيلة أخرى لكسب الرزق . كما أن هناك
كتب رسمية سرية عديدة صادرة من تلك المؤسسات نفسها تشير الى
إستثناء المواطنيين التركمان من تلك الأجراءات . لا يعني هذا
طبعا بأن أحدا من التركمان لم يتعرض الى الأجراءات القمعية
لحكومة البعث التي شملت الجميع. ولكن المقارنة مع ما جرى
للكرد على أيدي البعث أمر غير جائز و لا يستند الى الواقعية.
و مطالبة الجبهة التركمانية بالعودة الى أوضاع ما قبل التاسع
من نيسان إشارة غير ذكية من جانبها الى ذلك الأمر .
لقد رحب الجميع بعودة الآلاف من عرب الأهوار الى أهوارهم و
عشرات الآلاف من الذين هجروا أو إضطروا الى الهرب الى إيران
و اللاجئين العراقيين الى العربية السعودية و سوريا و لبنان
وعدة آلاف من الشيعة التركمان الى بشير و تسعين و غيرها ،
ولم يفكر أحد مجرد تفكير أن يعترض على عودة الناس الى قراهم
و مزارعهم و بيوتهم . فقط في حالة عودة بعض المرحلين الكرد ،
الذين رحلوا قسرا و أمام أنظار العالم و قضوا سنوات طويلة من
عمرهم تحت الخيام ، الى كركوك أثارت حملة من التضليل و
الأفتراء وبدأ الحديث عن عملية (تكريد) للمدينة . يخطأ من
يعتقد بأن الناس الذين رحلوا من ديارهم قسرا سيتخلون عن حقهم
الشرعي في العودة الى بيوتهم و مواطنهم . يبدو أن الجبهة
التركمانية إعتقدت بأنها يمكن أن تستفيد من نتائج سياسات
التطهير العرقي التي قام بها البعث لتحقيق مآرب خاصة . لعل
المزاعم الأكثر إثارة للسخرية ما ذكرتها الجبهة أخيرا عن جلب
أكراد من إيران و تركيا لأسكانهم في كركوك . لعل الجبهة هي
الجهة السياسية الوحيدة التي تستطيع أن تكذب بهذه الطريقة
الصبيانية لأن التأكد من هذا الأمر لا يحتاج الى ذكاء كبير .
و الناس لا يتركون مواطنهم و مراتع طفولتهم بهذه الكيفية .
كيف تسمح دول تجثم على صدور الكرد و تعد عليهم أنفاسهم و
تقترف الآثام بحقهم و تعادي تطلعاتهم أينما كانت و تقوم
بعشرات المؤمرات ضد كرد العراق من خلال تجمعات شبيهة للجبهة
، أقول كيف تسمح هذه الدول لمواطنيها أن ينتقلوا بهذه
الطريقة الى العراق أمام أنظار قوات التحالف ليتحولوا الى
أداة بيد الحركة الكردية في كوردستان العراق و ليساهموا في
عمليات ( تكريد) مزعومة . لا يمكن أن يصدق بهذه الأكذوبة غير
قنوات التحريض العربية و بعض الأقلام الشوفينية . كيف تقبل
تركيا الأم الحنون للجبهة التركمانية على مثل هذا الأمر؟ .
ولماذا اللجوء الى كرد إيران و تركيا و هناك ملايين من الكرد
في مناطق العراق المختلفة خارج كوردستان؟ . هناك معسكران
للاجئين من كرد إيران منذ الثمانينات ( في محافظة الأنبار )
و كرد تركيا منذ التسعينات(في محافظة نينوى) . و عبر عدد
كبير من ساكني المعسكر الأول عن رغبتهم في الذهاب الى دول
اللجوء في أوربا و أمريكا الشمالية و أستراليا ، بينما تجري
المحاولات التي تقوم بها الأمم المتحدة مع تركيا و إدارة
التحالف الى إعادة سكان المعسكر الثاني الى تركيا . أي أن
أحدا من الكردين الموجودين فعلا على الأراضي العراقية لم
يرغبوا في البقاء في العراق أو الذهاب الى كركوك (لتكريدها)
كما تزعم الجبهة التركمانية ، فكيف بآخرين يجري إستيرادهم من
خارج الحدود ؟ . تعتقد الجبهة مخطئة بأنها بنشرها لمثل هذه
الأكاذيب و المزاعم تستطيع عرقلة عملية إعادة الحق الى نصابه
. فمنظمات الأمم المتحدة و المنظمات الخاصة بحقوق الأنسان و
اللاجئين على دراية كاملة بأعداد الكرد الكركوكيين الذين جرى
ترحيلهم في التسعينات فقط الى المناطق المحررة من كوردستان
والذين وصل عددهم الى مايقارب المئة و خمسين ألف شخص .
ويقابل هذا العدد آلاف مؤلفة جرى ترحيلهم الى المناطق
الغربية و الوسطى من البلاد . وهناك دراسات كثيرة لدى
المنظمات الدولية و المنظمات الأنسانية و إدارة التحالف عن
المرحلين الكرد في العراق. وهناك معلومات دقيقة عن عدد
المرحلين من كركوك و غيرها و لا زال هؤلاء ورغم صعوبة
الأوضاع التي يعانون منها ينتظرون حلولا عادلة لمشاكلهم . و
يأتي تحملهم لكل هذا التأخير بناء على الدعوات المخلصة
للقيادات السياسية الكردية التي ترغب في اللجوء الى الحلول
القانونية و الأنسانية لهذه المأساة التي خلفها نظام القتلة
و المجرمين .
تشير تصريحات مسؤولي الجبهة بشأن الكرد في كركوك الى جهل
فاضح بمبادئ جغرافية السكان والأوضاع الديموغرافية في العراق
. إذ يذكرون أحيانا بأن الكثير من الكرد قدموا إلى مدينة
كركوك في حينها من الأقضية و النواحي و القرى التابعة لها و
لذلك أصبح عددهم كبيرا في المدينة على حد زعم كتبة الجبهة .
هذا كلام لا يستند الى الحقائق و المعطيات الأحصائية التي
سأتناولها في حلقة قادمة و لكن حتى لو وافقنا فرضا على مزاعم
الجبهة هذه ، أليست ظاهرة الهجرة من الريف الى المدينة ظاهرة
عراقية و عالمية عامة ؟ . لقد تحولت مدن العراق من مراكز
سكانية صغيرة الى مدن كبرى تضم مئات الآلاف من البشر . ولم
تتميز كركوك عن غيرها في هذا المجال سوى بزيادة عدد سكانها
العرب بطريقة غير طبيعية عبر عمليات إستقدام أعداد كبيرة
منهم وفق برنامج منظم ضمن سياسة التعريب و نقصان عدد الكرد
بصورة دراماتيكية بسبب ترحيلهم قسرا من كركوك و مناطق أخرى
عديدة على مدى العقود الأربعة الماضية . كما تحولت كركوك و
منذ ثلاثينات القرن الماضي الى مركز جذب هام للأيدي العاملة
من مختلف مناطق العراق . يبلغ عدد سكان أربيل الآن حوالي
مليون نسمة بعد أن كان لا يتجاوز المائتي ألف قبل ثلاثة عقود
فقط . ويمكن أ، نقول نفس الشئ عن السليمانية و الموصل و
بغداد و غيرها . كانت الهجرة ريف كركوك الى المركز قبل أن
تبدأ عمليات التعريب شبيهة بتلك التي كانت تجري في المحافظات
العراقية الأخرى . أي لم تكن هناك خطة كردية لأرسال موجات من
الفلاحين و العمال الكرد إليها كما تزعم الجبهة . و هؤلاء
الكرد سواء سكنوا مركز المحافظة أو الأقضية و النواحي و
القرى التابعة سيعتبرون من سكانها الأصليين في أية عملية
إحصائية . يطالب الكرد بإزالة آثار سياسية التطهير العرقي
عبر الوسائل القانونية و الأنسانية ، بينما تطالب الجبهة
بالعودة الى أوضاع ما قبل التاسع من نيسان 2003 . تعتقد
الجبهة خطأ بأن طرد مئات الآلاف من الكرد من كركوك المدينة و
المحافظة هو أمر يدعم موقفها و مزاعمها القائمة على تزييف
الحقائق التأريخية و الجغرافية .
من بين مئات الآلاف من الكرد الذين رحلهم النظام البعثي من
كركوك لم يعد منهم سوى عدة آلاف لا يتجاوز عددهم (15 ) ألف
شخص . و يعيش معظم هؤلاء في معسكرات متروكة للجيش العراقي أو
تحت الخيام و في الملاعب الرياضية . وبدلا من أن يحرك هذا
الوضع المشاعر الأنسانية لدى مسؤولي الجبهة و أنصارها و يدفع
بهم الى مد يد العون لهؤلاء المنكوبين ، نراها تبذل جهودا
حثيثة لأقناع قوات الحلفاء و قوات الشرطة لطرد هؤلاء من تلك
المعسكرات و المخيمات . تثير الجبهة بتصرفاتها المشينة هذه
غضب الكرد و كل من يحمل المشاعر الأنسانية إزاء مآسي
الآخرين. أعلن متحث بإسم الجبهة ضمن تصريحاته الطنانة بأن
الجبهة أعادت الى كركوك (15 ) ألف من المرحلين التركمان و
ستعيد في المستقبل نصف مليون تركماني الى كركوك! . لن أشغل
نفسي بمسألة النصف مليون لأنها لا تستحق التوقف لسبب بسيط هو
أن عدد التركمان في العراق لا يتجاوز هذا الرقم . أما
القرويين الذين رحلوا في حينها من قريتين أو ثلاث فلا بد أن
عددهم أقل من 15 ألف ، أي أنهم عادوا جميعا و قد رحب بهم
الجميع و في مقدمتهم الكرد . بينما لم يعد من الكرد الى
مدنهم و قراهم لحد الآن سوى 5 % و في حالة كركوك فإن النسبة
أقل من ذلك بكثير . لا بد أن الجبهة التركمانية تدرك بأن
قضية المرحلين الكرد من كركوك و غيرها قضية كبيرة و معقدة و
جرت على مرأي و مسامع الناس و هناك أطنان من الوثائق
الحكومية التي تشير الى تفاصيلها و الأهم من هذا و ذاك هو أن
ضحايا هذه الجريمة لا زالوا أحياء و يعانون من آثارها و نقلت
المنظمات الدولية و الأنسانية عشرات التقارير الرسمية عن
أعدادهم و أوضاعهم و لا يمكن لعاقل في هذه الدنيا أن يتصور
بأن هذه القضية ستعتبر في حكم المنتهية لأن هناك تجمع سياسي
مجهري أعمى الحقد بصيرة أعضائه من رؤية الحقائق الساطعة .
سيستعيد هؤلاء الكرد بيوتهم و ممتلكاتهم و مزارعهم و سيعودون
إليها و لا يمكن أن ينعم الناس بالسلام و العدالة و سيادة
القانون دون تحقيق هذا الأمر .
حاولت الجبهة التشويش على عودة هذا العدد القليل من الكرد
المرحلين الى كركوك معتقدة بأنها تسطيع تجنيد الأقلام
الشوفينية و قنوات التحريض العربية و التي تتلقف كل خبر يسئ
الى الكرد بسرعة غريبة ، للقيام بحملة مشتركة لتشويه الحقائق
ضد عودة المرحلين الكرد الى كركوك . رغم التجاوب السريع لتلك
الأقلام و القنوات مع حملة الجبهة و الزعم بإحتلال الكرد
لكركوك و طرد العرب و غيرها من الأكاذيب التي رددتها لأسابيع
، إلا أن الحملة فشلت لأنها كانت تستند الى التضليل و تهويل
الأمور و سرعان ما ظهرت الحقائق للجميع و سكت هؤلاء كما هو
شأنهم وكأن شيئا لم يحدث .
و من بين مزاعم الجبهة هي سيطرة الكرد على الأدارة في مدينة
كركوك و مجلس محافظة كركوك. و تظهر الأرقام و الأحصائيات
التي نشرت مؤخرا زيف هذه المزاعم . فمجلس محافظة كركوك يتألف
من محافظ ( كردي ) و نائب للمحافظ ( عربي ) و ثلاث معاونين
( تركماني و كلدوآشوري و كردي ) ورئيس مجلس المحافظة
(تركماني ) .أما أعضاء مجلس المحافظة فهم موزعون على الشكل
التالي ( 14 من الكرد ، 12 من العرب ، 8 من التركمان و 7 من
الكلدوآشوريين ) . أي أن نسبة الأعضاء التركمان تصل الى 20 %
, و يتطابق هذا الرقم مع نسبة السكان التركمان في محافظة
كركوك على مدى العقود الثمانية الماضية . وتثبت المعطيات
الأحصائية الرسمية للحكومة العراقية هذه الحقائق . وقدر
تعلق الأمر برؤساء الدوائر الحكومية في كركوك فإن التركمان
لا زالوا يشغلون حصة تتجاوز نسبتهم العددية بكثير . إذا
إعتمدنا النسبة السكانية للتركمان في كركوك وجب أن يحتلوا 20
% من المواقع الأدارية المهمة بينما نرى بأنهم يحتلون الآن
33% من إدارة الدوائر المهمة في كركوك . فمن مجموع 63 دائرة
حكومية في كركوك يحتل التركمان موقع الأدارة في 21 منها .
فمدراء التربية ( أبراهيم إسماعيل )، الطرق و الجسور(عادل
صديق )، المستشفى البيطري ( أحمد رشيد ) ، مؤسسة إنتاج
الطاقة الكهربائية ( عبداالله حمزة )،مديرية البريد و
الأتصالات (عادل) شركة حفر آبار النفط (ياوز )،رئاسة جامعة
كركوك( عباس عطا)، عمادة كلية العلوم ( د. عباس تقي ) ،
عمادة كلية القانون ( د.علي ) ، مديرية شرطة كركوك (اللواء
تورهان ) ،مديرية النقل
( صفوت محمد )، التخطيط العمراني ( اياد سلمان )، بنك
الرافدين لمركزي( شكيبة عبدالعزيز ) بنك الرافدين -فرع
الذهب الأسود ( غانم رشاد )، بنك الرافدين- فرع شارع
الجمهورية (معتصم) مؤسسة إنتاج الكهرباء في تازة ( خالد رضا
) ، المؤسسة العامة لأنتاج الطاقة الكهربائية ( جلال ) معهد
إعداد المعلمات ( سولماز ) ، مؤسسة إنتاج الكهرباء في دبس (
صبحي ) و مديرية كهرباء كركوك ( يالجين مهدي رشيد ) . كما أن
مدراء النواحي في ليلان و تازة خورماتو من التركمان . و يظهر
هذا العدد من المدراء التركمان زيف مزاعم الجبهة حول سيطرة
الكرد على جميع الدوائر و المؤسسات الرسمية في كركوك . أما
نسبة الموظفين و العاملين في دوائر و مؤسسات الدولة في كركوك
فتظهر حقيقة الظلم الواقع على الكرد و تمتع التركمان بحقوق و
إمتيازات كبيرة تتجاوز نسبتهم السكانية الى حد كبير . ففي
مديرية تربية كركوك ، مثلا ، يشكل الموظفين الكرد نسبة 8,5
% فقط من مجموع الموظفين ، بينما يشكل التركمان نسبة 64,5 %
. ويشكل العرب نسبة 25,5 % و الكلدوآشوريين 2% . وفي شركة
نفط الشمال في كركوك هناك 45 كرديا فقط من مجموع 10415 عاملا
و موظفا و مهندسا و إداريا يعملون في هذه الشركة . أي أن
نسبة الكرد لا تتجاوز 0,04 % بينما يبلغ عدد التركمان 2200
شخصا أو مانسبته 20 % من عدد العاملين . ويبلغ عدد العرب في
تلك الشركة 7840 أو ما نسبته 77 % من مجموع العاملين . وهناك
من يتجنى على الحقيقة و يتحدث عن سيطرة الكرد على كركوك و عن
طرد العرب منها . و تصل نسبة التركمان العاملين في مديرية
بلديات كركوك الى 50 % من مجموع العاملين ، في حين لا تتجاوز
نسبة العاملين الكرد 21 % . أما نسبة التركمان في شركة غاز
الشمال فهي 47 % مقابل 7,3 % للكرد . ويمكن مشاهدة نفس
الصورة في الدوائر الأخرى في كركوك التي لا تتجاوز نسبة
االعاملين لكرد فيها 10 % إلا في ثلاث أو أربع دوائر غير
مهمة مثل دائرة الأوقاف ( 22 % ) , معمل سمنت كركوك ( 36.8 %
) ، دائرة زراعة كركوك ( 29,5 % ) و بلدية كركوك ( 23,5 % )
. بينما لا نجد دائرة حكومية في كركوك لا يشكل التركمان فيها
أكثر من ثلث أو حتى نصف الموظفين . هذه الأرقام و النسب
متوفرة و يمكن لكل من يبحث عن الحقيقة أن يحصل عليها كما أن
بعضها منشورة في الصحافة الكردية و العربية . كيف يمكن لجهة
تزعم ممارسة العمل السياسي أن تكذب على الناس بهذه الطريقة
الفاضحة ؟ .
تحمل الجبهة نفس المفاهيم القومية البدائية التي كان يؤمن
بها على كيمياوي و تكن حقدا غير مبرر ضد الكرد . لا تريد
الجبهة أن ترى مواطنا كرديا يعمل في دوائر الدولة في كركوك .
وتريد أن تحتفظ الأدارة الجديدة بسياسات على كيمياوي الذي
ابعد المعلمين و الموظفين العسكريين و المدنيين الكرد من
كركوك . يكرس مدير تربية كركوك الحامل لأفكار الجبهة كل وقته
و جهوده لعرقلة الدراسة في المدارس الكردية في المدينة .
وبدلا من تطوير العملية التربوية في المحافظة فقد تحول هذا
(المربي) الى عائق أمامها . و يرغب في إبقاء المعلمين الكرد
مبعدين في المحافظات الأخرى أو إبقائهم في الأقضية و النواحي
البعيدة لسنوات طويلة . لا تدرك الجبهة بأن عهد البعث قد ولى
و يقبع الكيمياوي و رفاقه في الجريمة في سجون القوات
الأمريكية و لن يسمح كرد كركوك بتهميشهم بعد الآن . وكلما
تحررت الجبهة من أوهامها بسرعة كلما كان ذلك لصالحها و لصالح
التركمان و العراقيين و لن تنال من وراء حملات التضليل هذه
سوى الهزيمة و الخذلان .
|