متى تستطيع تركيا دخول الاتحاد الأوروبي ؟
أحمد رجب
منذ سنوات طويلة تحاول تركيا دخول الاتحاد الاوروبي وتحقيق حلمها بأنها دولة اوروبية، ولكنها تصطدم مع واقع مرير يحول دون دخوله الاتحاد المذكور . ففي كل مرة طالبت تركيا نيل عضوية الاتحاد الأوروبي واجهت معارضة شديدة من قبل الدول الأوروبية التي ترى أنّ تركيا لا يزال أمامها طريق طويل من الإصلاحات في مجالات حقوق الإنسان ومنح الكورد حقوقهم المشروعة والعادلة والتشريع القانوني والإلتزام بقواعد الاتحاد الأوروبي.وفي الوقت الذي تعرّضت وتتعرّض فيه تركيا لأعمال إرهابية ووحشية قذرة، فهي الأخرى تقوم بتشجيع الإرهاب من خلال تسليح الإرهابيين في البلدان المجاورة لها، وخاصة في منطقة القوقاز في روسيا، كما أنّها تسمح دخول الجرحى من الإرهابيين المارقين للعلاج فيها، وقامت تركيا في الماضي كما هو حالها اليوم بمساعدة الحكام الدكتاتوريين في كل مكان، وتعمل بجدية على طمس حقوق الانسان وجميع الحريات وبذرائع مختلفة .لقد طالب الاتحاد الأوروبي سابقاَ كما يطالب اليوم من تركيا التوقيع على الإتفاقية الدولية الخاصة بحقوق الشعوب التي تتواجد فيها، وإلغاء الأحكام العرفية المفروضة على مناطق كوردستان في "جنوب شرق تركيا" !!، وإلغاء سرايا الجحوش السيئة الصيت ( وهي تنظيمات شكلتها الحكومة التركية لمحاربة الكورد ).لدى المفوضية العامة في الاتحاد الأوروبي معلومات تفيد بأنّه يجري في السجون التركية ( وهي سجون رهيبة تنتشر على طول وعرض تركيا، والأراضي التي تحتلها ) تعذيب المعتقلين السياسيين الذين أدخلوا إلى هذه السجون لكونهم معارضين للنظام التركي الهمجي، وهم على الأرجح من الشيوعيين واليساريين والكورد.ومهما تشدّقت الحكومة التركية بالديموقراطية، وبأنّها لا تمارس التعذيب فإنّ الأوروبيين على علم بأنّ ديموقراطية تركيا مزيّفة، وهي تمارس التعذيب المنظم في السجون لا يمكن تصّوره .وهناك مواضيع أخرى يجب أن لا يغض النظر عنها مثل حقوق الانسان وحرية الرأي والحقوق المدنية، والتأكيد على نزاهة واستقلالية القضاء الذي يعاني من مشاكل الرشوة والفساد .توجد في الاتحاد الأوروبي شروط مهمة لقبول أعضاء جدد وأهّمها الشروط السياسية والإقتصادية، فمن الناحية السياسية يجب على الدول التي تريد الإنضمام للاتحاد الأوروبي أن تكون بإستطاعتها ضمان إستقرار مجتمعاتها ومؤسساتها وصيانة الديموقراطية، وأن تتعهّد بضمان دولة القانون وضمان حقوق الإنسان وحماية الأقليات، وأن تنعم هذه الدول بإقتصاد سوق مستقر، وأن يكون بمقدورها الصمود أمام الضغوطات والمنافسات في الأسواق المحلية والأسواق الأوروبية، كما يجب أن تكون الدول على إستعداد لتكييف إداراتها وجميع قوانينها مع قوانين الاتحاد الأوروبي .إلا أن تركيا لم تقم لحد الآن بحماية حقوق الإنسان وحماية حقوق الشعب الكوردي الذي يزيد عدده على أكثر من 20 مليون نسمة، وهو يعيش بلا حرية وبعيدا من أبسط حقوقه السياسية والثقافية، وغير معترف بهويته القومية، وإذا كان هذا هو حال الشعب الكوردي، فماذا يكون حال الشعوب والقوميات الأخرى؟ !!.ومن الناحية الإقتصادية فتركيا تعيش حالة مزرية وهي تراوح في مكانها، وليست لديها إمكانيات بحيث تؤهلها أن تستجيب للمعايير التي يمكن أن تجعلها في مصاف دول الاتحاد الأوروبي .إنّ أيتام أتاتورك وأتباع دولتهم الرجعية يحاولون ليل نهار ويعملون بكل طاقاتهم ويتلهفون إلى نيل عضوية الاتحاد الأوروبي، ومن أجل ذلك يقدمون التنازلات المذلة التي تخدش كرامتهم ( إن كانت لهم كرامة ) مستغلين حماقة وجهل البعض من أعضاء الاتحاد الأوروبي.يكفي أن نقول للحكام الأتراك بأنّ القضية الكوردية تعض مضاجع نظام حكمكم الأسود في تركيا، لأنّكم تلجأون إلى إطلاق عبارات مشينة بحق الكورد عندما تعتبرونهم أتراكاً، وتنعتوهم بأنّهم أكراد الجبل !، كما انّ دولتكم المهزوزة لا تعترف بالكورد الذين يعيشون على أرض آبائهم وأجدادهم، ومن شدة جبنكم وخوفكم تحظر حكومتكم التي تعيش على الفسق والفساد والرشوة عليهم نشر المطبوعات والبث الإذاعي باللغة الكوردية، وبالرغم من إحتلالكم لجزء هام من أرض كوردستان تتدخلون في الأجزاء الأخرى من وطننا، وتحاولون زرع الفتنة وأفتعال الأزمات وإيجاد المشاكل، وتقفون ضد مطامح شعبنا الكوردي الباسل، ولا تحترمون إرادة أبنائه، وعلى سبيل المثال لا الحصر تحاولون من خلال تصريحاتكم وهذيانكم التدخل في شؤون مدينة كركوك وطمس هويتها الكوردستانية، كما تقفون ضد الفيدرالية، وتنسون بأنّ البرلمان الكوردستاني الذي تأسس عام 1992 كان قد اتخذ قراراً يقضي بقيام النظام الفيدرالي، وأنّ إقامة الدولة الكورية في ظل الفيدرالية هو قرار الشعب الكوردي في كوردستان، وأنه يجب على الدول الأخرى أحترام هذا القرار.انّ أبناء كوردستان في كل مكان يدعمون ويساندون نضال شعبهم الكوردي وأحزابه السياسية في كوردستان من أجل الحصول على كامل حقوقه القومية العادلة، وهم يطالبون السلطات التركية الشوفينية إيقاف المعارك والعمليات العسكرية الإرهابية، والكف عن حرق القرى الكوردستانية والإبتعاد عن افتعال الأزمات .وعلى أعضاء الاتحاد الأوروبي أن يكونوا واعين بحيث لا يخدعهم أيتام أتاتورك، كما وعليهم أن يكونوا منصفين، وأن لا ينسوا الظروف القاسية التي مرّت على الكورد وكوردستان، وإنّ الصمت الأوروبي كان ولا يزال صفة قبيحة !.30 / 9 / 2004
|