هل تكوين الدوله الكردستانيه حلم و خيال كما يقولون!!!!!
هشام عقراوي
كثيرا ما يقول ويصرح البعض من السياسيين و الشخصيات العراقيه و غيرهم من الذين ينتمون الى الدول التي تحتل كردستان، عن استحالة تكوين الدولة الكردستانيه وبأنه حلم ومحض خيال. والكل يستندون على المعطيات و الاسباب الجغرافيه و العسكرية. ويقولون بأن كردستان محاطة بدول قوية عسكريا تجعل أية محاولة لتكوين الدوله الكردستانيه مجازفة أو حتى أنتحارا سياسيا و عسكريا. هؤلاء يبذلون الجهد الجهيد من أجل أن يقنعوا الكرد بحتمية هذه المعادلة. ومن المؤسف أن البعض من الكرد و نتيجة لهذا الاعلام و البحوث المخادعة صاروا يترددون في أختيار سياسة واضحة وجريئة حيال مصير الشعب الكردستاني. ولكن هل صحيح ان تكوين الدولة الكردستانية مجازفه و مستحيلة الحدوث؟؟؟؟؟؟ لو نظرنا الى قابلية تكوين الدول و سقوطها بعقلية بدايات القرن العشرين نرى أنه في تلك الفترة تكونت العشرات من الدول و أنهارت العديد من الامبراطوريات. فكل الدول العربية والدولة التركية والعديد من الدول الافريقية و حتى الاتحاد السوفيتي تكونوا في تلك الفترة. وبعد الحرب العالمية الاولى و الثانية و ما بينهما و نتيجة لتغيير موازين القوى الدولية تغيرت خريطة العالم وأصبحت الكثير من المستحيلات ممكنا و للتذكير فأن أسرائيل كانت أحدى الدول التي تكونت في تلك الفترة. ألم يكن تكوين دولة أسرائيل مستحيلا الى سنة 1918؟؟؟ ولكن دولة أسرائيل تحولت الى واقع رغم تواجدها وسط كل الدول العربية و الاسلامية و رغم مساندة الاتحاد السوفيتي القطب الثاني في ذلك الوقت للدول العربية. أما أذا نظرنا الى العالم و حللنا الواقع العالمي بعقلية خمسينيات و ستينيات و سبعينيات القرن الماضي فأن تكوين الدولة الكردستانية ستدخل في حكم المستحيل وأغلبية السياسيين العرب و غيرهم ينطلقون من تلك العقلية والواقع . لانه في تلك الفتره ونتيجة للحرب الباردة و الحارة التي سيطرت على العالم و الصراع القوي الذي كان متواجدا بين الرأسمالية ممثلة بأمريكا وأوروبا الغربية من جهة و الشيوعية ممثلة بالاتحاد السوفيتي، أصبح من الصعب جدا أحداث تغييرات كبيرة على الساحة العالمية حفاظا على السلم العالمي و خوفا من حرب نووية مدمرة. ولو أستثنينا كوبا و فيتنام وتكوين جمهورية الصين الشعبية نرى التغييرات الاخرى طفيفة و غير مؤثره على الخارطه السياسيه العالمية. أذن حتى في منتصف القرن الماضي أيضا كانت هناك دول في طور التكوين و دول تتقسم أو تتوحد. بعد أنهيار الاتحاد السوفيتي و تفككه تغيرت المعادلة الدولية وأصبح كل ما هو غير ممكن في متناول اليد. فتحولت دولة الاتحاد السوفيتي التي كان تزامنها مع تكون الدولة العراقية و سبقت تكون تركيا، الى دول عديدة أصغر أعتمادا على أنتماءات تلك الشعوب القومي. فالاوزبكيون و الارمنيون و الاوكرانيون وغيرهم كلها دول قومية. أما الدول المتعددة القوميات فهي غير مستقره وهب الان في طريقها الى التفكك كجورجيا و أذربيجان و غيرها من الدول التي كانت منظوية ضمن الاتحاد السوفيتي. لم يقتصر تكوين الدول المستقلة و تغيير الحدود على دول الاتحاد السوفيتي القديم و الدول الكبيرة التي كانت ضمن ذلك الاتحاد لا بل حتى دول صغيرة لا تتعدى المليون نسمة استطاعوا الانفصال عن الاتحاد السوفيتي مثل دول البلطيق كأستونيا و لاتفيا. هذه الدول كانت من المستحيل أن تنفصل عن روسيا لو أعتمدت على القوة العسكرية البحتة. فهل كان الجيش الاحمر قاصرا على ردع 50 ألف جندي بلطيقي؟؟؟ أذن هناك عوامل أخرى أدت الى تكوين و أستقلال تلك القوميات و الدول. ألا و هي الموازنات الدولية و ضرورات السياسة الدولية. لو تعمقنا أكثر في تأريخ تكوين الدول و تقسيمها، نرى أن عملية تغير خارطة العالم مستمرة. فيوغسلافيا تقسمت و حتى بعد زوال تيتو و النظام الشيوعي أستمرت عمليات التقسيم وخرجت من أحظانها جمهورية البوسنة و الهرسك التي كان تكوينها هي الاخرى مستحيلا لولا التدخل الدولي. هل كان من الممكن أن تستقل جمهورية تيمور الشرقية لو كانت قد أعتمدت على قوتها العسكرية أمام 200 مليون أندنوسي؟؟؟ ولكنها أستقلت رغم أنف دولة أندنوسيا و في عملية أستفتاء حره أختار فيها شعبها الانفصال. الم تتكون دولة الشيشان المستقلة رغم أنف روسيا؟؟؟ و لكن تحول الدولة الشيشانيه الى الطرف المساند للارهاب الدولي غير من نظرة و تأييد المجتمع الدولي لتلك الدولة الاسلامية و من ثم الى تفليشها و أعادتها الى كنف روسيا. ألا تستطيع المغرب أبادة شعب الصحراء الغربية الذين يريدون الاستقلال؟؟؟ و لكنها و نتيجة للتدخلات الدولية و قرارات الامم المتحدة التي تساند حماية شعب الصحراء جعلت أنتصار المغرب غير ممكنا. من كل هذا نستدل أن مسألة تكوين الدول وأستقلالها من عدمة لا تعتمد على القوة العسكرية البحتة و الجغرافيا البحتة، لا بل أن الجغرافيا التي يقول عنها بعض السياسيين و أعداء تكوين الدولة الكردستانية بانها لا تساعد تكوين الدولة الكردستانية و خاصة في العراق، هي من أحدى العوامل المساندة لتكوين تلك الدولة. لأن الجغرافيا أيضا تتغير حسب تغير الظروف السياسية و العسكرية و الموازنات الدولية. فتواجد الكرد ضمن العراق في نهاية الخمسينات و بداية تسلم البعث للحكم في العراق، كان وبالا على الكرد خاصة مع وجود أيران الشاه و تركيا العضوه البارزه في الناتو بجوار كردستان العراق. أما الان فأن تواجد كردستان في العراق تجعلها محل أهتمام المجتمع الدولي. فالعراق العربي مهدد بالارهابيين و أيران هي دولة في طريقها الى التحول الى دولة نووية اسلاميه و تركيا هي في طريقها الى التنازل عن لعب دور سياسي و عسكري لصالح أمريكا نتيجة للضغط الشعبي والاسلامي الدخلي و الخارجي. هذه المعادلة الجديدة و الجغرافيا السياسية الجديدة تجعل من كردستان محط أنظار الدول الاوربية و حتى أمريكا. هذا الدور لا يتعلق بالكرد بقدر تعلقه بالدول العظمى. فكما أن دول الاتحاد السوفيتي السابق لم تلعب دورا رئيسيا في أنهيار الاتحاد السوفيتي و حتى أستقلالها، بنفس الطريقه فأن كردستان ستدخل في حسابات و توازنات السياسة العالمية. وعندما تدخل كردستان في المعادلة الدولية (هذا أن لم تكن قد دخلت فعلا)، فأن الدولة الكردستانية ستتحول الى واقع شاء الكرد أم اباءوا، وشاءت دول المنطقة أم ابت. الذين يقولون بأن رفع شعار الانفصال هو أنتحار، الذين يقولون بأن التفكير في تكوين الدولة الكردستانية (غباء) وعدم نضوج سياسين، مازالوا يفكرون بعقلية خمسينات القرن الماضي و لا يريدون الدخول في القرن الحادي و العشرين وينطلقون من عدائهم لهذا الانفصال وليس على الوقائع الملموسه. فلا القوة العسكرية للكرد ولا القوة العسكرية للدول التي تحتل كردستان هي العامل الحاسم في أمكانية تكوين الدولة الكردستانية من عدمه. أهم شئ هو العامل الدولي و التوقيت المناسب. فكما كان تكوين كوبا الشيوعية مستحيلا قبل سنة 1917 لأنها كانت بحاجة الى مساندة قوة عظمى لأستمرارها. و كما كانت تكوين الدولة الاسرائيلية مستحيلا قبل عام 1918 نظرا لحاجتها في ذلك الوقت الى مساندة قوة عظمى لتقوية نفسها. و كما أنهار الاتحاد السوفيتي العظيم لعدم أستطاعته الصمود أقتصاديا و سياسيا، وكما تكونت دولة تيمور الشرقية و البوسنة و دول البلطيق و كما أستطاعت الكويت و بمساعدة المجتمع الدولي هزيمة صدام التي عجزت ايران عن هزيمتة نتيجة لدعم العالم لصدام وكما هزم صدام نتيجة للتحالف الدولي المضاد له وكما أنفصلت أرتيريا و أستقلت نتيجة تواجدها تحت الاحتلال الشيوعي الاثيوبي، بنفس الطريقه وليس أعتمادا على منطق القوة و تحت تأثير التغييرات الدولية فمن الممكن أن تتكون الدولة الكردستانية في كردستان العراق لو تهيأت و سنحت الظروف الدولية لذلك. هذا التكوين ليست له اية علاقة بقوة الدول التي تحتل كردستان و موقع كردستان الجغراقي . فنفس الموقع الجغرافي هو أكبر عامل أيجابي الان في صالح تكوين و أعلان تلك الدولة بمساندة الاسرة الدولية و الامم المتحدة في أستفتاء عام يدعو اليه الشعب الكردستاني. لذا ندعو كل السياسيين من غير الكرد أن لا يتعبوا أنفسهم و بوفروا جهودهم لقومياتهم و أن لا يحللوا لنا الوضع الحالي وأمكانية تكوين الدولة الكردستانية وكفاهم القول بأنها مستحيلة وهو أنتحار، لأننا نعرف قبلهم ان كان الوقت قد حان أم لا لأعلان الدولة الكردستانية.
|