ابن لادن باحثا عن أسياد جدد
في رسالته الاخيرة لاثبات حضوره، وأنه حيّ يرزق ، و التي بثتها فضائية " الجزيرة" يوم الجمعة الفائت، كان الإرهابي أسامة بن لادن يحاول أن يظهر مختلفا عما كان فيما قبل. و هذا ما تناوله الكثيرون من المحللين . لكن ما لم يتناوله المحللون ، حد علمي ، أنه طلع علينا هذه المرة باحثا عن أسياد جدد أكثر من أي شئ آخر. و حين ذكر السويد بالاسم كدولة لم تتعرض لأمن المسلمين ، و أنه و ارهابييه لم يهددوا أمنها ، وبقيت آمنة ، كانت رسالة واضحة لاوروبا بأنه يعرض نفسه و أصحابه عليهم رخيصين ، لاستخدامهم ضد الأمريكان الذين عزموا على استئصاله من الجذور ، و قطع دابره إلى الأبد. و من المعلوم أنه بغض النظر عما يكون الرئيس الأمريكي القادم ، فأنهم لم و لن ينسوا جريمته النكراء في قتل الآلاف من الأبرياء في 11سبتمبر عام 2000، و التي يطلق عليها الإسلاميون " غزوة نيويورك" إنتشاء بالدم الذي أراقوه بدون وجه حق ظلما و عدوانا . لقد أصبح ابن لادن بفضل مستشاريه العفالقة و العروبيين على يقين أن الفترة التي كان يحظى بدعم الأوساط الأمريكية و الاسرائيلية ، فترة الحرب الباردة في القرن الماضي، قد مضت ، حيث كانت تلك الأوساط بحاجة ماسة الى ادوات فعالة في حربها ضد السوفيت و المعسكر الشرقي . لكن هؤلاء العروبيين " العباقرة" لا يريدون أن يفهموا أن ارهابهم و ارهاب الآخرين يهدد العالم كله ، و أن العالم بمختلف أشكالها و أنظمتها ، قد شمرت عن سواعدها لاستئصال جذور الارهاب . وإنّي كثيرا ما اسمع من فرسان العروبة تحليلات عجيبة و غريبة للسياسات الغربية و مواقف الغرب من قضايا العرب و المسلمين. فمرة سمعت أحدهم يقول " يقولون إننا ضعفاء و يجب أن نقبل بوجود اسرائيل. و لكننا لسنا مستعجلين ، إن كنا اليوم ضعفاء ، يمكن أن نكون أقوياء بعد مئة عام" … فالتعويل على حدوث شقوق في الوفاق العالمي ، وخاصة بين الاوروبيين و الأمريكان ، ليتخندق فرسان العروبة في هذه الشقوق لمواجهة أعدائهم ، حلم طالما ينعشهم ، و يرون فيه دافعا لمواصلة تبنّي عقلية التزمّت و تحقيق المزيد من الأمجاد في انتزاع هزائم بطولية ، مثل انصارات فارس الأمة الجرذ في أمّ معاركه ، و الاستمرار في الإيمان بنظرية المؤامرة و تطويرها. وإن هؤلاء الفرسان يجهلون أن الاوروبيين ، ليس من عادتهم أن يكرروا أخطاء غيرهم ، و أنهم في غاية الذكاء وقادرون على أن يستفيدوا منها ، و ألاّ يقعوا في حفرة و قع فيها غيرهم. و قد رفضتْ مباشرة السلطات الأمنية الاوروبية التحذيرات الامريكية للبلدان الاوروبية و الامريكيين المقيمين فيها من قيام ارهابيي القاعدة و حلفائهم بعمليات ارهابية ، إذ الاوروبيون " لقفوا" رسالة ابن لادن بشكل ممتاز. فبحث ابن لادن وأصحابه عبر كتّاب الارهاب عن أسياد جدد واضح حين حاول استخدام نفس تعبيرات إدارة بوش، و في نفيه مزاعمه المتكررة بأن مقاتلي القاعدة "يكرهون الحرية". و يتضح أكثر حين قال : "حاربناكم لأننا أحرار ولا نقبل الظلم." و حين يتساءل ردا على ادّعاء بوش بأن ابن لادن ومن معه ضد الحرية :"لمَ لم نضرب السويد مثلا؟!" . و الكل يعلم أن السويد لم تتوان عن دعم الولايات المتحدة في حروبها، و لو بوسائل كانت تختلف عن الوسائل التي بها تحالفت دول اوروبية أخرى مع أمريكا. و الرسالة في البحث عن اسياد جدد واضحة تماما كذلك في مخاطبة الامريكيين ، و هي أن يفيقوا ويروا إلى أين يقودهم قادتهم الذين "يهاجمون أمننا لذلك فسنهاجم أمنكم". يرى عشاق ابن لادن أن العمليات الارهابية ضد أمريكا تخدم اوروبا ، و يظنّون أن الأوروبيين لها في السر يفرحون. هذه العقلية المريضة و الشاذّة هي التي تنتج ارهابيين مثل ابن لادن و أصحابه ، و تستمر في إعادة إنتاجهم طالما تتحكم في منظومة تفكيرهم و أحلامهم . فمهما حاول هذا الارهابي الظهور بمظهر إنسان ، فلن يفيده و العروبيين بشئ ، و ليس ثمة من شفيع لهم ، فالعالم عازمة على إخراجهم من جحورهم ، و محاكمتهم لينالوا جزاءهم العادل ، لما اقترفوه من آثام بحق الناس الأبرياء. و لئلا يحولوا الدنيا إلى حريم ، و سجون و مذابح لأعداء الله و أعدائهم.
|