الانتخابات قوّضت بتحويلها الى لعبه طائفيه!!

هشام عقراوي

 

 

وأخيرا ظهرت الخلافات بين الاحزاب العراقيه وصعدت الى السطح وصار الاطراف يتحدثون بصوت عالي يسمعه الشعب ويستطيع أن يبدي رأيه المهمل منذ زمن طويل.

فمنذ أن قررت الحكومة المؤقته بأجراء الانتخابات في بداية السنه القادمة، والعديد من الشخصيات و الكتاب يتحدثون عن الطريقة الخاطئه للاعداد لهذه الانتخابات و الى النزاعات و النيات الغير سليمه للعديد من الاطراف العراقيه و الى الظرروف الامنية الصعبه التي يعيش فيها العراق و التي تجعل من المستحيل أجراء أنتخابات نزيهه فيها.  ولكن الحكومة العراقية و الادارة الامريكية رفضوا الاستماع الى هذه الاراء من أجل أيجاد الحلول المناسبه لها ومن ثم أجراء الانتخابات في موعدها المقرر.

تأجيل البحث في المسائل العالقة أدى الى تراكم الخلافات و المشاكل، ومع أقتراب موعد الانتخابات لم تستطع الاطراف التي ستتضرر من نتائج هذه الانتخابات من السكوت و الوقوف موقف المتفرج و هم يرون جهودهم و نضالاتهم تذهب هباء.

النيات الغير سليمه تجاه الانتخابات ظهرت قبل حرب النجف و بعدها مباشرة بدأت تحالفات لم تكن أبدا في صالح العملية الانتخابيه و حقوق العراقيين جميعا على حد سواء. فبعد حرب النجف و بقدرة قادر هدأت كل المدن الشيعية ولم يعد هناك شئ أسمه جيش المهدي و سراياه وأخذ الجهاد يأخذ منحا أخر. ألا و هو جهاد الانتخابات و أصدرت فتاوى بواجب الادلاء بالاصوات و حولوها الى فرض عين. الى هنا و الاجراءات صحيحه وليس عليها غبار و كان الكثيرون يقولون بأن هذا الموقف للحوزة و الشخصيات الدينية الشيعية الاخرى نابعا من توقهم للخلاص من حالة الحرب و أنهاء التواجد الامريكي في العراق بأسرع وقت.

بعد كل هذا الاعداد و الاستعدادات الشيعية لأجراء الانتخابات و التلويح بالقائمة الشيعية الموحدة المقترحة من قبل السيد (السيستاني) و التي تتكون من كل الاطياف و الاحزاب الشيعية، بدأت الاحزاب و الاطراف الشيعية بالانسحاب من كل الاجراءات و الاجتماعات التي تهدف الى الاتفاق على قائمه وطنية عراقيه شاملة. فحزب الدعوة لم يشارك في اجتماعات (دوكان ، السليمانية) الذي شارك فيه العديد من الاحزاب السنية. و المجلس الاعلى للثورة الاسلامية الذي حظر الاجتماع لم يكن طرفا أيجابيا في الوصول الى أتفاق و تبين للمشاركين بان هناك أتفاقا مسبقا بين العديد من الاطراف الشيعية حول القائمة الشيعية الموحدة و ليس القائمة الوطنية الموحدة.

من الجهة الاخرى فأن ألاطراف الشيعية الذين يشكلون الاغلبية في العراق لم يحاولوا حل الخلافات و النزاعات الداخلية من خلال الا عتراف بحقوق الاطراف السنية. بل صاروا متأكدين من فوزهم في الانتخابات و بالتالي فرض سياساتهم على باقي فئات الشعب العراقي.

 يجب أن تدرك كل الاطراف العراقية بان ما عاناه العراق و العراقيون أتى من محاولة فئه على السيطرة على العراق و حكم البلد. وفي وقتها رفض الشعب العراقي هذا التسلط الفئوي العشائري القومي، ومن المستحيل أن يتقبله الان و بعد سقوط صدام. هل من الممكن أن يشارك السنة مثلا في أنتخابات تؤدي الى طمس حقوقهم و تهميش دورهم؟؟؟ و بنفس الطريقة فأن الشيعة ايضا لا يمكنهم القبول بأنتخابات تكرر المقابر الجماعية. و من المستحيل أن يقبل الكرد بحقوق اقل من التي كانوا يتمتعون بها قبل رحيل صدام.

الانتخابات و الى اليوم لعبه تمارسها بعض الاطراف من أجل الوصول الى مكاسب طائفيه. وهذا الاصرار على أجراء الانتخابات في مثل هذه الظروف الغير ملائمه، من حيث الارهاب و القضايا العالقه التي لم تعر لها الحكومة الحالية و لا الاخ الكبير (الشيعة) الى حلها، لا بل الوقوف حجر عثره في طريق حل المشاكل العالقة، كلها تعمل على أستحالة قبول أجراء الانتخابات من قبل باقي أفراد الشعب العراقي.

ومبدأ رفض اجراء الانتخابات يأتي أصلا من النظرة العراقية و التفكير العراقي لمجريات الامور في العراق. و الاطراف التي تدعوا الى تأجيل الانتخابات (بضمنهم الوفاق) وعدم أجراءها قبل الاتفاق على حل عقلاني للمشاكل العالقه تريد مصلحة العراق وعراقا ديمقراطيا، لا عراقا تسيطر عليه فئه دون أخرى.

ما يؤكد هذا القول و النيات الطائفية للاطراف التي تفرض الانتخابات في هذا الموعد بالذات، سيثبت في هذه الايام. فأذا قامت الاطراف التي تريد اجراء الانتخابات، بتهديد العراقيين و العراق ومحاولة فرض هذا الموعد على العراقيين، و التلويح بالحرب و العواقب الوخيمة، عندها يتأكد للجميع بأن المقصود من وراء هذه الانتخابات هي السيطرة و الحكم الطائفي و ليس الديمقراطية والعراق الامن.

يجب أن يدرك الجميع بأن هذه الانتخابات هي الاولى في العراق وهذا المجلس سيصوغ الدستورالعراقي الدائم، لذا يجب أن يشارك فيه أكثر من 75% من الشعب العراقي. وأذا أردنا عراقا ديمقراطيه و ان نبين النيات الحسنه تجاه كل أطياف الشعب العراقي فلا بد من بذل الجهود الحثيثه من أجل اشراك الجميع في هذه الانتخابات و الرجوع الى مبدأ التراضي و الاتفاق، الذي تنازلت عنه بعض الاطراف بعد ان أصيبت بنشوة الانتصار و الاقتراب من حكم العراق كل العراق و بالطريقه التي يريدونها لا الطريقة التي تريدها الشعوب العراقيه كافة. 

HOME