من يقف
وراء الهزيمة المنكرة للجيش العراقي
؟
أحمد رجب
لقد كتب العديد من العراقيين كما يكتبون اليوم مقالات حول الجيش العراقي وكيل المديح له، ويشير البعض منهم إلى " التاريخ الناصع " لهذه المؤسسة التي حولها الدكتاتور صدام حسين إلى آلة قتل وتدمير، وفي هذه الأيام يكثر القوميون العروبيون أكثر من البعثيين الحديث عن جيش " العراق "، جيش الأمة العربية وحارس البوابة الشرقية، كما يتحدثون عن " قائده المغوار " و " القائد العام " للقوات المسلحة " المهيب الركن " صدام حسين الذي تفاخر في 1/12/1988 بجيشه " الباسل " في حديث للمشاركين في مؤتمر الهزيمة والذل " مؤتمر النصر العربي عبر التاريخ وإجتماعات الهيئة العربية لكتابة التاريخ " : انّ عدد القوات المسلحة العراقية إلى حد اليوم الذي تلا " النصر المؤزر " أكثر من مليون، أو بحدود المليون والربع من " الرجال الأشاوس ". وكان " القائد الضرورة " يفتخر بوجود أكثر من ثلاث ملايين منتسب للجيش الشعبي، وأكثر من مليون " شبل " من فدائيي صدام، وقوات خاصة، وقوات الحرس الجمهوري وقوات الأمن الخاص وغيرها !!، وكان " القائد الملهم " يفرح ويضحك ويكيل المديح لنفسه، ويصّرح بأنّه استطاع خلق جيش جبّار يربو عدده على أكثر من ثمانية مليون " ضابط " وجندي. عند إعلان الحرب على العراق في ليلة 20 آذار 2003 وبعد أيام قلائل سقط " صرح الأمة العربية وباني مجدها صدام حسين وجيوشه المليونية "، وإندهش العراقيون و" المحللون السياسيون " الذين أستضافتهم قنوات العهر العربية وفي مقدمتها قناة الجزيرة، والذين توقعوا بأنّ الجيش العراقي، جيش الأمة العربية سيقاوم بشراسة، وسيدافع دفاعاً مستميتاً عن بقاء شراذم البعث وشرف الأمة، ولكن الجيش العراقي قد خذلهم، ولم يقاوم، إذ أنّه ومنذ دخول القوات الأمريكية أرض العراق ترك ميدان الحرب وترك السلاح و«ذاب» و«تبخر» وبقي سلاحه في أرض المعركة خاصة في بغداد ومناطق الوسط، ويقال أنّ ألوية وفرق الجيش العراقي وكتائب قتالية أخرى تركت سلاحها كما هو وبحالة ممتازة في أرض " معركة الهزيمة "، وأدّى هذا الوضع المأساوي إلى هروب الكثير من قادة الحرس الجمهوري والأجهزة الأمنية ومعظمهم من أقارب صدام، وفي كوردستان كان حال الجيش العراقي أسوأ بكثير، حيث أنهارت خلال ساعات محدودة. لا ينكر أحد بأنّ الجيش العراقي ضمّ قادة عسكريين أفذاذ من أمثال : هاشم عبدالجبّار، فاضل عباس المهداوي، ماجد محمد أمين، وصفي طاهر، حسين خضر الدوري، جلال الأوقاتي، عبدالله بانه يي، طه الشيخ أحمد وغيرهم من الوطنيين والتقدميين، كما ضمّ عدداً من القواد المجرمين من أمثال : صديق مصطفى، سعيد حمّو، عبدالسلام عارف، عبدالعزيز العقيلي، شاكر محمود، طاهر يحيى، صبحي عبدالحميد، عبدالغني الراوي، رفعت الحاج سري، عبدالوهاب الشواف، ابراهيم فيصل الأنصاري، نزار الخزرجي، هاشم سلطان، عبد حمود، والقائمة تطول إلى أن تصل إلى البعثي الجاهل حازم الشعلان وزير دفاع البعثي أياد علاوي. للجيش العراقي في عهد البعثيين والقومويين العروبيين سجل أسود مليء بالجرائم بدءاً من الإغتيالات والقيام بالمؤامرات وإشعال الحروب واستخدام الأسلحة المحرمة دولياً وفي مقدمتها السلاح الكيمياوي وإبادة الجنس البشري وتدمير القرى والقصبات والمدن واللجوء إلى عمليات قذرة كعمليات الأنفال السيئة الصيت. لقد مارس البعثيون ومنذ مجيئهم على أكتاف أعداء الشعب إلى الحكم في المؤامرة الجبانة في 8 شباط الأسود عام 1963، إلى يوم زوالهم المخزي بإنقلاب العروبي عبدالسلام عارف في 18 تشرين الثاني 1963، ومن ثمّ عودة البعثيين في مؤامرة 17 – 30 تموز عام 1968 الإرهاب والإضطهاد ومصادرة الحريات والإعتقالات التعسفية والإغتيال المنظم والإخفاء المتعّمد والتصفيات الجسدية والإعدام وغيرها من أساليب القمع ضد المواطنين العراقيين من العرب والكورد والتركمان والكلدوآشوريين والأرمن والإيزدية والصابئة، ومن الشيعة والسنة، ومن المسلمين والمسيحيين والديانات والمعتقدات الأخرى، وقد إشتدت وتيرة هذه الإنتهاكات خلال سنوات الحرب، وبالأخص بعد وقف القتال بين العراق وإيران حيث شنّت قوات النظام العراقي حملات إبادة جماعية ضد أبناء الشعب العراقي في الأهوار في جنوب العراق، وفي الدجيل في وسط البلاد، وضد أبناء الشعب الكوردي في كوردستان، وتدمير القرى والقصبات، واستعمال الأسلحة الكيمياوية ، ممّا إضطرّ عشرات الألاف منهم من الهروب واجتياز الحدود الدولية والإلتجاء إلى تركيا وإيران وغيرها. انّ سجل الجيش العراقي المنحل حافل بالإنتهاكات والممارسات اللاإنسانية واللاقانونية بحق الشعب العراقي عامة، والشعب الكوردي خاصة. انّ الطغمة الدكتاتورية المتعطشة للدماء وقهر العراقيين واصلت بمساعدة الجيش العراقي حملة التهجير الشوفينية العنصرية التي بدأتها منذ السنوات الأولى لحكمها الأسود، وشملت بها ألوف القرى والقصبات في كوردستان، والالوف من خيرة أبناء الكورد الفيليين. إنّ الحكم البعثي الفاشي إتبع سياسة الأرض المحروقة الموروثة من الهتلريين، وذهب إلى حد هدم بيوت الفلاحين وتدمير بساتينهم وحرق مزروعاتهم وإبادة مواشيهم بهدف القضاء على مقومات الحياة، ولكي يعيش هؤلاء الكادحين حياة الذل والإهانة. كان أحد أهداف الطغمة الدكتاتورية وراء مواصلة التهجير هو محاولة عزل الفصائل الثورية المسلحة للأنصار ( البيشمه ركة ) في كوردستان وحرمانها من مقومات الوجود والنضال، غير أنّ الوقائع أثبتت خطأ حسابات الدكتاتور الأرعن صدام حسين بشأن هذه المسألة أيضاً، حيث استمرّ نمو تلك الفصائل الباسلة وتعاظم بأسها رغم جميع إجراءات التهجير القسري. إنّ عملية تهجير المواطنين من أرض أجدادهم كانت ولا تزال هي عملية قائمة على الإرهاب والزجر، وهي ضد رغبة وإرادة الشعب، ولكن وبالرغم من بناء المجمعات السكنية شبه العسكرية التي حشر فيها المهجرون قسراً، لم يقبل أبناء الشعب الكوردي البقاء فيها، حيث هجرها الكثيرون راجعين إلى قراهم الأصلية متحدين الإرهاب والقمع الوحشي وعدم الإلتزام بتهديد الجيش العراقي. إنّ مواصلة التهجير القسري لم تدل فقط على عنصرية النظام البعثي وفاشيته، بل دلّت كذلك على ضعفه إزاء تصاعد النضال الشعبي واتساع نشاط فصائل البيشمه ركة الأبطال. كان النظام الدموي الساقط يلجأ في كل مرة إلى حشد قواتها القمعية من الجنود والشرطة والمرتزقة من الجحوش والجيش الشعبي، وتستخدم المدافع والطائرات ضد السكان الآمنين حيثما رفضوا الرضوخ لقرار التهجير، وحيثما دافع عنهم الأنصار البواسل. صحيح انّ الشعب العراقي بكافة قومياته وطوائفه تلّقى الضربات الموجعة من النظام الدكتاتوري، إلا أنّ الشعب الكوردي كان هو الضحية الرئيسية لأساليب ونهج الزمرة الدموية من عصابات البائد صدام حسين. من الضروري تعويض العراقيين الذين واجهوا الدكتاتور المنهار صدام حسين وجيشه المنهزم، مثلما هو ضروري تعويض أبناء الشعب الكوردي عن الخسائر المادية والبشرية التي لحقت بهم جراء استعمال الحكم العراقي البائد للأسلحة الكيمياوية في حملاته الوحشية ضد السكان الآمنين التي أدّت إلى تشريد مئات الألوف منهم، وتخريب آلاف القرى والقصبات، وتسميم القرى والأرياف الكوردستانية والقضاء على الحياة ومظاهرها الإنسانية والحيوانية والنباتية فيها. انّ المسؤولين العراقيين اعترفوا أكثر من مرة وبعكس ما يردده بعض الذيول وأزلام مخابرات النظام الساقط بإستخدام السلاح الكيمياوي، وحاولوا تبرير ذلك بذرائع هزيلة. وفي الآونة الأخيرة ردّد وزير دفاع أياد علاوي بأنه يعمل على أحياء الجيش الذي له سجل في القتل والإجرام وتطعيمه من قوات الحرس الخاصة بالبعثيين وممّن على شاكلتهم. على العراقيين أن يوّحدوا كلمتهم ويقولوا بصوت واحد : لا لجيش البعثيين والعروبيين ، لا لجيش نائب العريف المجرم علي حسن المجيد – علي كيمياوي، لا لجيش عزة الدوري وطه ياسين، لا لجيش المقبورين عدي وقصي، لا لجيش القتلة، لا لإستخدام السلاح بجميع أشكاله، لا لحرق القرى، لا لإبادة الجنس البشري، لا لعمليات الأنفال القذرة ، لا للمقابر الجماعية. 5/1/2005
|