الجبهة التركمانية (دفاعأ عن حقوق التركمان ام حصان طروادة بيد الدولة التركية)

جلال الجباري

 

 الجزء الثالث

محاولات تتريك وتركمنة كركوك

____________________

 

ان الاصوات المبحوحة التي تحاول ان توهم بعض الناس, و تعيد وتصقل  الادعات الجوفاء حول ما يسمى بتكريد كركوك, ما هي الى محاولات لئيمة ومدروسة, لاخفاء حقيقة ان تلك الجهات وأسيادهم القابعين في دوائر الميت التركي ,هم الذين سعوا فعلأ وطوال اكثر من نصف قرن في ممارسة التتريك, ومن ثم التركمنة لاغراض عنصرية مقيتة, وفق توجهات وشعارات تبنتها واعلنتها الجهات الطورانية  التركية وأدواتهم المأجورةمن الطورانيين  الجدد من اقزام الجبهة التركمانية ,عملا  بشعارات   جمعية الاتحاد والترقي المشبوهة(يجب ان نجعل كل السكان في اراضينا اتراكأ وبأي ثمن,وسوف نبيد كل اللذين يعارضون سياسة التتريك) .

 وقد نفذ الاتراك هذه السياسة بمختلف الوسائل, سواءأ خلال حكم امبراطوريتهم الزائلة أو دولتهم العنصرية الحديثة, ولكن التركيز كان دومأ على كركوك, لاهميتها الستراتيجة ومخزونها النفطي الهائل ووجود طابور خامس تم اعداده بدقة في دهاليزها المخابراتية المظلمة لتكون مسمار جحا وحصان طروادة تطيع وتنفذ اوامرها كيفما وحينما شاءت.

ان الفهم الواقعي لمجريات الاحداث يتطلب منا الرجوع الىالفترة الحرجة والمهمة من تأريخ الدولة العراقية, ابان تشكيلها من قبل الانكليز في بداية العشرينيات من القرن الماضي, تلك الفترة التي يتعمد الكثيرين من اشباه السياسيين واشباه المحللين القفز فوقها وتجاهلها كليأ.

 

انني لست بصدد استعراض التفاصيل الكثيرة لتلك الفترة تاركا المهمة لاخواني المختصين في هذا الشأن , ولكن المتصفح لاحداث ووقائع ما عرف بمشكلة الموصل يضع الكثير من النقاط على الكثير من الحروف.فالدور المهم والحاسم للكورد في مجريات تلك الاحداث التي رسمت مستقبل العراق والمنطقة يوضح الثقل السكاني وبالتالي الاهمية السياسية للكورد...حيث ان كل الاطراف المعنية بمشكلة الموصل(الانكليز,الاتراك,الملك فيصل الاول) كانت تعقد الامال على الموقف الكردي والتي جاءت كحبل نجاة وأكسير حياة للدولة العراقية الوليدة .ولو ان الموافقة الكردية للانضمام  الى العراق كانت مشروطة بمنحه نوع من الحكم الذاتي, الا ان الانكليز تنصلوامن كل التزاماتهم وهذا ما دفع الكرد الى الثورة ضد الانكليزوالحكم الملكي مرارأ ( انظر,العامل الكردي في قضية الموصل,,, الدكتور عثمان علي).

 

وبالرغم من اعتراف الترك بهزيمتهم  في استرجاع ولاية الموصل وخيبة الامل الكبير التي اصابتهم  بقرار عصبة الامم بعائدية ولاية الموصل الى  العراق, الا ان جهودهم بأستخدهم وسائل ملتوية وخبيثة لم تتوقف بل ازدادت بشكل كبير وخاصة بعد اكتشاف النفط في كركوك وذلك من جراءتخوفهم في ان تصبح هذه الثروة في خدمة الكورد لأنها ستسهل عليهم تشكيل دولتهم القومية, ناسين ان عشرات بل مئات من الدول تشكلت وتتشكل بدون ان يكون النفط العامل الواجب توفره لأجل انشائها, فكابوس الدولة الكردية كان و لا يزال يؤرقهم ليل نهار,لأنهم يعرفون اكثر من غيرهم ماهي الحلقة المفقودةبين دول الشرق الاوسط ويعرفون ايضأ حجم ونوع المؤامرات التي حيكت من قبلهم  ولا تزال لمنع قيام تلك الدولة وبأي ثمن كان.

 

ومضوا قدمأ في انتهاج نفس السياسات التي بد ؤها منذ اواسط القرن التاسع عشروخاصة بعد انحسارسلطة امارة بابان والتي كانت مدينة كركوك مركزأ مهمأ من مراكزها السياسية ولادارية,وكانت جوهر السياسة التركية البديلةهو خلق جالية تركية من الموظفين الاتراك ومن المستفيدين من الوجود التركي من التجار ورجال دين وملاكي الاراضي, والعمل على نشر ثقافة تركية ولكن بلباس تركماني محلي,وقد نجحوا والى حد كبير في هذه السياسة الاستعمارية في اعطاء طابع تركماني ضاهري للمدينة(نفس السياسة تم تطبيقها من قبل المستعمرين الفرنسيين لاحقأ في الجزائر وشمال افريقيا), وقد كان ظاهرة تقليد المحتل  في المأكل والملبس ظاهرة شائعة ليس في كركوك فقط بل حتى  في سائر ارجاء العراق واجزاء اخرى من  الامبراطورية العثمانية, فاعتمار الطربوش التركي والسيدارة مثلأ لم يختفيا حتى بعد انهزام الدولة العثانية و لعقود من السنين.

 

 وقد ساعدت الظروف المستجدة بعد تشكيل الدولة العراقية في استثمار السياسة التركية لصالح عملية التتريك والتركمنة,فالجالية التركية التي ظلت باقية في كركوك ومدن اخرى من ولاية الموصل والتي كانت تتكون من  موظفي الدولة وبعض ضباطها الصغارقد لعبت دورأفي الاستمرار في نشر مفاهيم السياسة التركية ومراميها, علمأ ان الجاليات التركية في باقي ارجاء الامبراطورية انسحبت الى داخل تركيا بعد  هزيمتها(د. جبار قادر...التركيب السكاني اللاثني لسكان كركوك خلال قرن),وقد اعتمدت الدولة العراقية الوليدة والى حد كبير على هؤلاء في تسيير امور الدولة الادارية لاسباب موضوعية, وبالاخص تفشي الامية بين السكان  من جهة وعدم رغبة بريطانيا في تولي الكورد مسؤليات كبيرة تتيح لهم التفكير بتأسيس كيان خاص بهم من جهة اخرى, والتي كانت تتعارض اصلأ  مع المشروع البريطاني في حكم العراق وتأسيس الدولة العراقية لضمان مصالحها السترايبجية والنفطية من جهة اخرى.  .

ومع بدايات الحكم الملكي في العراق كان الوضع في كركوك كالتالي,الدولة العراقية اضطرت الى الاعتماد على بقايا موظفي الدولة في تسيير الاموروهم في غالبيتهم من العوائل التركية التي استقرت في المدينة ومن ابناء الاغوات والاعيان الاكراد  الذين اكملوا جزء من تحصيلهم في الاستانة والذين استتركوا تدريجيأ, اضافة الى اعتماد نفس المناهج التدريسية السابقة ونفس الكوادر التدريسية في التعليم,فقد كانت 14 مدرسة من مجموع 18 مدرسة تدرس باللغة التركية,وكان بعض المعلمين الاكراد واعضاء حزب هيوا الكردية يبذلون جهودأ مخلصة في نشر الثقافة والوعي القومي الكوردي ويتصدون للدعوات الطورانية,وقد لعب كل من رفيق حلمي وملا جميل روزبياني وآخرين ادوارأ بارزة في هذا المجال.كما ان الاعمال التجارية ايضأ كانت محصورة في ايدي العوائل التركية أو التي تنكرت لقوميتها الكوردية واتخذت اللغة التركمانية لغة التخاطب في الحياةاليومية ولا تزال الكثير من العوائل الكردية تعاني من هذه الظاهرة لحد اليوم.

 

ولكن مع كل ما ذكرته انفأ لم تجد الدولة العراقية الوليدة انذاك بدأ من الاعتماد على الوجوه والشخصيات الكوردية في مجال التمثيل الشعبي, نظرأ لما كان يشكله الاكراد من ثقل سكاني كبير , فثلاثة ارباع اللواء كانوا من الكورد بموجب اغلب الاحصاءات والتقديرات المتوفرة انذاك ولذا لم يكن غريبأ ان يتولى وظيفة اول متصرف تم تعيينه من الاكراد(سليمان فتاح باشا) وان اغلب نواب المجلس النيابي العراقي كانوا من الاكراد(دارا بيك الداوودي,احمد كركوكي,فائق الطالباني,عبدالوهاب شيخ حميد الطالباني,امين رشيد اغا الهموندي,محمد سعيد قزاز وغيرهم الكثيرين) وهنا نحن نتحدى الجبهة االتركمانية الطورانية ان تعدد لنا كم من التركمان كانوا اعضاء في المجس النيابي,و التي كانت تعكس بشكل أو بآخر التركيبة السكانية لمختلف شرائح الشعب العراقي ,ومن الممكن الرجوع الى السجلات المتوفرة للاطلاع على اسماء وانتماءات اعضاء المجلس النيابي في العهد الملكي الممثلين لسكان كركوك وهم بالتأكيد( ليسوا من اكراد تركيا  وسوريا وايران جاءت بهم الاحزاب الكردية لتكريد كركوك)!!!

علمأ ان السياسة البريطانية والعراقية لم تكن تحابي الاكراد انذاك اذا لم نقل انها كانت تعمل بالضد من طموحاتها ومطاليبها المشروعة بل كانت احيانأ تنسق مع الدولة الكمالية في الاضرار بالوجود الكردي في كركوك( والتي سنأتي على ذكرها في الجزء الرابع الذي يخص سياسات التعريب  في كركوك)

 

 المصيبة التي ابتليت بها الحركة الطورانية في كركوك ووريثتها الجبهة التركمانية, والتي تريد من خلال اعلامها الفاشل ان توهم اللأخرين بأطروحاتها, هي انها لا تفرق بين التركمان وبين الناطقيين بالتركمانية واللذين وقعوا ضحايا لسياسة التتريك المقيتة من الكورد وحتى من العرب والاشوريين,فعلى سبييل المثال كانت هنالك بعض العوائل العربية التي سكنت كركوك ويسمون بالتكارتة ومع الزمن تأثروا بنفس السياسة  التتريكيةويحسبون الأن نفسهم تركمانأ اصلاء!..ونفس الشئ ينطبق على الهرمزيين وهم احفاد احد الكلدانيين الذي اعلن اسلامه في اواخر القرن التاسع عشرواصبح احفاده اليوم من اشد الطورانيين تطرفأ..

ولذا ليس غريبأ ان نجد هؤلاء المستتركين يتهربون من اصولهم العشائرية الاصليةوالتي  تميز الانتماء الطبيعي لكل سكان العراق, فالمعروف ان الساكنين في المدن العراقية ما هم الىالحصيلة الطبيعية لنزوح سكان الريف المحيط  بتلك المدن وفق متغيرات وعوامل التطور الحضاري والاقتصادي وهي في المحصلة النهائية تعبير مركز للعشائرالمتواجدة تأريخياضمن حدود المحافظة, ولذا من الطبيعي ان يكون الكوردي الموجود في كركوك منتميا لاحدى هذه العشائر القاطنة في احدى الاقضيةاو النواحي او القرى التابعة للمحافظة والغريب التركماني الموجود في كركوك وبالاخص السنة منهم ليس لديه اي عمق عشائري وبخلاف كل العراقيين في سائر ارجاء  العراق وهنا السؤال المحير الذي يطرح نفسه ؟؟؟؟   من اين جاء هؤلاء اذن ولماذا يختلفون عن كل اهل العراق والجواب المنطقي هو احد امرين لا ثالث لهما ,فهم اما ان يكونوا بقايا الدولة العثمانية او اكراد مستتركين, ومن هنا يأتي اصرارهؤلاء بفصل كركوك عن محيطه الجغرافي التأريخي وأعتبار الكردي الذي اصله من جمجمال مثلأ غريبأ عن المدينة وبالتالي ويباركون تلكم الاجراءات التعسفية التي مارستها السلطة الفاشية البعثية في الحاق الوحدات الادارية ذات الاكثرية الكردية  بالمحافظات الاخرىوهو بحد ذاته اجراء خبيث من شأنه بمرور الزمن تغليب العنصر العربي والتركماني على الاكثرية الكوردية في المدينة.

 

 فليس مستغربأ ابدأ ان نجد ان اغلب العوائل التركمانية تكني نفسها بالمهن التي تمتهنها وليس باسماء عشائر كما هو الحال لاغلب العراقيين فنجد لقب التركماني هو(اوجي,نفطجي,قايجي,علاف,قصاب,... الخ)وذلك للتهرب من الاصول العشائرية الحقيقية,وقد اشار المستشرق.الروسي البرت مينتيشا شفيليوهو باحث واكاديمي معروف في كتابه..الكورد,لمحات في العلاقات الاجتماعية . والاقتصادية. والثقافية  ص 193..(غالبية العوائل المعروفة من التركمان ,اوجي, قيردار, نفطجي زادة, يعقوب زادة ,هم من اصول كردية مهاجرة من الريف الى المدينة واستتركت مع الزمن),

لكن وللحقيقة نقول ان الوضعية مخثلفة تمامأ بالنسبة للتركمان الشيعة والذين كانوا يتركزون في احد احياء كركوك الجنوبية المعزولة (حي تسعيين),فهؤلاء يدينون بالمذهب الشيعي وينحدرون اصلأ من القبائل اللآذرية التي رافقت حملة نادر شاه في اواسط القرن السابع عشروظلت علاقتهم  بالدولة العثمانية متوترة وعدائية وانعكست حتى على علاقتهم مع التركمان السنة الذين كانوا ينظرون اليهم بنفس النظرة الطائفية للدولة العثمانية وكانوا ينعتونهم( بالرافضيين) ويتعرضون للمضايقات ولم يكن شائعأ اقامة علاقات المصاهرة والزواج مع التركمان السنة, وأن لهجتهم تختلف عن اللهجة السائدة بين التركمان السنة, وهي اقرب الا اللهجة الآذرية منها الى التركية, وهؤلاء فقط من تعرضوا للاضطهاد  من قبل النظام البعثي خاصة, بينما كان التركمان السنة ولا يزالوا من مناصري البعث المهزوم, ومن المؤسف اليوم ان نجد ان الجبهة التركمانية استطاعت التغلغل في صفوفهم واستخدامهم وقودأ في معادات الكورد عن طريق افتعال مشاكل ودسائس لئيمة لا تخدم الا اعداء التغيير الديمقراطي الجاري في العراق.

 

واليوم وبعد عملية تحرير العراق لم يعد بالامكان منع الكرد من حق التملك والسكن بل وحق العودة الى مدينته  العزيزة كركوك. فكركوك لم يعد شأنأ  يخص اهلها المظلومين فقط وهي ليست قلب وقدس كردستان فحسب بل ان كل كردي وفي اجزاء كردستان الاربعة يعتبر كركوك شرفه الشخصي..... والشعب الذي لايستطيع الدفاع عن شرفه لا يستحق الحياة ,,,, فالدفاع عن  كردية كركوك انما هو الدفاع  عن شرف كردستان.  ,

ونحن اذ نتوقع من اعداء الكورد وعلى رأسهم عملاء الميت التركي المزيد من الاعمال الجبانة وبالتنسيق مع بقايا النظام في معادة الكورد .... ولكننا نقول لهم .... لم يجتمع الكورد بكل ملايينه يومأ كما هو اليوم ,وكلهم اصرار وحتى الموت في الدفاع عن كردية كركوك.

 

جلال الجباري

17.12.2004

 

 

 

 

 

 

HOME