مقابلة صحفية مع الكاتبة كوردة أمين أجرتها الكاتبة الصحفية فينوس فائق ونشرت باللغة الكوردية على صحيفة بيامي كورد في العدد 13 , ص 6 -7 , بتاريخ 3/12/2004
س– ماذا تعني مشاركة الكورد في الانتخابات العراقية القادمة بقائمة موحدة ؟
ج- مشاركة الكورد في الانتخابات المقبلة بقائمة موحدة لها دلالات كبيرة ، فهي تعني وحدة البيت الكوردي , وتعني وحدة الصف ووحدة الكلمة , والعمل المشترك في سبيل مصلحة الشعب الكوردي العليا , وفي هذه الوحدة قوة للقضية الكوردية وتعزيز لمطالب ولحقوق الشعب الكوردي . وهذه ليست المرة الاولى التي يتوحد فيها الكورد في الشدائد وفي الامور الهامة التي تتطلب مثل هذه المواقف , اذ سبق وأن وحدت حكومتا الاقليم جهودهما وقوتيهما العسكرية في محاربة قوى الظلام والتطرف الاسلامي المتمثلة بما يسمى بجماعة انصار الاسلام , وتمكنت بهذه الوحدة من القضاء على أوكار هذه الجماعة الارهابية في كوردستان وتخليص الشعب الكوردي من شرورها , كما وحدت القيادتان الكورديتان قوتيهما في معركة تحرير العراق من سيطرة النظام البعثصدامي الدكتاتوري ، وشاركت مع قوات التحالف بقوة عسكرية كوردية موحدة , وهذا ما ساعد بشكل كبير بانجاح العمليات العسكرية ضد النظام الدكتاتوري واسقاطه .
س- ما هو الفرق بين ان تشارك جميع القوى السياسية الكوردية في انتخابات العراق القادمة بقائمة موحدة , او بقائمة مشركة مع قوى سياسية عربية سنية على سبيل المثال ؟ ما هي تأثيرات ذلك على نتائج الانتخابات ؟
ج- على القوى السياسية الكوردية ان تنظر بالدرجة الاولى الى مصلحة الشعب الكوردي في مسألة الانتخابات , والى مدى جدوى هذه الانتخابات , وما تحققه من حقوق وامتيازات للشعب الكوردي أولا , ويجب أن تتوخى الحيطة والحكمة عندما تقرر المشاركة في قائمة موحدة مع احزاب واطراف اخرى غير كوردية , فليس المهم ان تكون تلك القوى والاطراف سنية أو شيعية , بل يجب ان تتوفر فيها خاصية هامة جدا بالنسبة للكورد وهي أن تكون هذه الاطراف مؤمنة بحقوق الشعب الكوردي , و أن تحترم خصوصية هذا الشعب وتطلعاته وحقه في تقرير المصير , وان تعمل بشكل ايجابي وجدي على تثبيت هذه الحقوق في الدستور الدائم , ولا تحاول وضع العراقيل والصعوبات في سبيل تحقيق هذه التطلعات المشروعة . ويفترض أن يكون الكورد وبعد كل هذه التجارب المريرة التي مرت بهم أكثر وعيا وادراكا وتمييزا بين العدو وبين الصديق الحقيقي , وأن لا يضعوا ثقتهم إلا فيمن يستحقها بالفعل , وان لا ينسوا تجربتهم القريبة والمؤلمة مع الاحزاب والقوى العراقية التي كانت قبل تحرير العراق تزعم مناصرتها لحقوق الشعب الكوردي , وتظاهرت بالموافقة على هذه الحقوق - ومنها الفدرالية - في العديد من المؤتمرات وخاصة في مؤتمر لندن , ثم بعد عملية تحرير العراق التي تمت بجهود الكورد ومشاركتهم الفعالة في العمليات العسكرية , والتي لولاها لما تحرر العراق من براثن حكم الطاغية ... تراجعت الكثير من هذه الاحزاب عن مواقفها السابقة , وتنكرت لمطالب وحقوق الشعب الكوردي , وحاولت الالتفاف على الفدرالية .
س- كيف تقيمون المستقبل السياسي الكوردي من خلال مشاركته في حكم العراق داخل نظام فدرالي في عراق الغد ؟
ج- موقف الكورد واضح تماما من مسألة نظام الحكم المستقبلي في العراق , فالكورد ومنذ استقلالهم بادارة شؤون اقليمهم ذاتيا عام 1992 ونجاحهم في اقامة برلمان كوردستان وانتخاب ممثليهم في هذا البرلمان ، وفي انشاء مؤسساتهم الدستورية والادارية والحكومية المتنوعة , وهم يطالبون باحترام خيارهم في تبني الفدرالية ... بالرغم من أن هذه الفدرالية لا تلبي كل طموح الكورد ولا تتناسب مع حجم تضحيات هذا الشعب ، بل هي تمثل الحد الادنى من هذا الطموح , لان الشعب الكوردي كغيره من شعوب العالم له الحق في تقرير مصيره بنفسه وفي أن تكون له دولته المستقلة , لذلك يجب على الاحزاب والقوى السياسية العراقية المختلفة , والحكومة العراقية المستقبلية أن تحترم خيار الكورد هذا , وأن تقوم بتثبيت هذه الحقوق كاملة في الدستور الدائم . والفدرالية التي يريدها الكورد هي الفدرالية السياسية القائمة على أساس جغرافي , وأن يكون لاقليم كوردستان حدوده الجغرافية والادارية المعروفة تأريخيا , وتدخل ضمن هذه الحدود مدينة كركوك والمناطق الكوردستانية الاخرى التي تعرضت للتعريب , ويجب أن يكون للكورد دور أساسي في التخطيط والادارة والحكم , ليس في الأقليم الكوردستاني فحسب بل في المركز ايضا ضمن الدولة العراقية الفدرالية الديمقراطية المنشودة التي تحترم حقوق الانسان , وتعامل الكورد كشركاء أساسيين للعرب وكمواطنين من الدرجة الاولى . واذا لم يتحقق للكورد كل ذلك فأن لهم حق المطالبة بالاستقلال واقامة دولتهم الخاصة بهم .
س- وماذا لو لم يشارك الكورد في الانتخابات , اذ ان هناك توجه كبير في اوساط الكتاب الكورد الذين يدعون الى عدم المشاركة في الانتخابات القادمة ؟
ج- مما لاشك فيه ان الكورد في العراق يمثلون القومية الثانية من حيث الحجم وعدد النفوس ، لذلك فان للشعب الكوردي ثقله السكاني والسياسي الكبير في العملية السياسية التي تجري في العراق , وبدون مشاركة الكورد لا يكتب لهذه العملية النجاح , ومن ذلك عملية الانتخابات المزمع اجراؤها قريبا , فاذا لم يشارك فيها الكورد فسيكون مصيرها الفشل الذريع . وبالرغم من ان القيادتين الكورديتين والاحزاب الكوردية الاخرى أبدت موافقتها على المشاركة في الانتخابات وأكدت على ضرورة اجرائها في العراق في وقتها المحدد , الا انها ابدت معارضتها على اجراء الانتخابات في مدينة كركوك وذلك بسبب عدم تطبيع الاوضاع فيها لحد الان وعدم تطبيق المادة ( 58 ) من قانون ادارة الدولة للمرحلة الانتقالية والتي نصت على وجوب ازالة آثار التعريب في كركوك وعودة المرحلين الكورد وغيرهم الى اماكنهم , وارجاع العرب الوافدين الى مواطنهم الاصلية التي جلبوا منها , وعلى تعويض المتضررين عما لحقهم من ظلم . ولعدم ايجاد الحل المنصف والعادل لمشكلة كركوك لحد الآن من قبل الحكومة الحالية , اضافة الى المدن الكوردستانية الأخرى التي تعرضت الى جرائم التعريب وتغيير هويتها القومية الكوردية مثل خانقين وغيرها , و بسبب التماهل وعدم الجدية في انهاء معاناة الكورد وارجاع حقوقهم المغتصبة , فأن كل ذلك أدى الى حصول رد فعل سلبي كبير في الشارع الكوردي الذي صار ينظر بعين الريبة والشك لنوايا العرب , خاصة بعد مواقف الاحزاب والقوى السياسية العربية السلبية السابقة من قضية الفدرالية والتي تطرقت اليها في اجاباتي السابقة , كما ونتج عن ذلك فقدان الشعب الكوردي لثقته بمصداقية تلك القوى والاحزاب العربية , والى تعميق شعوره باستحالة العيش المشترك مع العرب في وطن واحد , بل والى مطالبته بأجراء استفتاء عام في كوردستان حول تقرير مصيره بنفسه والاستقلال بدولته الكوردية ... وهذا حق مشروع له .
كوردة أمين كاتبة وحقوقية / السويد
|