لماذا لم تبدأ محاكمة صدام بضحايا الانفالات و حلبجة!!
الدجيل قطرة في بحر الكيمياوي و الانفالات

   

هشام عقراوي

 

وأخيرا بدات الخطوة االاولي من الالف الميل التي بموجبها سيحاكم مجرم العصر و دكتاتورها  صدام حسين و جلاوزتة واعوانه الذي نشروا و ينشرون في الارض فسادا و خرابا قد يستمر لسنين أخرى من بعده.

بداية معكوسة فيها ظلم و أجحاف بحق جميع ضحايا صدام و خاصة ضحايا الانفالات و حلبجة.. في هذا اليوم يحق للكورد أن يسألوا لماذا بدأت محاكمة صدام بحادثة الدجيل التي ذهب ضحيتها عشرات الاشخاص و لماذا لم تبدأ بحلبجة و الانفالات التي ذهب ضحيتها عشرات بل مئات الالاف!!! هل هذه محاولة للتقليل من جرائم صدام في نظر العالم و من ثم عدم أعدامة، أم أنها نتيجة لسيطرة فئة معينة على الحكم في العراق و بذلك فضلت أن تبدأ بضحاياها و ليس بضحايا الكورد!!! أم أن المسألة أكبر من كل ذلك و هي محاولة  لعدم الاعتراف بالقتل الجماعي و الابادة الجماعية ضد الكورد في العراق بنفس طريقة تركيا حيال الارمن!! 

من الطبيعي و البديهي أن يبدأ الانسان بمحاسبة المجرم من أكبر جريمة اقترفها و ليس من اصغرها.. أن ما قامت به السلطات العراقية تشبة محاسبة القاتل على كسرة لزجاج بيت معين و ليس لقتله صاحب البيت...  

اذا كانت محاكمة صدام عراقية صرفه و بعيدة عن التدخلات الامريكية، فأن هذا يعني أن القوى العراقية الحالية تريد القفز على بعض الحقائق التاريخية حيال الكورد و الجرائم التي اقترفت بحق الكورد ابان العهد الصدامي. فالقاصي و الداني يعرفون أن أكبر الجرائم التي اقترافها صدام كانت ضد الكورد و كان من الواجب أن تبدا محاكمتة بتلك الجرائم، خاصة و أن الكورد و المجتمع الدولي يمتلك الادله الدامغة لمسؤوليتة عن تلك الجرائم.. و كان من السهل أن يتقبل المجتمع الدولي اي حكم يصدر بحق صدام  حول جرائم حلبجة و الانفالات.

هنا ينبغي التفكير لمحاولات التهرب لبعض القوى العراقية و خاصة القومية و الاسلامية منها/ من محاكمة صدام بتهمة الابادة الجماعية ضد الكورد. لانه ذلك قد يترتب عليها أعطاء  الكورد حق المطالبه بعدم العيش في دولة ارتكبت الابادة الجماعية ضدهم. وبما أن هناك الكثيرون من المدافعين عن صدام في العراق فأن أتهام صدام بالابادة الجماعية ستؤثر على الشعور القومي لدى مؤيدي صدام.

أما في حالة وجود تعاون أمريكي و ايادي خفيه لامريكا في محاكمة صدام، فأن بدأ محاكمة صدام بقرية الدجيل و ليس بالانفالات و حلبجة، ستعني الكثير، و اولها خوف أمريكا من كشف  صدام لبعض الاوراق السرية . خاصة و نحن ندرك أنه في تلك الفترة كانت لامريكا علاقات حميمه بصدام. ويكفينا للتذكير ان نقول أن أمريكا أنتظرت لسنتين كي تعترف باستخدام السلاح الكيمياوي في حلبجة. ألم تكن الاقمار الصناعية الامريكية تراقب جبهة القتال العراقية الايراينة كي ترى أن العراق أو حتى لنقل ايران قد استخدمت السلاح الكيمياوي ضد الكورد!!!  فالذي يهم الكورد في هذه الحادثة هو كشف المجرمين و لا يهم أن كان ذلك المجرم و السمؤول عن حلبجة و الانفالات صدام أم ايران أو حتى بعض القيادات الكوردية في ذلك الوقت.

السيناريو الثالث لعدم بدأ محاكمة صدام بجرائم القصف الكيمياوي في حلبجة و الانفالات، هو أحتمال عدم محاولة القيادات الكوردية تقديم ذلك الطلب الى الحكومة العراقية و أن يكون الشيعة السباقين لذلك. لذا اقول: اليس من المخجل ان ترجع رفات أكثر من 500 بارزاني الى كوردستان في اليومين الماضيين وصدام يحاكم على حادثة الدجيل التي استشهد فيها مواطنون شيعة!! يحق هنا ايضا ان نسأل: هل يخاف القادة الكورد من محاكمة صدام!! هل هناك في جعبة صدام ما يخاف منه بعض القادة الكورد!!

في كل الاحوال فان صداما و زبانيتة هم المجرمون المباشرون لكوارث حلبجة و الانفالات. و كان من الاجدر بحكومة عراقية ديمقراطية أن تبدأ بمحاكمة صدام من أكبر جرائمة و ليس من جريمة أخرى اقل بشاعة.. لا ادري ماذا يفعل كل هؤلاء القانونيون الكورد و الى متى التحايل على الشعب الكوردي قانونيا!!

مع كل هذا التشوية و الملابسات التي تحوم حول محاكمة صدام  نرى اليوم الالاف من مؤيدي صدام  الذين لا يخجلون من أنفسهم و لا من أعمالهم  الشنيعة. حيث نراهم يدافعون عن صدام و يطالبون حتى بالافراج عنه وهناك من يتوعد الحكام الجدد و يستعدون للثأر في حال أعلام الدكتاتور.

أجل البعثيون و من لف لفهم من العنصريين يريدون الثأر لصدام و يدافعون عنه و عن أعماله. و هيئة علماء المسلمين و المطلكيون أحسن مثال عن الذين يدافعون عن صدام حسين، حين قال أحدهم و في قناة الفيحاء العراقية  أن ما حدث في العراق من خراب لم يكن لصدام يد فيه، بل أن الذين قتلوا العراقيين من الكورد و الشعية هم ابناء الرئيس "الشبلان" (عدي و قصي) كما كان يطلق عليهما صدام .

لم يكتفي المدافعون عن صدام  وحزب البعث العفلقي بهذا الحد بل نراهم يدافعون عن كل ما قام به صدام من جرائم و صاروا يعملون علنا من أجل ارجاع البعث الى الحكم.

عودة البعثيين و تشجعهم في الدفاع عن صدام و جرائمة لم تأتي بشكل أعتباطي، بل أنها اتت نتيجة سياسات و ممارسات خاطئة مارستها أمريكا و الحكومات و الاحزاب العراقية التي شاركت و تشارك في الحكومات العراقية التي استلمت السلطة بعد سقوط الطاغية.

فهيئة أجتثاث البعث، لم تعمل على أجتثاث البعث (البعثيون أنواع  و في هذا الموضوع اقصد المؤيدين لصدام فقط و الذين كانوا صداميين بملئ ارادتهم)  بل دعمتهم و قوتهم بشكل غير مباشر من خلال عدم التحرك في محاسبة البعثيين الملطخة اياديهم بدماء الكورد و الشيعة، وتأثروا بالضغط الامريكي و البعثي الذي يطالب بعدم محاسبة البعثيين. حتى  البعثيون الذين كانوا في المراتب العليا من الحزب و المجرمون الذين قتلوا ابناء الكورد و الشيعة، لم يقدموا الى المحاكمة بل اعيد اغلبهم الى وظائفهم معززين مكرمين. كما تأثرت هيئة أجتثاث البعث باقوال بعض المخادعين الذين يقولون أن صدام كان عادلا في توزيع الظلم و الاضطهاد و المقابر الجماعية... أن هذه هي ليست كلمة حق و المراد بها ايضا باطل... فأين المقابر الجماعية للعرب السنة.!!!.. من غير الممكن أن نقارن الجلاد بالضحية.. فهل من المعقول أن تقتل جماعات صدام الكورد و الشيعه، و يقف الكورد و الشيعة مكتوفي الايدي و لا ينتقمون أو يقتلوا الجناة.  هؤلاء يريدوننا أن نعتبررجال الامن و الاستخبارات و فدائيي صدام و غيرهم الذين قتلوا في الحرب ضد الثورة الكوردستانية و الانتفاضة الشعبانية في الجنوب شهداء و نطلق على مقابرهم  بالمقابر جماعية!!!!

هؤلا يريدوننا أن نحسب الجاني و المجني علية شهداء.......

هذا الموقف الضعيف للاحزاب الكوردية و الشيعية في محاسبة المجرمين داخل حزب البعث، أثر و يؤثر ايضا على شكل محاكمة صدام. و هي التي ادت الى بدأ المحاكمة بقضية أجرامية بحتة لا تدخل في خانة الابادة الجماعية لا للشيعة و لا للكورد و هي محاولة لتخليص صدام و الحكم العراقي السابق من جريمة الابادة الجماعية التي تترتب عليها الكثير من الاستحقاقات القانونية و الادبية.

حتى الاشاعات التي تقول بأن صدام سيحاكم بسرعة و سيعدم بسرعة، تدخل ضمن المحاولات المشبوهة للتخلص من مسؤولية ما عملة صدام و كذلك التخلص من ذلك الحمل الثقيل على كاهل القوى القومية و الاسلامية العراقية و ربما كاهل أمريكا و قوى و دول أخرى شاركت صدام في جرائمة أو ساعدته بشكل مباشر أو غير مباشر في تنفيذ تلك الجرائم. فغمض العين لا تعني عدم الرؤى.

على العراقيين أن يطالبوا بمحاكمة صدام على كل الجرائم التي اقترفها و تعويض المتضررين، كي يتحول المصل الصدامي الى عبرة لمن أعتبر، و لكي تحاسب الشعوب حكامها و هي في السلطة و ليس بعد تنحيهم.. فالساكتون بسكوتهم حولوا صدام الى ذلك المجرم...

و على الكورد ايضا ان يطالبوا بمحاكمة صدام في كوردستان و حلبجة و عن كل شهيد كوردي، لا أن تلفلف محكمته و يعدم بسرعة... و الاهم من ذلك الحصول من خلال محاكمة صدام على أعتراف رسمي بحصول ابادة جماعية ضد الكورد في كوردستان و على ضوءها الحصول كل الاستحقاقات الجزائية و القانوينة من العراق الحالي و المجتمع الدولي  و الدول الشركات التي ساعدة صدام.....