من أرشيف الجبل
عيد الفطر علی ضفاف نهر زه لم

   آري كاکه يي ـ سويد

 arikaki@hotmail.com

 

تعتبر قرية(أحمد آوا) من النقاط الرئيسية المتآخمة للحدود العراقية ـ الأيرانية وهي انتهاء لشهرزورالسهل وبداية لسلسلة جبال( سورين) و( قله خاني ) .

يقطن هذه القرية و ضواحيها الکرد الهوراميين ويتکلمون لهجتهم الخاصة وتعتبر مقدسة عند الکثيرين من الأکراد بأعتبارها اللغة الدينية القديمة التي

تداولوها منذ القدم. 

الربيئة العسکرية التي تطل علی هذه القرية لن تترك احدا يجتاز بدون تفحص القناص له المصوب قناصته بأتجاه القريه بحثا عن الپێشمه رگة وقد اسشهد البعض علی يد هذا القناص الذي  نال جزاءه فيما بعد. کانت المشکلة تکمن في البداية في عدم مقاومة القناص بسبب الحاح القرويين علی عدم المقاومة خوفا من النظام و أبادة القرية عن بکرة أبيها کما فعل ڵاحقا عندما ضربها بالأسلحة الکيمياوية يوم قصف مدينة حلبجة في 16 آذار عام1988 ،وکان البديل أن نخفي أسلحتنا تحت السترة عندما نجتاز القرية حتی نبدوا أمام القناص کقرويين. کانت  الحکومة بين الفينة والأخری تقصف القرية بالصواريخ بحجة أنها صواريخ أيرانية..

علی مقربة من القرية وفي الوادي المجاور تتدفق المياه الرقراقة من بين الصخور وتسمی (منبع زه لم)حيث تشکل فيما بعد نهر زه لم. لايمکن وصف طبيعة هذه المنطقة بسهولة لخلابتها و جمالها أبتداءا بأشجار الرمان و التين والجوز و العنب وأنتهاءا بالمياه الباردة في(عز الصيف)بحيث لايتحمل الأنسان وضع أصبعه  فيها لدقائق معدودة بسبب البرودة.

کان راتبنا الشهري (5)خمسة دنانير (لغير المدخن) و (10) عشرة دنانير(للمدخن) و‌کان هذا المبلغ يکفي لوجبة غذاء واحدة في مطعم عادي آنذاك.نزلنا الی القرية مع أخوتي في النضال الشهيد دلاور جباري من أهالي (کرکوك) و الشهيد أبراهيم گه رمياني من أهالي (کلارـ قرية شيخ له نگه ر)،قررنا الذهاب الی الدکان الواقع علی حافة القرية لغرض شراء علبة لحم وابعاث أبراهيم الی بيوت أحد القرويين لجلب الخبز و نقوم بعد ذلك أعداد طبخة العيد‌ . کنا نتلذذ ونحن نری الپێشمه رگه وهم  يلتقون بذويهم ، کنا فاقدي الأمل أن نلتقي بذوينا بسبب بعدنا عنهم وتعرضهم الی المخاطر الجسيمة والأستجواب عند السيطرات و نقاط التفتيش الکثيرة بين هذه المدن حال مجيئهم الی طرفنا.کان الشهيد دلاور يتمتع بروح فکاهية عالية وکان الدواء الشافي للکثيرين وقت المحن.لحظات قبل أن نبدأ بطبخة العيد جائتنا أمرأة من أهالي کرکوك التي وصلت الی القرية بصعوبة بعد مکوثها في سيد صادق وحصولها علی المساعده من قبل بعض الأصدقاء،کانت تسأل عن أبنها ويدعی عدنان وکان من پێشمه رگة الحزب الديمقراطي الکوردستاني وکنا من پێشمه رگة الحزب الأشتراکي الکوردستاني ،فرحنا کثيرا عندما عرفنا بأنها قادمـة من کرکوك،حزنت کثيرا عندما عرفت بأن عدنان منقول الی منطقة( شارباژێر)

حاولنا أقناعها وأفتعلنا بأن عدنان بخير وسيأتي في أقرب فرصة ممکنة وخاصة الأخ دلاورالذي أبرز نفسه کأقرب صديق له وکان ويقول بين الفينة والأخری کاك عدنان ليس فقط رفيق و صديق مقرب لي بل أنا مستعد أن أضحي بحياتي من أجله، هذه الکلمات والمجاملات أشفت غليل الأم الباحثة عن فلذة کبدها. مرت دقائق أخری و هدأت أم عدنان قائلة مالفرق بينکم وبين أبني ، أحس اليوم بأنني ألتقيت بأکثر من عدنان وکنا نبادلها بنفس الشعور بأعتبارنا نحن من أهالي( گه رميان) ولا نقدر الألتقاء بذوينا معتبرين اللقاء بمثابة اللقاء بأمنا الحقيقية.

فتحت أم عدنان (بقچتها) الصغيرة و سحبت طنجرتها المليئة بال( دولمة) وقالت تفضلوا ياأبنائي وأعتبروا هذا العيد أنکم بين أحبابکم و أمهاتکم

فکل پێشمه رگه بالنسبة لي (عدنان).......

ألتقت نظراتنا من جديد ونسينا( قوطيــــــة ) أللحم و الخبز.......                1985 أحمد آوا