تحالف الكوردستاني و الائتلاف الشيعي العراقي الموحّد ..... الى اين!!!!
صفوت جلال الجباري
منذ اندلاع اولى شرّارات ثورة ايلول عام 1961 رفعت الثورة الكوردية شعارا مركزيا (الحكم الذاتي لكوردستان العراق_ والديمقراطية للعراق) ,باعتبار ان اغلب التجارب وخاصة في البلدان الاشتراكية آنذاك كانت قد اخذت تتجّه منحى الحكم الذاتي كاسلوب في حلّ ومعالجة المعضلات القومية في تلك البلدان, والتي اثبتت الاحداث اللاحقة فشلها الذريع وعدم امكانية صمودها امام متغيرات العصر, لكونها قد تم فرضها على تلكم الشعوب دون ارادتها الحرّة والاختيارية وسرعان ما ادّت الى تفتت تلك البلدان والشعوب وانقسامها, وكما حدثت تماما في اعقاب انهيار المنظومة الاشتراكية في بداية التسعينات من القرن الماضي,وبقدر ما كان شعار الحكم الذاتي لكوردستان والديمقراطية للعراق , هدفا كورديا ساميا لنيل الحقوق الكوردية المهضومة ,كان ايضا شعارا عراقيا تبنته القوى الخّيرة والفاعلة في الساحة العراقية آنذاك , كالاحزاب الوطنية و اليسارية والديمقراطية ,والقيادةالكوردية ادراكا منها باستحالة نيل اية حقوق قومية بدون وجود واقامة نظام ديمقراطي في العراق, رفعت هذا الشعار ودافعت عنه كدفاعها عن الجزء الآخر منه والذي كان يخص الشعب الكوردي اي الحكم الذاتي لشعب كوردستان ,وهذا الترابط الجدلي كان ولا يزال وسيبقى في المستقبل ايضا, البوصلة الامينة التي تهتدي بها الشعب الكوردي وكل شعوب الارض المكافحة من اجل حريتها وحقوقها , لانها تؤسس لضمانات دستورية ثابتةغير قابلة للشدّ او المّط وفق تغييرات موازين القوى الداخلية والاقليمية والدولية,وسيبقى هذا الترابط فاعلا وحيّا طالما اختارت تلك الشعوب ان تعيش سوية مع غيرها على تراب الوطن المشترك . ومع تطور الاحداث والمتغيرات على كل الصعد الدولية والاقليمية والدولية , تطور ايضا وبشكل متزامن شعار الحركة الكوردية نحو الفيدرالية كاسلوب متطور وناجع لحل المسألة الكوردية في العراق, ولوجود تجارب معاصرة في العالم الديمقراطي اثبتت نجاحها في التطبيق العملي في حياة الكثير من الشعوب والامم, وباعتبارها النموذج الاوحد المعمول به في عالمنا المعاصر لحل مشاكل الشعوب المتعددة الاعراق والاديان , بل وحتى بعض الشعوب المتماثلة عرقيا ودينيا قد اختارت هذا الطريق وسلكته كاسلوب ناجح في توزيع السلطة والثروة بين الاقاليم والمركز بشكل عقلاني وعادل بعيدا عن روح الاستلاب والقهر, وهذا الامر بالذات يتطلب تطبيقه وجود استعداد موضوعي وذاتي في المركز للتخلي عن بعض صلاحياته لصالح الاقاليم ومواطنيها,وبذا فان وجود نظام ديمقراطي في المركز, يحترم ارادة الانسان وحرية اختياره, اضافة الى تأكيد حقوق المواطنة والمساواة كارضية مناسبة وضرورية لاقامة الكيانات الفيدرالية ايضا, فلا يمكن تصور دولة فيدرالية تحكمها انظمة شمولية( قومية كانت ام دينية) او توليتارية او ديكتاتورية او ماشابه ,والتي من صفاتها جميعا التشبث بالانفراد والاستئثار بالسلطة والثروة والدولة وفرض وسيادة الرأي الواحد واللون الواحد و الى ابعد مدياتها ولآخر يوم من حياتها. بعد سقوط النظام البعثي الجائر, وتوفر الشروط الموضوعية لاقامة الديمقراطية في العراق, وما سبقته من اتفاقات بين اغلب الاحزاب السياسية في مؤتمرات المعارضة العراقية داخل وخارج العراق بتأييد وتبنّي خيار الفيدرالية لشعب كوردستان,وانبثاق مجلس الحكم والتوقيع على قانون ادارة الدولة للمرحلة الانتقالية,برزت في الساحة العراقية ثلاثة تيارات سياسية رئيسية, تولّت المشاركة في العملية السياسية, تيار كوردي قومي ديمقراطي, وتيار عربي شيعي مذهبي ,وتيارعربي سني مختلط (قومي علماني). ولكل من هذه التيارات الثلاث توجهاتها واهدافها القريبة والبعيدة واساليب عملها ,انطلاقا من ايدولوجياتها وخلفياتها الفكرية وتأريخها النضالي, ومعاناتها وتضحياتها ابان الحكم العفلقي المباد.
حينما تحالفت القائمة الكوردستانية مع قائمة الائتلاف الموحّد لتشكيل الحكومة التي انبثقت عشية الانتخابات الماضية في الخامس من كانون الثاني الماضي , كانت اهم بنود هذا التحالف واسسها قيام الحكومة المنتخبة بتسهيل الاجراءات المتفقة عليها في تطبيع اوضاع كركوك وكما جاءت في بنود قانون ادارة الدولة الانتقالي.... وكانت هذه ايضا من الشروط التي استأمنت بها جماهير الشعب الكوردي قياداتها السياسية كشرط اساسي لخوض الانتخابات والمشاركة الفاعلة فيها لانجاح العملية الديمقراطية في عراق ما بعد صدام حسين و نظامه العنصري الجائر... وتمت بموجب الاتفاق قبيل الانتخابات التوقيع على وثيقة شرف وتعهّد من قبل الائتلاف الموحد لتنسيق المواقف للمرحلة ما بعد الانتخابات للخروج بالبلاد الى برّ الامان والاستقرار السياسي , وفينا يخص الجانب الكوردي كان قضية كركوك وبقية المناطق المعرّبة ومعالجة آثار سياسة التطهير والمذهبي من اولوياتها.... حيث جاء في الفقرة رابعا من الاتفاق المكتوب : )ازالة اثار سياسات النظام البائد في تغيير الواقع القومي والمذهبي والسكاني من خلال الهجرة القسرية وتوطين الافراد الغرباء: 1. الاسراع في تطبيع الاوضاع في المناطق المختلف عليها وبضمنها كركوك من خلال اعادة المهجرين واعادة توطين الغرباء الذين اسكنوا في هذه المناطق ضمن سياسة التغيير السكاني والتطهير العرقي وفق قانون ادارة الدولة وذلك بتوفير التخصيصات اللازمة لهيئة فض منازعات الملكية وهيئة تطبيع الاوضاع في كركوك، وعلى الحكومة العراقية الانتقالية اتخاذ اخطوات العاجلة لتطبيق 1و 2و 3و 4 من الفقرة (أ) من المادة 58 من قانون ادارة الدولة للمرحلة الانتقالية وتقوم الحكومة الانتقالية خلال فترة لاتتجاوز الشهر من تشكيلها بتفعيل اجراءات التطبيع بما فيها توفير التمويل لهيئة تطبيع الاوضاع في كركوك وهيئة منازعات الملكية. 2. التطبيق الكامل للمادة 58 من قانون ادارة الدولة الانتقالية بما يؤدي الى تحديد الانتماء الاداري للمناطق المختلف عليها بما فيها محافظة كركوك وعلى الرئاسة الانتقالية الاسراع في تقديم المفترحات بشأن معالجة التلاعبات بالحدود الادارية لهذه المناطق الى الجمعية الوطنية الانتقالية وتوضع التسويات الضرورية بما يحقق الرغبة النهائية لسكان المحافظة بعد التطبيع وبعد المصادقة على الدستور الدائم(.....
واليوم وبعد مرور عدة اشهر على استلام حكومة الجعفري لمهامها والتي شارفت فترتها الانتخابية على الانتهاء ..... ماذا عملت هذه الحكومة على ارض الواقع في مضمار الايفاء بالتزاماتها واحتراما لعقودها وتواقيعها, والتي تعهد قادة الائتلاف بموجبها البدء بتطبيع الوضع في كركوك عمليا وبعد شهر واحد من توليها زمام السلطة الفعلية, والتي كان من المفترض ان تبدأ بعد المصادقة على الدستور الدائم مباشرة على ابعد تقدير, ..... وقد كنت قد كتبت في مقالات سابقة وقبل اكثر من سنة من ان النية الصافية غير متوفرة في الفكر والايدولوجية النظرية للاسلام السياسي الشيعي في الاعتراف بالحقوق القومية للشعب الكوردي ومن ضمنها حلّ مسألة كركوك باساليب قانونية عادلة , لا ألآن ولا في المستقبل ومن يراهن على ذلك كمن بنفخ في قربة مثقوبة, لان الاسلام السياسي سنيا كان ام شيعيا لا يؤمن اصلا بحقوق القوميات وخصوصياتها بالمفهوم العصري والتعارف عليه للحقوق واستحقاقاتها , ولا حتىبالمشاكل والمعضلات المتفرعة عنها , باعتبار ان المسلمين ملّة واحدة وامة واحدة بغضّ النظر عن العرق والقوميةِ والطائفة!!ِ! وبالتالي لا مكان لحقوق قومية واستحقاقاتها في قواميسها وكتبها الصفراء العتيقة, وتعاليمها الموغلة في القدم, ولا في تراثها الفكري والحضاري,وكان السيد الجعفري امينا حقا مع فكره السياسي ومنطلقه الحزبي الدعّوي حينما اسقط(سهوا) لفظة الفيدرالية من القسم الوزاري الذي بدأ به فترة حكمه , وكان ايضا امينا مع انتماءه القومي العربي حينما عارض اية محاولة لتطبيع الاوضاع في كركوك, لان ذلك برأي يتعارض مع مصالح مئات الالوف من اتباع المذهب الشيعي العربي الابرياء الذين( اجبرتهم!!) نظام صدام السني الطائفي, (وحبّا في عيونهم السوداء), للتوجه بهم الى كركوك والسكن فيه عنوة وتشريد سكانها الاصليين من الكورد والتركمان, فها ان السيد حميد مجيد موسى والمكلف بمتابعة ملف كركوك يصرح وباعلى صوته وعلى رؤوس الاشهاد ان حكومة الجعفري هي التي تعرقل عمل لجنته التي شكلت لمعالجة ملف كركوك , ولا تخصص لها الاموال اللازمة وترحل ما تم الاتفاق عليه من الاموال المخصصة الى الميزانية القادمة, والتي يعرف الجعفري اكثر من غيره بان حضوضها لن تكون باحسن من سابقتها. والآن جماهير كوردستان عامة والمظلومين من شعبنا الكوردي من كركوك خاصة تتسائل..... الى متى ستبقى القيادات الكوردية ساكتة تجاه ما تحاك من مؤامرات والاعيب ضد الكورد قي كركوك خاصة والتي ادتّ الى استمرار معاناتهم وتعليق و تأجيل حل قضيتهم شهرا تلو الاخر وسنة بعد سنة.... اذا كان سبب تماطل وتلكؤ حكومة الجعفري وقائمته الشيعية مفهوما لدى الكورد , فما هو السر الكامن وراء سكوت القيادات الكوردية ولا مبالاتها تجاه ما يحدث, الم يكن من الاجدر الانسحاب من حكومة نكثت بوعودها والتزاماتها الاخلاقية, وتعاملت مع كورد كركوك, بنفس اساليب صدام وبعثه العنصري, او اتباع وسائل اكثر فعالية لاجبار الجعفري وحكومته بالانصياع الى صوت الحق والمظلومية, ام ان هذه القيادات فعلا غير قادرة على الدفاع عنهم ,لانها لا تملك الوسائل السياسية وغير السياسية لانتزاع حقوقهم, وهل ان ذلك بسبب خلافاتها الداخلية وعدم نجاحها في ترتيب بيتها الكوردي لتضارب المصالح المادية والمحاصصة الحزبية ومناطق النفوذ ووووو , ام بسبب الضغوطات الامريكية (المحررة للعراق) وصاحبة الفضل الاكبر على الجميع!!!واذا كانت كل هذه الافتراضات غير صحيحة وغير واقعية, واتمنى ان تكون غير صحيحة فعلا..... اليس تجربة الدخول في تحالفات حكومية مع الائتلاف الشيعي الموحد بحاجة الى وقفة وتأمل.....اليس واضحا الآن ان التجربة الايرانية بدأت تكرر نفسها في العراق بعد اكثر من عقدين وباشكال اكثر شيطانية وخبثا....اتنتظر القيادات الكوردية وقتا اكثر لتقوى شكيمة الاسلام السياسي الشيعي حتى تسحب البساط من تحت ارجلها وارجل كل المناوئين لها , تماما كما حدثت في ايران الاسلامية في اواخر عام 1979 , فكشفت (الثورة الاسلامية) الايرانية عن انيابها الحقيقية بوجه كل الوطنيين والديمقراطيين من الكورد وبقية الشعوب الايرانية فنصبت لهم اعواد المشانق المتجولة,و (الرافعات) المتنقلة لتقتل وتعدم الابرياء من ابناءها بمئات الالوف, او لم تكن مجاملة (الاخوة في المقابر الجماعية) في التنازل عن ابجديات شعار الديمقراطية للعراق , خطأ جسيما بحق الديمقراطية والفيدرالية, وبحق الكورد وغير الكورد,وذلك بتثبيت مفاهيم غريبة على الديمقراطية في الدستور العراقي الدائم توطئة لشرعنة الاسلام السياسي,اليس شعار الفيدرالية المرفوعة من قبل الاحزاب الكوردية (حب من طرف واحد),لا يشاطره الاطراف الاخرى حتى ولو بنظرة وابتسامة, اوليس سارق الارض في كركوك تحت يافطة العروبة والوطن الواحد اهون من سارق الانسان في الكوت وبدرة وجصان ومندلي تحت يافطة الدين والمذهب الواحد, او ليس تجرع المرّ أهون من تجرع الأمرّ منه,بل هو أهون الشّرين.... واخيرا الم تضّيع القيادات الكوردية (الخيط والعصفور ) ,اولم يكن سارق الاكفان ارحم من الذي يمثل بالميت, اوليس التعامل مع عدو تعرفه اجدر من التعامل مع صديق تجهله كما تقول الامثال........ وختاما اوليس ترتيب البيت الكوردستاني من الداخل وبشكل رصين وضمان التفاف الشعب وتفانيه من اجل قضاياه المصيرية هو اضمن من كل التحالفات الاخرى,والرجوع الى التراث النضالي لشعبنا والتفاخر بشرف الانتماء لابجديات( الكوردايه تي) و خدمة الشعب والتضحية في سبيله افضل من غيره من مغريات الدنيا.....وهل خلّد ذي غنى وجاه مثلما خّلد ذي تضحية وايثار في ذاكرة شعب كوردستان واديم ارضها الطاهرة...... ومتى سيكون الجواب على السؤال من اين لك هذا, ياهذا , من اصعب الاسئلة واكثرها حيرة واحراجا لكل من لا يملك له جوابا......
|