المستشار موفق الربيعي بين جبل حمرين وكوردستانية كركوك
محسن جوامير ـ كاتب كوردستاني

 

 

 

 

 

الدكتور موفق الربيعي مستشار الأمن القومي العراقي، من الرجال والشخصيات العراقية الذين أكدوا أكثر من مرة على كوردستانية

كركوك وضرورة عودتها إلى أهلها وإعادة المستوطنين إلى أماكنهم.. وهذا الموقف ومن هذا المسؤول ـ ولغاية اليوم ـ يكاد يخالف موقف الكثير من الذين كانوا على رأيه قبل تسنمهم المناصب وقبل غلبة الدنيا وكراسيها على عقولهم وضمائرهم، ومن ثم تنكبوا عنه، وتفلسفوا بأطروحات بائدة اقرب إلى العهد البائد ولا تمت بصلة إلى عهد التحرير والخلاص من فلسفات الطاغية المخلوع التي مازال يضرب على لحنها الشاذ والزائف وهو مقيد بالأغلال.. ناهيكم عن الذين شروا أنفسهم بثمن بخس للاطماع التركية الموغلة في القدم في كوردستان وبالذات كركوك، كالجبهة التركمانية التي إنهزمت في كل مرة وانتفشت ريشها إلا في الأكاذيب والتلفيقات، إلى ان أصبحت تخرصاتهم و( أعمالهم كرماد إشتدت به الريح في يوم عاصف ) وكما شاهدناها بعد النتائج غير الرسمية للانتخابات الأخيرة والتي لم يحصدوا منها إلا مقعدا واحدا مخيبا في البرلمان، ولم يسعفهم التزوير الفظيع الذي مارسوه في المراكز الثلاثة في إسطنبول.

 

لازلت أذكر أنه في مقابلة تلفزيونية وقبل عدة سنوات حينما سئل الربيعي عن كركوك وتابعيتها التأريخية، قال انه حينما كان شابا ويزور كوردستان للإصطياف، كانت تتراءى له حدود عالم جديد إعتبارا من جبل حمرين، حيث أن المعالم الجيولوجية وأشكال البشر وسحناتهم وملابسهم كانت تتغير، وكان كانّه يودع بلدا ليدخل بلدا آخر مختلفا تماما، وذاك كان كوردستان.. هكذا سمعته ورأيته، ومن ثم قرأت له تصريحا يقول فيه نصا :

 " إن مدينة كركوك هي في الحقيقة كوردستانية، وإن طبيعتها الجغرافية تؤكد ذلك.. وإن الوضع النهائي سيتقرر بعد عودة المرحلين الذين هجرهم النظام السابق، ومعالجة مسألة العرب هي من خلال إعادتهم مع تعويض بسيط يعطى لهم، ثم بعد ذلك يصار إلى إستفتاء، ولو جرى استفتاء الآن لما إختار أهل المدينة إلا أن تكون كوردستانية ".

 

التصريح المذكور صرح به الدكتور الربيعي قبل إجراء الانتخابات الاولى، ولكن صِدقَ كلامه ظهر في الفرز الأخير لصناديق الإقتراع ، حيث صوتت الأكثرية للقائمة الكوردستانية.. هذا مع أن هناك ما يساوي أكثر من هذا العدد، لم يشاركوا في التصويت بسبب كونهم مازالوا خارج كركوك ولم يتسنى لهم العودة.. وفي وقت شاركت الأكثرية من عرب التعريب في الإنتخابات الآخيرة، بعكس السابقة.

 وعلى الرغم من كل الخروقات والتزويرات الحاصلة ، فإن حجم كل كيان أو طائفة أو قومية أو طيف ظهر أقرب إلى الحقيقة والواقع.. ولعل الإحصاء الذي سيجري بعد تطبيع الأوضاع يكون حسما لكل إشكال وإدعاء مبني على قواعد العناد والتحرشات.

 

أرى أنه من المهم الإلتزام بالحقائق والأرقام والعمل طبقها إن أريد للحق أن يعود إلى نصابه من دون نصب الفخاخ.. وذلك بعدم اختلاق الذرائع والحجج الباطلة والهزيلة على حساب أرض وممتلكات الآخرين، ولمكاسب إنتخابية قادمة.. وإن سُمِح باتخاذ خطوات أو مواقف اوإجراءات  من شأنها جذب الجماهير وكسب الأصوات والود في وقت ما، وفيما يخص القضايا الادارية والاجتماعية والسياسية العامة.. فان هذا لا يمكن أن يدخل مطلقا في سيناريو الدفاع عما جرى من مخالفات وإنتهاكات وتعَدٍ على القيم الإنسانية والمعايير الدولية، من تطهير عرقي وغصب وسرقة كركوك وأخواتها بتوطين الآخرين على بقاع الآخرين جبرا وعمدا، تحت لافتة القبول بالأمر الواقع.. لأن هذا هو الخط الأحمر وعين الجريمة والدفاع عنها من أمهات الأكاذيب واللعب بالنار وإهانة لشعب بأكمله وإنتصار لمن تلطخت أيديهم بدماء الأبرياء الذين ضُربوا فوق الأعناق وضُرب منهم كل بنان وبادرة خطيرة، وبالتالي عودة إلى عصر ( إحنا البدو وين العدو ) المرفوض في زمن الإنترنيت وعهد الحكم على رجل ألأعمال الهولندي فرانس فان انرات بالسجن لمدة 15 عاما لمجرد بيعه المواد الكيمياوية للنظام العراقي ليس إلا، من دون أن يعرف أن القصد من وراء هذه الصفقة كان رش الكورد بها وإبادتهم عن بكرة أبيهم.

 

 لا نزكي أحدا في التقييم ولا نريد كذلك أن نبالغ، ولكن نرجو للاستاذ الدكتور موفق الربيعي الاستقامة على طريقته المثلى في قول الحقائق التي ظهر بصيص منها ـ على الأقل ـ للجيل الجديد بعد الانتخابات، وأن يكون قدوة للرجال الذين يرفضون أن يكونوا مطية للأهواء على حساب الحق والعدل اللذين ما جاءت الأديان والمبادئ إلا لتثبيتهما.. ونناشد أصحاب الشأن أن تصبح المادة ( 58 ) من قانون الدولة الموقت والتي أصبحت جوهرة المواد ( المادة 136 ) في الدستور الدائم، في حيز التنفيذ وكما وعد به السيد عبدالعزيز الحكيم مع رئيس كوردستان وعلى رؤوس الأشهاد في البرلمان الكوردستاني ( 28122005 )، وأن لا يكون مصيرها في قابل الأيام والأشهر كمصيرها في عهد السيد الجعفري الذي أرداها قتيلة قبل أن تولد !

 

mohsinjwamir@hotmail.com