في الذكرى 25 لمعركة قزلر الباسلة :
أيام النضال تشهد على تضحيات الشيوعيين العراقيين في مقارعة الدكتاتورية
أحمد رجب
لاشك أنّ العراقيين وأصدقاءهم من الوطنيين والشيوعيين يعلمون بأنّ الدكتاتورية الفاشية قد أقامت نظاماً دمويا ًحوّل العراق إلى سجن كبير يفوق بشاعته بشاعة السجن الذي أقامته في إنقلابها الأسود في 8 شباط عام 1963، يوم حوّلت البلاد إلى غابة بدائية ومسرحاً لإراقة دماء العراقيين على يد قطعان " الحرس القومي " السيء الصيت. إنّ حزب البعث الحاكم قد إنقضّ بشراسة على كل المكتسبات التي انتزعتها الجماهير الشعبية، ليفرغ هذه المكاسب كبيرها وصغيرها من محتواها الحقيقي، ومن المعلوم أنّ النظام الدكتاتوري البائد إنتهج سياسات هوجاء أدت إلى محاربة القوى الوطنية والتقدمية والحزب الشيوعي العراقي، وإلى إعتقال العديد من المناضلين والمواطنين الأبرياء.
ويتذكر الشيوعيون وأصدقاؤهم نضال انصار الحزب الشيوعي العراقي البواسل في ميادين الكفاح وسوح النضال في كل بقعة من أرض الوطن، ولا سيّما في كوردستان، حيث كانوا سباقين في التضحية والعمل بنكران ذات لنيل الحرية وتحقيق الأهداف السامية للشعب والوطن وللخلاص من الدكتاتورية المقيتة، وكانوا دائماً في مقدمة القوى الوطنية والتقدمية في سوح النضال، ويعلمون بأن طريق الحرية وتحقيق النصر على الأعداء لم تكن سهلة و مفروشة بالزهور. لقد خاض الأنصار الشيوعيون بقيادة حزبهم المجيد الحزب الشيوعي العراقي معارك عديدة حققوا فيها انتصارات باهرة ضد العدو الجبان ونظام صدام حسين الدموي كمعارك هندرين وكورك وحسن بك وسه رى به ردى وسفين وقزلر وسي كانيان وبولقاميش وسويله ميش وده شتي كه رميان وبكر بايف وكوسبه سبي وسه ري سيرين وقره داغ ونوجول و..غيرها من المعارك التي كانت موضع إعجاب الكثير من المتخصصين في الأمور العسكرية ناهيكم عن الجمهرة الواسعة من أبناء وبنات شعبنا، بجميع قومياته وأطيافه. لقد سطر الشيوعيون العراقيون ملحمة بطولية في معركة قزلر البطولية، ففي يوم 24/3/1980 وقبل 25 سنة تصدى أنصار الحزب الشيوعي العراقي ( البيشمه ركة ) لقوات نظام صدام حسين الدكتاتوري. ان نظام بغداد المهزوز آنئذ جمع أعداداً ضخمة من القوات الحكومية ومن الجحوش المرتزقة مع طائرات حربية وسمتيات وآليات تمهيداً لضرب الجماهير ومحاربة القرى بهدف الإنقضاض على أنصار القوى الكوردستانية وأنصار الحزب الشيوعي العراقي بمناسبة عيد نوروز، العيد القومي للشعب الكوردي، وبسبب هطول الأمطار الغزيرة في تلك السنة تأخرت مراسيم الإحتفال بعيد نوروز إلى يوم 24/3/1980، وكانت القوات الحكومية الشرسة على أهبة الإستعداد لتنفيذ جرائمها البشعة بحق الناس الأبرياء وقوات الأنصار للأحزاب العاملة على أرض كوردستان. تكوّنت مفرزة حزبنا البطلة من 16 نصيراً، ( وكنت واحداً منهم ) وقد خرجت المفرزة في الفجر من قرية زيوي في الجهة المواجهة لمدينة السليمانية، وصعدت جبل بيره مه كرون الأشم بعد السير لساعات طوال في البرد وعلى الثلوج، ومن ثمّ النزول إلى قرية قزلر، حيث وصلوها في الساعة 11 بغية الإستراحة إذ كانوا متعبين، ولتناول وجبة الظهر.
في الساعة 12 من يوم 24/3 حلقت إحدى طائرات الهليكوبتر في سماء قرية قزلر الجميلة المقابلة لجبل بيره مه كرون، والواقعة في وادي ميركه بان وعباسان والتابعة لناحية سه رجنار، وفي الحال تبعتها هليكوبترات أخرى وبدأت بعملية إنزال الجنود والجحوش، واندلعت المعارك فوراً بين القوات الحكومية الغازية وقوات أنصار حزبنا الشيوعي العراقي. لقد دفع العدو الجبان بأعداد كبيرة من القوات بما فيها القوات الخاصة والجحوش المرتزقة و19 طائرة هليكوبتر ومنها السمتيات التي جرّبها النظام ضد الأنصار قبل القيام بإستخدامها في الحرب ضد إيران. لقد دارت رحى معركة غير متكافئة بين عناصر مدربة من جيش له خبرة جيدة في الوقوف ضد الجماهير وقمع تطلعاته وإنتفاضاته وبين عدد قليل من الأنصار بأسلحتهم العادية والرديئة، ولقد ظنّ العدو الجبان بأنّه يتمكن من إبادة المفرزة الباسلة أو القبض على أفرادها، إلا أنّ الأنصار الشيوعيين وقفوا بكل بسالة وصمود ضد المجرمين الغزاة وخيبوا آمالهم القذرة. وفي الواقع كانت أسلحة الأنصار عادية ورديئة وقديمة وهي عبارة عن : 2 كلاشنيكوف، 8 جيسي، 1 برنو، و5 ماو، وسلاح ماو من أسوأ الأسلحة الصينية، بعد 4 ساعات من المعركة وصلت مفرزة بطلة من قوات بيشمه ركة الاتحاد الوطني الكوردستاني بقيادة إسماعيل كه وره ديى من قرية جوخماخ، ودخلت المعركة فوراً لمناصرة أشقائهم في الحزب الشيوعي العراقي. في الساعة 6 مساءً بدأ العدو الجبان من جمع خسائره وفلوله وترك أرض المعركة والعودة إلى إسطبلاته ومقراته. في خضم المواجهة المستمرة بين شعبنا وأعدائه، وبين حزبنا الشيوعي العراقي والقوى الفاشية يكثر أبناؤنا وأحبتنا المجهولون، وتتنّوع مآثرهم، وفي معركة قزلر الباسلة يتناقل الناس أخبار البطولة للأنصار الشيوعيين وحلفائهم من القوى الكوردستانية، ومن هؤلاء من استشهد بطلاً ميموناً جسّد ذروة إنسانيته وإنتمائه، ومنهم ما زال حياً يواصل نضاله من أجل شعبه وحزبه، ومن خسائرنا في معركة قزلر إستشهاد الأنصار البواسل : عمر حمه بجكول ( الملا حسين ) عامل في معمل تنقيح السليمانية. شفيق كريم ( شاهو ) مدرس اللغة الأنكليزية في ثانوية روشنبير في السليمانية. معتصم عبدالكريم ( أبو زهرة ) فنّان تشكيلي من بغداد حسن رشيد كادر حزبي من السليمانية ومسؤول قوة حماية مقر اللجنة المركزية في بغداد. كمال مام همزة ( هه زار ) عامل بناء في السليمانية. وجرح النصير الشجاع شهاب من بيشمه ركة الاتحاد الوطني الكوردستاني. ومن المهم أن نذكر بأنّ 3 من الأنصار المشاركين في ملحمة قزلر البطولية استشهدوا في أماكن أخرى وهم كل من : سه رباز الملا أحمد بانيخيلاني ( طالب في المرحلة الأعدادية ) استشهد في ملحمة بكربايف. عمر علي ( عمر بوره سلمى ) موظف عند إدائه لمهمة حزبية وعسكرية غرق في نهر جه مي سوره بان. صلاح حسن ( ماموستا خالد ) معلم : عند عودته إلى السليمانية للعمل في تنظيمات مدينة السليمانية أثناء عمليات الأنفال السيئة الصيت إختفى ولا يعرف عنه أي شيء لحد الآن. لقد تم دفن النصير الملا حسين في قرية جوخماخ، كما تمّ دفن الأنصار الآخرين شاهو وأبو زهرة وحسن وهه زار في مقبرة قزلر، وفي يوم 25/3/1980 شنّ العدو الدكتاتوري هجوماً كبيراً بالدبابات والسمتيات على قرية قزلر مرة أخرى وأستطاعت لعدم وجود أنصار في قرية قزلر من إخراج جثث الشهداء الأربعة ونقلها إلى مدينة السليمانية، ومنعت السلطات الدكتاتورية المجرمة ذوي الشهداء من إقامة مراسيم الفاتحة على أرواحهم الطاهرة. النصر لنضال الحزب الشيوعي العراقي والحركة الوطنية العراقية والكوردستانية من أجل أماني وتطلعات الشعب والوطن. الخزي والعار للمجرم صدام حسين وزبانيته الأوباش. الموت للبعثيين الأشرار وعملاء السلطة الدكتاتورية الساقطة. 23/3/2005
|