الشيعة العرب......الكورد.....كركوك...الفيدرالية
جلال الجباري
القسم الثاني
كانت بدايات القرن الماضي قد شهدت تحولات كبيرة في الخارطة السياسية, شملت مصائر الكثيرمن الشعوب والبلدان و بالاخص في بلدان اسيا وافريقيا......وافضت مجمل هذه التحولات الى رسم خرائط جديدة للشعوب والبلدان , والتي كانت تصب بالدرجة الاولى في مصالح الدول المنتصرة في حربها الكونية, وكانت اشبه بوليمة لاقتسام الغنيمة الدسمة بين المنتصرين , اكثر من كونها فرصة تأريخية لانصاف تلك الشعوب والامم....وتلى ذلك و لعقود من الزمن الصراع بين المعسكرين المتضادّين الشرقي والغربي, والذي بدوره اضاف هموم جديدة واضافية على ما سبقتها بالنسبة لتلك الشعوب والامم....والتي ادّت في النهاية الى نشوء دول وكيانات كانت في بعضها متوافقة مع طموحات بعض من هذه الشعوب, ولكنها كانت( ولا تزال بعضها), وبالا وخرابا على شعوب اخرى, اذ اكتوت بنار المستعمر من جهة, وبنار انظمة ظالمة أفرزتها طبيعة الصراع الذي نشب لاحقأ بين المعسكرين من جهة اخرى . فكما هو معلوم ان مسيرة التأريخ لايمكن ان تسير باتجاه مستقيم واحد , حالها حال كل الظواهر الاخرى في المجتمع والطبيعة ايضأ ,فان نهايات القرن الماضي وبداية القرن الحالي قد أفرزتا حدثين هاميّن تركا بصماتهما و امتداداتهما الافقيين والعمودين على حركة التأريخ والشعوب للفترة القادمة و كل ضمن محيطه تأثيره المؤثر زمانا ومكانا ....فكان الاول سقوط جدار برلين,واعقبه انهيار ما كانت تسمى بمنظومة الدول الاشتراكية تباعأ ,والثاني سقوط صنم بغداد, كمؤشر لانهيار الأنظمة الشمولية المماثلة في منطقتنا على وجه الخصوص, اضافة الى انهيار البنيان الفوقي للفكر الشمولي بالكامل بطبيعة الحال. فاذا كانت السمة المميزة لاحداث القرن الماضي , المزيد من العنف والعنف المضاد واساليب معينة من الصراعات الدموية المسلحة والقسوة المفرطة في التعامل سواءا بين القوى الكبرى المهيمنة على مقدرات العالم في الفترة الماضية( الحربين العالميين) او لكبح جماح حركات التحرر للشعوب المستعمرة(بفتح الميم)و بالقوة الغاشمة , او حتى بين تلك الشعوب التي اكتوت بنار الدكتاتوريات والانظمة التوليتارية,بينها وبين الحكام المستبدين الذين افرزتهم صراعات القوى الكبرى ,فان السمة المميزة للعصر الجديد هي سريان الاساليب الديمقراطية السلمية في النضال, حتى ضد الدكتاتوريات التي فقدت غطاء وتأييد ودعم احدى القطبين المتضّادين, والتي كانت سابقا تستغلها لتمرير وجودها اللاشرعي وتضطهد شعبها او الشعوب التي تحكمها. ان احد الآليات التي لجأت اليها بعض الشعوب المماثلة او التي ستضطر ان تلجأ لها مستقبلنا ,هو التفكير جديأ في البحث عن طرق حضارية جديدة في تصحيح بعض مظالم الماضي......وهنا يبرز مفهوم الفيدرالية كاحد اهم هذه الآليات الممكنة,اي تغيير الصيغة السابقة في الالحاق القسري التي افرزته المرحلة السابقة بين شعبين او اكثر ,باتحاد اختياري مشروط باحترام الهوية القومية او المذهبية او الدينية من جهة والحفاظ على الوحدة الوطنية من جهة اخرى, وتتضمن ايضا قدرا اكبر من آليات الحكم الذاتي حتى يتم التعويض عن الظلم التأريخي في الحرمان من الاستقلال التام, مع ان هنالك شعوب في العالم تنتمي الى نفس العرق اللغوي والخصائص الاخرى, ولكنها اختارت ايضا طريق الفيدرالية على اساس جغرافي ومناطقي, لتسهيل ادارة امور البلد, ومنع تركز السلطة بيد دولة مركزية واحدة(المانيا التحادية والولايات المتحدة ) نموذجأ. بالنسبة لنا كشعب كوردي , فان ما اصابتنا من المظالم التي حصلت في كل الفترة الماضية قد فاقت كل ما اصاب الآخرين ,بل لا نغالي اذا ما قلنا الشعب الكوردي هو الشعب الوحيد لحد الآن بملايينه الاربعين, والذي وجد نفسه محروما من دولته القومية المستقلة بعد كل ماجرى خلال القرنين الماضيين ,فكل المواثيق والمعاهدات الدولية التي ابرمت في بداية القرن الماضي وبالاخص معاهدة( سايكس_ بيكو) قد تركت ضلالها الثقيلة على كيانه ومستقبله السياسي, فمقص المعاهدة المذكورة قطعت أوصال الأمة الكوردية دون اية رحمة, والحقتتها ببقايا الامبراطوريات السابقة او الدول التي اصطنعتها تلكم المعاهدات , وبدون التفكير حتى في تأمين الحد الادنى من الضمانات لهذا الشعب ,عدا ضمانة واحدة فيما يخص كوردستان العراق , والتي لم تحترم فيما بعد...... حالها حال كل الضمانات بل وحتى الاتفاقيات المعلنة والمكتوبة اللاحقة ايضأ, والى يومنا هذا ,فكل ما عملته الدول الاستعمارية ان سلّمت الوديعة الكوردية بيد ذئاب المنطقة من الحكام الترك والفرس والعرب حتى تفترسها كما تشاء. فقد جاء في نص معاهدة لوزان المشؤومة (ان حكومة صاحبة الجلالة وحكومة العراق تعترفان وتقران بأن للاكراد حقوق المعايشة داخل الحدود العراقية ,ولهم الحق في تأسيس حكومة كردية داخل هذه الحدود ,وتأمل الحكومتان ان تتوصل الاطراف الكردية المعنية الى اتفاق فيما بينها على شكل هذه الحكومة والحدود التي يرغبون ان تمتد اليها ,وأن يرسلوا مندوبين مفوّضين الى بغداد لمناقشة علاقتهم الاقتصادية والسياسية مع حكومة صاحب الجلالة البريطانية والحكومة العراقية), وطبيعي ان الكورد لم يلمسوا منذ صدور هذا النص والى يومنا هذا قبل اكثر من ثمانين سنة غير جرائم ابادة قل نظيرها في تأريخ البشرية. فاذا تمعّنا جيدأ في معاني هذا الاعتراف الموّثق بحقوق الشعب الكوردي يتضح لنا جيدأ ان مطلب الحكم الذاتي سابقأ , والفيدرالية اليوم ليس مطلبأ جديدأ او طلبأ تعجيزبأ كما يحلو للبعض من العاجزين فكريأ وجسديأ بل واخلاقيأ ايضا, ان يسموه هكذا ,و بعد كل المصائب التي اصابت شعبنا الكوردي وامام انظار العالم ,وبالرغم من كل التغييرات التي تحصل يومياعلى الصعيدين الاقليمي والعالمي, لازال هنالك عقول صدئة تسمي الحقوق المستحقة بمطاليب تعجيزية!!. ان الفيدرالية التي تبناها البرلمان الكوردستاني و منذ ثلاثة عشر عامأ ,هي ليست وليدة الظرف الحالي(والذي يشهد وضعأ طارئأ) بعد سقوط النظام, وليست ايضأ محاولة للوي الذراع وكما يروج بعض الحاقدين, وهو ليس امرا جديدا مطروحا على كل القوي العراقية الفاعلة في الساحة العراقية ,بل الجديد هو موقف بعضهاو التي بعد ان اشتد ساعداها وتعيش الآن لحظات الزهو والانتصار , تتنكّر وتتراجع عن مواقفها السابقة , بل وتتراجع حتى عن بعض ما كان النظام العفلقي قد اقرّ به, رغم شوفينيته وعنصريته المعروفة, فنراها تناور وتتلوى يمينا وشمالا , تارة تتكلم عن الفيدرالية الادارية وتارة تنتقص من مهام وصلاحيات الفيدرالية وتارة اخرى تتهمهما بانها محاولة وتمهيد للانفصال,وكونها دولة داخل دولة ...الى غيره من الاوهام والتصورات . الواضح للجميع ان كل لفيدرالية معمولة بها في العالم خصوصياتها وعمومياتها ايضأ, بل ان الفيدرالية نفسها كمفهوم وفلسفة حكم معاصرة, تعبير وحلّ شامل لهذ ا للاختلاف وتلكا الخصوصيات فحتى ضمن البلد الواحد فأنها قد تختلف في كثير من المهام والتفاصيل الاجرائية والاقتصادية عن مثيلاتها , فأن فرض( عقوبة الاعدام مثلأ في الولايات المتحدة تتباين من ولاية لاخرى), وحتى فرض الضرائب تختلف من واحدة لاخرى, فلماذا يكون غريبأ اذأ ان يكون يكون هناك تفرد في فيدرالية كوردستان في بعض الامور , بينها وبين الفيدراليات الاخرى في العالم او حتى بينها وبين اية فيدرالية او فيدراليات ستنشأ في المستقبل في الجزء العربي من العراق. ان نوع الفيدرالية المطروحة من قبل برلمان كوردستان ليست بدعة او تمهيدأ للانفصال , بل ضرورة تأريخية وموضوعية افرزتها واقع الشعب الكوردي في العراق وهي بعكس ما يتوهم البعض , اسلوب حضاري ناجح لتفادي عقدة العلاقة الكوردية العربية الشاذة التي فرضت من قبل المستعمر الاجنبي تلبية لمصالحه الخاصة اولا وآخرا , فحتى الملك الذي فرض على الشعب العراقي كان مستوردأ ..... ان السبيل الوحيد للوحدة الحقيقية بين الشعبين وقطع الطريق امام الحل الآخر, او ابغض الحلول كما يقال , الا وهو الانفصال( في حالة تعذر العيش المشترك ),او محاولة اجبار الكورد, كما كان في السابق, العيش ضمن نظام شمولي مركزي وبالاكراه, والذي لا يمكن ووفق الظروف الموضوعية العراقية, الا ان تؤدي الى بعث نظام دكتاتوري جديد , و نحن ككورد عانينا منها الأمرين ابان تسلط نظام البعث الشمولي العروبي, ولسنا على استعداد بأي حال من الاحوال ان نسمح من جديد باعادة تلك التجربة المّرة, ضمن نظام مذهبي معروف النوايا والاسس الفكرية مقدمأ , فلا الفكر العروبي القومي السني ولا الفكر الديني المذهبي الشيعي تحمل في طياتها اية حقوق متميزة لقوميات غيرا لقومية السائدة , ولنا في التجربة الايرانية مثلا واضحأ في اسلوب تعاطيها مع الحقوق المشروعة للقوميات الغير فارسية......... ناهيك عن مفاهيم حقوق الانسان والتي لا تنحصر آثارها السلبية على الكورد فحسب , بل تمس حقوق نصف المجتمع العراقي كجنس, وحقوق وباقى الاطياف العراقية الغير المسلمة ايضأ , فاذا كان كلامنا مخالفا للحقائق والواقع , فنطلب من الاخوة الشيعة واحزابها الدينية المختلفة ان تبين لنا الفروق الجوهرية بين طروحاتهم الدينية والدنيوية مع مثيلاتها الايرانية, وخاصة ان الاثنين ينهلون من منهل فكري ومذهبي واحد مع بعض الاختلافات البسيطة في التفاصيل ,وحتى ان تذبذب وضبابية الاحزاب الشيعية ومرجعياتها المعروفة في الاقرار بالفيدراليةاو تسفيه مفاهيمها الحقيقية , وتهدف بالدرجة الاساسية الى عدم تسجيل سابقة شيعية تضع مثيلتها في ايران المجاورة امام موقف حرج لا تحسد عليه ,سيما ان الوضع الايراني من حيث تعدد الاقوام والاثنيات يطابق بشكل كبير ما موجود في العراق ,وقد يدفع تلك القوميات من الآذريين والكورد والبلوج والعرب وغيرهم والمحرومين من ابسط حقوقها القومية المطالبة بحقوق مماثلة ,وهذه معظلة حقيقية لم ولن تستطيع( الثورة الايرانية) ايجاد حل ناجع لها ,فاذا كانت الممارسة السياسية للحكم في ايران قد افرغت كل ما في جعبتها الفارغة من حقوق للشعوب الايرانية , وافصحت بكل ما تملك ولا تملك من بركات الهية لهذه الشعوب المظلومة , فأن توأمها في العراق لم يتسنى لها ذلك لحد الآن , ولذلك تريد ان توهم نفسها والآخرين بأنها تختلف عنها,فاذا كانت ولاية الفقيه في ايران معلنة ولها ممثل ومنصب متفوق على غيرها من العناوين والمناصب , فانها في العراق مقنّعة , وناطقة آمرة وناهية , لكن بدون وجه وصوت مباشر, فهي شبحية لا تسمع ولا ترى..... في الوقت الذي بين الاسلام السياسي السني وبلسان السيد محسن عبد الحميد, رئيس الحزب الاسلامي في العراق, بأنه يؤمن بالفيدرالية كمبدأ للحكم وهو متوافق مع حكم الولايات في الاسلام, الا ان هكذا تأكيد لم يصدر احد الآن من الجانب الشيعي وبوضوح فكري ,وليس باشارات بروتوكولية , كلما دعت الحاجة التطرق اليها عابرأ مضطرأ. والغريب ان بعض الاصوات الشيعية تلوح بين الحين والآخر بفيدرالية الجنوب او حتى باستقلال الجنوب ّّ!!! ولكن سرعان ما تخبوا وتختفي هذه الاصوات بعد ان تتلقى اشارات محذرة من ايران بان لا تفتح ابوابا يصعب على الجارة العزيزة سدها امام شعوبها. ان التأكيد على الفيدرالية التأريخية والجغرافية هو ايضأ التعبير الحقيقي للواقع الكوردي في العراق, فهنالك خصوصية قومية مختلفة عن مثيلاتها في العراق ,وهذه الخصوصية ليست وليدة اليوم ,بل تكونت وفق سياق تأريخي وحضاري استمر آلاف السنين, اما الخصوصية الجغرافية وهنا نقطة الخلاف الرئيسية اليوم , وكما كانت بالامس ايام النظام البائد ,عدم الاعتراف بحدود وجغرافية كوردستان ,ومحاولة فرض امر واقع مفتعل و أليم على الشعب الكوردي , حيث ان كل السلطات المتعاقبة على دست الحكم في العراق ومنذ تأسيس الدولة العراقية ولحين اخر يوم من عمر النظام السابق قد حاولت (قضم) تخوم كوردستان تدريجيا , وبالاخص في تلك المناطق الغنية بثرواتها المعدنية , مثل كركوك وخانقين, في محاولات لئيمة ومكشوفة لنا الكورد على الاقل, بدفع الكورد نحو الجبال , وابعاده عن مصادرالثروة ( خوفأ) من بعبع الدولة الكوردية المزعومة ,باعتبار النفط أحد أهم ركائز تلك الدولة المستقبلية , حتى اصبح شعارها الغير معلن ,ابعدوا الكورد عن النفط , او ابعدوا النفط عن الكورد ,كأن هناك عداوة تقليدية بين الكورد والنفط او ان الكورد والنفط صنوان لايلتقيان,وهذا التفكير العنصري العقيم لم يكن مقتصرأ على حكام العراق فقط , بل تم تطبيقه في كل من كوردستان ايران وتركيا ايضأ وتحت نفس التأثيرات والاوهام. ان الفيدرالية الحقيقية بالنسبة للكورد تعني حكم الكورد لانفسهم في كل المناطق التي تواجدوا ويتواجدون الان فيها بكثافة منذ مئات السنين اي في كوردستان العراق مع كل الجزاء المستقطعة منها, وتمتعهم بالحرية الكاملة في ادارة شؤنهم وتطوير واقعهم القومي والثقافي والنفسي وبالشكل الذي ينسجم مع كونهم كوردأ , اي قومية مختلفة في تكوينها النفسي والتأريخي والوجداني,و ان يتم تنظيم علاقة اقليمهم الفيدرالي مع المركز بشكل يحفظ وحدة العراق وفي نفس الوقت يحافظ على خصوصيتهم القومية. وتبقى مسألة غاية في الاهمية ليس للجزء الباقي من العراق فحسب بل للكورد ايضأ,الا وهو الموقف من الاقوام والشعوب والاديان والطوائف الاخرى في كوردستان والتي عاشت وتعيش الآن مع الكورد, فالمعروف ان العراق عامة وكوردستان خاصة كانت موطنأ للاخرين ايضأ , كالتركمان ,والعرب والكلدان والاشوريين وغيرهم,وكوردستان شهد على مرّالتأريخ صراعات وتناحرات كل امبراطوريات المنطقة والتي خلفت ورائها اقوام واثنيات واديان ومذاهب مختلفة,ان المحك الحقيقي لمصداقية الكورد هو كيفية التعامل مع الحقوق المتساوية لهذه الاطياف وبشكل يوفر لها كل الظروف الملائمة لتطوير لغاتها ,وتنمية ثقافاتها الخاصة بها , وايجاد افضل الآليات لجعلها تلمس لمس اليد انها ايضأ تحكم نفسها بنفسها في المناطق التي تشكل فيها اكثرية بدأ من اصغر وحدة ادارية ,وبقدر تمتع هؤلاء بحقوقهم كاملة غير منقوصة ,بقدر ما تكون التجربة الكوردستانية غنية ومثار اعجاب الآخرين, وعلى الكورد تفادي ما وقع فيه الآخرين من الثأثير المدمر للقومية الكبيرة واطروحاتها المتعالية والظالمة. وعلى هذه القوميات المتعايشة من العرب والتركمان واكلدان والأشوريين ,التخلي من النظرة الضيقة الافق تجاه اخوتهم الكورد , وادراك حقيقة المصير المشترك والواقع الذي فرضه التعايش سوية لمئات بل لآلاف السنين ,وفي اسوء الاحوال فأن الواقع الموضوعي يفرض عليهم ان يكونوا جزءأ من شعب كوردستان , وتجربته , بالضبط كما هو مفروض على الكورد ان يكونوا جزءأ من العراق,انها نفس المعادلة ,والا فكيف يطلب من الكورد ان يكونواجزءأ من العراق في الوقت الذي لا يسري هذا على الآخرين الذين الذين يعيشون مع الكورد في كوردستان ,او ليس هذا الكيل بمكيالين!!! ام ان الكورد يفقتقرون الى ما يمتلكه العرب ( المبدعين) من عقل اداري وتنظيمي ,ام ان النظرة المتخلفة والحاقدة تجاه الكورد والتي كرستها السياسات العنصرية للفاشية التركية والشوفينية العربية والفارسية لا تزال تعشش في بعض العقول المريضة,ففي عراق ديمقراطي و فيدرالي ,لا يمكن يتصور امكانية وجود تخوف على حقوق الكردي الفيلي في بغداد او الكوت , وبنفس الدرجة لا يمكن ان يكون هنالك مبررات للتخوف من غمط حقوق اي انسان اخر ومهما كان هويته القومية او الدينية او المذهبية في كوردستان ايضأ , فالكل في النهاية مواطنون عراقيون يعيشون في بلد واحد يحكمه دستور واحد , يراعي حقوقهم كاملة.بل نحن ككورد نطالب الآخرين من غير الكورد في كوردستان , ان يطرحوا وبكل جرأة وموضوعية كل مطاليبهم وشروطهم ايضأ حول كيفية ونوعية علاقتهم مع الاقليم الفيدرالي الكوردستاني , مما يعزز شعورهم بالمواطنة الحقيقية , ويؤمن تمتعهم الكامل بكل حقوقهم المتساوية مع اخوانهم في الاقليم, بعيدأ عن اساليب الاحتواء والضم القسري والذي كنا ولا نزال نحن الكورد احدى ضحاياها , ولا ينبغي لنا ان نكرر اخطاء الآخرين , وتحت اية مسميات و عناوين , وهنالك وبلا شك آليات كثيرة لتنظيم العلاقة بينهم وبين سلطة الفيدرالية يمكن الاستفادة منها واغناءها ايضا.
ان بعض الكلام الذي يقال هنا وهناك عن الفيدرالية الكوردستانية , انما تعبر اما عن سوء فهم لهذه الفيدرالية او هي محاولات مقصودة للاساءة اليها , بل ان اكثر هذه الطروحات ما هي الا حنين للعودة الى الدولة الشمولية ولو بلباس ديني وعمامة سوداء هذه المرة,وان تمسك الكورد بثوابتهم ليست محاولة لتأسيس دولة داخل دولة او مطاليب تعجيزية بل تعبير واقعي لما حدث له على مرّ العقود , وتخوف مشروع من الالتفاف على حقوقهم وافراغها من محتوياتها كما حصل في معاهدة لوزان واتفاقية اذار واجتماعات المعارضة العراقية قبل سقوط النظام,واذا كان هنالك من يجب ان يكون حذرأ وحريصأ على تثبيت حقوقها وفق كل الاسس التي تحفضها من التلاعب والالتفاف والخديعة حتى هم, الكورد , فعلينا الآن واكثر من اي وقت مضى الاهتمام والتدقيق في ادّق التفاصيل في اي اتفاق يبرم بيننا وبين الاخرين , فقد تعودنا ان تخرج لنا الشياطين العنصرية والشوفينية من داخل هذه التفاصيل ,فنحن من تعهد الحكم الملكي بمراعات كل حقوقنا , ونحن من كان من المنتظر ان نكون شركاء حقيقيين في الوطن في اول بيان صدر من ثورة تموز ,ونحن من كان من المفترض ان نتمتع بالحكم الذاتي وفق ما جاء في روح اتفاقية اذار, والكل يعرف ماذا حدث لنا ولمطاليبنا,مزيد من القتل والتدمير والابادة, فكيف ينتظر ممن لا يختلف لا في توجهاته وخزينه الفكري ولا في تهديده بعصا الاكثريةالعددية في البرلمان ,عن الذين سبقوهم, الا بالاسم والعنوان , فنحن لا زلنا مثخنين بالجراح السابقة وهي لا تزال تنزف دما .
البعض يطالبنا بالتخلي عن البيشمركه , تلكم الفصائل الثورية التي حفظت ولا تزال وجود وشرف الكورد مثلما حفظت حتى وجود الكثيرين من الذين ينادون بحلها اليوم,ونحن نقول لهم بأن البيشمركه موجودون طالما لا توجد ضمانة حقيقية لحفظ امن ووجود الكورد, وهي الآن تدافع عن امن المواطن الكوردستاني والعراقي عاى السواء ضد الاعداء الجدد من الارهابين , وستتحول تدريجيا الى جزء من الجيش العراقي التي تظطلع بمهاما في اقليم كوردستان الفيدرالي , ومتى ما حدث لا سمح اللّه ما يدعو الى تعكير أمن المواطن الكوردستاني داخليأ او خارجيأ فان الشعب الكوردستاني نفسه سيطالب ومن خلال برلمانه المنتخب, بعون ومساعدة من الجيش العراقي الفيدرالي للتدخل , وهذا مفهوم معمول به في الكثير من الفيدراليات في العالم, فقد ولى زمن تسخير الجيوش للدول المحكومة مركزيأ او دكتاتوريأ في قمع الاقاليم بتهمة التمرد والعصيان,وحركة الجيش يجب ان تكون محكومة بموافقة البرلمان وبموافقة الثلثين وليس بمشيئة فرد او مجموعة كما هو الحال في الدول المحكومة بأنظمة شمولية, وليس كما يطرح البعض من اخوتنا الشيعة في حرية الجيش العراقي في التحرك كيفما يشاء وبدون ضوابط , بل ذهب بعضهم من الشوفينيين الى ابعد من هذا ,حيث لايزال فيهم من يمجّد اويقّدس( بطولات) جيش صدام السابق ويتمنى لو كان باقيا لحد الآن لتلقين الكورد دروسأ اخرى اشد ايلامأ مما فعل !!!,كما يصّر البعض على اعتبار علم البعث ذو النجمة الثلاثية ولفظة الجلالة التي سطرها الدكتاتور الذليل عليه, هو علم العراقيين الاحرار اليوم حتى بعد زوال الدكتاتور, وعلى الرغم من كل ما ارتكب في ظل هذا العلم من مجازر وفضائع, ليس بحق الكورد فحسب بل و حتى بحق اولئك الذين يدافعون الآن عن ضرورة بقائه رمزا للعراق , في الوقت الذي لم يكن فيه هذا العلم المشؤوم الا رمزأ لقهر واخضاع العراقيين وليس العكس, واظهارالكورد الرافضيين لرفع علم الذل في منطقهم كأنهم ضد وحدة العراق , اوليس هذا بحد ذاته حنينا لعودة الماضي, باسلوب جديد وحتى تحت نفس العلم,ان الكورد اكدوا مرارأ بأن اي علم عراقي , بدأ من العهد الملكي والى الجمهوري الاول ,انما يشرفهم , او اي علم جديد يعبر عن كل العراقيين ايضأ , ولكنهم يشعرون بالخجل في رفع علم كان يرفرف على ظهورالدبابات التي قتلت شعبنا ودمرت كوردستان ,الم يكن نفس العلم التي تحت ظلالها ارتكبت الفضائع في الجنوب الشيعي ايضأ, ام ان الدبابات البعثية والصواريخ التي دكّت مراقد الائمة كانت مطرزة بعلم اخر؟؟؟ , فلم لا يخجل هؤلاء لحد اليوم بالتمسك بعلم البعث باسم العراق الواحد, وهل كان حكم البعث هكذا مقدسأ لديهم بحيث لا يستطيعون التخلي من علم العار والشنار, فاذا كان ولابد لنا من الاعتزاز بعلم يمثل العراقيين , فانه وبكل تأكيد ليس علم حكم البعث الاول والثاني,لانها لا تمثل لنا الكورد ( الفترة الذهبية) في تأريخ العراق الحديث,حتى نبقى مصّرين على رفع علمها ؟؟ او نتهّم الآخرين الذين يرفضون الاستمرار في اعادة الاعتبار لهذا العلم المشؤوم , بأنهم يروجون للانفصال عن العراق؟؟؟؟ اما الحديث عن حدود الفيدرالية وآليات تطبيقها وكركوك فسأتركه للاقسام اللاحقة التي سأتناولها تباعأ.............
|