لماذا ولمصلحة من يجري خلط الأوراق في العراق ؟
أحمد رجب
عندما أقدم العراقيون بجميع أطياف المجتمع على إجراء الإنتخابات بصورة ديموقراطية في نهاية شهر كانون الثاني من العام الجاري كانت البسمة لا تفارق أفواههم والفرحة تملأ قلوبهم، وكانوا يتصورون بأنهم سيتغلبون على المشاكل والمعوقات بأسرع وقت ممكن، ولكنهم وبعد الإدلاء بأصواتهم في صناديق الإقتراع والنتائج التي تمخضت عنها أصيبوا بخيبة أمل ويأس، لأن الذين فازوا في الإنتخابات لا يستطيعون من تشكيل حكومة تمثلهم. وقد رافقت عملية الإنتحابات أخطاء كثيرة ومنها على سبيل المثال لا الحصر خروج أعضاء من هذا الحزب أو ذاك والإنضمام إلى أحزاب وتكتلات أخرى بحثاً عن المصلحة الشخصية وإيجاد مراكز القوة ومثال ذلك حاجم الحسني الذي نال في النهاية ما سعى إليه وأصبح رئيساً للجمعية الوطنية، وإنحياز اللجنة العليا المشرفة على الإنتخابات لجهات معينة، ومن ثمّ المطبات التي رافقت عملية فرز الأصوات، وبالرغم من تلك الأخطاء القاتلة والتخبطات والإحباطات وقف أبناء الشعوب العراقية من العرب والكورد والتركمان والكلدان والآشوريين والسريان والأرمن، وشرائح المجتمع المختلفة كالإيزدية والصابئة، ومن المسلمين والمسيحيين والمذاهب الأخرى إلى إحترام النتائج وقبولها، لأنّهم أرادوا مثلما يريدون اليوم تشكيل حكومة بعيدة من البعثيين وأزلام صدام حسين ودول الجوار. وخلال هذه الفترة وقعت أخطاء كبيرة وقاتلة ومنها ذهاب غازي الياور نائب رئيس الجمهورية إلى أحضان حارث الضاري والجماعات السنية التي تقف بوضوح إلى جانب الإرهابيين من الوهابيين والقتلة الظلاميين، ولا يدري حتى الذين يتباكون على العراق الديموقراطي والعروبيين الأقحاح، بل وأهل السنة من تلك الشلة مغزى مغازلة أولئك الذين وقفوا بعيداً من الإنتخابات بل وعملوا على إفشالها ، ولم يذهبوا إلى الإنتخابات وبالعكس من الذين خاطروا بأنفسهم وكل ما يملكون وذهبوا للإدلاء بأصواتهم. أن جماعة الضاري كانوا خارج الإنتخابات وكان ديدنهم فشلها، ويندهش المرء اليوم عندما يرى بأم عينيه إيلاء الضاري أهمية كبرى، وهو متهم بقتل العراقيين شاء أم أبى. وفي الجانب الآخر استطاع أياد علاوي من صرف الملايين من الدولارات الأمريكية العراقية لشراء ذمم الضعفاء من الناس والإعتماد على مساعدة دول الجوار له عن طريق جمع شمل البعثيين وبقايا النظام البائد وبنات الرئيس المعتقل والفوز بمقاعد في الجمعية الوطنية. ويحظى أياد علاوي بتأييد الأمريكان، وهم يقفون إلى جانبه وهو ( واحد ) منهم. في هذا الوقت يعلن رئيس الجمهورية العراقية والمناضل الكوردي جلال طالباني بأنه لا يوقع على إعدام صدام حسين بحجة توقيعه على وثيقة تحريم حكم الإعدام، ويعلم مام جلال أكثر من كل الناس بأن شعبه الكوردي الذي ناضل معهم بصفته قائداً لأحد الأحزاب الكوردستانية الكبيرة على الساحة الكوردستانية يطالب بإنزال حكم الإعدام بأعتى دكتاتور عرفه التاريخ وهو المجرم السفاح صدام حسين. ومن المهم أن نذكر العراقيين بأنّ الرئيس الساقط صدام حسين كان يصدر أحياناً بيانات العفو للمشاركين في الحركة الكوردية، وكان يستثني من ذلك جلال طالباني ويذكر بكل صلافة بأن العفو لا يشمله، علماً ان واع " وكالة الأنباء العراقية " ذكرت عدة مرات بأنّ جلال طالباني قد مات !!. انّ تدخل الإدارة الأمريكية وفرض أرائها وإرادتها على الشعب العراقي يؤثر سلباً على الحياة السياسية، ومنذ مجيء رونالد رامسفيلد وزير الدفاع الأمريكي والمشاورات التي أجراها مع الأطراف المختلفة وحثها على العمل في إشراك السنة في عملية تكوين الحكومة، نتلمس الهروب من تشكيل الحكومة من قبل البعض من الفائزين، وبالمقابل يدفع أبناء العراق دماءهم ضريبة ذلك التخبط والإحباط نتيجة للأعمال الإرهابية والسيارات المفخخة. وإزاء هذه الأمور والقضايا الملتهبة يتدخل السيد السيستاني أو يتم إدخال اسمه في المشاكل والعقد السياسية التي أصبحت شائكة، ومثل هذا العمل يدفع بالعديد من السادة الذين يكتبون بتسخير أقلامهم للهجوم على الكورد، ويذهب البعض منهم إلى إطلاق صفة الخيانة عليهم، ويطالب الكورد كما يطالب الأخوة الآخرين من العرب وخاصة من الشيعة السيد السيستاني بالإبتعاد عن السياسة والتوجه إلى المسائل المتعلقة بالدين أو كل شيء يخص الحوزة العلمية. ان تسمية وفيق السامرائي مدير جهاز مخابرات النظام البعثي الساقط مستشاراً أمنياً لرئيس الجمهورية العراقية خطأ تاريخي فادح كونه مجرماً وجلاداً ساهم بوضع الخطط لإبادة البشر من الكورد والعرب وسائر القوميات الأخرى، وان هذه التسمية إنتهاك صارخ بحق ضحايا المجازر الصدامية وضحايا المقابر الجماعية وضحايا عمليات الأنفال السيئة الصيت وضحايا مجزرة حلبجة. يتوقف علينا جميعاً أن نطالب بإبعاد البعثيين المجرمين من أمثال وفيق السامرائي ونزار عبدالكريم الخزرجي ومشعان الجبوري وأخرين ، وأن نبتعد كلياً عن حزب البعث السوري وأن لا نحاول تلميع وجوهمهم الكالحة وأن نتخلص من عبارة البعث العفلقي، فهم كلهم عفالقة وشعارهم نفس شعار البعثيين العراقيين : " أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة "!!. والبعث السوري كشقيقه البعث العراقي قام بمجزرة ضد شعبنا الكوردي في سوريا، وتجري هذه الأيام إعتصامات ومظاهرات ضد البعث السوري في كل مكان وعلينا الوقوف معهم وتأييد ما يصبون إليه. وأخيرأً نطالب السيد ابراهيم الجعفري تشكيل الحكومة بأسرع وقت ممكن وتفويت الفرصة على من يريد الشر للعراقيين، وينبغي على السيد الجعفري أن يكون يقظاً وأن لا يقبل بعناصر من السنة ومن الذين تلطخت أياديهم بدماء الأبرياء، ومن الجدير له أن يتعاون مع القائمة الكوردستانية التي تشكل محوراً قوياً، وأن لا ينسى بأنّ للكورد تجربة غنية في مقارعة الطغاة المجرمين. 26/4/2005
|