ضحيتم من أجل الشعب والوطن وستعيشون في قلوبنا
أحمد رجب
ممّا لا شكّ فيه أنّ الحزب الشيوعي العراقي ومنذ تأسيسه في 31 آذار عام 1934 قدّم القرابين والتضحيات الجسام من أجل الشعب والوطن، وانّ قادته وأعضاءه استشهدوا تحت التعذيب الوحشي أو القتل العمد، وانّهم صمدوا وصعدوا على أعواد المشانق، والعديد من العراقيين يتذكرون الشهداء يوسف سلمان ( فهد ) مؤسس الحزب، وحسين أحمد الرضي ( سلام عادل السكرتير الأول ) للحزب، وجمال الحيدري وجورج حنا تلو وحمزة سلمان ومريم رؤوف الكاظمي وعبدالأحد المالح وستار خضير وعلي حسين البرزنجي وعايدة ياسين وصباح الدرة وصفاء الحافظ ورسمية جبر ورؤوف حاجي محمد ( جوهر ) وعطا جميل وبكر تلاني وبابا علي ورسول سور ووضاح عبدالأمير ( سعدون ) وآلاف غيرهم.
ومن الشهداء الخالدين الذين يعيشون في قلوبنا الشهيد الخالد : بايز سيد باقي.
والشهيد بايز سيد باقي من مواليد 1956، ومن عائلة وطنية وشيوعية معروفة في مدينة البطولة والمجد مدينة حلبجة التي أصبحت رمزاً للمقاومة ضد الدكتاتورية الساقطة. نظراً لتصرفات الزمر الحاكمة الجبانة والنظام الدموي الفاشي التي عمدت إلى إضطهاد أبناء المجتمع وخاصة أبناء الطبقات المسحوقة والكادحة والوقوف ضد طموحات الشعب القومية بغية تطهير المدينة من المناضلين والثوريين ومحو آثار الوطنية والشيوعية فيها حسب عقلياتهم الملوّثة والمريضة إضطر الشاب اليافع الرفيق بايز سيد باقي إلى ترك الدراسة مبكراً وهو في الصف الثاني المتوسط. وفي عام 1973 وبسبب الملاحقة الدائمة لعائلته وخاصة والديه ترك مدينة حلبجة وسكن في ناحية سيد صادق، لكي يعيش وعائلته الكادحة حياة قاسية محرومة من أبسط شروط المعيشة. في عام 1974 إلتحق بأنصار الحزب الشيوعي العراقي في قضاء دربنديخان، وأنخرط هناك في دورة للتضميد، وبعد الدورة مباشرة أرسله الحزب إلى ناحية ميدان في قضاء خانقين، وتمّ تكليفه بإداء مهمات حزبية. وفي عام 1975 عاد الرفيق بايز سيد باقي إلى مدينته الباسلة حلبجة، ولكي يساعد عائلته أخذ يعمل بجدية ونشاط، ويقوم ببيع صحف الحزب ونشرها داخل المدينة. كان بايز سيد باقي إنساناً بشوشاً مهذباً يصغي إلى الآخرين ويجمع الجديد والمفيد في طروحات الرفاق الآخرين، لذا وبناء لطلب الحزب في السليمانية ترك مدينته مرة أخرى، وأنيطت به مهمات جديدة في السليمانية. وكان الرفيق بايز نشطاً ومحبوباً ويقظاً وأميناً ونزيهاً وشجاعاً، ويحافظ على الأسرار الحزبية، وهذه الصفات والخصال الفريدة من نوعها لديه ساهمت في نقله إلى بغداد ليستلم مهمة صيانة مقر اللجنة المركزية للحزب والمحافظة على حياة الرفاق فيه. عندما تعرّض الحزب الشيوعي العراقي إلى الحملة الشرسة من قبل السلطات الدموية لنظام صدام حسين الإجرامي وبناءً لقرار من الحزب تمّ ترحيل الرفيق بايز سيد باقي إلى السليمانية من أجل إنجاز أعمال ومهمات حزبية في غاية السرية. عام 1979 توجّه إلى جبال كوردستان الشماء وألتحق بقوات الأنصار ( البيشمركه ) الشيوعيين في قاعدة بله بزان القريبة من منطقة هه ورامان ، وفي عام 1980 أرسله الحزب بمهمة حزبية إلى منطقة شكاك في كوردستان الشرقية. عام 1983 أصبح كادراً حزبياً ضمن الكوادر التابعة للجنة المحلية لمحافظة السليمانية، واستمر في إداء واجباته ومهامه بكل نشاط وحماس جنباً إلى جنب مع رفاقه وبالأخص الرفيق ماموستا صلاح حسن ( خالد ) عضو المكتب الحزبي في محلية السليمانية الذي استشهد هو الآخر في ظروف غامضة عند توجهه من مقر قاطع السليمانية وكركوك للحزب في قرية أستيل العليا إلى السليمانية من أجل قيادة تنظيمات الحزب في المحافظة، وعمل بايز في مناطق عديدة ومنها : شاربازير، جه مه ك وسبياره، دولي جافايه تي ، قره داغ، سورين وكه ره جال وكه رميان وغيرها. بعد عمليات الأنفال السيئة الصيت عام 1988 وفي إجتماع للكادر الحزبي المتقدم الذي إنعقد في قوبي قره داغ في نيسان من نفس العام، تمّ بحث إبقاء مفارز صغيرة في المناطق والقرى التي حولّها العدو المجرم إلى أرض محرمة من أجل إيجاد ركائز جديدة داخل المجمعات القسرية والمدن المنتشرة في المنطقة، وبينما كان الحديث يجري حول شكل المفارز ومهامها والصعوبات التي ستواجهها تقدمّ الرفيق بايز سيد باقي كالأسد ومجموعة من رفاقه البواسل وأبدوا رغبتهم بالبقاء في المنطقة للدفاع عن الشعب والوطن والحزب. نعم، أيّها الشهيد العظيم، جئت في خضم آلام الشعب والوطن وفتحت عينيك للحياة في عائلة شيوعية، أب شيوعي وأم شيوعية، وكنت فخوراً بهما وتردد دائماً وتقول : سعيد من يفتح عينيه للحياة ضمن عائلة شيوعية. نعم أيّها الشهيد بدأ مشواركم مبكراً في تعّلم ألفباء الحياة، ألفباء القومية، الوطن والحزب. انّ أسلوب التفكير والعمل عند الشهيد بايز سيد باقي والنظرة إلى الثقافة والتراث الثقافي والعادات والتقاليد الثورية كان في تقدم، ويتطور على مر الأيام، كان يدرس ماضي الحزب ويستلهم الدروس والعبر بروح شفافة وعيون ثاقبة، ويحاول الإستفادة من دروس وتجارب الماضي لكي يضيفها إلى الوضع الحديث والمستجدات والخروج بتحليلات واقعية ونتائج إيجابية تخدم العمل الخلاق لتطوير الحزب، والإستعداد للتضحية في سبيل الغايات السامية والدفاع عن الثوابت الوطنية والتقدمية لعموم الشعب التواق للحرية والخلاص من جحيم الدكتاتورية المتوحشة. امتاز الرفيق بايز سيد باقي بالجرأة والإنضباط الحزبي الصارم، والموقف الأصيل من العمل. وقد لعب دوراً بارزاً مع رفاقه في حركة الأنصار من خلال العمل الجدي والمثابر على حماية الحزب وكوادره من بطش الدكتاتورية الفاشية، وساهم بقسطه في إعادة بناء منظمات الحزب وتعزيزها، وفي توجه الحركة الجماهيرية ودعمها وإلهاب حماسها للنضال ضد السلطة الدكتاتورية. نعم أيّها الشهيد كان حلمكم الكبير سمو كلمة الشعب واستقلال الوطن، وكنتم دائماً في المقدمة للتضحية والفداء من أجل أفكار نظيفة لا شائبة فيها تخدم سمّوالانسان وتلّبي تطلعات وطموحات أبناء الوطن، واليوم يفتخر الشيوعيون وأصدقاؤهم بنضالكم الشاق والمرير من أجل وطن حر وشعب سعيد، يفتخرون بكم وبرفاق المفرزة الشيوعية الشهيدة التي تكونت من الرفاق: بايز سيد باقي ، حسين رحيم ( هه زار )، عبدالرحمن فرج سور ( لاله ) و عطا حمه صالح ( دلشاد ). لقد كنتم أربع نجمات مضيئة في سماء وارماوا وقره داغ وكه رميان، في سماء كوردستان، نعم أيّها الخالدون، انّنا نقف لكم ولكافة شهداء الحزب والحركة الوطنية العراقية والكوردستانية إجلالاً لمآثركم وتضحياتكم في سبيل الشعب والوطن، وانّ هاماتكم أعلى من أشجار السرو الباسقة. في نيسان 1988 وبعد أيام قلائل من فراقنا اغتالتكم أيادي جبانة من المنهزمين ومن أيتام النظام الدموي الذي سقط، وذهب رئيسه المجرم صدام حسين وأركانه المجرمين إلى مزبلة التاريخ، ولم يكتف المجرمون بما قاموا به من عمل شنيع بإغتيال تلك الكوكبة الجسورة، ونظراً لحقدهم الدفين قاموا بحرق جثث الشهداء. المجد والخلود لكم ولكل الشهداء الذين وقفوا ببسالة ضد الهجمات الهيستيرية الفاشية.
26/4/2005
|