حسناً فَعَلَ الجعفرى... ولكن!
محسن جوامير/ كاتب كوردستاني
قيل أنَّ جزءاً من اليمين الدستورية، والذى كان من المفروض أن تتضمنه عند اداءها، سقط سهواً، ورُوي ايضاً أن الامر قد دبِّر بليل اونهار!!. مهما يكن الامر، فاعادة قراءتها متضمنة روحها (الديمقراطية والفيدرالية) اعادت بعض الهدوءِ الى النفوس التى تتوق الى الالتزام بالعهود والمعاهدات مهما صغرت، وبالاحرى في المفردات الجوهرية التى تحمل فى طياتها معانى كبيرة... وعملية الاعادة هذه، تعنى ايضاً بانه ينبغي الضبط والالتزام الدقيق لاحقاً، بحيث تشوب النزاهة كل شأن من الشؤون، خاصةً من طرف ولاة الامور في تنظيم عملية سير البناء القانوني والتشريعي والدستوري، لجعلها فى حيز التنفيذ وتجنب العثرات والثغرات... حتى تبقى المصداقية، لأن هذه الحكومة وماتقوم به وما تنفذه هوعلى المحك، فاذا صلحت المقدمات صلحت النتائج. وقد لاتروق هذه العملية بعض النفوس التي قد تصعب عليها العودة عن الخطأ واقرار التصحيح، ويركب العناد رؤوسها دائماً،ولايمكنها الانفلات منه، لذا فهي لاتتردد في وصف هذه العملية بالتنازل الذى ماكان على الجعفري و حكومته أن يقدموا عليه!.. ولكنى ارى بأن هذا الموقف الجعفري _ ان لم يكن هومن الآمرين باسقاط تلك العبارة، كما اشيع _ وان بعض الظن اثم_ كان تحدياً حضارياً للمواقف العنيدة الصلبة والكبرياء المفطورة على التشدد، والتى لاتؤتي اكلها كل حين، خاصةً خلال التعامل مع القضايا التي تمس امراً مهماً بنظر جماهيرشعب كوردستان...وتراثنا الشرقي يزخر بامثلة حية في هذا الاتجاه وما الموقف العمري من قضية الصداق واعلانه: اصابت امرأة، وأخطأ عمر!..الا مثالاً على ذلك. اظن ان هذه الخطوة بالترافق مع ماتنجزه بغداد بالتوافق مع حكومة كوردستان... ستكون سابقةً لبناءِ جسور الثقةِ ورأب الصدع،حتى يخطط الكورد لبناء مستقبله بالصيغة التي يريدها... فالكورد يحسبون لكل كلمة حسابها، ولكل خطوة طولها وعرضها، ويتحسسون من كل امر... وذلك من شدة ماعانوه من النكث في العهود من قبل الحكام، ومن هول ماقاسوه من اساليب الخداع والدجل والمواعيد العسلية التى لم تكن سوى بالونات لكسب الوقت للانقضاض عليها. وهذه الخطوة تدعو الحكومة الى شد الاحزمة وتصفية النيات من الآن لتطبيق ماجاء فى قانون الدولة العراقي المؤقت، ومن ضمنه ـ خاصةً ـ المادة (58) حول عودة المهجرين والمطرودين من الكورد الى كركوك وبقية المناطق واعادة المستوطنين الغاصبين الى اماكنهم بالآلية الانسانية التى أتفق عليها، ليعود الحق الى نصابه، وعدم السماح للقوى الاقليمية اوالاطراف الداخلية التي في قلوبها مرض، من التدخل او محاولة افراغها من محتواها. اننى لست من الذين يحبون الاطراء او الاستعجال فى تقييم الامور واضفاء المدائح، ولكنى ما أن تناهى الى سمعى خبر اعادة اليمين الدستورية لتجبير الخلل وردم الفراغ الذى حصل، إلا وتبادر الى ذهني الرئيس السودانى الاسبق (سوارالذهب) الذي وعد شعبه ـ بعد انقلابه الابيض ـ بالتنحي عن الحكم بعد ستة اشهر، وفعل...ما نأى بجانبه وما اعرض اوتكبر. و بالرغم من أن الذي قام به الجعفري وزملاؤه_ كورداً و عرباً واخرين_ كان ترقيعاً وليس اختراعاً، فنقول لهم: احسنتم!... ولكن نخشى فيما اذا سقطت اليوم تلك العبارة سهواً، ان تسقط غداً العهود والاتفاقات بشأن كوردستان عمداً، ويتسع الخرق على الراقع ابدا.
|