مََن مع اسرائيل؟.. الكورد أم الاتراك؟
محسن جوامير/ كاتب كوردستاني ـ السويد

 

تذكرة للسيد فهمي الهويدي 

معروف عن فهمي الهويدي انه ذو موقف مناهض لأسرائيل... وبالتالي فمن حقه أن يتعرض وهو بهذه الصفة التي يحملها في وجدانه ـ ومنطلقاً من مبدأه الفكري وعقيدته ـ بالنقد والتصدي للمواقف التي تتخذها الاطراف التي تحاول بشكل أو بآخر كسب ود اسرائيل من خلال محاولات خلق حالة من الغزل، ناهيكم من علاقات دبلوماسية واتفاقات تجارية و سياحية و ثقافية أو مناورات مشتركة من خلال صفقات عسكرية او تحالفات استراتيجية.

ولكن الذي نراه في هذا الكاتب السياسي الغارق في التعرض لمثل  هذه المواقف بالانتقاد والتجريح والتهويل، يكاد يكون له شأن آخر يختلف تماماً مع تركيا، فيما يخص علاقتها باسرائيل والتي تكاد تبز كل العلاقات العربية والاسلامية قاطبةً.

الهويدي قبل وبعد زيارته الاخيرة لتركيا التي رُتبت باتقان من قبل الجبهة التركمانية الملفوظة حتى من طرف قومها، اقام الدنيا على الكورد ولم يقعدها، متهماً اياهم بالتورط في جلب الاسرائيليين وفتح ابواب كوردستان لهم، ليصولوا ويجولوا فيه حيثما شاؤوا، وفسح المجال امامهم على كافة الاصعدة، بدأَََ بشراء الاراضي والعقارات ومروراً باسكانهم وانتهاءاً ببناء مؤسسات اسرائيلية مختلفة ... وذلك حسب ما نُشر واُثير، لاسيما من قبل الاعلام والصحف التركية المعارضة، والتي اثارت بدورها حفيظة الرأي العام العربي والاسلامي.

نعم، هذا أدى بالهويدي أن يصب جام غضبه على المسؤولين الكورد من خلال نشر مقالات ـ وعلى التوالى ـ فى عدد من الصحف العربية، متهماً الدول العربية وموقفها وبالاحرى جامعتها بالتقاعس عن عدم اتخاذ موقف جدي تجاه هذا التورط الكوردي لصالح اسرائيل، ومادحاً فى الوقت نفسه الدور التركى المنفرد فى كشفه ومحاولة التصدي له، ومؤكداً على كون الدولة التركية اكثر جدية وشطارة من الدول العربية التى وقفت ساكتة تجاه الكورد الذين جعلوا انفسهم مطية لتحقيق الحلم الاسرائيلى !!

المثير للانتباه والدهشة، وكذلك للريبة، هو ان الهويدي ـ ولأمرما ـ يغض الطرف تماماً عن التأريخ التركى وموقفه من اسرائيل. ففضلاً عن كون تركيا من اوائل الدول الاسلامية التي اعترفت باسرائيل، فانها تشكل اليوم اكبر دولة اسلامية تقيم علاقات تجارية وثقافية وسياسية وعسكرية و استراتيجية مع اسرائيل.

 فهنا بيت القصيد الذى يجعل المراقب السياسي يشك فى امر الكتابات التى يطرحها فهمى الهويدي لاسواق الصحافة العربية، والتى تكاد تؤكد بوجود صفقة ما بين تركيا وما يكتبه قلم الهويدي السياسي، والذي يكيل بمكيالين و بشكل فاضح.

ففى الزيارة الاخيرة لوزير خارجية تركيا عبدالله كول ـ المسلم الملتزم! ـ الى اسرائيل، اشاد الاخير بعلاقات بلاده مع اسرائيل، واكد حرص تركيا على بذل قصارى جهدها لتحقيق السلام فى الشرق الاوسط ... حيث قال فى مؤتمر صحفي عقده فى القدس لازالة الفتور الذى شاب العلاقات بين البلدين: إن حجم التجارة بين البلدين ارتفع الى الفى مليون دولار، كما بلغ عدد السياح الاسرائيليين الذين زاروا تركيا  العام الماضي نحو  300000 الف سائح اسرائيلي، الامر الذي يجعل تركيا اهم وجهة سياحية للاسرائيليين بعد الولايات المتحدة ... (هذا الخبر نشر في موقع ايلاف 20050105)...

والغريب أن الهويدي بعد زيارته الآخيرة واجراءه مقابلات مع بعض المسؤولين الكبار في الدولة التركية و منهم وزير الخارجية، نأى بنفسه أن يطرح سؤالاً عما إذا كان هناك دور لتركيا في تسهيل المهمة في المنطقة و بالاحرى لكون المسؤولين لهم توجهات اسلامية يُفترض أن تختلف ـ من حيث المبدأ ـ من اسرائيل ... ولكن نجد أن الامر كان على عكس ذلك تماماً لدى الهويدي، فبدلاً من أن يسأله ـ بشئ من الاستغراب ـ عن مغزى زيارته لاسرائيل، سأله بالنص: قمتَ بزيارة اسرائيل في الوقت الذي تنشط فيه اسرائيل في شمال العراق، هل عبرتم عن القلق ازاء ذلك؟ (مقالة: تركيا في عين الاعصار... المنشورة في الشرق الاوسط ...).

نعم هكذا يتحاور الهويدي مع الوزير التركي الزائر لاسرائيل، وهكذا ينتقد الكورد ويرمي بسهام كلماته عليهم لانهم ـ وحسب ادعاءه ـ فتحوا ابواب كوردستان امام الاسرائليين ... في حين أن مدخل العبور لكوردستان و العراق سواء للاسرائليين ام للاخرين، يجب أن يكون من خلال تركيا ... إن هذا الموقف الهويدى لاينطبق عليه سوى المثل الكوردي: سطح وهواءان ... اي أن الرجل حلّ على الاتراك ما حرمه على الكورد ... و ياحبذا لو توقف الامر عند هذه المحطة، ولم يتعد الى امتداح تركيا لموقفها العدائي تجاه شعب كوردستان...

يا ترى كيف يقيّم الهويدي هذه المرة زيارة اردوغان لاسرائيل وكيف يحللها .؟. اردوغان الذي بسبب اشعاره الحماسية الاسلامية التي كادت تأتي بنيان الكمالية من القواعد، قبع عدة سنوات في السجن التركي... هل سيجعل الكورد ايضاً شماعةً ليعلق عليها نجاسات زيارة اردوغان لاسرائيل؟

وكيف سيُقيم ما أعلنه اردوغان وشارون من انهما سينشئان خطاً مباشرا شبيها بذلك الذي يصل شارون بالبيت الابيض والكرملين وداوتنغ ستريت والمفوضية  الاوروبية؟ ... هذا عدا الاتفاقيات الاقتصادية والعسكرية التي ابرمت بين البلدين ... ناهيكم عن زيارة ثلاثة من اليهود البارزين ـ عن طريق تركيا ـ للعراق قريباً ذلك من اجل تقصي الحقائق عن اليهود الباقين في العراق، لتمهيد الطريق امام زيارة وفد عال المستوى... كما ذكرذلك راديو سوا؟

وحسبنا هنا أن نقول أن كياسة و لباقة وشفافية اردوغان لدى المحفل السياسي الاسرائيلي، جعلت من شمعون بيريز يقول: لو كنت مسلماً لجعلتُ اردوغان لى نموذجا!ً

من حقنا أن نتساءل كم سيكون نصيب الكورد من الكعكة او البقلاوة الاسرائيلية التركية؟ وهل سيسمح اردوغان ـ التقي ـ للكورد بتناول قطعة من تلك الحلويات، ام ستقتصر الدعوة فقط على الهويدي و الجبهة التركمانية؟

فيا ترى ماذا يقول الهويدي للكورد الذين احبوه وقدروه ؟... هل يقول لهم أن الفتوى تتغير بتغير الزمان والمكان، ام سيكون كالشعراء الذين هم (...في كل واد يهيمون)؟

mohsinjwamir@hotmail.com