قادة الشيعة ومسلسل الاخطاءوالتراجعات
جلال الجباري

 

      هناك مقولة اسلامية مشهورة تقول (لا  تكفر بالله العظيم ولا تتعوذ من الشيطان الرجيم).        

والغريب هذه الايام ان قادة الشيعة  من  الاسلاميين هم اكثر من تخطأ واكثر من تتراجع عن اخطائها ومن ثم تأتي وتطلب السماح وتدعي ان الامر لم يكن الا سهوا أو سوء فهم!!! والأغرب ان هذا المسلسل من الاخطاء منحصر فقط  في حقوق الكورد واقدس مقدساته.

والسؤال هنا...ما السر وراء كل هذه الاخطاء....هل  هو الجهل السياسي وعدم النضوج الفكري...هل هو عدم الشعور بالمسؤولية والارتجال في المواقف....ام الامر يتعدى هذا وذاك الى النية الحقيقية السوداء في اجندة هؤلاء تجاه الكورد ومجمل حقوقه القومية وعلى رأسها الفيدرالية و قضية كركوك المقدسة....                           

التجربة السياسية المريرة لشعبنا الكوردي علمتنا ان لا ننخدع بالكلمات الرنانة والجمل الطنانة والنوايا الطيبة والوعود البراقة ....فقد دفعنا غاليا وغاليا جدا ثمن الثقة بالآخرين, فمنذ تأسيس الدولة العراقية  بل وقبلها ايضا ولغاية يومنا هذا....اصبح  نكث الوعود وخيانة العهود والمواثيق , السمة البارزة  لكل من حكم كوردستان  او شاءت الاقدار ان يكون مصير شعبها بيده... عربيا كان ام تركيا ام فارسيا ام بريطانيا ام فرنسيا ....ولعل احد اسباب عدم تأسيس كيان سياسي كوردي  منذ قرون ولحد الآن كان تصديق كل ما كان يقوله اعداء الكورد او اللذين استحوذوا على كوردستان ,من وعود معسولة زائفة وكلام منمق مزوق.... ولذا فلا  مكان في مخيلة الكوردي منذ الآن لمثل هذه المحاولات ولن نفسر و نؤول اي موقف سياسي وغير سياسي الا بنتائجها  المباشرة والملموسة  وبافعال حقيقية في الميدان الواقعي, وليس بكلمات تعبيرية وانشائية وعاطفية حول المفاهيم العامة عن الاخوة والوطن الواحد او الدين الواحد الى غيره من المصطلحات التي تشوهت معانيها لدينا من كثرة تكرارها المج.                            

 

ومن هذا المنطلق نفسر التصريحات المغرضة التي باتت تصدر من هذا السياسي وغير السياسي الشيعي حول حقوق الكورد وفيدراليتهم واقدس مقدساتهم  قضية كركوك.

 

في صراعنا لنيل كامل حقوقنا ضمن عراق فيدرالي وديمقراطي وفي خضم الصراع المرير في عراق اليوم بين القوى التي تنشد المستقبل الوضاء للعرقيين وبينها وبين قوى الارهاب من جهة وقوى التخلف من جهة اخرى... نقف نحن الكورد في طليعة قوى التغير نحو المجتمع المتحضر المجتمع الذي يؤمن بحقوق الانسان وفق المقاييس الدولية والمتطورة بعيدا عن وصاية اي قومية او دين او مذهب .. بعيدا عن قوالب جامدة أكل عليها الدهر وشرب, بعيدا عن املاءات دول الجوار وغير دول الجوار التي تدرك ان اقامة نظام ديمقراطي فيدرالي يشكل خطرا مباشرا عليها وعلى سياساتها التعسفية ضد شعوبها المظلومة  ولذا لا نستغرب هذا التكالب والعداء وان جاءت بصيغ ماكرة  وخبيثة مستمدة من اجندة من هم قابعون  وراء الحدود, بل ولا نستبعد حتى تحالف كل قوى الشرو التخلف بشقيه السني والشيعي ضد تطلعاتنا المشروعة  والديمقراطية لبناء عراق ديمقراطي وفيدرالي, ونحن ندرك جيدا  من هم اعداء الديمقراطية  في العراق ودول الجوار ومن هم اعداء الفيدرالية الكوردستانية , ثم ان الذي ندركه جيدا نحن الكورد ان محاولات التنكر لحقوق الكورد وثوابته القومية تستهدف ايضا الهاء القيادة بمعارك دستورية جانبية لثنيها عن التمسك بتوجهاتها العلمانية والحضارية  ومحاولة ابتزازها او لوي ذراعها.

 

 فاذا كانت العروبية الشوفينية قد جربت حظها مع جبال كوردستان  وشعبها الابي ووصلت الى ما وصلت اليها الآن, فهل ان قوى الاسلام السياسي بشقيه السني والشيعي  ايضا تريد بدورها ان تجرب حظها العاثر, ام ان لديها بقية من الذكاء والفطنة حتى تتعظ وتتفادى مصير الطاغية صدام او المصير المنتظر لكل الانظمة التي هي على شاكلته في المنطقة, المعممة منها او الغير معممة.

فاذا هنالك من لايدرك أو لايريد ان يدرك ما تحوي الاجندة السياسية للاسلام الشيعي من مخاطر على مستقبل العملية الديمقراطية وحقوق العراقيين افرادا و جماعات فاننا ككورد على اطلاع واسع بما يعانيه اخوتنا  الكورد في ايران وبقية الشعوب الايرانية الغير فارسية والغير شيعية  من مظالم ,ولذا لا يمكن ان نسمح بتكرار تلك التجربة في العراق حتى لو تمت على ايدي من كانوا رفاق الامس او شركاءنا في المقابر الجماعية.                     

 ان نسيان ادراج الفيدرالية في قسم حكومة الجعفري وافتاء المعمم الصغير (الحكيم جدا) حول الفيدرالية وتجاهل الخبير في الذرة وحقوق الشعوب الشرستاني وخلو (برنامجهاي) الجعفري من التطرق الى مشكلة كركوك.....  كل هذه لا يمكن ان تمر من مخيلتنا دون تحليل وتمحيص وتدقيق ..بل وشك مشروع في النوايا والتوجهات فنحن الكورد بتنا لا نتخوف فقط من الجمل و الكلمات المبهة فحسب بل ونتحسب للضمة والشدة كماا يقال , وهم وان كانوا قد ابدوا تراجعا عن اخطاءهم واعترفوا بها بعد حين , فاذا سلمنا بان الاعتراف بالخطأ فضيلة فان تكرار الاخطاء ستصبح بلا شك فضيحة , بل وفضيحة كبيرة لم يكن من المفروض ان يرتكبها من شاءت الايام والاقدار ان يتبؤوا مناصب مهمة في دولة العراق والتي اوصلتهم صناديق الاقتراع الى اروقة البرلمان العراقي.

 

ان الفيدرالية القومية الجغرافية الكوردستانية ليس مطلبا  جماهيريا كورديا فحسب بل انه قدر الكورد ومصيرهم , فالشيعة احرار ان يختاروا النظام السياسي الذي يرتأؤن في مناطقهم , وعلى جماهير الشيعة انفسهم ان يحكموا عليها او يتلضوا بمضالمها كما هو حال الايرانيين المساكين اللذين ابتلوا بابشع نظام كهنوتي قرووسطي, ولكننا في كوردستان اخترنا نظامنا الفيدرالي  واخترنا خيرة قادتنا ووحدنا صفوف شعبنا ويوما بعد نقدم نموذجا رائدا للديمقراطية وحقوق الانسان  والتواصل مع البشرية في افاقها الرحبة والمتطورة.