(العيّاش) علی وزن صالح مهدي (عمّاش)
عندما يبتغي الطغاة ان يعيشوا متجبرين ، فانهم يقتلون و يسحلون ويعلقون مناوئيهم علي اعواد المشانق ... وعندما تريد الشعوب ان تنتصر ، فانها تکافح و تصبر علی آلامها وجروحها ... عندما يبتغي ابناء قابيل ان يتمتعوا کبهيمة الأنعام، فلا تروقهم الا الدماء ولا تقر عيونهم الا برؤية الاشلاء... وعندما يريد ابناء هابيل کرامتهم ، فانهم يدعون إلی السلم ولا يعتدون ... عندما يظلم الظلمة فان الامل يلههم بلذاتهم الفانية، ولکن لا يفلتون ويخسرون مهما طال الأمد... وعندما يدفع المظلمون شر الطغيان فانهم يضحون بدمائهم ويتحملون، و بالتالي ينتصرون مهما بعدت الشقة !!
لا زلت اذکر جحيم اتفاقية الجزائر عام 1975 بين صدام وشاه ايران وبومدين ـ وبموافقة الأمريکان، عندما انهارت الثورة الکوردية العظمی بحجمها و انتصاراتها ، و باعتراف صدام نفسه يومئذ ... ولا يمکنني أن انسی أبدا تلک الايام الحالکة التي کنت أری فيها البعثيين في مدينتي هـه وليرعندما کانوا من الکورد يضحکون" وإذا مروا بهم يتغامزون وإذا انقلبوا إلى أهلهم إنقلبوا فکهين " وهم يسألون العائدين استهزاء وشماتة عن مصير الزعيم الراحل مصطفی البارزاني(هاااا....وين راح الملا ؟!) والکورد لا حول لهـم ولا قوة الا بالله العلي العظيم... ولا زلت أذکر أفواج موظفي کورد کرکوک وخانقين ومئات العوائل يساقون إلی ههولير بذل وهوان، وکأن القدر قد کتب علی جبينهم ليکونوا عبيدين إلی " يوم لا ينفع مال ولا بنون " ...! وکأن علی نفسها جنت براقش...! ولا زلت أذکر صوت السيارات في ليالي کوردستان القارسة والقارصة وهي تحمل العوائل من الجبال والوديان الکوردستانية إلی أماکن مجهولة لا يعلم بها حتی سائقوها... ومازلت أذکر أنه قد أتانا مدير جديد من الحلة وهو بعثي واسمه عليوي، وإن أول ما قام به هو أن أعاد الکتب المدرسية الکوردية، وأتی بالمنهج العربي، والطلاب الأبرياء يضربون الأخماس بالأسداس، وهم لا يفهمون منه شيئا... ولا زلت أذکر بأن آخرما کان المرء الشجاع يلتجئ إليه لکی ينأی بنفسه عن الإنخراط في صفوف البعث وغضبه هو أن يتحجج بمقولة الرئيس القائد (الإنسان الجيد هو البعثي الجيد)... رحم الله من قال " متی استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا...!"
وراحت الايام والأعوام، وذهب الشاه بعد ان ضاقت عليه الارض بما رحبت ومات بومدين موتة إغماء... ولم يعتبر الطاغية وتجبر، وجعل من نفسه إلها يعبد من دون الله، وذلت له رؤوس الرؤساء وأعناق الملوک، حتی تيقن أنه هو يحيي ويميت، وهو علی کل شي قدير ... فرش حلبجة بما رش من الغازات السامة، وحول المدينة في ساعات جد قلائل الي قلاع للاشباح بفعل الطامة الکبری، ماتت فيها بسمة الطفل وضحکات العرس والافراح... وازداد الطاغية ظنا بان يد العدالة لن تطاله لانه الوحيد الاوحد ، ولا رب سواه...!... وأنا أکتب هذه الکلمات والخيال ياخذني إلی الطيارين الذين اقترفوا هذه الجريمة، هل يضحکون ولا يتذکرون ؟ وهل هم مازالوا مع أزواجهم ينامون ويعشقون؟ کيف ؟ لست أدري !
وبدأ بالانفال ... وما أدراک ما الانفال ؟!!.. جريمة بشعة باسم سورة مقدسة نزلت من السماء لدفع الظلم عن المظلومين، ولکن کعادة المجرمين والطغاة في کل الأزمنة والأوقات في تسمية جرائمهم بأسماء براقة ومقدسات، لتدنيس إسم المبادئ والسوروالآيات... فاختاروه عنوانا لابادة الجنس الکوردي عن بکرة ابيه حتي لا تقوم لهم قائمة ، وتبقی بلاد کوردستان عن الثورة نائمة، ويهنأ قائد الضرورة بحياة ناعمة!!... وکأن ما آل إليه مصير فرعون وستالين وچاوچيسکو وسلوڤان وآخرين تتعب بذکرهم الذاکرة وتطول بهم القائمة، لن يصل إليه لأنه فوق التأريخ والجغرافية، لا... بل هو خالقهما وباريهما ... ولا يحيطون بشئ مما إقترفه هو وحاشيته ومن والاه ، فالضحايا في القبور وقطيع البشرالراجف فرائصه بفعل الرعب المستشری في کل زاوية وبيت، يخفي ما في الصدور ولا ينبس ببنت شفة عما حوله يدور!!... غدر لا عين رأته ولا أذن سمعته ولا خطر على قلب بشر ! ... والأنکى من کل هذا وذاك ، ياتينا اليوم المعمم العراقي محمد (عيّاش) الکبيسي المقيم في قطر ليذکرنا بفتاويه التي تحاول بها تبرئة ذمة الطاغية، جرائم صالح مهدی (عمّاش) في فترة الحرس القومي ضد العراقيين و الکوردستانيين الشرفاء، والذي کان في طليعة من نقلوا جرثومة البعث والشوفينية حتی تعششت في أفکار ذوی العاهات وتوالت الويلات وسالت الدماء، وجيئ بشذاذ الآفاق إلی کرکوک وباقي أراضي الکورد لإستباحة الحرمات ، منادين ـ إحنا البدو وين العدو ؟ ـ
ما ذکر فيما مر کان قطرة من أبحر جرائم يندی لها جبين من يملک قطرة من الحياء ، ناهيکم عن الحياء بمجمله... وهو خاص بکوردستان وليس بما جری لشعب الاهوار وانهاره، فلهؤلاء المساکين ـ کما للکورد ـ حکايات قد تطول روايتها إلی أکثرمن ألف ليلات، بعد أن تحولت بلادهم إلی نفايات ... ولا يعبر بالضرورة کذلك عن جبال الهموم التي يحملها قلب کل إنسان شريف جراء حماقات مجرم لازال يقدّس ويقدّر لدی أمثاله من بدو ومن حضر!! ولکن لا جرم إنهم کسيدهم خاسرون ،وفق أجل معلوم...
وجاء قدر الشعب الکوردی في هذا الجزء من کوردستان والشعب العراقي ليقول کفى ظلما واستهتارا !!.. کفى تيتيم الأطفال وسبي النساء وقتل الرجال ووأد الکرامة الإنسانية التي طالما تميز بها شعب کوردستان والعراق!!...ولبت السماء آهات الحياری، وجاء قدر رؤوس الطغيان کافة... ليدخلوا في السجن کافة، فلا تری لهم في الحکم والعنتريات والسيارات الفارهات والصروح والقصور الشامخات من باقية ، وهم في نقمة وأمراض ينقلبون" کأنهم أعجاز نخل خاوية"... ولسان حالهم و مقالهم يقول ما أدري ما حسابيه و" ياليتها کانت قاضية !"... وکل جبار منهم يود لو يمحی ما في سجله من جرائم ، ولکن لا طاقة له ولا قلم ، فهي مسجلة في کتاب مرقوم و معلوم والشهود باقون والشواهد باقية ، ولن يمر أسبوع إلا وتحکي مقبرة جماعية قصتها وبؤسها ... وذاق المجرمون عذاب الخلد في سجن الدنيا قبل يوم " لا يؤذن لهم فيعتذرون " .
أجل ! ... إن من يريد أن يعرف الظلم ويتعرف عليه لينال شهادة الماجستير أو الدکتوراه الفخرية وغيرها او جائزة نوبل ، فليقرأ تأريخ الکورد وکوردستان... ومن يريد أن يعرف جرائم أبناء قابيل ، فليزر حلبجة وأهلها وليستمع إلی نساء وابناء وآباء وأمهات وأقرباء و قريبات من أنفلوا في کوردستان... وکذلك فليزر أهل المقابر الجماعية في جنوب العراق ليعلم ويميز صدق الحقائق من الفتاوی والکتابات المريبة للمعمم (عيّاش) الساکن في قطر والذي کشبيهه (هارون) لا يألو جهدا في إضفاء الشکوك علی جرائم النظام المباد.
إن دعوة عياش للکورد للعودة إلی سابق تأريخهم ، هي دعوة إلى محرقة عروبيين ، وبالتالي هي طرق علی حديد بارد...أما دعوتهم إلی الإسلام، ليطمئن السيد (عيّاش) بأن غالبية الکورد مسلمون ولکن ليس تحت تاج العروبة، وإنما تحت تاج "لا فضل لعربي علی أعجمي إلا بالتقوى..." و " ومن آياته خلق السماوات والأرض وإختلاف ألسنتکم وألوانکم"... وإن هناک أحزابا إسلامية في کوردستان لا مثيل لها في أية دولة في المنطقة، وهي بجانب دعوتها إلی الفضيلة، تدعو نهارا جهارا إلی العمل من أجل حق تقرير مصير کوردستان ...وأصبحت ألأحکام (الظنية الدلالة) في عرف کوردستان ـ من يوم التحرير1992 ـ مفصلة وفق خصائص الزمان والمکان وليست علی مقاسات الآخرين في البلدان لأخری، وذلك إتباعا لأقوال جمهور العلماء (تتغير الأحکام بتغير الزمان المکان)...واعتمادا على أول وثيقة تأريخية إسلامية وهي أن الصحابة الکرام والمسلمين الأوائل ـ لا العرب ولا الأتراک ألأواخرـ عندما أتوا إلی کوردستان وبلغوا الرسالة وأدوا الأمانة، ترکوا البلاد لأهلها، لم يستوطنوا ولم يعربوا کرکوک ولم يستقدموا بني جلدتهم إلی ماوراء جبل حمرين ولم يقولوا للکورد الأحاديث المزورة والملفقة المنسوبة إلی رسول الإنسانية ـ صلی الله عليه وسلم ـ زورا وبهتانا، والتي ما زال الکثير من أصحاب (عيّاش) و(عمّاش) يرددونها بل يفلسفونها خدمة لأغراضهم و مطامعهم الدنيوية... مثل " من تکلم بالعربية فهو عربي " و" أحب العرب لثلاث، لأني عربي ، والقرآن عربي ، ولسان أهل الجنة عربي " و" من يحسن أن يتکلم بالعربية فلا يتکلم بالعجمية، فانه يورث النفاق "... مع العلم أن علماء الحديث من العرب وليس العجم ، عدّوها من الموضوعات والمفتريات سندا ومعنی.
ولو قرأتم کتب وترهات وخزعبلات عفلق لملئتم من هذه الأباطيل رعبا... والأسوأ من ذلک أن بعض النفوس التي استيقنتها جهلا أو کبرياء ، دعت الذين يتکلمون بغير العربية إلی معالجة أنفسهم وإصلاحها، لأن فيهم علائم النفاق وعلة الشقاق، وذلك بأن يعودوا عربا في لسانهم وتفکيرهم وأخلاقهم...! تبّا لتلک الطروحات الهوجاء التي تخالف أبسط قواعد الاسلام...!... نقول لهؤلاء، ثبّتوا العرش ثم انقشوا !... وأصلحوا حالکم البئيس أولا، ثم اطلبوا من الآخرين ذلک!
أقول للسيد محمد عيّاش الکبيسي ... إن دين الکورد بکل خير، وإسلامهم بکل عافية منذ اليوم الذي غاب عنه ذلک العجل المجسّد الذي قذف الرعب في کل قلب، ونشر الفساد في البر والبحر، وان اللباس الذي تريدون تفصيله اليوم عليه بمقالاتکم ليواري سوآته في حلبجة وفي کرکوک وما سمي زورا وبهتانا بالأنفال ، وکذلک في الجنوب بما في ذلك الأنهار والأهوار، بل وفي کل بقعة وصلت إليه أنياب هذا الوحش في صورة إنسان... أجل ! ما هذا إلا مکر سيئ " ولا يحيق المکر السئ إلا باهله "...m
mohsinjwamir@hotmail.com
|