مغزی
هبة طلبة کوردستان ضد التواجد العسکري الترکي؟
محسن جواميرـ کاتب کوردستاني

   

في عددها الصادر بتاريخ 6/7/2005 نشرت صحيفة (ئه‌ڤرۆ ـ اليوم) التي تصدر في مدينة دهوک بجنوب کردستان  الفيدرالي خبرا مفاده ان الطلبة والشباب الکورد سيقومون بحملة احتجاجية سلمية ضد التواجد العسکري الترکي منذ سنوات في بعض مناطق کوردستان و يحلم باحتلالها ضمن مسار تدريجي لتحقيق ادعاء قديم... وتکون هذه الحملة علی مرحلتين، الاولی بتقديم مذکرة احتجاج موقعة من قبل 40 الف شاب وتقديمها الی الجهات المعنية، والمرحلة الثانية بتنظيم اعتصام سلمي بالقرب من القواعد العسکرية الترکية التي تتواجد في مناطق ئاميدي، باطوفا وکاني ماسي ، رافعين العلم الکوردستاني!

ان هذا الاقدام من لدن الشباب الکوردستاني، ان دل علی شئ فانما يدل علی مدی وعيهم وادراکهم لما تدور حولهم من احداث، وکذلک قراءتهم الصحيحة والواقعية لاهداف ومطامع الترک في کوردستان الغنية بکل شئ وکذلک العراق، واطلاعهم علی تاريخ العسکر الترکی من خلال تعامله القاسي القديم الجديد في قمع الحرکات والانتفاضات الکوردية بدا بانتفاضة الشيخ سعيد1925 وانتهاء بما لم ينته  بعد، ونياته في القضاء علی التجربة الکوردية الديمقراطية في جنوب بلادهم خاصة، لتخوفه من انتقال عدواها الی شعب کوردستانها الذي يعاني الامرين من السياسة العنصرية التي طالت الحجر والبشر هناک منذ اکثر من ثمانين عاما..

ان ذاکرة التاريخ الکوردي لم ولن تنسی الحملات الشرسة من طرف العسکر الترکي من تخريب وقتل وتشريد ودمار تجاوز التصور البشري في تصوره للظلم والتعدي و استصغار شان الانسان في حين خلق الانسان معززا مکرما " وکرمنا بني آدم "...  ان من يقرا التاريخ الترکي بعد تاسيس الجمهورية الترکية، والتعامل الوحشي المنطلق من العقيدة الکمالية التي تؤمن فقط بوحدانية الترک العنصرية في الکرامة والتمتع بالکبرياء والتعالي علی کل الامم وخاصة الکورد، والنظرة الدونية اليهم، يدرک مدی حجم الذل والهوان الذي عانا‌ه الکورد وعايشه ومازال في ظل هذه الفکرة الاستعلائية التي لن تجد مثيلها في تاريخنا المعاصر علی سطح المعمورة...والانکی من هذا ان يفلسف هذه التصورات في مزبلة العنصرالاوحد الذي لا يوجد اصلا، والخشية والرجفة من تقسيم الوطن الی اقوام وهي موجودة اصلا، او الی لغات وهي مختلفة فعلا او الی عادات وهي متباينة حقا...ا

ان من يطلع علی ما اقترفه العسکرالترکي الذي يشرف حتی علی التوجه المدني للدولة الترکية ضد شعب کوردستان، والذي هو رقيب علی کل نداء نحو حل سلمي للقضية الکوردية في ترکيا، يدرک مدی خطورة تواجده في اية بقعة من بلاد الکورد، لانه جيش عقائدي ذو خلفية معادية( ابن الديب ما يترباش) ويقف بالمرصاد لکل ما هو کوردي.انه وقف ومازال يقف عائقا امام کل نداء سلمي لحل القضية الکوردية حلا سلميا عادلا في عصر تجاوزت البشرية الکثير من المفاهيم الحمقاء...

ان بعض اولئک الذين باعوا انفسهم عقيدة وسلوکا وموقفا للفکرة الکمالية امثال الجبهة الترکمانية  التي کل جهودها منصبة لخلق ارضية مساعدة للتدخل الترکي بدفع من جهات ترکية غائرة في عدائها للکورد، يريدون ان يمنوا علی الکورد فضل ترکيا عليهم في ايواءها لهم ايام المحنة خاصة بعد الانتفاضة 1991، ومساعدتها لهم للعبورعبرها الی اوروبا من بعد ـ مقابل 500 دولارکرشوة للجبهة کضريبة دخول الی ترکيا؟!...ولکن عليهم ان يعلموا ـ کما يعلمون ـ انه لولا الضغط الدولی الشديد علی ترکيا ووقوعها تحت طائلة التسليم للامر الواقع ودور المنظمات الانسانية المشرف في دفع ترکيا واجبارها، لما رحبت ترکيا بالکورد...والعالم کله‌ شاهد بعد ذلک من علی شاشات التلفزة کيف کانت وجوه النساء الکورديات الطاهرات و بطون الحوامل تتلقی ضربات (پوسطال ) الجندرمة الترکية علی حدود کوردستان وترکيا في يوم اوشک ان يصبح الولدان شيبا..! ناهيکم عن المخيمات المطوقة من قبل الجندرمة والاهانات التي کان اللاجئون الکورد يتلقونها والتي لا تصلح الا ان تکون مادة ثرة للکاتب يشارکمال ليکتب بها رواياته ، وقضايا دسمة للکاتب الاجتماعي الترکي اسماعيل بيشکچي الذي قضی اکثرمن 17 عاما من شبابه في السجن لدفاعه عن الکورد بکشف جرائم ترکيا، ليجعلها عينات لابحاثه... ولعل هؤلاء الشباب المسالمين الذين يريدون اليوم تنظيم احتجاج لازالة التواجد الترکي في کوردستان،  مازالت ذاکرتهم الطفولية تحتفظ في البومها بتلک الصور القاتمة والمشاهد الماساوية المؤلمة مما تحفزهم علی الاقدام علی هذا الاجراء الحضاری.

ان الشعب الذي هب عندما سمع بمجيئ قوات عسکرية ترکية بعد زوال الطاغية والصنم ، وانتفض، ثم انتصرفي افشال المحاولة بتظاهرات عمت ارجاء کوردستان...ثم افلح في دفع القوات التي کانت قابعة في بعض مدن کوردستان والتي تحولت الی اوکار تجسسية عن طريق عرابها الجبهة الترکمانية، الی مغادرة کوردستان... لقادر بعزيمة شباب دهوک الذين طال عليهم امد مشاهدة العسکر الترکي في بلدهم وهو يستعرض عضلاته، ان ينتصر، ويفهم الذين قد يفکرون في جعل العسکر الترکي ضمن قوات متعددة الجنسيات ايضا، ان لا مساومة علی هذه القضية حتی مستقبلا،... لان کوردستان اليوم يجب ان يکون بلد السلام والقلم والکتاب والحاسوب والرای والراي الاخر والاحزاب والصراع الحضاري وبناء المعاهد والجامعات والمصحات والمستشفيات والسياحة والاستجمام، لا ارض العسکر والدبابات والمدرعات والمزنجرات والهليکوپترات الاجنبية والصراعات التي لا تاتي الا بالشؤم ولاتصيب الفکر المتزن الا بالعقم ولا تشم منها الا رائحة الدماء والکراهية و العداء غير المبرر بين الشعوب والذي عانا‌ه الکورد في جنوب وطنه وقد تحرر الی حد ما من ربقته... فطوبی لشباب دهوک هبتهم الهادئة وجنوحهم الی الاسلوب السلمي في مطالبة الجيش الترکي بمغادرة کوردستان بسلام...!

 

mohsinjwamir@hotmail.com