فيما تردّد بقايا البعثيين والقومجيين كلمة الشمال تهدّد تركيا الكمالية بإجتياح
كوردستان
أحمد رجب
ممّا لا شكّ فيه انّ الظروف والأجواء المشحونة بالحذر داخل الجمعية الوطنية العراقية تؤثر سلباً على كتابة " الدستور " العراقي وتحاول الأطراف والكتل السياسية وضع بصماتها عليه وتتدخل أمريكا وبريطانيا بتشديد الضغوط على أصحاب القرار بحجة التوافق والوصول إلى تسوية ترضي الجميع. ومن البديهي انّ تدور الأحاديث حول النقاط المهمة في الدستور المرتقب كعلاقة الدين بالدولة، وقضايا المرأة ومحاولة فرض العادات والتقاليد البالية عليها وضرب المكاسب الديموقراطية التي حصلت عليها عبر نضال شاق وعسير، كما تدور الأحاديث عن مسألة الفيدرالية وتوزيع الثروات بين الحكومة الإتحادية والاقليم ومبدأ حق تقرير المصير للكورد في حال حصول إنتهاك مسألة ما من المسائل الرئيسية العالقة في مسودة الدستور. لا بدّ من تسليط الضوء على جزء من التاريخ المشرق للشعب الكوردي، فالكورد كانوا دائماً في مقدمة النضال من أجل حرية الشعب واستقلاله، وقد دفعوا ثمناً باهظاً من دماء أبنائهم الذين خاضوا سلسلة من الثورات والإنتفاضات، وعانوا كثيراً من القمع والإضطهاد، وكان نضالهم هذا يحظى دائماً بعطف القوى الديموقراطية في العراق وفي مقدمتها الشيوعيون الذين كانوا أول قوة سياسية تعترف بحق الكورد في تقرير المصير. ان حكام العراق الدكتاتوريين إضطرّوا تحت ضغط الثورة الكوردية الباسلة بقيادة القائد الخالد مصطفى بارزاني، ومعارك البيشمه ركة الأبطال للحزب الديموقراطي الكوردستاني والإتحاد الوطني الكوردستاني والحزب الشيوعي العراقي والأحزاب الكوردستانية العلمانية إلى الإعتراف بحق الشعب الكوردي في العراق في الحكم الذاتي، ولكن السلطات الدموية في التطبيق أفرغته هو ومؤسساته التشريعية والتنفيذية من كل مضمون ديموقراطي، وتحت ذرائع مصطنعة وجملة من الشعارات الديماغوجية أقدم هؤلاء الحكام المتعطشين لدماء الكورد إلى إضطهادهم من جديد، وعملوا على تغيير الوضع الديموغرافي في كوردستان، وتمّ نقل عدد كبير من الكورد وخاصةً من المناطق الغنية بالنفط مثل كركوك وخانقين وفق مخطط قذر ومدروس من قبل البعثيين والقومجيين العرب الساقطين إلى المناطق الصحراوية في جنوب البلاد كالرميلة ونجران عمر ومناطق أخرى من البصرة، وفي الوقت نفسه جرى تعريب السكان في مناطق كوردستان ولا سيّما في الشيخان ومخمور وكركوك وخانقين وغيرها، وجلبوا العرب ليحلوا محل الكورد ضمن سياسة التعريب الشوفينية وسياسة التهجير القسرية. وحاولت السلطات الدكتاتورية الدموية عن طريق القوة والإكراه وشراء الذمم كسب ولاء الكورد لحزبهم الفاشي، حزب البعث الساقط، ولكن هذا لم يتم لها، بل وبالعكس فانّ وتيرة إرهابها وتصعيدها للأعمال الوحشية بعد إتفاقية الجزائر المشؤومة الموقعة من الشاه المقبور و " باني مجد الأمة وفارسها " العروبي البعثي صدام حسين جعلت طلائع الشعب الكوردي على إعلان الثورة المسلحة التي تزعّمتها القوى القومية الوطنية. إزاء هذه التضحيات الجسام لشعبنا الكوردي، وبعد خوض نضالات بطولية وإقدام الأنظمة الدكتاتورية المجرمة على حرق القرى والقصبات الكوردستانية، وإستخدام الأسلحة الكيمياوية المحرمة دولياً، وشن عمليات الإبادة الجماعية القذرة والسيئة الصيت والتي سميت بالأنفال لمحو كل شيء يتعلق بالكورد، يكرر عدد من الببغاوات البعثية والقومجية بأنّ تحقيق ( حكم ذاتي طموح )، هو حكم ذا أسلوب يحقق ما يريده الكورد، ويرضي مشاعرهم. من الضروري للبعثيين والقومحيين أن يسكتوا، وأن لا يتحدثوا باسم الكورد، وأن يعلموا بانّ أيام الحكم الذاتي قد ولّت بلا رجعة، وعليهم أن لا يخلطوا الأوراق، وأن يتخلصوا من ضالتهم، وأن لا يلجأوا إلى التحايل وإثارة الفتن مثلما كانوا يفعلون أثناء الحكم البعثي العروبي الساقط، وليعلموا بأنّ فاضل عباس المهداوي كان صديقاً حميماُ للشعب الكوردي، وأنّ حذاءه أعلى من قامات كل بعثي مجرم وكل قومجي حاقد. أن الشعب الكوردي يطالب بالفيدرالية، ومن أجل الوصول إلى ذلك فعل الكثير، وهو اليوم يطالب بكل جد ونشاط بتحديد وحدته الجغرافية وتحديد حدوده ضمن العراق الإتحادي الديموقراطي، وهو يناضل بهمة عالية ودون هوادة بإعادة الأجزاء المستقطعة من أراضيها ومدنها وقراها إلى أحضان الأم كوردستان، وهذا حق من حقوقه الشرعية والعادلة، وعلى البعثيين والقومجيين أن لا يعودوا بذاكرتهم المريضة إلى أيام نوري سعيد وبهجت العطية ونورالدين محمود، وأن يكفوأ عن إقحام أنفسهم في قضايا لا تهمهم، وأن يتركوا أعمالهم المزرية التي لا تدر عليهم سوى البكاء والنباح من وراء القافلة، وأن لا يشغلوا بالهم بالكورد الذين كانوا مطايا وجحوشاً في العهد الملكي البائد، أو في العهد الصدامي الساقط، فأبناء الكورد يعلمون ويعرفون الكثير عن الكورد في كل حقبة تاريخية من نضال شعبهم سواءً كانوا أعداءاً أم أصدقاءاً. ان القومجيين والبعثيين دأبوا منذ تأسيس أحزابهم التي تحولت إلى أحزاب الاثم والجريمة إلى ذكر الشمال كلما جرى الحديث عن كوردستان، وتتشدق ً ببغاواتهم حاليا بذكر الشمال سيراً على النهج المرسوم لهم من قبل غلاة القومجية، وكلما يكتبون مقالة يكررون كلمة الشمال، وهم يتصّورون بأنهم في تكرارهم للكلمة قد بلغوا مرحلة تؤدي إلى إشباع ضالتهم، ولكن مهما حاولوا، فإنّ كلمة كوردستان ستبقى المنار الهادي لجميع الكورد في جميع أجزاء كوردستان. يحاول أيتام البعث الساقط والقومجيون الحاقدون دق إسفين في العلاقات الأخوية بين الشعب الكوردي والقوميات المتآخية الأخرى من خلال الترويج بأنّ الشعب العربي هو ليس النظام، وانّ جموع الشعب العربي قد اصطف مع " الأكراد " بتلاحم رائع. ليعلم كل مريض ومخرف بعثياً كان أو قومجياً بأن العلاقات بين الشعوب تبنى على المحبة والإحترام قبل كل شيء، وعندما يجري الحديث عن الشعوب سواءً كان صغيراً أو كبيراً عليه أن يعلم بأن العراق ليس جزءاً من الأمة العربية، وليس جزءاً من الأمة الإسلامية، فإلى جانب العربي هناك الكوردي والتركماني والكلداني والآشوري والسرياني والأرمني، وإلى جانب المسلمين يعيش المسيحيون والطؤائف المذهبية كالإيزدية والصابئة المندائيين وغيرها، وليعلم كل من لا يحمل ضميراً بأن حبل الكذب قصير جداً، إذ لم يقف مع الكورد في محنته جموع الشعب العربي كما يدّعي هذا الدعي الذي نراه بأوجه مختلفة، وعليه أن يسأل نفسه : هل وقف البعثيون والقوميون العرب مع الكورد ؟، هل وقفت الحكومات العربية الرجعية (والحمد لله ) لا توجد حكومة وطنية وديموقراطية إلى جانب الكورد ؟، وإذا كان الأمر على هذا المنوال، فعلام نسمع مثل هذه الأكاذيب. لقد باتت أكاذيب الصعلوك مفضوحة، وأخيراً عليه أن يعلم بأن الشعب الكوردي بصفته شعباً يعز عليه حياة أبنائه وأصدقائه، لا ينسى قط دماء الشيوعيين البواسل والديموقراطيين الشجعان الذين ضحوا بكل عزيز في سبيل الكورد وكوردستان، والشعب الكوردي يقظ ومرهف الأحاسيس، فهو لا يريد من خلال كلام العسل أن يدس السم فيه لتشويه سمعة قادته وأبنائه البررة، وليعلم كل مخبول بأن صيد عصفورين بحجارة واحدة لا يدخل ضمن القاموس الكوردي، وأن جبال كوردستان الشماء هندرين، مامندة، برانان، جه كوش، به مو، سورين، زمناكو، سفين، هيبه ت سلطان وكاروخ وكيوه ره ش، كارة، متين وغيرها ستبقى رمزاً للنضال البطولي لشعبنا الذي سيتمكن تحت ظلالها من تحقيق الأهداف المنشودة للأمة الكوردية. ان الكورد طالبوا، وهم يطالبون اليوم بتطبيق المادة 58 من قانون إدارة الدولة، من أجل تطبيع الأوضاع السائدة داخل مدينة كركوك، وإعادة المهجرين من الكورد والتركمان إليها، وإيجاد حل مناسب وسريع للعرب الذين جاؤا من مناطق أخرى وفق إغراءات نظام صدام حسين الدموي بغية تهجير الكورد وتعريب وتبعيث المدينة، والكورد لا يريدون أن يلفلفوا كركوك بحجج ورقية وبإتفاقات غير مقبولة كما يدعي البعض من الذين يحلو لهم أن يقولوا: أن الكورد شعب يستحق كل الخير، وشعب مسلم ومسالم يحب العراق من أعماق قلبه لولا الساسة الجدد ودعاة التفرقة والغلواء. لاحظوا هذه الكلمات في كلام من يريد كاذباً أن يكون إلى جاتب الكورد : لفلفة كركوك بحجج ورقية، لولا الساسة الجدد ودعاة التفرقة والغلواء. طبعاً لا يذكر طريقة اللفلفة وماذا عن حجج ورقية ؟!!، ومن هم الساسة الجدد ودعاة التفرقة والغلواء ؟ !!. وبهذه الطريقة يدفعون أعداء الكورد إلى اليقظة والتأهب للتدخل في شؤونهم، ومشياً على هذه السياسة تأتي تصريحات أيتام أتاتورك والحكومة الكمالية بإجتياح كوردستان ووضع حد للكورد حسب مزاعمهم الفارغة. أن الكورد وفي هذه الأيام العصيبة لا يحتاجون إلى كلام المنافقين العسلي لكي يتاجروا باسمائهم، بل أنّهم يحتاجون إلى الدعم والمؤازرة للوصول إلى تثبيت حقوقهم في الدستور الذي يواجه كتابته مخاضاً عسيراً، وأن أن لا يجري تحويل ونقل أي مطلب من مطاليبهم إلى فترة أخرى، وعلى الكورد الإصرار على تحقيق الحقوق القومية بما يرضيهم، وسوف يكون ذلك جواباً مناسباً لحكومة تركيا الكمالية. 19/8/2005 |