الأحزاب والمنظمات السويدية تنظم مسيرات من أجل منح الإقامة للكورد والعراقيين
   أحمد رجب

   

منذ سنوات يعاني عدد كبير من الكورد والعراقيين الذين استطاعوا الخلاص من الإضطهاد والملاحقة والقمع المنظم جراء السياسة الهوجاء للطغمة الدكتاتورية في زمن الساقط صدام حسين من الوصول إلى دولة السويد للعيش فيها كملاذ آمن، وممارسة حياة جديدة.

إن العراقيين جميعاً يعلمون بالكوارث التي إفتعلها النظام الدكتاتوري البغيض من حروب صدام حسين المجنونة ضد الشعب الكوردي وضد إيران واحتلاله الكويت وصولاً إلى إنعدام الأمن والطمأنينة بسبب عنجهية الطغمة الحاكمة واتباع سياسة الإعتقال والقتل الجماعي وسوق الشباب إلى جبهات القتال بغية تحقيق غايات وتوجهات صدام حسين وزبانيته المجرمة، الأمر الذي ساهم بشكل كبير في تزايد عدد من يعبرون الحدود سعياً وراء حياة أفضل بعد أن باعوا كل ما لديهم من دار سكن ودكان وبستان وأثاث البيت ومستلزمات العيش وكل ما يملكون من أجل الوصول إلى دول تستقبلهم كلاجئين، بعد مرورهم بمخاطر جدّية في البر والبحر والجو، وقطعهم آلاف الكيلومترات، وعبورهم الحواحز والضوابط الحدودية للعديد من الدول.

توجد قصص كثيرة لدى العراقيين الذين هربوا من جحيم دكتاتورية صدام، كالسيرعلى حقول الألغام وسقوطهم بالجملة، أو وصولهم إلى تركيا وأعتقالهم من قبل الجندرمة التركية ومن ثمّ إعادتهم إلى نقطة إنطلاقهم، أو النصب والتحايل عليهم من قبل المهربين الجشعين وأخذ ما لديهم من أموال، أو غرقهم في مياه البحار وقصص أخرى تتحوّل إلى دراما سينمائية في المستقبل.

بعد مشاق ومتاعب لا تعد ولا تحصى وصل هذا الكم الهائل من العراقيين إلى ديار الغربة في الدول الأوربية، ومنهم من وصلوا إلى السويد وعلامات الفرح والسرور بادية عليهم، ولكن هذه الأفراح اختفت، وأصيبوا بالصدمة عندما رفضت طلبات منح الإقامة لهم من قبل مؤسسات دائرة الهجرة، أو حين وضعوا في الأماكن والمخيمات الخاصة لإستقبال الوافدين من كل أنحاء المعمورة، وبالرغم من الشروط الإيجابية في هذه الأماكن، توجد سلبيات مختلفة منها تحديد حركة اللاجئين بسبب عدم قدرتهم على التنقل من مكان إلى آخر نظراً لإرتفاع أجور النقل، ليصبح مصيرهم كمن يعيشون في السجون.

ونتيجة لأوضاعهم المزرية وإنعزالهم، والإنتظار القاتل، ومن جرّاء التفكير بالحصول على الإقامة اصيب عدد منهم بإنفصام الشخصية وأمراض وعقد نفسية، وإقدام بضع أشخاص على الإنتحار.

في السويد وبمبادرة عدد من الأحزاب والمنظمات الشبابية والنسائية تشكلت لجنة لقيادة حملة 2005 للإصلاح وإعادة الحقوق ومنح الإقامة للاجئين عن طريق تنظيم مسيرات حاشدة وكببيرة في المدن السويدية الكبيرة حسب جغرافية السويد، ومن هذه المدن : العاصمة ستوكهولم، يوتوبوري، نورشوبينك، ئوبسالا، سوندسفال، ئوربرو، ئوديفالا، مالمو، بيتيو وفيستروس، وتنطلق هذه المسيرات في العاشر من شهر أيلول القادم، أي قبل 4 أيام من إنعقاد البرلمان السويدي الذي من المتوقع أن يتخذ قراراً حاسما حول تقرير مصير طالبي اللجوء في السويد من الذين ينتظرون القرارأو الذين رفضت طلباتهم،  وسيتوقف مصير الاف من اللاجئين مع عوائلهم، خصوصا الذين عانوا أشد المعاناة طيلة سنوات، على هذاالقرارالمصيري.

وتساند هذه اللجنة موظفو مؤسسات الرعاية الطبية السويدية، والإتحاد العام للشبيبة السويدية ومنظمات المرأة والعديد من الأحزاب السياسية، ومن ضمنها : حزب اليسار وحزب البيئة، والحزبان يدعمان الحزب الاشتراكي الحاكم، والحزب الديمقراطي المسيحي وحزب الشعب وحزب الوسط، والعديد من الجمعيات والمؤسسات النقابية والدينية والمنظمات السياسية والإتحادات والجمعيات وشخصيات سياسية واجتماعية مستقلة، وتؤيد هذه الأحزاب والمنظمات المختلفة والشخصيات  منح الأقامة لكل اللاجئين المرفوضة طلباتهم، وانهاء مشكلتهم قبل البدء بتطبيق القانون الجديد.

ان جدّية أي مسعى لإنهاء الأوضاع الشاذة التي تحيط بهذا العدد الكبير من العراقيين وخاصةً من الكورد والكلدان والآشوريين والسريان لا تقاس بالكلمات، بل بالأفعال والدعوة إلى الأقارب والأصدقاء والمعارف بالمشاركة الفعّالة في المسيرات التي يتم تنظيمها يوم العاشر من الشهر المقبل.

ان الديموقراطية السويدية التي لا مثيل لها في العالم تسمح لمواطنيها السويديين بأن يقفوا ويقولوا بصوت عال بأنّ إنتهاكاً صارخاً يجري في بلادنا بحق الذين يطالبون بمنحهم الإقامات، وهم يتوجهون في الوقت ذاته ويشنّون حملة واسعة إلى جانب تصعيدهم لنشاطات متنوعة الأشكال، وفعل كل ما من شأنه إيقاف قرارات الرفض الممنوحة لطالبي اللجوء عند حده، والعمل على منع طرد أي واحد منهم، وهم يناشدون كل ذوي الضمائر الحية في السويد وأوربا والبلدان الأخرى أن يتحملوا مسؤولياتهم الإنسانية والأخلاقية تجاه ما تعرّض ويتعّرض له هؤلاء الناس وأكثرهم بلا شك من الأطفال، وأن يستخدموا كل ما لديهم من طاقات للتنديد بإجراءات دائرة الهجرة التي منحت أزلام النظام الدكتاتوري الساقط وعناصر من مخابراته الملطخة أيادهم بدماء العراقيين بمختلف قومياتهم، في الوقت الذي لم تمنح دائرة الهجرة هذا الحق للآخرين هذا من جانب، وأمّا في الجانب الآخر يتطلع الكورد والعراقيون المعذّبون إلى كل الناس الشرفاء والحكومة السويدية أن يقوموا بواجبهم الإنساني بالوقوف مع عذاباتهم وحقوقهم في الحصول على منحهم الإقامات، معبّرين عن أملهم في أن يحصلوا على نتائج إيجابية ومفرحة.
                                                24/8/2