استمرارا لسلسلة خيبات أمل العراقيين بعد فرحتهم بسقوط النظام ألبعثي الفاشي
وبعد معاناتهم المريرة مع الظلم و الاضطهاد الذي عاشوا وطأته لأكثر من ثلاثة
عقود من الزمن , فأن الشعب العراقي الذي يمرالان بواحدة من أصعب مراحل حياته من
حيث فقدان الامان و الانفلات الأمني و تصاعد حدة النزعات القومية والطائفية
,ارتفاع العمليات الإرهابية و القتل ,السرقة و اختطاف النساء ,خلق أجواء مرعبة
و مخيفة في شوارع المدن العراقية ,غياب سمات المجتمع الحضاري و المتمدن و
انعدام الخدمات الاجتماعية و الصحية ,تدهور البنية التحتية ,قد وجهت لاماله
بحياة حرة وأنسانية صفعت قوية بعد أن نشرت الكثير من الصحف و مواقع الانترنت
مسودة الدستور العراقي القادم و الذي من المقرر الانتهاء من صياغته اواسط الشهر
الجاري ومن ثم طرحه للاستفتاء الشعبي في شهر تشرين الاول القادم .
لا اود التعرض إلى جميع بنود مسودة الدستور وما تحتويه من قرارات رجعية وغير
حضارية و منافية لحقوق الإنسان بل أتطرق فقط للبنود المتعلقة بحقوق المرأة
العراقية ومنها المادة السادسة و التي تنص على (تكفل الدولة الحقوق الأساسية
للمرأة و مساواتها مع الرجل في الميادين كافة طبقا لإحكام الشريعة الإسلامية و
تساعدها على التوفيق بين واجباتها نحو الأسرة و عملها في المجتمع) . بعد كل
الويلات و المعاناة التي عانتها المرأة العراقية في ظل النظام الفاشي البائد و
ممارسة أبشع درجات العنف و التمييز ضدها على جميع الأصعدة السياسية و
الاجتماعية و الاقتصادية على أيدي جلادي النظام السابق, و بعد كل التضحيات
الجسيمة و نضالها الذي كانت فيه شريكة لكل إنسان شريف مدافع عن مساواة المرأة و
حقوقها , تطرح لجنة صياغة الدستور اليوم دستوراَ لايحمل ذرة امل للمرأة
العراقية و بإشراف الدول الداعية لنشر الديمقراطية وحقوق الإنسان في الشرق
الأوسط وحاملة عصى عنجهية الحرب بكل حرية ووقاحة لمحاربة بربرية الإرهاب
الإسلامي المنتشر في جميع إنحاء العالم , وبوجود أحزاب تدعى العلمانية والتمدن
ولكنها مستعدة لجميع المساومات فقط للحفاظ على مناصب وكراسي الحكم.
إن اعتبار الدين الإسلامي الدين الرسمي للدولة و المصدر الأساسي للتشريع كارثة
ومأساة أنسانية لشعب عانى الكثير ,أن هذا يعني إرجاع عجلة التطور الاجتماعي
والحضاري 1400 سنة إلى الوراء , تطبيق الشريعة يعني مخالفة و مناهضة جميع
المعاهدات و المواثيق الدولية لحقوق الإنسان المناهضة لتمييز و انتهاك حقوق
المرأة, أن فرض الشريعة يعزز من دونية المرأة ويجعلها عرضة للانتهاكات وسحق
الحقوق. ان تكفل الدولة بحماية حقوق المراة طبقا لأعراف الشريعة الإسلامية يعني
إعطاء الشرعية للرجل الزواج بأربعة نساء في آن واحد, وهذا انتهاك سافر بحق
المرأة و شخصيتها و اهانة لكرامتها و متناقضة مع روح العصر والتمدن ,هناك أمثلة
حية في ممارسة هذا القانون من قبل شخصيات سياسية بارزة و أعضاء في الجمعية
الوطنية ومن قبل شخصية نسائية بارزة في الجمعية المذكورة و التي وقفت ضد القرار
137 الداعي لفرض الشريعة الإسلامية و إلغاء قانون الأحوال الشخصية وقبلت أن
تكون الزوجة الثالثة . أحكام الشريعة يعني حق الرجل في التحكم بالطلاق و
الانفصال وإعطاءه الصلاحية الكاملة والمطلقة.
تطبيق الشريعة الإسلامية يعني إعطاء الصلاحية الكاملة للزوج بتأديب الزوجة في
حالة العصيان واعتراض الزوجة,الشريعة يعني منع سفر المراة بفردها إلا مع محرم
(أب,أخ, زوج,........). تطبيق الشريعة يعني انعدام الحريات الشخصية للشباب و
الشابات , وتدخل في ابسط الحقوق الشخصية وفرض الحجاب على المرأة وعزلها عن
المجتمع بزجها داخل جدران البيت وتقليص دورها في تربية الأطفال وتلبية رغبات
الزوج , كذلك اعطاء الشرعية بظاهرة البغاء العلني عن طريق زواج المتعة و المزيد
من الانتهاكات الأخرى بحق المرأة. ونشاهد مدى مساهمة الدستور العراقي الجديد
والموضوع تحت الصياغة ألان في تشديد الانتهاكات و التمييز ضد المرأة وأقرار ذلك
بشكل رسمي ومن خلال تشريعات وقوانين تستند الى الموروث والاعراف الدينية
والعشائرية.
من اجل ضمان حماية حقوق المراة العراقية ومساواتها التامة في الدستور العراقي
الجديد لابد من :
- الرفض المطلق لاعتبار قوانين الشريعة الاسلامية مصدرا لحماية مساواة المراة و
اعتبار الدين الاسلامي المصدر الوحيد للتشريع في الدستور العراقي القادم ومنع
اعادة تفعيل القرار 137 المجحف بحق المرأة.
- الاعتماد على المواثيق و القرارات الدولية لحقوق الانسان وخصوصا المختصة منها
بحماية حقوق المراة و مناهضة التمييز ضد المراة و العمل بمبادىء الاعلان
العالمي لحقوق الانسان ,الذي ينص على المساواة بين الجنسين ( جميع الناس يولدون
احرارا و متساويين في الكرامة و الحقوق). وضرورة المطالبة بالمساواة الكاملة في
الحماية القانونية للرجل و المراة على جميع الاصعدة.
- المطالبة بدستور علماني و مدني يضمن حقوق الفرد العراقي بعيدا عن التمييز
العرقي و المذهبي و الجنسي.
- المطالبة بزيادة التمثيل النسوي في مواقع صنع القرار .
|