ضجر العالم أجمع من الضجيج و الادعاءات الكاذبة والمزينة بشعارات رنانة
لقادة وساسة الولايات المتحدة و البيت الأبيض شعارت جلب الحرية و
الديمقراطية والاصلاح لعالم الشرق الأوسط والعالم الإسلامي عن طريق إسقاط
الأنظمة الديكتاتورية الفاشية ,التي كانت في يوم ما تنال الدعم الكامل من
البيت الأبيض لتقوية وحشيتها و استبدادها على شعوبها ,من ضمنها نظام صدام
الفاشي , وأطلاق حملة الحرب على الإرهاب الإسلامي المنظم المتجسد في شبكة
إرهابية عالمية بقيادة بن لأذن ,التى كانت المدعومة من قبل الإدارة
الأمريكية أبان الحرب الباردة مع الاتحاد السوفيتي.
اليوم تشن الدبلوماسية الأمريكية - المناصرة لقضايا الحرية و السلام و قضية
المرأة بالتحديد - ! ,من خلال فريق عمل يضم خمسة نساء من كبار المتحدثات
باسم الحكومة الأمريكية (كوندليزا رايس ولورا بوش وليز تشيني، بالإضافة إلى
كارين هيوز، ، ودينا باول.) حملة كبيرة لتحرير نساء العالم العربي و
الإسلامي و ما تعانيه المرأة من ظلم و استبداد تحت حكم الأنظمة الاستبدادية
و قوانين الشريعة الإسلامية ,شكل هذا الفريق في الوقت الذي لم تحصل المراة
الامريكية على جميع حقوقها تحت ظل حكم بوش , وتصاعد الارقام المخيفة عن
تعرض المراة الامريكية للعنف و التمييز والضرب من قبل الرجل والسلطات
الحاكمة . ان رغبة بوش بتعين السيدة كارين هيوز الوكيلة الجديدة لوزارة
الخارجية لشؤون الدبلوماسية المختصة بشؤون تحسين العلاقة الدبلوماسية بين
الإدارة الأمريكية و العالم الإسلامي , تبدوا مثيرة للسخرية كون هذه السيدة
لاتملك الاطلاع و الدراية الكافية بالإسلام وقوانين الشريعة الإسلامية .
تتخذ الدبلوماسية الامريكية من الاوضاع البائسة والمأساوية لنساء العراق في
ظل حكم الفاشية البعثية وسيلة لتسويق كذب و نفاق إدارة بوش في تبرير الحرب
على العراق , وترويج سياسة بوش الإجرامية القائلة (إن أفضل وسيلة لمحاربة
الإرهاب هو بناء أيدلوجية بديلة بحيث تعطى الفرصة للنساء بالمشاركة الفعالة
في العملية السياسية وتوفير المساواة بين المرأة و الرجل . سمعنا كثيرا نفس
النغمات و المبررات الكاذبة أثناء الحرب على أفغانستان في 7 تشرين الأول
2001 و الإطاحة بنظام طالبان , وافتخار سيدة البيت الأبيض الأولى لورا بوش
بانجازات زوجها والمكتسبات العسكرية الأمريكية الفتاكة في تحرير نساء
أفغانستان من استبداد نظام الطالبان البربري.
لكن للأسف أظهرت تقارير لجنة العفو الدولية وقائع معاكسة تماما لما سوقته
لورا بوش عن أوضاع المرأة الأفغانية. فالتقارير أكدت بعد مرور عامين على
تحرير أفغانستان من زمرة طالبان الرجعية على عدم إمكانية حكومة كرا زاي و
القوات الأمريكية في توفير الحماية الكافية للمرأة الأفغانية , وما زالت
مخاطر الاغتصاب و العنف الجنسي تهدد المرأة مع مع انه هناك مع تغير طفيف في
أوضاع المرأة في كابول العاصمة. نفس التقارير تشير ايضا إلى إن كثير من
الفتيات يلجئن إلى الانتحار من جراء الأوضاع المزرية التي يعشن فيها. و
اليوم مر أكثر من عامين على سقوط حكوم نظام صدام بغداد الاستبدادي ولم نرى
بصيص أمل يحقق جزء من الادعاءات و الوعود المتفائلة بخلق جنة الحرية و
الديمقراطية و السلام على الأرض للشعب العراقي المنهك لأكثر من ثلاث عقود
تحت حكم واحد من أبشع الأنظمة الدكتاتورية في العالم المعاصر.
أين هي حرية المرأة العراقية الشجاعة والتي حصلت على بعض المكتسبات نتيجة
نضالها الطويل مع الرجل المدافع عن المساواة في المجتمع. لم تشهد المرأة
جراء الحرب الاخيرة والاحتلال الامريكي سوى انتهاك أكثر لحقوقها و
مكتسباتها و خلق أجواء مرعبة من الخوف و فقدان الأمان , عدم تمكنها من
الخروج من البيت خوفا من الاختطاف و القتل و الاغتصاب . بل جلبت الحرب
أوضاع مغايرة تماما لما روجته السياسة الأمريكية , حيث استمرار سوء الوضع
المعيشي للمجتمع العراقي و ما عانى من سياسة الحصار الاقتصادي برعاية
الولايات الأمريكية , انهيار مستوى الخدمات الصحية و الاجتماعية في ظل
تسابق الشركات الرأسمالية الكبرى لاستثمار المشاريع في احد البلدان الغنية
بمواردها الطبيعية والنفطية , في الوقت الذي يحرم الشعب من تلك الموارد
ويفرض عليه العيش تحت وطأة أسوء حالات الفقر القاتل . جلبت الحرب ويلات
الصراعات العرقية و المذهبية والطائفية و تصاعد أنشطة الحركات الإرهابية
المتشددة ,مما دفع لان تواجه الحركات المطالبة بالحرية والمساواة هجمة شرسة
من لدن قوى الاسلام السياسي بعد الحرب الذي توج تلك الهجمة بأصدار قانون
137 الرجعي الذي يعني احتلال المرأة للمكانة الدونية التي تريدها لها قوى
الإسلام السياسي .
ينتظر العالم الان و بشغف مسودة الدستور العراقي القادم والذي سرب قبل فترة,
وجاء مليئاَ ببنود وأحكام متناقضة تماما مع الحقوق المدنية والحضارية
للأنسان العراقي.
أدى الاحتلال إلى خفض أمال وتوقع الشعب العراقي في بناء مجتمع حضاري متمدن
و انخراطه بأدنى مبادئ الحرية والدفاع عن ابسط الحقوق البدائية للإنسان من
حيث قوانين الأحوال الشخصية ,حرية الملبس , حرية التعبير و العقيدة (المفروض
انها حقوق بدائية ومن حق أي مواطن عراقي ممارسته) وهدر طاقات هائلة في
محاربة شبح بناء نظام إسلامي مشابه لإيران .
بالمقابل فأن نتائج الحرب الامريكية على العراق دفعت كفة توازنات القوى
تسير في صالح الجماعات الإسلامية المتطرفة و طرحها بكل ثقة بناء إيران و
أفغانستان ثانية في مناطق الجنوب و الوسط عن طريق طرح الفيدرالية الشيعية ,
هذا بدوره يعني اغتصاب حقوق أكثر عدد من نساء العراق و فرض قوانين قروسطية
,متناقضة مع جميع القوانين والمواثيق الدولية لحماية حقوق المرأة , أصبح
الانسان العراقي لعبة بيد الأحزاب الموالية للولايات المتحدة التي لا يهمها
شيء أكثر من الحصول على حصة اكبر من الكعكة المتنازع عليها وصراعاتها من
أجل السلطة وكراسي الحكم والمحاصصات الحزبية والطائفية.
لابد من وضع حد لسياسات بوش الإجرامية بحق الشعب العراقي و شعوب العام أجمع
, و كشف خداع و أكاذيب تحرير المرأة عن طريق شن الحرب و احتلال البلدان و
هدم بنية المجتمعات الاقتصادية والاجتماعية و خلق أجواء مرعبة وصعبة و كسب
مشاعر الناس لاجل دعم سياسات بوش من اجل خلق أجواء الديمقراطية و السلام في
العالم و محاربة شبح الإرهاب الإسلامي .
بيان صالح
bgubrail@yahoo.dk
- ناشطة نسائية - يسارية من العراق
- منسقة المركز التقدمي لدراسات وابحاث مساواة المرأة
P.C.W.E.S.R
http://www.wr.rezgar.com