وقفة مع تصريحات الرئيس مام جلال لقناة العربية
محسن جوامير ـ کاتب کوردستاني

   

في مقابلة له مع قناة العربية، قال الرئيس العراقي جلال الطالباني أن الكورد في العراق لا يطالبون بتوحيد الامة الكوردية في دولة واحدة وأنه لم يرى قائدا كورديا يطالب بذلك. فقط الرئيس الليبي معمر القذافي هو الذي يطالب بتوحيد الكورد وتأسيس دولة كوردستان.

في معرض جوابه‌ على سؤال حول الفدرالية  إن كانت ستؤدي الى تقسيم العراق، قال الطالباني أن العراق وجد كي يكون موحدا وهو غير قابل للتقسيم  و  سيبقى موحدا أبدا.

وحول عدم ورود أن العراق كدولة عربية و لا هي كجزء من الوطن العربي، أنكر الطالباني ذلك و قال أنهم لم يقولوا أن العراق هي ليست دولة عربية، بل أنهم قالوا فقط أن العراق ليس جزءا من الامة العربية نظرا لتواجد قوميات أخرى فيه كالكورد  و التركمان و الكلدان و الاشوريين. و اضاف الطالباني أن العراق هو بلد عربي و سيبقى عضوا في الجامعة العربية، فالعراق عربي و اسلامي .

حول التنازلات التي قدمها الكورد من أجل ارضاء العرب السنة قال الطالباني أنهم تنازلوا عن الكثير من حقوقهم، منها أنهم أجلوا مسالة كركوك  الى نهاية عام 2007 و أنهم تنازلوا عن المساوات في أدارة العراق  وتنازلوا عن الكثير من حقوق الاقليم لصالح الحكومة المركزية، اضافة الى الحقوق المدنية.

ـــــــــ

ما تقدم، نقلناه‌ من تصريحات مهمة صدرت عن السيد جلال الطالباني بخصوص القضية الکوردية، أدلی بها لقناة العربية 28082005... ونشرعلی موقع صوت کوردستان الألکتروني...

أعتقد أن ما ورد علی لسان الاستاذ مام جلال من أن الکورد لا يطالبون بتوحيد الأمة الکوردية أولا يهمهم، ليس في محله، و‌هذا التصريح بالوکالة يخالف الحقيقة التي هي أثقل من جبل احد وسفين وقرداغ وگارا، والتي تراود الکوردي في الأجزاء الأربعة، سواء الإيماني أو العلماني، واصبحت کظل الظبي لا يترکه‌‌، وبالأحری الطبقة المثقفة التي قرأت التأريخ واطلعت علی الظلم الواقع عليهم من الجهات الأربعة، وأدرکت أن إدعاءات الاخوة مهزلة، وألحان الحفاظ علی الوحدة الوطنية مسخرة،  وقرع طبول المساواة مهزلة، وإدعاء الديمقراطية في الشرق مقبرة وکل الوعود والعهود حتی من العباد والشيوخ لا تتجاوز الحنجرة، وما هي إلا مضحکة علی الذقون مستقذرة.. إن هي إلا مرحلة! والدنيا کلها في شرقنا( مصالح يا أبو صالح ..!)...! ورحم الله‌ من جعل هذا القول مثلا..!

صحيح قول أن الکورد ليس بامکانهم لم الأجزاء الأربعة المشتتة، بين عشية وضحاها، ولکن هذا لا ينفي وجود الإرادة الکوردية القوية والملحة لدی الأکثرية بتأسيس دولة في جزء من کوردستان کنقطة إنطلاق في بداية الأمر، فان النوی أول الشجرة ... ولا يعني إستحالة ذلک وبالأحری في الوقت الراهن وعندما يبلغ السيل الزبی وتصل الحالة إلی نقطة الغليان، ويبدأ صبح الخلاص بالتنفس.

ولا أدري ما علاقة ذکر إسم العقيد معمر القذافي في هذا الصدد، لأنه حسب علمي أن للقذافي مکانة خاصة لدی الأستاذ الطالباني، وهذا ما صرح به قولا وکتابة وفعلا في مناسبات عديدة ومجالات عدة منذ أمد، واثبت ذلک علی ارض الواقع، حيث ما أن تدخل مدينة السليمانية في جنوب کوردستان حتی يواجهک  مفرق طريق مسمی باسم الرئيس معمرالقذافي وباللون الأخضر... حتی يقال ـ والعهدة علی الراوی ـ أن کتبه‌ الخضراء ترجمت إلی الکوردية بطلب شخصي من مام جلال ‌‌... ناهيکم عن کون القذافي من أحب رؤساء المنطقة لدی الکورد، فهو أول زعيم طالب السيد نجم الدين أربکان رئيس وزراء ترکيا الأسبق بحق الکورد في أن يکون لهم کيان خاص بهم تحت الشمس... وکاد هذا الموقف وقتئد أن يعصف بالعلاقات الليبية الترکية، بعد أن قامت قيامة العسکر الترکي وجن جنونهم وکادت السکتة القلبية تدرکهم..!

 وکأني بمام جلال في تصريحه‌ هذا يريد أن يقول لمشاهدي العربية بأن الرئيس العربي الوحيد المدافع عن الکورد هو العظيم القذافي الذي يطالب بتوحيد الکورد وتأسيس دولة کوردستان... والله‌ أعلم. 

إذا کان العقيد القذافي هو الوحيد الذي يدعو إلی تشکيل دولة کوردية، ولا يريد للکورد أن يخرجوا من المولد من دون حمص، فساکون أول من يقول له‌ : بأبي أنت وأمي يا أيها القذافي..!

 کل ما أرجوه‌ هو أن تکون أول زيارة للعقيد للعراق وکوردستان في عهد الرئيس مام جلال.

أما قول سيادته‌ بأن العراق وجد موحدا وغير قابل للقسمة أو الطرح أبدا وإلی يوم ينفخ في الصور... فهذا قول شاعر، کما يردده‌ هو غالبا... لأن العراق من نتاج وافرازات التقسيمات الأستعمارية، ومن مواليد سايکس ـ بيکو، وتشکل علی أشلاء الامة الکوردية وأضلاعها المهشمة، وکل من ينظر إلی الخريطة يری الصورة أمامه‌ مجسمة... وما وحده‌ ولا أخضعه‌ طوال أکثر من ثمانين عاما إلا السلاح والرعب والسجون والدکتاتورية التي يتباکی عليها البعض من القتلة والإرهابيين الذين أصبحوا اليوم کالباحث عن حتفه‌ بظلفه‌، ومحتلي کرکوک الذين ليأسهم يطلبون أثرا بعد عين، ولکن سوف لا يرون تلک الأيام الخوالي رأي العين .

ثم إن عملية الإستفتاء لشعب جنوب کوردستان، أثبتت إرادة الکورد التي هي أثبت من الوشم وأبين من فلق الصبح لرفع الظلم عن نفسه‌ نتيجة الإلحاق القسري لأرضه‌ بالعراق، وتشکيل دولته‌ للخلاص من القهر والأنفالات وحلبجات قد تظهر بأشکال وأنواع وأسماء ومسميات أخريات.

 واود أن أقول للسيد الرئيس أن تفاوءلکم بولادة عهد جديد بعد الدستور، يکاد يصبح ضربا من الخيال... حيث تحولت الآمال إلی قنوط لدی شعب کوردستان، حال صدوره‌، رغم وجود إشارات متقدمة مقارنة بالدساتير السابقة وحتی الموجودة في المنطقة... والسبب قد تفسره إجابتکم علی سؤال قناة العربية، وهی أنکم تنازلتم عن الکثير من حقوق الکورد التي لا يمکن التنازل عنها، وأجلتم مسألة کرکوک إلی نهاية العام2007، وتنازلتم حتی عن المساوات في إدارة العراق ـ أي ما أشرکوکم ـ وفرطتم بحقوق الإقليم لصالح الحکومة المرکزية... وکأنه‌ لم يبق للکورد إلا الغثاء والعودة والسقوط في حضيض الحکم الذاتي البائد والتشبث بأذيال الصغائر من الأمور... إضافة لتنازلکم عن الحقوق المدنية التي لا أفهم القصد منها، هل القصد هو حتی من ممارسة الرياضة البدنية..؟ أم القصد أن يکون الکورد کما کانوا من مواطني الدرجة الثانية إلی يوم ( کن فيکون ) وفي شمالهم العزيز..! يرضوا بالفتات والسقط من الحقوق والباقيات علی الموائد ومن الصدقات في الموارد..؟ لست أدري..!

ثم إذا کنتم قد تنازلتم کثيرا، يعني ‌‌هذا أنکم ما أبقيتم إلا القليل لشعبکم، وظلمتموه‌... في حين يقول الاستاذ نوشيروان مصطفی بأن الوفد الکوردي قد حقق 80% من حقوق الکورد ومطاليبه‌، وهذا کثير حقا..! ولکن أين هذا المکسب الکبير الذي حققه‌ السيد نوشيروان من تلکم التنازلات التي قدمها وذکرها سيادة الرئيس، دفعا للبلاء..؟

 الذي أرجوه‌ هو مصارحة الناس والجماهير التي إنتخبتکم... ثم عدم کتم الحقائق عن الشعب العربي عبرالقنوات... نحن لا نسطو علی حقوق اي شعب،  ويجب مصارحة کل الشعوب المحيطة بکوردستان بحقوقنا، ولا نستعطي.

إن الکورد لم يعطوا أصواتهم للسيد مام جلال ليحور النصوص الدستورية التي کتبت کل کلمة منها ـ وکما يبدو ـ عن علم، ويفرض بالتالي علی الکورد عروبة العراق بکوردستانه‌ ـ إن صح التعبير ـ في حين جاء في النص الدستوري بکل وضوح: العراق بلد متعدد القوميات والأديان والمذاهب، وهو جزء من العالم الإسلامي، والشعب العربي جزء من الأمة العربية، بالرغم من مآخذنا علی بعض فقراته‌ ... أو يفسر عملية الإستفتاء علی مصير کرکوك في مدة أقصاها کانون الأول 2007  ويجب أن يسبقها تطبيع الأوضاع باعادة الکورد المرحلين وعودة البعثيين إلی أماکن أجدادهم وأجداد أجدادهم ومن ثم إجراءها، بالتنازل...  کل ذلک من أجل عيون بعض المشاهدين، حتی لا يزعلوا من نيل الکورد حقوقهم ولا يستکثروها عليهم... الذين لو أنفقت ما في الإرض جميعا ما إعترفوا بک.. مهما عزفت علی لحن الاخوة وهه‌ربژی..!

لا بد للکورد، وبالأحری الإتحاد الوطني الکوردستاني أن يسأل مام جلال الذي نقدره‌، عن مقاصده‌ من مثل هذه‌ التصريحات التي تعيد معنويات الکورد في کل مرة إلی نقطة الصفر، کما حصل أثناء إجراء مقابلة الإنتهازي الشوفيني حسني محلي معه‌ 

إنني لا أقصد من کلامي أن ينسی العراق واهله‌ الطيبين، ولکن أن يعطي لکل ذي حق حقه ولا يرمي الکلام علی عواهنه‌ ويجعل الکورد في حيرة من أمره‌، ولا يقلل من شأن کوردستان بتصريحاته ويجعل الشعب کالراقم علی الماء، أو يذر الأمور والحقوق معلقة، لکونه‌ رئيس جمهورية العراق ولا يجوز له‌ التحدث عن شعبه‌.

 لعل الدافع هو أن لا يتهم بانحيازه‌ لبني قومه‌... ويکون مثله‌ في هذه‌ الحالة کمثل الاستاذ الشرقي الذي يضرب إبنه‌ في الصف ـ وقد يکون من دون مبرر ـ قبل الآخرين حتی لا يقال أنه‌ يميز بين التلاميد.

 يجب أن يعلم کل أخ عربي أو ترکي أو فارسي، وکذلک السيد بوش وطوني بلير وکوفي عنان، بان کوردستان، کردستان... والعراق، عراق؛ وهما موحدان في دولة فيدرالية... أي کما أن إسم رئيس الجمهورية هو نفس الإسم سواء في بغداد أو أنقرة أو الامم المتحدة، وکذلک يجب أن يذکر إسم کوردستان کما هو ـ وکما هو موجود في الدستور الإتحادي ـ  سواء في بغداد أو أنقرة أو عند السيد بوش أو في الأمم المتحدة... وإلا فان الکورد يرفضون دستورا لا يتجاوز الحبر علی الأوراق، ويحلفون ـ بالتالي ـ  بالبائن من الطلاق..!

 

 هذا مطلب کل صغير وکبير في أرض الأنفالات..! وتضحياتنا لم تکن فقط من أجل الديمقراطية، ويخطئ من يظن هکذا... إنما کانت من أجل الکيان والوجود الکوردستاني أولا والخروج من ربقة الشمال... وإلا سوف ندور في حلقة مفرغة، وتصبح جهودنا في الإنتکاسات ممرغة إلی يوم ( وتضع کل ذات حمل حملها ).

 إن لنا قضية ـ يا سيادة الرئيس ـ ونحن لها أبصر من النسر والعقاب، وجراحاتنا لم تندمل ومازالت تنزف دما، ومشاکلنا لم تحل بعد ولن تحل طالما بقي إسم بلاد کوردستان في بوتقتها ولا يتجاوز حدودها، وکرکوک وأخواتها محتلة أرضها من قبل الغرباء، کما أثبت سيادتکم هذه‌ الحقيقة في مجلس الحکم في يوم ما يسمی ب " يوم المرافعة العظمی" ..!

 

mohsinjwamir@hotmail.com