في ذكرى استشهاد الخالد عادل سليم
۱٢ / ٩ /   ۷۸۱٩
  شه مال عادل سليم

 

                                                                             

       

                             الخالد عادل سليم        

                                                 

                                                 ﴿  وردتان ﴾

                                                         الاولى حمراء

                                                                مهداة

                                                                 للبطل

                                                                الراحل

                                                         و الاخرى بيضاء

                                                               مهداة

                                                               للوطن

                                                               النازف

                                                                   {  سعد الواسطي }

 

 

 

 

                                                                                                                شه مال عادل سليم

                                                                                                             Shamal@privat.dk

                                                                                                     

سلام عليك ايها الوالد الحبيب .....

سلام عليك من زوجتك واطفالك ورفاقك الذين لايريدون ان يرثوك .... فانت حي باق في قلوبنا ....

نفتخر بك ......

نعم ...

.نفتخر بك ..

وانت الرفيق ذو المواقف الحاسمة  الموسومة بالشهامة و الرجولة و التضحية و نكران الذات .....

والدي الحبيب ..... انت معنا ....

نعم معنا .....

رحلت عنا جسدا ....

انت الخالد فينا .....

اسمك منقوش في سجل عراق الامس و اليوم و الغد .......

مجدا لك ....

مجدا لك ولكل الشرفاء الذين وهبو حياتهم للخدمة الوطن و الشعب ......

سلاما لذكراك  ....

سلاما .......

سلاما ....

سلاما .....

نم قرير العين والى المجد الخالد ...........

 

  كثيرون اولئك الذين يرمقون الحياة من زاويتها الضيقة و يعيشونها وفق ما تدفع اليه الحاجة و المنفعة الشخصية دون التفات او اهتمام لمعنى الحياة الحقيقي .... معنى الارتباط بالاخرين و التواشج معهم و النضال في سبيلهم ....

ذالك المعنى الذي ادركه و يدركه فقط ابناء الحياة و بناتها الحقيقيون ......

ومن هذا النفر .... الخالد عادل سليم ...

في بيت كبير نسبيا وفي محلة خانقا ولد عادل سليم ، في ۱٥حوزيران الاول سنة ۱٩٢٦   كان والده  الحاج سليم تاجرا للاقمشة و خبيرا بنوعية التبوغ وتصنيفها ، في عام ۱٩۳۳دخل الشهيد عادل المدرسة المظفرية الابتدائية واكمل الدراسة فيها ، ثم انتقل الى المرحلة المتوسطة و الثانوية ، ويشهد اقرانه على ذكائه واجتهاده حتى لقد اعفي من اداء الامتحانات النهائية للصف الرابع الثانوي وارسل تقديرا له مع عدد من الطلبة الاوائل الى مصيف ( سه رسه ﻨﮓ)* لقضاء  (  ٢۰ ) يوما على نفقة الحكومة في حينها .

في نهاية المرحلة الثانوية ، وقبل الامتحانات الوزارية ، اوقف الخالد عادل سليم لمدة (  ۳۰ ) يوما وحرم من الدراسة نهائيا ، شارك الخالد عادل سليم في تيار الحركة القومية الديمقراطية الكورية منذ ان كان فتى يافعا . وفي عام  ۱٩٤٦ بدا التحول الحاسم في حياته السياسية ، فانتسب الى حزب التحرر الوطني فالحزب الشيوعي العراقي .

وبعد ذالك بفترة ترك مدينة اربيل الى بغداد للعيش عند احد معارفه الذي كان حينها استاذا في كلية العلوم .

في بغداد عمل الرفيق الخالد مراقبا في بناية البنك المركزي التى كانت قيد الانشاء و كون علاقات قوية مع العمال و نشط بينهم لتنظيم صفوفهم و لنشر الافكار الوطنية و الثورية بينهم ..........

 

                                   

                                    الخالد عادل سليم في ذاكرة الرفاق و الاصدقاء .......

 

يقول الخالد احمد الجبوري :–

في منتصف السبعينات برزت في كوردستان جملة من الممارسات البعثية و الحكومية التي كرست السياسة العنصرية

 الشوفينية ، لكن الحزب الشيوعي العراقي عارضها و عبر عن خطورتها و طالب بايفافها و احترام ارادة الشعب

 الكوردي ، الا ان البعث واصل سياسته خلال الاعوام التالية و شن حملات الاعتقال التي طالت كوادر الحزب خاصة في الريف و مارس اشد انواع التعذيب و الارهاب معها، و هنا و طيلة تلك الفترة و قعت على كاهل الرفيق عادل سليم مسؤوليات كثيرة و اعباء جديدة لبذل الجهد المضني و المرهق مع البعث من اجل تغير سياستة ازاء الوضع المتدهور في كوردستان ، ولانقاذ الرفاق من اقبية الامن و التعذيب الوحشي الذي كان يمارس ضدهم ......

قررت اللجنة العليا للجبهة الوطنية عقد اجتماع موسع بحضور (  صدام واعضاء اخرين من الحزب البعث . راى الحزب ضرورة طرح تدهور الاوضاع و استمرار التجاوزات ضد الشعب الكوردي و كلف الرفيق عادل سليم بتقديم تقرير شامل في الاجتماع ، قام الرفيق عادل خلال الاجتماع و بجراة بتلاوة التقرير و فضح كل ما كان يجري من الممارسات التعسفية ضد الشعب الكوردي و طالب بايقاف و معالجة التجاوزات باجراءات تخدم مصلحة الشعب الكوردي ... ابدى البعثيون امتعاضهم و غضبهم لما جاء بكلمة الرفيق عادل سليم و كان ردهم لا حقا عدوانيا حيث اعفى الرفيق من الامانة العامة للنقل و المواصلات ، اعقب  ذالك قيام الجهزه الامنية بشن حملة جديدة ارهابية ضد رفاق الحزب و منظماتة ، امتدت في فترة لاحقة الى سائر مدن العراق .

 

يقول الشاعر احمد دلزار :  

اعتقلت في ۳۱ / ٥ / ۱٩٤٨     وارسلت الى سجن اربيل و هناك تعرفت على الرفيقين جمال الحيدري و عادل سليم ... كان الرفيق عادل شابا ذكيا و نشطا و عندما كان يشعر بالفراغ يبدا بقراءة عدد من جريدة { الاساس }*

ويشرحها للموقوفين بشكل واضح ...كما كان ينفذ جميع الاعمال الموكلة اليه بجد و نشاط .....

 

في سجن الحلة :

يقول الصديق ابو به يار :–

  في نهاية  ۱٩٦٢  كنت في سجن الحلة عندما جاءوا بالمناضل عادل سليم . في بداية الامر ، حزن السجناء و تالموا لاعتقاله ومن ناحية اخرى فرحوا عندما تعرفوا على شخصية المناضل ووطنيته ، وخلال فترة السجن ترك في قلوب الجميع ذكريات ثرة لا يمكن محوها .........

لقد كان الرفيق عادل سليم  يرعانا جميعا  شيوعيين و غير شيوعيين ،سياسيين و غير سياسيين و يبث فينا لهب الصمود و الثقة بحتمية انتصار قضية الشعب .....

كان يسهر ليل نهار على راحة الموقوفين و لا يفارق المريض طول الليل ، و يمنح الاخرين مالديه  من طعام و دواء ... كانت لديه القدرة على طرد الياس و الضعف و خلق حياة مرحة حارة في مختلف الظروف الصعبة .

وفي يوم من ايام  ۱٩٦۳  جاءت برقية الى سجن تستفسر عن وجود الخالد عادل سليم ،  وبعد ايام صعبة وصلت برقية اخرى تطلب نقله ولكن الى اين ؟

لقد نهض الخالد و احضر فراشه و حاجياته ، ثم حلق لحيته و لبس ملابسه و كانه ذاهب الى حفل . وعندما حان وقت الرحيل ... احتضنه السجناء ..... وحينما بكى البعض ، قال الخالد عادل سليم :– (( لا ينبغي ان تذرفوا الدمع ايها الرفاق و الاصدقاء ، من انا؟ انا انسان بسيط ، وخادم لهذا الشعب ، لقد خلقت للعذاب و الموت في سبيل هذا الطريق و هذه العقيدة .... لست اول من ضحى و لن اكون الاخير ، لقد ذهب قبلي اناس اكبر و اعظم بكثير .... تذكروا اني ماض على درب الرفاق الشهداء فهد و سلام عادل و صحبهم الكرام .... وثقوا بانني سابقى كما تعرفونني مخلصا عازما على الثبات  فالموت اشرف من

 الخيانة .... و سوف تسمعون اخبار عادل سليم ز موقفه المشرف ....))

لقد اشاع كلام الرفيق هذا بنا الثقة و دفع  الابتسامة الى وجوهنا ..............

 

يقول الخالد ابو جبار :–

 تعرفت على الرفيق الشهيد عادل سليم بعد ثورة  ۱٤ تموز عام  ۱٩٥۸ المجيدة ، حيث كنا نعمل في هيئة حزبية واحدة و هي ( اللجنة المحلية للحزب الشيوعي العراقي) في محافظة اربيل ، و الرفيق الشهيد عادل كان عظوا في مكتب اللجنة ، وكان الخالد نافع يونس سكرتيرا للجنة المحلية انذاك ......

من خلال عملي مع الشهيد عادل سليم في اللجنة المحلية للحزب في اربيل لاحظت منه الجدية في العمل ، و الاخلاص و التفاني لخدمة الحزب و الدفاع عن سياسته .... كان يقول لنا دائما ( ان من ياحذ على عاتقه مهمة او عمل حزبي عليه ان يعمل بكل اخلاص و الجدية لتنفيذ هذه المهمة او هذا العمل ، و الا لا يستلم هذه المهمة او هذا العمل )

كان الرفيق عادل سليم ، رفيقا مبدئيا و جريئا في طرح ارائه و مواقفه ، وكرس جل حياته للدفاع عن الحزب و سياستة لتحقيق طموحات و اماني شعبه العادلة .

 وفي الاجتماع الاخير للجبهة  ناقش الرفيق الخالد عادل سليم   ( المجرم صدام حسين ) و عرض بكل جرأ ة اعتداءت و تجاوزات و جرائم حزب البعث و اجهزته القمعية على رفاقنا و منظماتنا الحزبية و اصدقاء الحزب  وا ستمرار تجاوزات ضد الشعب الكوردي ... و كان هذا النقاش موضع ارتياح و استحسان و تقدير رفاق و اصدقاء الحزب .....

 

 

يقول الرفيق ابو مصطفى :–

 تمتد معرفتي بالرفيق الشهيد عادل سليم الى اواسط الخمسينات من القرن العشرين ، حيث جمعنا حياة المنفى اذ كنا منفيين تحت مراقبة الشرطة  نقضي حكما مكملا لفترة الحبس التي يحددها الحاكم على المحالين اليه من قبل دوائر الشعبة الخاصة             ( الامن ) و كانت( قصبة بدرة ) على الحدود الايرانية في لواء الكوت احدى مدينتين ينفي اليها المبعدون بعد انقضاء فترة السجن اضافة الى بلدة  ( شثاثة ) عين التمر قي كربلاء .

في مدخل  بدرة كان هناك حي الموظفين  وهو عبارة عن دور حكومية مبنية بالطابوق و امامها شارع مبلط على شكل مستطيل ..  عشرة دور في الواجهة الامامية و عشرة في الخلف . و يشغل المبعدون(  الشيوعيون ) حوالي عشرة بيوت منها ، في الواجهة ستة بيوت و في الجهة الخلفية خمسة بيوت اخرى وكان البيت الواحد يضم مابين عشرة مبعدين الى خمسة عشر مبعدا

كان الشهيد عادل سليم يسكن في البيت السادس مع بقية الرفاق من الذين كانوا ينتمون انئذ الى منظمة راية الشغيلة التي كانت لها مواقف مختلفة مع الحزب الشيوعي و لكنها عادت الى الحزب و انخرط اعضاؤها في خريف ۱٩٥٦ ، و شاءت المصادفة ان اسكن البيت الخامس المجاور لدار عادل سليم و ان تنشا بين سكنة دارنا و الجماعة علاقات اجتماعية و انسانية حتى قبل ان يبدا  التفاض لاعادة و حدة الحزب التنظيمية .

كان البيت السادس نموذجا للنظافة و الترتيب و ساكنوه مثلا للخلق ، فهم من اعلى المستويات الثقافية بين الشيوعيين

 العراقيين ، وكان بضمنهم المرحوم عاصم الحيدري شقيق الشهيد جمال الحيدري .

كان الرفيق عادل سليم قد ترك بصماته على كل شئ ، في حياة سكان البيت السادس و سلوكهم و مظهرهم و علافاتهم مع الاخرين . يبدو الانسجام واضحا و العلاقات الرفاقية تتجلى بابهى صورها في تصرفات الجماعة ، و السلوك الانساني الرفيع

ولا شك ان ذالك تات من سجايا هذه النخبة من سكنة البيت السادس ومن حسن توجيههم و تثقيفهم ولا غرابة في ذالك فمسؤول التنظيم كان الرفيق( عادل سليم )و كان كثيرا ما يطيب لنا قضاء اوقات ممتعة مع جيراننا نشاركهم الجلوس في حديقة الدار المنسقة بعناية و التي نفتقدها في بقية الدور ، و التلذذ في احتساء اقداح الشاي و الاستماع الى الشروح المقنعة للرفيق عادل و بقية صحبه حول العدوان الثلاثي على مصر في تلك الفترة و الاستماع الى نشرات الاخبار من جهاز الراديو الموجود عند الجماعة .

كانت جلسات النقاش و تبادل الاخبار حول الاوضاع الدولية و انعكاساتها على اوضاعنا الداخلية تدور بين سكنة الدار و ضيوفهم موشحة بنبرة واثقة في حديث عادل سليم و هدوئه و سعة اطلاعه .وكان مرنا وهادئا و مقنعا ، وسيماه تفصح عن الطيبة و سعة الافق .....

الذكر الطيب على الدوام للانسان عادل سليم ....... فقد كان اسما على مسمى  ( عادلا و سليما )  .

 

يقول الاستاذ كاظم حبيب :–

 اتتذكر كيف كان العزيز( ابا شمال) يدخن السيجارة واحدة تلو الاخرى دون توقف حتى عندما كان يطبخ لنا ، اتذكر حبه و حنيته لرفاقه الاخرين . لقد كان الرفيق عادل سليم ابدع رفاقنا و اكثرهم حنية على رفاقه و سعيا لراحتهم . لقد كان انسانا بديعا و قائدا لا يتميز بالفردية ، بل كان يحاول حل المشاكل بصورة مشتركة و عبر الاجتماعات المفتوحة .......

 

 

 

ختاما اقول

 لقد كان الرفيق عادل سليم محبا للحياة متواضعا ازاء الناس حانيا عليهم مضحيا في سبيلهم و تلك صفات اهلته لان يحتل مكانة اثيرة في قلوب رفاقه و معارفه و جماهير مدينته . ...........

فتحية للرفيق عادل سليم في ذكرى استشهاده و عهدا بالوفاء

 نم قرير العين و الى المجد الخالد ...

 نم يا والدي العزيز ....

وسلاما لذكراك ...ايها الخالد ...

 

 

............................ 

 

      * مصيف سه رسه ﻨﮓ احدى مصايف الجميلة في كوردستان العراق  ...

 

 

      * الشهيد عادل سليم  كان  عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي..   

 

 

(الاساس )جريدة يومية كان تحت تصرف الحزب الشيوعي العراقي ، صدرت في ۳ نيسان ۱٩٤۸ و لم تعمر طويلا  فقد صدر  منها ٤۸ عددا و اغلقها الحكومة بعد اعلان الاحكام العرفية ...لعبت هذ الجريدة دورا متميزا في ميدان الصحافة اليسارية و كانت مراة للوعي و الشعور بالمسؤولية و استقطب عددا كبيرا من الكتاب المرموقين الذين سخروا اقلامهم للدفاع عن الشعب و الديمقراطية ..وكان كتاب الحزب الشيوعي العراقي يتولون كتابة مقالاتهم الافتاحية .... وكان المحامي شريف الشيخ قد حصل على امتياز الجريدة ....

 

                                 انتهى

 

                                   كوبنهاكن

                               2005-09-11