أخطاء لغوية ... أخطاء سياسية

فينوس فائق

   

venusfaiq@yahoo.co.uk

هولندا

حول مقالتي التي كانت تدور حول الإرهاب العاطفي الذي يمارسه البعض من المثقفين على الشعب العراقي ناقشني صديق عبر الهاتف ، بعد أن عبر لي عن إعجابه بعبارة الإرهاب العاطفي ، و قلت له أنني أيضاً أعجبت بالعبارة لذلك وضعتها ، و ذلك إيماناً مني بأن الإرهاب اليوم صار على أنواع و يختلف عن النوع التقليدي الذي كنا نفهمه في السابق ، بحيث صار الإرهاب يتطلب تعريفات مختلفة تبعاً لنوعه من سياسي ، إجتماعي ، ديني ، ثقافي و حتى على صعيد الإقتصاد هناك من يمارس الإرهاب على البنية الإقتصادية للبلد و الإرهاب الفكري الذي يمارسه المثقفين الذين يندرجون تحت خانة بقايا النظام ، و حتى نصل إلى ذلك الإرهاب الذي يمارسه المدافعون عن صدام و الذي يدخل في خانة الإرهاب العاطفي ، بحيث تكون و أنت جالس أمام التلفاز و تفكر في أن تتابع ما يرفه عنك تعب النهار فإذا بمثقف أو صحفي أو كاتب أو محامي من الذين يدافعون عن صدام و هو يتباكى على صدام و يحمل (بالتشديد على الميم) الشعب وزر ماهم فيه لأنهم إختاروا الخلاص من شر صدام ، و يتحدث عن الجرائم التي إرتكبها صدام و كأنها لم تكن جرائم ، بالعكس يذهب إلى أبعد من ذلك لينفي أن تكون تلك الجرائم قد حدثت على يد صدام ، و أحياناً يشكك في صحة أن يكون صدام كان مجرماً و يصوره على أنه بطل ، لا لشيء و إنما لأنه دفن نفسه في جحر و رفض اللجوء إلى أي دولة ، بحيث يوقع المشاهد في مأزق مع مشاعره و عاطفته و هو يرى شريط الجرائم ماثلة أمام عينيه و صور الضحايا و الشهداء و هم يصابون من الفزع من هكذا مهاترات ، بحيث يصبح هذا الشخص وكأنه شيطان لعين يجلس على التلفاز ليرهب عقول و ضمائر و مشاعر الناس ، يرهبهم بمعتقدات هو أكثر الناس تيقناً من بطلانها ، لكنه يدافع عنها لا لشيء و إنما لغاية في صدر إبليس أو مصلحة ما أو دين في رقبته لصدام..

بعد ذلك نبهني الصديق الذي كنت أتناقش معه في الهاتف إلى الأخطاء اللغوية التي غالباً ما تحتويه مقالاتي ، و قلت له أنني بالفعل أعرف أن مقالاتي تحتوي أحياناً على بعض الأخطاء النحوية و حتى المطبعية ، و خصوصاً في هذه المقالة و البعض الآخر منها ، فحينما أكتبها أكون فريسة لحالة تعرضي إلى الإرهاب العاطفي ، ففي هذه الحالة أتألم كثيراً لأن الفاعل غير موجود و حتى أنه نوع من الإرهاب لايمكن إثباته و تجريم الفاعل ، لأنه و بحسب ما يؤمن به أي القائم بالقعل (إرهاب عاطفي) يدافع عن حالة و الكل أحرار طبعاً وفق القانون الدولي في هذا الزمن في أن يدافع عن من يريد و بالطريقة التي يريد ، لذلك ترى المتلقين بكل أنواعهم من مشاهدي التلفزيون أو مستمعي الإذاعات أو متابعي الأخبار كثيراً ما يكونون عرضة للإرهاب العاطفي ، و تحريك مشاعر الشجن فيهم ..

عليه تختلف ردة الفعل ، من كتابة مقال أو قصيدة أو مناقشة حادة أو الصمت الرهيب ، فكلما أتعرض لمثل هذه الحالة أسارع إلى كتابة مقالة و بأسرع وقت ممكن ، حتى أفرغ ما لدي من شحنات ردة الفعل التي تولد عندي ، و من ناحية أخرى حتى أتخلص من إحساسي من أن هناك من يمارس الإرهاب علي ، و تبعاً لعملية التفريغ و التخلص تلك و التسريع فيهما يتخلل النص بعض الأخطاء اللغوية التي تفوتني من شدة وقوعي تحت تأثير ذلك النوع من الإرهاب..

أما و الحديث أخذنا إلى الأخطاء و أنواعها ، فإنني أقول أنه ياليت أخطائنا كلها كانت قواعدية على مر التأريخ ، ياليت الدستور كان مليئاً بالأخطاء القواعدية و لم يأت بتلك الحالة من الإحباط التي أوقعنا بها ، لو كانت كل أخطائنا قواعدية لكان الأمر سهلاً ، كمثل قارئة كاتبتني قبل فترة لتنبهني إلى خطأ و هو أنني كتبت في مقالة القرن الثاني و العشرون بدلاً من القرن الحادي و العشرون ، و كأنها تذكرني أو تعلمني أننا في القرن الحادي و العشرون و ليس الثاني و العشرون ..

يا ليت إتفاقية لوزان كانت مليئة بالأخطاء اللغوية و لم تأت للكورد بكل ذلك الإجحاف و الظلم الإحباط التأريخيين التي لن تمحوا آثارها حتى بعد دهر من الزمن ..

ليتنا لا أو لم نقع في أخطائنا السياسية و أن تقتصر أخطائنا على الجانب اللغوي فقط ، فأنا و رغم أنني لست عربية ، لكنني أكتب بالعربية رغم أنني أخطأ في بعض الأحيان ، مع ذلك أجدني فخورة بنفسي لأنني أتمكن من أن أوصل ما في ضميري إلى غير الكورد ، لكنني لم أصادف في حياتي عربياً يكتب مقالة باللغة الكوردية حتى و إن إمتلئت بالأخطاء اللغوية لكن المهم أن ينقل ما بضميره إلى الكورد ، لو أخذنا بنظر الإعتبار أن اللغة الكوردية يتكلمها ما يقارب من أربعين مليون إنسان في العالم ، أي أكثر من عدد سكان هولندا بثلاث مرات ، في حين تعلم عشرات الجنسيات الأخرى لغتة الهولنديين و يتكلمونها و يكتبون بها ، لكن لم يكلف أحد من غير الكورد أن يتعلم اللغة الكوردية و أن يعبر بها عن آرائه..

هذه المقالة لم أراجعها ، بل تقصدت أن لا أراجعها حتى أرى كم خطأً نحوياً أو مطبعياً قد أرتكب في مثل هكذا مقالة ، و نفس الشي ينسحب على ايامنا و أنشطتنا السياسية خلال العام ، فالمهم أن نراجع أخطائنا السياسية و الأخلاقية و الضمائرية و نصححها أو على الأقل نتعلم منها و لا نرتكبها ثانية و إلا الخطأ القواعدي فأمره في تقديري بسيط ، لذلك أرجوا المعذرة إذا كانت هناك أخطاء لغوية أو نحوية ، فهذه هي إمكانياتي ، فأنا أحلم بأن نصحح أخطاءنا السياسية و الأخلاقية تجاه شعوبنا و قومياتنا إن أمكن ، حينها سيكون لنا فسحة من الوقت و صفاء الفكر لكي نراجع مقالاتنا و نصحح أخطائنا اللغوية..