كيف إندحر جيش البعث العقائدي العروبي وتهاوى ؟
يعلم الشوفينيون العروبيون الحاقدون قبل غيرهم بأنّ العراق لم يكن دولة حتى إبرام المعاهدة الإستعمارية الإنجلو ـ الفرنسية، معاهدة سايكس بيكو في عام 1916، ومن ذلك اليوم تأسس العراق وقد جلبوا له أحد الإعراب من السعودية ونصبوه ملكاً ليخدم توجهات ومصالح أسياده، وبعد هذه المهزلة تأسس الجيش العراقي في 6 كانون الثاني من عام 1921، وبعد سنوات قليلة بدأ التحرك لضرب الكورد، ففي عام 1924 قامت فصائل من هذا الجيش بقمع الإنتفاضة الكوردية بقيادة الشيخ محمود الحفيد في السليمانية. عندما يجري الحديث عن الجيش العراقي لا بدّ من الإشارة بأنّ حزب البعث العروبي إستطاع السيطرة على أوضاع العراق بعد المؤامرة الجبانة في 8 شباط الأسود عام 1963، ولكنه لم يمكث طويلاً إذ سقط على أيدي القومويين العروبيين بقيادة المقبور عبدالسلام عارف، وبعد فترة من حكمه سقطت طائرته بمؤامرة مدّبرة ليحترق كالفحم، الأمر الذي جعل الباب مفتوحاً لتسلم شقيقه عبدالرحمن عارف مقاليد الحكم في العراق، وبعد سنوات ونظراً لضعف الرئيس المهزوز عبدالرحمن من قيادة البلاد، إستطاع البعثيون العودة إلى السلطة، وبعودتهم ثانية تمّ تدشين عهد جديد للتعامل مع المؤسسة العسكرية، حيث تغلغل النظام البعثي في صفوف القوات المسّلحة، ومنذ الأيام الأولى قاموا بتصفية الجيش من العناصر المشكوك في ولائها للنظام، والعمل بنشاط على إحتكار العمل السياسي داخل هذه المؤسسة القمعية بغية تطوير إمكاناتها لقمع نضالات الحركة الوطنية العراقية عامةُ والكوردستانية خاصةً بإستخدام العنف المنّظم ضد جماهير الشعب. انّ مشاركة قواد الجيش العراقي في عمليات التعريب والتبعيث والتهجير للكورد والتركمان والشعب الكلداني الآشوري السرياني كانت فعّالة ونشطة، ولم يكن الجيش العراقي في يوم من الأيام عاملاً للإستقرار السياسي في العراق من خلال المؤامرات والإنقلابات العسكرية، وفي عهد البعثيين الأشرار جلب الويلات والكوارث طوال هذا التاريخ القذر، وبدلاً من الدفاع عن الوطن ساهم مساهمة فعلية في قتل الناس الأبرياء، وفي مرّات عديدة عن قصد. لقد تعرّض الشعب الكوردي منذ تأسيس الجيش العراقي إلى حملات عسكرية متلاحقة ومتنوعة إلى أن وصلت إلى حملة إبادة جماعية منظمة، وحرب شوفينية حقيقية، وتحوّلت هذه الحملات إلى الجرائم البشعة التي تنتهك قواعد القانون الدولي، لأنّها ترتكب بهدف القضاء على مجموعة قومية أو أثنية أو عرقية أو دينية، وتنطلق خلفيّتها من الموقف الشوفيني إزاء حق الشعب الكوردي في ممارسة حقوقه القومية العادلة والمشروعة، وقد تصاعدت حملات الإبادة الجماعية، والحرب العنصرية الشوفينية منذ نيسان 1987 متمثلة في الحملات العسكرية التي شنّتها قطعات الجيش العراقي المنحل وأفواج الجحوش المرتزقة في سبيل تهجير وتدمير آلاف القرى، وتشريد عشرات الألوف من المواطنين المسالمين، وإزهاق أرواح الآلاف منهم سعياً إلى إخلاء كوردستان من سكانها، ومحو الوجود القومي الكوردي، وعلى مدى خمسة وأربعين عاماً من حكم البعثيين الذي امتّد من يوم مؤامرتهم القذرة في 8 شباط الأسود 1963 ولحين سقوط طغمة صدام حسين الدكتاتورية في 9 نيسان 2003، عاش العراقيون تحت سياطهم. كان المجرم صدام حسين يتباهى بجيشه ويطلق تصريحات مثيرة عن إستعداد قواته لإحراق اسرائيل بالإسلحة الكيمياوية، إن هي أقدمت على التحرك ضد العراق، ومن أجل أكاذيبه وهذيانه اقدم على شراء صفقات من الأجهزة والمعدات الحربية الحديثة ليضعها في مخازن بدلاً من إستخدامها !!. لقد إكتوت الشعوب العراقية بالإسلحة الكيمياوية يوم إستخدمها النظام الدموي ضد الفصائل الوطنية وقوات الأنصار في كوردستان، وفي حلبجة، ومن ثمّ ضد جماهير الشعب في الأهوار والقرى الآمنة في العراق وكوردستان. لقد أحرق النظام الفاشي بجيشه مساكن وقرى كوردستان ضمن سياسة الإبادة الجماعية الشاملة التي تعّرّض لهاالشعب الكوردي خاصةً، والعراقيين عامةً، وبفضل هذه السياسة الهوجاء فرّط النظام في العراق بسيادة الوطن ووحدة أراضيه، وذلك من خلال تنازله عن أراضي عراقية لصالح دول الجوار القمعية، والسماح لقوات هذه الدول بتدنيس أراضي عراقية متحّدياً لأبسط المشاعر الوطنية ومتجاوزاً للمواثيق والقوانين والأعراف الدولية. من المعلوم أنّ الحكومات التي تعاقبت على حكم العراق عملت بصورة جدّية بمساعدة قوات الجيش العراقي على هضم الحقوق القومية للشعب الكوردي والقوميات المتآخية التى تعيش معه، ولم تتوان عن إلحاق أفدح الأضرار بأبنائه، وفي ظل نظام البعث العنصري الفاشي وصل الإضطهاد حد إقتراف أبشع الجرائم البشعة بحق الشعب الكوردي والقوميات في كوردستان، ومن أبرزها ضرب مدينة حلبجة بالأسلحة الكيمياوية الفتاكة المحرمة دولياً، فخلال قصف طائرات النظام البائد الحربية سقط أكثر من خمسة آلاف شهيد، وأكثرهم من الأطفال والنساء والشيوخ، ولم يكتف النظام البعثي المقبور عند هذا الحد بما قام به من إبادة شاملة لمدينة كوردستانية، بل شنّ هجوماً هيستيرياً براً وجواً بالمواد السامة على القرى الكوردستانية ومناطق البيشمه ركة المحررة بدأت من دولي جافايه تي وقه ره داغ في السليمانية وكه رميان وسهل كويه وباليسان وأماكن أخرى وأنتهت في مناطق بادينان، كما إقترف النظام الدكتاتوري عدواناً سافراً وجريمة قذرة بتنظيم عمليات الأنفال السيئة الصيت التي أدّت إلى إختفاء أكثر من مئة وثمانين ألف مواطن في كوردستان، ولا يعرف أحد عن مصيرهم شيئاً لحد الآن بإستثناء عدد قليل يقّدّر بالآلاف ضمن عشرات بل ومئات الألوف من الذين تمّ التّعرف عليهم بعد كشف المقابر الجماعية التي تنتشر في كل مكان في العراق. ويتّذكر أبناء الشعب بأنّ الجيش العراقي التابع للنظام الدكتاتوري المقيت قام وفي وضح النهار بشن هجوم وحشي على أكثر من ثمانية آلاف كوردي من البارزانيين الذين كانوا يعيشون قسراً في قوشتبة في ضواحي أربيل، وكان مصيرهم مجهولاً إلى أن تمّ الكشف عن مقبرة جماعية، والتعّرف عليهم، وقامت حكومة كوردستان بنقل رفاتهم إلى مقبرة خاصة في بارزان. انّ قيام قوات جيش النظام البعثي المقبور بشن سلسلة غارات جوّية مكّثفة واستخدامها للقنابل والأسلحة الكيمياوية والفسفورية والعنقودية المحّرمة ضد السكان المدنيين الأبرياء في المدن والقصبات والمجمعات السكنية في كوردستان إستهدفت إبادتهم بدون تميز عن بكرة أبيهم. ممّا لا شكّ فيه أنّ الجرائم الوحشية التي إرتكبها نظام البعث الساقط بحق القرى والقصبات والمدن الكوردستانية شكّلت إمتداداً لسياسة الأرض المحروقة التي طبّقها في كوردستان. أصبح الجيش العراقي ألعوبة بيد مغامر دجّال وقائد منافق ودموي فاسق وعروبي شوفيني يحمل الحقد والكراهية للآخرين، وأستطاع هذا المنافق الدموي أن يحّرك قواد جيشه كقطع الشطرنج، حيث أدخلهم تبعاً لأهوائه وأفكاره الإجرامية في حروب خاسرة، إذ أعلن الحرب على إيران في الثاني والعشرين من أيلول عام 1980، وقد حملت هذه الحرب القذرة المزيد من الخراب والدمار المادي والروحي للشعوب في العراق وإيران. انّ طابع الحرب الظالمة كان منذ البداية حرباً عدوانية، وإمتداداً لسياسة النظام البعثي الفاشي في العراق، ونتيجة منطقية للنهج الذي صعّده النظام، نهج معاداة الديموقراطية وحريات وحقوق الإنسان، وخيانة المصالح الوطنية. ونظراً لعنجهية البعثي العروبي صدام حسين ووجود قواد للجيش العراقي تحت الطلب، شنّ هجوماَ على دولة عربية صغيرة لكي تعلن وسائل إعلامه ضمن الصياح والصراخ البعثي الذي إعتاد المواطن العراقي سماعه، بأنّ " القائد " المغوار استطاع تحرير الكويت " المحافظة " المستقطعة من العراق. يعلم العراقيون بانّ الجيش العراقي بدخوله أراضي إيرانية وكويتية قام بأعمال إجرامية قذرة ضد إيران وضد الكويت من قتل الأبرياء بالجملة وسرقة أموالهم وتدمير كل شيء حيوي وإنمائي في البلدين. إعتاد صدام حسين بصفته قاتلاً دموياً دفع قواد جيشه للتدريب وتنفيذ رغباته المجنونة، وتمهيد السبل للإستيلاء على أراضي الغير كما فعل سيده ومعلمه الفاشي أدولف هتلر، والإستعداد للمنازلة مع العدو، ولكن عند المنازلة وأمام العالم إنهار جيش صدام حسين البعثي العروبي العقائدي بسرعة، ولم يتّمكن من الصمود، وتخّلى جميع قوّاده والجنود عن سلاحهم ومواقعهم، وأختفوا لكي يبقى القائد وحيداً، ويختفي هو الآخر كالجرذ في أنابيب مياه الصرف وجحور الفئران. لقد سقط جيش البعث والعروبيين الذي لم يستطع حماية " البوّابة الشرقية " للوطن العربي، وذهب قوّاده من المجرمين القتلة الذين ساهموا في العمليات العسكرية لقتل الناس العزل وحرق قراهم ومدنهم ومزارعهم وممتلكاتهم بالرغم من حملهم لنياشين وأنواط " الشجاعة " الملّطخة بدماء أبناء العراق. يحتاج العراق حالياً إلى جيش قوّي، قليل العدد، وذلك من خلال العمل الجاد والنزيه بفتح الأبواب أمام الضباط وضبّاط الصف والعناصر النظيفة للعودة إلى أعمالهم بعد دراسة وضعهم من كل النواحي من قبل لجنة وطنية يتم تشكيلها من قبل البرلمان والأحزاب الوطنية العراقية والكوردستانية خوفاً من الإختراقات، وبشرط تربية هذا الجيش الوليد على حب العراق الفيدرالي، وكل ما هو إنساني يخدم المستقبل بعيداً من المحاصصة الطائفية وبعيداً من المرجعيات المختلفة، ويجب حل جميع الميليشيات التي لا تاريخ لها، وخلاصة القول أنّ العراق بحاجة لبناء جيش على أسس ديموقراطية لا يعادي الشعب، ولا يعادي تطلعات والثوابت القومية لدى كل تكوينات العراق الإثنية. 5/1/2006
|