من ذاكرة ايام الجبال
احمد رشيد خانقيني السويد بعد تلكؤ النظام البعث الفاشي في تنفيذ بنود اتفاقية آذار ، وبدء بوادر التعريب للمناطق الكردية، وملاحقة المناضلين من الكرد وباقي الاحزاب التقدمية المعارضة لنهج النظام المقبور. وعند اقتراب موعد تنفيذ الاتفاقية في مطلع عام 1974 تراجع النظام عن كل ما وقعه مع القيادة الكردية آنذاك ،ولقد افرغ البيان التاريخي من محتواه ، مستغلا بذلك فترة الهدنة في تهيئة الجيش واجهزة المخابرات، وتاميم النفط من اجل توفير المال وتقوية اقتصاد البلد لشن حرب الابادة ضد ابناء شعبه من الكرد. وبعد فشل جميع المحاولات واجراء آخر جولة من المفاوضات بين القيادة الكردية والعصابة البعثية الحاكمة من اجل التطبيق الفعلي لبيان آذار. الا ان كل المحاولات باءت بالفشل ، ولم يبق حل آخر امام غرور وعنجهية النظام آنذاك سوى القتال ومحاربة الظلم الذي مس الشعب، ولقد التحقت آلاف من ابناء الشعب بصفوف الثورة الكردية التحررية في آذار من عام 1974 ، وكنت واحدا من الذين التحقت بالثورة . الكرد امام امتحان الزمن الغادر، وصداقة الجبال. لقد خذل المجتمع الدولي الشعب الكردي وقضيته العادلة بعد ترك هذا الشعب المكافح في مهب الريح لمصالحهم الضيقة فبقي بلا صديق وهو يواجه الخيار الصعب اما الاستسلام واما الابادة امام انضار هذا المجتمع الظالم الذي ادعي بحماية حقوق الانسان في العالم والكرد يتذكرون للان موقف عراب السياسة الامريكية كيسنجر الذي اشتهر في التاريخ من خلال تصريحة اللاانساني اثناء اتفاقية الجزائر المشئوومة وبعد محاصرته من قبل الصحفيين لماذا خذلتم هذا الشعب الشجاع وهو يقاوم عدوه في بغداد مرددا بان هناك مصالح دائمة وليست صداقة دائمة. هكذا توالت الظروف الصعبة للقضية الكردية وكفاحها المرير من اجل الحرية بعد طوقها من كل الجهات بان يكفوا عن كفاحهم المسلح والاّ يواجهون الموت المحقق من دول الجوار. ولم يبق مع الكرد سوى الجبال والبنادق والاشجار المعمدة بدماء الشهداء. وكتب الدكتور زهير عبد الملك في كتابه الاكراد بلادهم كردستان. بان معرفة اسباب الظلم الواقع على الشعب الكردي يكشف بوضوح جوهر المسالة الكردية فهو بكل تاكيد ليس ظلما ناجما عن قرار مع سبق الاصرار، بمعاقبة الاكراد على ظلم ارتكبوه بحق الشعوب المجاورة يوما ما وهو ليس مجرد نزوة تعتري الحكام منذ عشرات السنين لتعذيب الاكراد والتنكيل بهم ومحاولات ابادتهم من الوجود. انما هو ظلم تاريخي متعمد ذو مبررات مادية. ونحن كشريحة مثقفة من المعلمين والمدرسين التحقنا بالثورة الكردية في اذار 74 بعد مماطلة النظام في تنفيذ بنود 11 اذار .فتم توزيعنا بعد التحاقنا بالثورة على المدراس في المناطق المحررة. وكنا مجموعة من المعلمين واتذكر منهم اسد الله حسين وجمعة عبد علي ومحمد حسن خان واسماعيل حسين جواد واسماعيل يار قولي. وقد تم تثبيتي مع صديقي جمعة عبد علي في قرية كولب المتاخمة لحدود بيارة وطويلة. وطول فترة الحرب الدائرة بين الثورة والنظام البائد لم تكف الطائرات البعثية المغيرة علىالقرى الامنة من قتل الابرياء من ابناء الشعب الكردي، بمختلف الاسلحة المحرمة دوليا.وبعد قصف مدينة قلعة دزه ومن ثم مدينة حلبجة، امرت القيادة الكردية بغلق كافة المدراس الى اشعار اخر. فكل المعلمين والمدرسين يكونون احرارا في العيش اينما يريدونه. وبعد ذلك قدمنا طلبا لانضمامنا في سلك المدفعيه، واستقبلت طلباتنا من القيادة الكردية آنذاك بكل تقدير واحترام ووصفونا بانكم في ميدان التعليم كالبيشمركة في جبهات القتال. ولقد اقترح علينا الاخ اسد بان نقوم بزيارة وتفقد اثار مدينة حلبجة بعد القصف الوحشي المدمر، وانا رفضت مرافقتهم وبعد الحاح شديد من زملائي وافقت على الزيارة. وبعد وصولنا لمدينة حلبجة ورايناها مدينة مدمرة واثار القصف بادية في كل اطرافها. وبينما نحن نتجول في بعض اثار القصف ونحن نذرف دموع الحزن ونكتم احزاننا في غربتنا من اجل كردستان ، ونعلن في دواخلنا كل الضمائر الميتة التي تخنق النور بالظلام، وتشنق البسمة بالنحيب. وفجأةعثرنا على كيس نايلون شبه مدفون باحدى الغرف المهدمة. وبعد ان فتحنا الكيس راينا في داخله مبلغا من المال يقدر ب 985 دينار مع صرة صغيرة تحتوي على كمية من الذهب ومجوهرات، وكانت احدى القطع الذهبية مكتوبة عليها اية الكرسي . ولقد حملنا المبلغ المذكور معنا لتسليمها لمقر اتحاد معلمي كردستان في احمد آوا انذاك. شكرونا واثنوا علينا باننا فعلا ابناء الثورة الاوفياء، ومن المخلصين لمبادئ القضية الكردية. ووصفوا اهل مدينة خانقين بالمناضلين الذين ضحوا بدماءهم من اجل كردستان. الهوامش ــــــــــــ الاكراد وبلادهم كردستان د.زهير عبد الملك ط 1999 . Apec السويد. |
04/07/2007 |