القيادة الكوردستانية.....
ومهمات المرحلة لما بعد الانتخابات التشريعية
صفوت جلال الجباري الجزء الثاني
عودة وتكملة لموضوع الفساد الاداري والحزبي,والذي لا يستطيع احد انكاره او التغطية عليه او حتى التغاضي عنه, لانه بات محسوسا ومحسوما للقاصي والداني , وهنا لا اجد مجالا واسعا للخوض في تفاصيله الدقيقة مكانا وزمانا وافرادا, فهو بمختصر الكلام استغلال سئ ومشين للسلطة والنفوذ والتصرف اللا مسؤول بالمال العام والتنكر للامانة القومية والوطنية الملقاة على عاتق القيادات الكوردية, ومرتكبوها كائنا من يكونوا لا يصنفون الاّ في خانة اعداء الكورد وكوردستان وان تضاهروا بغير ذلك, وخيانتهم للمبادئ القومية والوطنية ودماء الشهداء وذويهم المحرومين لا تبررها ماضيهم النضالي او تضحياتهم السابقة..... الا انه يجب الاعتراف مبدئيا ان ما تم انجازه في كوردستان ورغم كل النواقص والمعوّقات وفي مختلف المجالات ,تعتبر جيدة نسبيا, وبدرجة لا يمكن مقارنته مع ما جرى ويجري في سائر انحاء العراق وحتى مع ما يجري في بلدان الجوار الجغرافي , حيث والحق يجب ان يقال انه تم التطوير والاعمار في كثير من مناحي الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية, ولكن هل كان كل ذلك بمستوى الطموح والتضحيات المقدمة من شعب كوردستان , وهل كان ذلك بمستوى الاهداف النبيلة المتوخاة من الحريصين والمخلصين من الكوردستانين وغير الكوردستانيين الذين لا زالوا يعتبرون كوردستان وتجربته الوليدة والفريدة منارا يجب الاحتذاء به في العراق والمنطقة , تماما كما كان نضال شعب كوردستان المرير ولقرن كامل من الزمان ,منارا و ملاذا آمنا للآلاف من العراقيين حتى من غير الكورد ايضا, تلك البقعة الجغرافية التي لا يزال الكثيرين من المحبين والمناصرين للديمقراطية وحقوق الشعوب ينظرون اليها ياعجاب وتقدير وهم حريصون علىنجاحها واستمرارها الى الشوط الاخير.؟ هنا يبرز السؤال المهم , هل كان بالامكان عمل المزيد والمزيد من الانجازات من قبل التجربة الكوردستانية الوليدة بادارتيها في اربيل والسليمانية( والآن بادارتها الجديدة الموّحدة), اللتين مضى على وجوديهما اكثر من عقد من الزمان, وهنالك وضع أمني واستقرار افضل بكثير مما هو موجود في باقي اجزاء العراق (ولو ان توفير الامن بحد ذاته مؤشر ايجابي و يصّب في صالح الادارتين الموجودتين)؟؟؟ ,الجواب هو ...نعم , كان بالامكان تقديم الافضل والاحسن, لو ان الادارتين كانتا موحّدتين اولا ,ولو تم توجيه كل الموارد والامكانيات المتاحة لصالح المواطن الكوردي البسيط الذي قاوم نظام البعث والانظمة التي سبقتها ثانيا , ولوكانت القيادتين الكورديتين كانوا بمستوى هذه التضحيات او على الاقل بمستوى شعاراتها وادعائاتها هي بالذات ثالثا...... نعم كان الامر مختلفا تماما وبكل تأكيد في كوردستان الآن,وهنا يجب ان نكون نحن ايضا( ممن ينتقدون الظواهر السلبية) في مستوى الاحداث ايضا, ونكون من الذين ياخذون الامور كما هي, بدون اضافات وتحامل وتشكيك غير مبرر, وحتى نكون فعلا بمستوى الاحداث وآفاقها وواقعيتها الموضوعية, علينا ان نسجل وبانصاف وتجّرد ما على هذه القيادات, وما لها ايضا.وهنا من المهم ان نأخذ مجموعة امور يجب ان يكون في الحسبان حينما نتناول ملّفا شائكا معقدا مثل الفساد.
اوّلا : ان من الوهم الكبير ان يتصور البعض من الكتّاب والمثقفين, وخاصة الذين يعيشون في بلدان المهجر, تلك التي لها تجارب غنّية في مضمار ممارسة الديمقراطية والاستقرار السياسي والاقتصادي لعشرات او لمئات من السنين , انه بالامكان تعميم او استنساخ تجاربها اي ( البلدان الديمقراطية العريقة ) كالسويد او انكلترا او المانيا مثلا , على الوضع السائد في بلد مثل العراق وفي ذلك الجزء المحدد منه(كوردستان),بلد لا تزال القيم العشائرية والعلائق الانتاجية الاستهلاكية الكومبرادورية تتحكم فيه من رأسه الى ساسه,كما يقول المثل الشعبي ,بلد تحكمت فيه انظمة دكتاتورية عنصرية وفاشية بشعة وورطته في حروب متكررة طيلة ثلاثة عقود من الزمان , حروب عبثية بينها وبين جيرانها اضافة الى حروب الابادة ضد الشعب الكوردي في كورردستان وضد الشيعة في الجنوب,
, بلد قد خرج( او بالاحرى قد أخرج بفعل عامل خارجي) لتوّه من رحم نظام ديكتاتوري عنصري عروبي, تحكم فيه لاكثر من ثلاثة عقود و استحضر كل سلبيات التأريخ العروبي والاسلاموي لتبرير اظطهاده المقيت لشعب كوردستان,و يصنّف بجدارة كونه من أعتى الانظمة الفاشية في العالم على مّر التأريخ الانساني, وبالتالي ان من العبث واللامنطق ان نقارن ونقارب بينه وبين نظم رأسمالية متطوّرة و مستقرّة في بلدان اوروبا الغربية وغيرها, تلك التي ترّكزت فيها كل معالم الديمقراطية البورجوازية بتسلسلها التأريخي التدريجي والعفوي,وتطورت فيها مع مرور الزمن آليات واجهزة رسمية وشعبية من احزاب سياسية وبرلمانات عريقة, وحكومات منبثقة عنها و محاكم متمرسة ومستقلة,و منظمات المجتمع المدني والصحافة الحرّة المهنية لرصد ومراقبة الاداء الحكومي , والتصدي لكل حالات التجاوز والانحراف السياسي والاقتصادي واستغلال النفوذ والسلطة من اجل المنافع الشخصية, وان الوصول الى حالات كهذه يتطلب الكثير من الجهد والوقت , اضافة الى تحويل كامل المجتمع من مجتمع شبه اقطاعي استهلاكي الى مجتمع صناعي منتج, حتى يتسنى لنا المقاربة والمقاربة حقا, علينا ان نكون واقعيين ومنصفين فالديمقراطية وكل افرازاتها على صعيد حرية الافراد والجماعات والحفاظ على حقوقهما انما نشأت في دول الديمقراطيات الغربية , كضرورة,تأريخية و حياتية واقتصادية أملتها ظروف موضوعية وتأريخية استغرقت ردحا من الزمن,تجارب طويلة خاضتها هذه البلدان في صراع مرير بين فلسفتها العلمانية و الفلسفات السائدة والمعاصرة لها, فلسفات سابقة لها كانت تستمد قوتها من المفاهيم الكهنوتية واسلوب الحياة الاقتصادية المتخلفة,وفلسفتها التي تنظر الى الحياة من وجهة نظر انتاجية وصناعية جديدة , و تهدف بالاساس الى تذليل كل الصعوبات امام تطور ونمو الرأسمال وحركته, العالم الرأسمالي ذي الاقتصاد الحّر , بمميزاته و شروره المعروفة والذي نجح على الرغم من ذلك والى حّد كبير في تقديم نموذج معاصر للعلاقات الانسانية والاقتصادية المتطورة, يعتبر لغاية اليوم الافضل, مقارنة بينها وبين فلسفات اخرى ايضا, تلكم التي عاصرتها وصارعتها ولكنها فشلت في صرعها وانهائها كما حلم المبشرون بها ,اي الفلسفة الاشتراكية التي تادى بها كارل ماركس وفريدريك انجلز, والتي ادت الى نشوء العالم الاشتراكي المضاد والمنافس, والذي فشل في تقديم النموذج المنشود في العدالة الاجتماعية والمساواة بين بني البشر,على الرغم من شعاراتها المقّدسة و البراقة والاخاّذة ..... اقول انه من الخطأ الفادح تعميم تجارب لبلدان اختلفت و تختلف في نوعية توجهاتها , عنصرها البشري, ثقافتها, تراثها, دينها,مرحلتها التأريخية, تجاربها السياسية, الاقتصادية,الثقافية...الخ, مع الظروف الذاتية والموضوعية المحددة والمعروفة لجزء(كوردستان) ملحق ببلد اسمه(العراق), في منطقة معروفة ومشّخصة من العالم, وهو منطقة الشرق الاوسط, ,بلد التخوم من الحضارات , بلد يتكالب ويتصارع الآن كل قوى الشّر والتخلف المحلية والاقليمية والعالمية, لتدميره وتشويه صيرورته نحو عالم ووضع افضل مما هو سائد في المنطقة, في خضمّ صراع مرير بين الشرق والغرب, بين الشمال والجنوب, بين الحداثة المرجوّة ,و التخلف الموهوم, بين هبوب الرياح الديمقراطية ,وموانع وحواجز التخلف المقاومة للتغيير الحتمي, والتي تحاول عبثا التمسك بالقديم من الحضارة البدوية العربية والدينية الاسلامية المزعومة والعلاقات الانتاجية المرافقة لها والسائدة لقرون خلت, اضافة ان هذا الجزء ليس مستقلا من الكّل العراقي ,لا من الناحية القانونية او الاقتصادية او السياسية والذي يؤثر فيه سلبا وايجابا ويرتبط الكثير من التطورات فيه بالوضع العراقي المعروف.
ثانيا : يخطئ من يظّن ايضا ان الحزبين الكورديين الديمقراطي الكوردستاني والاتحاد الوطني الكوردستاني,( والذين يقودان العملية السياسية في كوردستان) , هما من الاحزاب العلمانية الديمقراطية على نسق الاحزاب الاوروبية,فالمعروف ان الاحزاب السياسية هي نتاجات فكرية للبنيان الفوقي للمجتمعات المحددة, وادوات نضالية للشعوب والجماعات من اجل تحقيق الاهداف المرحلية والبعيدة ,صحيح ان الحزبين الكورديين الرئيسيين يعتبران ومنذ تأسيسيهما من بين اكثر الاحزاب العراقية (عدا الحزب الشيوعي)ميلا الى الاطروحات العلمانية , كونهما قد أسستا اصلا على ايدي عناصر يسارية وتقدمية او محسوبة عليها , في الاربعينيات والستينات من القرن الماضي , وكون القضية القومية الكوردية نفسها و التي انبريا للدفاع عنها هي قضية ديمقراطية في جوهرها واهدافها القريبة والبعيدة, انها قضية شعب مضطهد ومقسم ومحروم من ابسط حقوقه الانسانية المشروعة, وان هنالك ارضية مناسبة للافكار العلمانية بين شعب كوردستان والكثير من الشعوب المضطهدة الاخرى في منطقة الشرق الوسط وشمال افريقيا لاسباب تأريخية وحضارية وتراثية , ولذلك ولغيره من الاسباب ايضا سيكون كوردستان بكل تأكيد المنبع والمعين المفترض لرفد كل تطورجّدي باتجاه الديمقراطية والعلمنة في المستقبل القريب ليس في العراق فحسب بل في المنطقة باسرها,هذا حتى على الرغم من كل تعقيدات القضية الكوردية محليا واقليميا وعالميا ,ولكن لو امعننا في التركيبة السياسية للحزبين الرئيسيين في كوردستان واعني (البارتي واليكيتي) والظرف التأريخي لنشوءهما والمهمات النضالية التي اضطلعا بها في الظرف المحدد للقضية الكوردية, لنجد بوضوح سيادة عنصر الفرد الاسطورة او القائد التـأريخي (وهو مفهوم سائد بل وضروري الى حّد كبير ) لاستنهاض الهمم وتولي قيادة المسيرة النضاليةللكثير من الشعوب المضطهدة والمستعمرة(بفتح الميم) طيلة القرن الماضي,تلكم الشعوب التي كانت تفتقد الى ابسط مقومات الدفاع عن النفس من النواحي المادية والمعنوية, اضافة الى خلل واضح في موازين القوى ولصالح القوى المحلية والاقليمية التي كانت (ولا تزال )بعضها تنطلق في تعاملها مع الكورد من منطلق فرض القوة الغاشمة, وتستند الى اسلوب القهر المنظم والابادة الجماعية وتغيير الواقع القومي والتنكر لفكرة الكورد وكوردستان كامر واقع تأريخي وموجود منذ آلاف السنين, وان من سمات هكذا احزاب تستند اصلا الى فكرة القائد التأريخي السياسي او العشائري, ومصمم اساسا لقيادة النضال المسلح الدموي والطاحن, بانها لن تستطيع بهكذا سهولة ان تتخلص من الادران العالقة به في خضّم المراحل النضالية الدموية الشاقة والطويلة التي خاضتها في معركة الدفاع عن الوجود والصراع من اجل البقاء, هذه السمات التي تعبر عن نفسها في بعض الظواهر المعروفة مثل اعتماد القيادة الفردية او شبه الفردية, الصراعات المحلية , موازين القوى الداخلية,الاستحواذ على المصادر المالية المتاحة من اجل البقاء والتنافس, نوعية وكيفية تحالفاتها التكتيكية الداخلية والخارجية, صراعاتها مع بعضها البعض وعلى حساب المبادئ والثوابت القومية احيانا ,الكسب الحزبي على حساب النوعية ,التخوف من سيادة الجهة المنافسة, وبالتالي اعتماد الاسلوب الميكافيلي(الغاية تبرر الوسيلة) في العمل الحزبي والسياسي عموما .... الى كثير من السلبيات التي رافقت وترافق هكذا حركات قوميةاو ثورية , وبالتالي فانه يتحتم على هذه الاحزاب ان تدفع ضريبة باهضة لاستحقاقات المرحلة السابقة( النضال المسلح) وعلى حساب اداءها الحكومي او وسمعتها وماضيها النضالي , والتي ستنعكس سلبا وبشكل مباشر ومأساوي على الجماهير الشعبية العريضة ومصالحها الحيوية والحياتية, وفي الواقع ان اطروحات الحزبين ومهماتهما المركزية بغض النظر عن بعض الشعارات الرنانة عن الحداثة و العلمانية, هي لا تزال مهمات قيادة مرحلة التحرر القومي والتصدي للاعداء القومييين (وهم اعداء متعددين وموجودين وفاعلين ومقتدرين لحد اللحظة) وليسوا اعداء موهومين او مصطنعين(وهم دول واتجاهات قومية شوفينية غارقة في التخلف والاوهام العرقية , فلا يزال في العراق والمنطقة قوى منظمة او حتى دول تنظر الى قضية الكورد القومية نظرة عداء مستحكم, وتعمل ليل نهار على افشال تجربة اقليم كوردستان (رغم تواضعها, ونواقصها ) واظهارها بانها الخطر الاكبر الذي يهدد كياناتها القومية وامنها الوطني ودولها الاقليمية .... مهمات واولويات الاحزاب الكوردية التي لم تنجزها لحد اللحظة هي مهمة تثبيت الفيدرالية, العمل على ازالة آثار التعريب في مناطق واسعة من ارض كوردستان والتي لا تقل مساحة عن الاراضي المحررة منذ عام 1991,وبالتالي فان اي نقد لهذه التجربة والوليدة يجب ان يمارس من منطلق الحرص الشديد على اهمية التجربة والانجاز التأريخي (والذي اضطلع ولايزال)بها الحزبين المذكورين وفي الميدان النضالي اليومي المحفوف بالمخاطر والتضحيات, و هذا الانجاز الكبير( الفيدرالية) لم يولد من الفراغ ولم تكن هبة من احد , ولم تتحقق بالبيانات والشعارات ا و من الخطابات الطنانة في غرف البالتوك وصفحات الانترنيت او من المقاهي السياسية لبعض الانفار الذين يحلمون بالزعّامات السياسية الزهيدة الثمن والجهد,او احزاب (سياسية) تتصور ان حجومها يمكن ان تكبر بقدر ايكال الانتقادات الجارحة والعارمة لهذه الجهة السياسية الفاعلة او تلك في الساحة السياسية الكوردستانية. اذا كان بالامكان اجراء مقارنات بين الاداء المعروف لهذه الاحزاب ومن ضمنها ايضا الفساد الاداري الموجود والذي يستنكره اغلب مواطني كوردستان والمخلصين من ابناء العراق , علينا ان نقارن بينها وبين ما موجود في مثيلاتها في المنطقة, من دول الجوار الجغرافي والاقليمي,وليس بينها وبين الدول الديمقراطية او حتى تلك الكيانات الاخرى المستّقرة منذ عشرات السنين (كدول الخليج, او جنوب شرق آسيا),ولو ان الفساد موجود وبمديات متفاوتة في كل بلدان العالم من ادناه الى اقصاه.
ثالثا: اما التفكير في النموذج الافضل للحكم الذي يستحقه شعب كوردستان قياسا بنضالاته وتضحياته,النموذج الخالي من الفساد والمثالي الذي نحلم به , فانه من السابق لاوانه التحدث عن احلام عجزت حتى اعتى الدول الديمقراطية من بلوغها لغاية يومنا هذا , فحالات الفساد موجودة في كل مكان وزمان, ومدى تأصلها في هذا النظام او ذاك هي مسألة نسبية لا غير , وترتبط اساسا بمدى نضج وتطور التجربة السياسية , وعي الافراد,استقلال القضاء ومصداقيته وقدرته الفعلية على تفعيل مقولة (الكل متساوون امام القضاء) من ابسط موظف في ارشيف اية دائرة خدمية, الى رأس النظام السياسي واقاربه ومعارفه (كما حدثت في الدولة العبرية في قضية الرشوة التي اتهم فيها نجل ارييل شارون,رئيس الوزراء الاسرائيلي), اي عدم الاكتفاء بكشف ومحاسبة المتورطين الصغار, والتغافي ا و التطبيل للحيتان الكبار.....وانا في معرض حديثي عن الفساد لا اريد او احاول تبرير ما موجود منه في كوردستان, بل ادينه بشدة واتمنى ان يتقلص الى ابعد الحدود الممكنة,ولكن هل هنالك من يستطيع ان يبرئ اي نظام , في اي جزء من العالم من تهمة الفساد السياسي والعبث بالمال العام؟؟؟؟ وكم من حكومات وشخصيات سياسية مرموقة ,تساقطت و تتساقط حينما تبلغ مديات الفساد مستويات غير قابلة للسكوت او التحمل, ان الذي اتمناه و اتوق اليه وبشكل جدي هو التقليل من تأثيره وآفاقه , وقيام الحزبين ومن خلال اجهزتيهما الحزبية ايضا التحقيق في حالات الفساد الموجودة, والمباشرة بوضع آليات ممكنة وفعالة للحّد منه,وفسح المجال الواسع للصحافة الحّرة ومؤسسات المجتمع المدني الحقيقي( وليس الشكلي) بالقاء الاضواء على مرتكبيه من الفاسدين (الصغار والكبار) على حّد سواء, ليتسنى لشعبنا وقياداته السياسية انجاز هذه المرحلة الخطيرة من حياة شعب كوردستان , و يتسنى ايضا لشعبنا التمتع بخيرات هذه الانجازات, وقيام الحزبين باجراء اصلاحات داخلية واسعة لتجديد نفسيهما والتكيف الفكري والايدلوجي مع الوضع الجديد, من اجل صيانة تجربة كوردستان ومنعها من النخر والشيخوخة المبكرة,وبعكسه فانه من حتميات التأريخ الموضوعية ان تنشأ قوى واحزاب اكثر ملائمة مع الظرف الجديد واكثر قدرة على التأقلم مع المتغيرات في كوردستان و المنطقة والعالم , وقد يكون من بين القوى الجديدة البديلة قوى ظلامية تعيد بالمجتمع الكوردستاني الى دياجير القرون الوسطى وخاصة ان الوضع الاقليمي السائد يشهد هكذا انحرافات وتراجعات, الحزبين الكوردستانيين بحاجة الى التكيف الحضاري مع المتغيرات الكبيرة في المنطقة والعالم , برؤيا مستقبلية منفتحة (وهي تملك الامكانيات البشرية والخبرة الطويلة), ولديها كوادر قيادية ووسطية تستطيع ان تفعل الكثير اذا ما اعتمدت الروح الجماعية ,وتزودت بزاد( الكوردايه تي) الحقيقية بعيدا عن المنافع الذاتية الضّيقة, بامكانها قطع شوط التحرر القومي بنجاح , والانتقال بالمجتمع الكوردستاني الى مجتمع حضاري متطور , يليق بتضحيات وطموح وامكانيات شعبنا الكوردي الجبارة واللا محدودة. واخيرا اقول للذين يتخذون من قضية الفساد مدخلا للطعن والتشهير والتشكيك بالكورد وقضيتهم القومية العادلة( هاتوا نموذجكم الخالي من الفساد)حتى نصدق صدق مراميكم , واذا كان هنالك البعض(وليس الّكل) ممن يقول بان تجربته او نموذجه الحزبي او القومي او حتى الديني الخاص لم يجرّب ولم يتسنى له الامساك بزمام الحكم لحد اليوم , وهو الافضل من الآخرين!!!!! نقول لهم(اذا لم يكن للص فرصة للسرقة ظنّ نفسه شريفا)..... بتقديري الشخصي المتواضع ان الفساد موجود في كل زمان ومكان,ولكنه نسبي يختلف في نوعه وكمّه, وهو كالقضاء والقدر لدى المتدينين المسلمين والذين يرونها واقعة لا محالة ... وانا ادعو هنا نفس دعواتهم (رغم اني علماني) .... اللهم لا نسألك ردّالقضاء(اختفاء الفساد نهائيا) بل نسألك اللّطف فيه(تقليله الى الحدّ الممكن), واخيرا اقول للذين يبحثون عن مصادر الفساد ومواقعه من اجل محاربته والقضاء عليه, وخاصة قيادتي الحزبين الكورديين ,(ابدؤا بالبحث عنه من اقرب دائرة محيطة بكم ولا تذهبوا بعيدا , انه اقرب مما تتصورون ).
والى اللقاء في الجزء الثالث ....
|
04/07/2007 |