وزارة خارجية كوردستان ضرورة لا بد منها
محسن جوامير ـ كاتب كوردستانيورد في الأنباء بانه من المقرر إستحداث وزارة الشؤون الخارجية في حكومة كوردستان بهدف رعاية شؤون الجالية الكوردية، بالاضافة الى الإشراف على قنصليات ومراكز إقليم كوردستان المزمع فتحها في دول العالم بموجب ما اتفق عليه في الدستور الإتحادى. إن هذا القرار إن وضع في حيز التنفيذ، فانه يكون بمثابة خطوة هامة ومتقدمة نحو الأمام، وستكون فوائده عائدة سواء على شعب كوردستان أو الدولة الإتحادية، وتكون الوزارة بالتالي حلقة وصل بين الحكومة والكورد في خارج كوردستان سواء في داخل البلد الإتحادي أو خارجه. كما نعلم فأن جالية كوردية كبيرة وبفعل الإضطهاد والظلم والجينوسايد قد غادرت كوردستان من كل حدب وصوب، واستقرت مع عوائلها في مختلف بقاع العالم حتى في التيمور الشرقية وفنزويلا، حيث ولد منها جيل كوردستاني آخر دخل الحياة الغربية وتطبع عليها وأصبحت له خصوصية تميزه عن الجيل السابق.. ووجود آلية لربط هذا الجيل بوطنه، تجعله يفيد شعبه على المدى القريب والبعيد، حتى يصبح جسرا ثقافيا وعلميا بين الغرب ووطنه. ومن عايش هذه الجالية، يجد أنه بدأت قابليات وطاقات كوردستانية تتشكل وتتفتق في الغربة وتظهر بينهم نخبة، سواء طبية أو اجتماعية أو فنية أواقتصادية وهلم جرا.. والمفرح هو انه وبفعل المتغيرات الكوردستانية والإقليمية وكذلك دور العوائل الوطنية في الهجرة وإهتمام الحكومات الأوروبية بلغة الأم وتأريخ وجغرافية البلدان، فان هذا الجيل الكوردي بدأ يتحسس بأنه ينتمي إلى وطن مستقل ظُلم تأريخيا وبالتالي يمكن أن يقدم له ما عنده الآن ومستقبلا.. حتى يمكن القول بأن الروح الكوردستانية لدى الشاب الكوردي في الخارج أقوى مما لدى أقرانه في الداخل. قد يثير تشكيل هذه الوزارة لدى بعض الدول التي ظلمت الكورد ولازالت او بعض الناس المغفلين الذين يزعجهم كل تقدم كوردستاني ولو كان عبارة عن لوحة كوردية معلقة على باب حمام، حساسية مرهفة ومرهقة أو حالة هيستيرية أو جلطة قلبية أو دماغية أو يصبح وضعهم كمن ( خر من السماء، فتخطفه الطير، أو تهوي به الريح في مكان سحيق ) وتقوم قيامتهم.. ولكن هذا ليس من شيمة السياسيين المتحضرين الذين ينظرون إلى الدنيا من منظار المنطق والعقل والمساواة الإنسانية وبأن الكل أصحاب أرضهم طالما يملكونها ، وهم أحرار في كيفية إدارة مؤسساتهم عليها عن طريق ممثليهم.. ولن يقاس مصير شعب وفق مقاسات أو مكاييل وموازين الأنانيين والظالمين إلى يوم ( تأتي السماء بدخان مبين )، وإذا صَرع الظالم الظلم في الجولة ألاولى فان الظلم يَصرعُهُ في الجولة الأخيرة ـ أي يكون سببا في مصرعه ـ كما يقول المثل السويدي. إن إستحداث وزارة خارجية كوردستان هو اقل ما يمكن أن يرضى به الكورد.. لقد تأخر الوضع الكوردي كثيرا عما وصلت إليه أوضاع الشعوب الأخرى ولا يعدو كون فتح مثل هذه المؤسسة إلا من باب أضعف الإيمان لشعب تزيد نسمته عن 30 مليونا وجلهم محرمون من حق الدراسة بلغتهم، ناهيكم عن فتح جامعة أو محطة إذاعة أو تلفزيون كما هو الحال في تركيا أو إيران أو سوريا.. هذا في وقت يتمتع الكورد بكامل حقوقهم في البلدان الأوروبية، وقد تفتح قريبا كليات وجامعات كوردية فيها، ناهيكم عن فتح قناتين فضائيتين كورديتين وهما في طريقهما للبث بجانب قناة ( روز ـ تيفي ). لقد آن أوان الإنفتاح على الشعوب وإرادتها.. إنه ليس الحكام ولا أصحاب المنافع والجيوب هم الذين يقررون مصائر الأمم في آخر المطاف، ولم تعد الشعوب قطعان ماشية تسوقها الطبقة الحاكمة، تملي عليها إراداتها وفلسفاتها وتدخل في تفاصيل حياتها وإختياراتها.. ولعل الحكم الصادر عن المحكمة القضائية الهولندية بحق فرانس فان آنرات الذي تورط في قضية إبادة الكورد خير مثل على إفلاس المستبدين مهما مرت السنين والدهور على جرائمهم، فالذنب لا بد وأن يعاقب نفسه في يوم ما، كما يقول المثل الفرنسي. ما لا يُدرك كله لا يُترك جله.. ما على وزارة الخارجية الكوردستانية إلا الإعلان عن نفسها والشروع بعملها لما فيه ربح الكورد وشعوب المنطقة، وخسارة العنصريين الذين يريدون أن تكون دنياهم هُم ( جنات عدن يدخلونها، يحلون فيها من أساور من ذهب ولؤلؤا، ولباسهم فيها حرير ) وتكون دنيا الآخرين من الشعوب وخلق الله كآخرة الذين ( قطعت لهم ثياب من نار، يصب من فوق رؤوسهم الحميم ) .
|
04/07/2007 |