القيادة الكوردستانية..... ومهمات المرحلة لما بعد الانتخابات التشريعية
 

 صفوت جلال الجباري

 الجزء الاول

 

 ان الشعب الكوردستاني الذي اولى ثقته الى القيادات الكوردستانية كممثلين شرعيين له في هذه المرحلة الحساسة من حياته ومن اجل تحقيق آماله القومية المشروعة والمهظومة , واندفع بكل نكران ذات لتأييدها متحدية الارهابيين والتكفيريين في الداخل والبرد والثلوج و السفرلمسافات الطويلة في الخارج , وصّوت بكامل ثقله  لصالح القائمة (730) , انما عبّر عن واقع موضوعي من ان هذه القيادات تضطلع بمهمة انجاز مرحلة هامة من حياة شعب كوردستان وهي مرحلة النضال القومي و تثبيت مكاسب شعب كوردستان التي وردت في دستور العراق الفيدرالي الدائم (رغم نواقصها),اضافة الى تأسيس نظام فيدرالي متطور وناجح في كوردستان يحصد من خلاله شعب كوردستان ثمار تضحياته الجسام متطلعا الى العيش الكريم في اقليم فيدرالي كوردستاني ديمقراطي يسوده العدل والمساوات وسيادة القانون والنظام بعيدا عن روح الاستئثار والمصالح الضيقة لهذا الطرف او ذاك على حساب الاكثرية المقهورة والمضحّية من ابناء شعبنا الكوردي المظلوم,اضافة الى المهام الحسّاسة التي تتعلق بمستقبل شعب كوردستان وامنه القومي ودوره الرائد في قيادة التحولات الديمقراطية في بؤرة من اشّد بؤر التوتر والتكالب  العنصري والارهابي والشمولي في العالم.

حينما توجه شعب كوردستان صوب صناديق الاقتراع المصيري بمثل هذا الحماس المنقطع النظير وبوتيرة فاقت حتى توقعات القيادات الكوردستانية ذاتها .فانه( اي شعب كوردستان) انما كان يصوت بيد ويطالب باليد الاخرى من تلكم القيادات, ولو( باضعف الايمان)  بالعمل الجاد للنظر  في الاستحقاقات المؤجلة الى ما بعد الانتخابات, محدقة بانظارها الى القيادات الكوردية لتناشدها  وبألحاح بان تفكر وبشكل جّدي وحاسم في  ايجاد الحلول الجذرية لهواجسها ومشاكلها ومخاوفها المشروعة, ولولا ادراك الشعب الكوردستاني العميق وبالحس العفوي لحساسية وضع القيادة الكوردستانية وكونها الممثلة لطموحاتها وامانيها في المرحلة الراهنة , لكان  له  تصرف آخر تماما , وقد ادركت القيادات الكوردية ايضا وتخوفت الى حدّ ما ان يقول الشعب كلمته في الوقت الغير المناسب ويعبرّ عن استياءه مما جرى ويجري في كوردستان من ظواهر سلبية بعيدة كلّ البعد عن اماني وآمال وتضحيات شعبنا ولاكثر من نصف قرن من الزمان, صحيح ان جماهير شعب كوردستان لم تتصرف بشكل تخذل هذه القيادات ولكن الاغلبية الصامتة كانت تردد بينها وبين نفسها (ساصوت لكم هذه المرّة ايضا وامري لله),ولكن سيكون لي كلام آخر بعد الانتخابات , فمعركة الانتخابات كانت بحق معركة قومية فاصلة بين الكورد واعداء الكورد ,كانت تعبيرا مرّكزا بين طرفي التناقض الرئيسي, بين المؤمنين بحق الكورد في الحياة وبين من يريدون حرمانه من هذا الحق, بين خندق الدفاع عن شعب كوردستان وخندق الاعداء الشوفينيين من القدامى والجدد,ولكن هنالك ايضا استحقاقات   تفرضها مرحلة ما بعد الانتخابات , انها استحقاقات المعركة الكوردستانية الداخلية نفسها ,استحقاقات التناقض الثانوي بين الشعب المضّحي وبين المتسلّقين على اكتافها وفوق هامات شهدائها  وانهر دمائها ودموعها, من الطفيليين والانتهازيين معدومي الضمير والحس القومي والوطني, الذين يرتشفون دماء الشهداء وذوي الانفال وحلبجة باسم (الكوردايه تي) وتحت خيمة هذا الحزب او ذاك , والذين تخرجوا من المدارس الشمولية  وتلوثوا بفيروس الممارسات البعثية في الفترة  الطويلة التي قضى بعضهم في مختلف اجهزتها القمعية او الادارية ردحا من الزمن وهم معروفون ومعرفون من قبل  جماهير شعبنا المقدام,   وقد آن الاوان ان نبدأ  من الآن فصاعدا  بفضح هذه الممارسات  وبشكل سلمي وشفاف  قابل للحّل والفصل,  بدلا من ان تؤجل  البتّ فيهاالى المستقبل وتحت شتى المسميات و الاعذار,  لتنفجر بشكل عنيف لا يعرف مداه وعمقه واتجاهه , وتضّيع بالتالي على الكورد كشعب وامة كل المكاسب التي تحققت لحد اليوم, انها معركة ترتيب البيت الكوردستاني  ورفع مستوى الاداء المهني لحكومة اقليم كوردستان , معركة القضاء على الفساد التي تهدد كامل كيان ومصداقية تجربة اقليم كوردستان, معركة كركوك وباقي الاجزاء المستقطعة من كوردستان , معركة الكورد خارج اقليم كوردستان وعلى رأسهم قضية الكورد الفيليين,معركة التعامل الديمقراطي مع الاتجاهات والافكار المعارضة السياسية للاتجاهات الرسمية السائدة,او حتى الآراء الحرّة والمخلصةلمختلف الشخصيات  والشرائح السياسية المستقلة,والذين قد يكون لهم توجهات مشروعةلبناء التجربة الكوردستانية وباساليب مكملة او مغايرة مما يطرح الآن من القيادتين الرئيسيتين في كوردستان,  وحتى لو كان قسم منها لا تصب بالضرورة في طاحونة الفكر القومي  السائد في كوردستان او خارجه, وعلى رأسهم الاتجاهات الاسلامية الكوردستانية المعتدلة او العلمانية او اليسارية الغير المتشددة او اية اتجاهات فردية او جماعية غير عنفية تنظر الى النضال السياسي بمنظارها الخاص, واخيرا معركة التحالفات المستقبلية مع القوى العراقية سنية كانت ام شيعية ,معركة المجلس النيابي القادم وكيفية المحافظة على مكاسب الكورد في الدستور العراقي المعلن.

ان اهم ما يرنو اليه المواطن الكوردستاني ومن منطلق الحرص على نجاح تجربة  الكورد وفيدراليته الرائدة  في المرحلة الحالية هي:

اولا : توحيد ادارتي الاقليم

ان مسألة توحيد الادارتين باتت من الكوابيس التي تقلق كل الخّيرين من ابناء شعبنا,ويتطلع كا مواطن كوردي الى الوصول الى نهاية موفقة لهذا النفق  المظلم والطويل, ويتسائل عن الاسباب والدوافع في تلكؤ القيادتين في عدم الوصول لحّد اللحظة الى طريقة للتفاهم وانهاء الحوار الذي دام طويلا, ان التسويف في هذه المسألة الحيوية لتعطي مؤشرات جدية وخطيرة لما يجري خلف الكواليس , اية خلافات يا ترى تلك التي تعصف بالكيان الكوردي بحيث يتطلب وحدة ارادته وادارته كل هذه المدّة الزمنية الطويلة, ياترى ما السرّ الكامن وراء ذلك , هل هو خلاف فكري واستراتيجي غير قابل للالتقاء او التفاهم, هل هو الخلاف على توزيع المناصب السيادية في الحكومة الموّحدة, هل هو خلاف على الزعامة, هل هو خلاف على توزيع الموارد المالية ام ماذا؟؟  .

ان الامر قد ترك و لا يزال يترك فراغا دستوريا ويعرض التجربة الديمقراطية في كوردستان الى اللامصداقية والشكوك, كيف يتسنى للقيادة الكوردية ان تطالب بالفيدرالية الواحدة لكوردستان وهي منشطرة اصلا في ادارتها لكوردستان الى نصفين؟؟ وفيما يخص المطالبات الكوردية بضّم الاجزاء الخارجة عن اقليم كوردستان الحالي مثل كركوك وخانقين ومندلي وزمار والشيخان, الى اية حكومة من الحكومتين في اربيل والسليمانية يجب ان تنضّم هذه المدن والقصبات؟؟؟؟ والى غير ذلك من عشرات التساؤلات وعلامات التعجب والتي تشدد على ان الاولوية الحاسمة في هذه المرحلة  هي لترتيب البيت الكوردي وعلى اسس رصينة وستراتيجية غير قابلة للشّد او الجذب للتفرغ لمقارعة اعداء الكورد المتربصين والذين سيزداد بأسهم وتنظيمهم يوما بعد يوم ولا يمكن بالتالي للقيادات الكوردية ان تنتزع منهم اية مكاسب وحقوق مهدورة ناهيك  عن تلك التي قد تحققت لحّد الآن  حتى  ولو على الورق ما لم تكن موحدة قلبا وقالبا .

ثانيا:الفساد الاداري والحزبي :

لا غرو ان ظاهرة الفساد الاداري والحزبي اصبحت تحتل المرتبة الاولى في سلّم الاصلاح الاداري في كوردستان,ان ظاهرة الفساد هي من الظواهر الموضوعية المرافقة لاي تغيير سياسي جوهري كالتي تمّ في العراق بشكل عام , وهي غير بعيدة عن الاجندة السياسية لمختلف الاحزاب والتنظيمات التي نمت وترعرت في رحم الحقبة الشمولية التي سادت في المنطقة لاكثر من خمسة عقود,اي انها ظاهرة موضوعية حقا وليست غريبة عن الواقع المأساوي لشعوبنا العراقية , ولكن الغريب هو استحفالها في كوردستان يوما بعد يوم على الرغم ان التجربة الكوردية هي الاكثر نضوجا على مستوى العراق والمنطقة,ومن الواضح ان هكذا ظاهرة سلبية لم تكن قد استمرّت وتعمقت لولا تغافل او غض الطرف عنها من قبل القيادات الكوردية وعلى اعلى المستويات ,ان ظاهرة الفساد واينما وجدت فانها باالتأكيد لا تكون بعيدة عن انظار القيادات السياسية والتي قد تكون بعضها مشاركة فيها او ممارسة لها بصورة او اخرى وبالتالي فانها تصبح عرفا (مقبولا) من قبل الجميع وكل حسب موقعه الحزبي والاداري وقدرته وصلاته وعلاقاته العائلية او العشائرية ....الخ,قد يكون الهاجس الامني احد العوامل المشجعة او المبررة للفساد الادراي او السياسي والتمادي في استخدام مظاهرالحماية الشخصية وغيرها ,قد يكون الاحساس بالغبن والحرمان في فترات النضال والمقاومة في الكهوف والجبال والسجون ايضا من التبريرات التي يلجأ لها بعض المناضلين القدامى وابنائهم واقربائهم  ,