هكذا استقبلوني في مسلخ امن صداّمي 3 - 4
شه مال عادل سليم
المشهد السابع ......
( وجوه كئيبة واجساد ممزقة )
دخل عليّ روبوت وسحبني من شعري واستمر في السحب حتى انزلني عدة سلالم وركلني داخل الغرفة ... كان جسدي ممزقا ويدي مشلوله وكتفي مكسورة، كان جسدي يئن من الاوجاع , كنت افكر بالانتحاريائسا .... لاخلص نفسي من هذا العذاب الأليم كانت الغرفة تعجّ بالاشخاص................ كنت التفت يمينا ويسارا ولا ارى غير وجوه كئيبة واجساد ممزقة، متوجعة، متعبة. تقرّب منى احدهم وقال متى اعتقلت ؟ قلت له لا ادري ... قال ما هي التهمة ؟ قلت له لا ادري ... كان عليّ ان التزم الصمت حسب اوامر الروبوت، الذي قال لي ....... احذّرك من الكلام! ... ان للغرفة اذان! ... ويلك من الحديث عن اي شيئ رايته او سمعته و تعرّضتَ له ... !! بين انيني كنت اسمع اصوات استغاثة وصراخ وبكاء ... في تلك الغرف اللعينة التي انتشرت فيها الأمراض، التي كان منها الجرب والربو والحساسية المختلفة ........ كان طعامنا لا يتعدى النصف قدح من مرقة سلق و ماء ملح او الحبز الجاف او الحساء الذي تطفوا فيه عقب السكاير و ونصف قدح شاي ، ونظرا لرداءة الطعام و قلّته و تعرضنا للتعذيب الوحشي....... كنا مصابين بالاسهال ,الجفاف و بالهزال و فقدان الوزن و الاغماء المستمر وفقر الدم ، و كنا لا نجرأ على مطالبة بتحسين ظروفنا او زيادة كمية ما كان يسمى بالطعام، او تحسين نوعيته، حذراً من مضاعفة العقاب اومن سوق وادخال كل من يحاول الاعتراض في(( الصندوف او الحفرة ))* .....
المشهد الثامن ........
( مسلخ ) **
كانوا يسحبوني كل يوم من شعري او رقبتي او يدي الى المسلخ , حيث كانت تبدو رحلة العذاب الحقيقية , كانوا يعلقوني من يدي وينهالون علي بالضرب ثم يسحبوا العصابة من عيني ويتركوني في المسلخ الرهيب, بين انيني وجسدي المتعب والممزق كنت ارى اجسام معلقة الى الكلاب المثبت في اعلى حائط المسلخ ........ كانت اجسام متدلية , معلقة من قدم واحدة او الاثنين وبالكاد اطراف اصابعهما تلامس الارض , عراة , معصوبي الاعين وهم في اغماء تام ........ اما الروبوتات كانوا يتجولون ويضحكون ويمرحون وسط هذا المشهد المريع ........ اما عن الحالة الصحية و النضافة, فالحشرات من شتى الانواع تسرح في هذه الاقبية الارهيبة ...... كما رايت في المسلخ عددا من الجثث الضحايا والقيود تكبل اياديهم ..... حكايات وقصص كثيرة لا يصدقه عقل من لم يعش التجربة ........ نعم ....... هذه كانت بداية جديدة لعذاب والم و تخويف وتدمير نفسي وجسدي للمعتقل الذي كان لا حول له ولا قوة في هذا المسلخ الرهيب .........
المشهد التاسع ......
( ارجوحة الموت) ***
كانوا يعلقوني من رجلي او يدي بالمروحة السقفية , تدور , تدور وتدور بهدوء وهدوء , الى ان يغمى علي . كانت تمر ليال لا اذوق فيها للنوم طعما, كانوا يتركونني في المسلخ كنت اعاني من عزلة قاتلة موحشة , كان يقولون لي ( نتمنى لك وقتا ممتعا ,والى اللقاء ), ثم كانوا يتركوني في المسلخ بين جثث معلقة تدور بهدوء ,الى ان ياتي دوري مرة اخرى ......نعم , هكذا كانت فترة الاستراحة و الخروج من ( الصندوق ) ..... كنت اسال نفسي .. ماهو الجرم الذي اقترفته ؟ لماذا كل هذا التعذيب الوحشي ؟ لماذا ؟ كانوا يضربونني بالركل , والبوكسات وانا معلق ﺒ ( الارجوحة , المروحة ) في سقف السرداب .... كنت افقد الوعي من شدة الالم ..... الام لا يوصف ..... مشاهد رهيبة ..... صور بشعة ..... تشمئز منه الانفس البشرية الا نفوس روبوتات صدامية الذين كانوا يضحكون و يمرحون و يتجولون وسط هذه المشاهد المرعبة ......... كانوا يقولون لي ..... انت مخرب ..... و نحن نشخص المخربين من عيونهم .... كانوا يدخلوني الى غرف التحقيق ( التعذيب ) وانا معصوب العينين وموثوق اليدين ... وهناك تبدا رحلة العذاب الحقيقية , كنت اصرح بكل ما املك من القوة واشتمهم , لعلهم يقتلوني كي اتخلص من هذا العذاب الاليم , وبعد عدة ساعات من التعذيب الوحشي كانوا يقتادوني الى داخل زنزانة وكانوا يقولون لي :- انت مشاكس لذالك سوف( نضعك في الصندوق , اي سجن داخل السجن .....!! ) ....... كانوا يضعوني في( الصندوق , ) اللعين لابقى في بحر من ظلام كامل ومعزول تماما عن كل شيء في زنزانة انفرادية .... كنت اتعرض للضرب يوميا وبصورة منظمة ..... ولم توقفهم توسلاتي و استفساري عن سبب ما يحدث ...
المشهد العاشر .........
( كذبة نيسان )
كل مسؤول كان يجرب معنا اسلوبا يختلف عن اساليب اخرى , ومن المواقف التي لا زلت اتذكرها جيدا يوم كذبة نيسان ...... في ذالك اليوم دخل علي الروبوت وسحبني الى غرفة احد ضباط الامن ..... كانت عيناي ويداي مشدودتان كالمعتاد .... و عندما دخلت الغرفة، قال لي بصوته المبحوح :- غدا نطلق سراحك ......... كان في الامر خطا ... ! نعم خطا .... اشتباه في الاسماء ...... المسالة كلها كانت اشتباه لا اكثر ولا اقل ...... ؟! الاختلاف كان فقط في اسم الجد ..... قلت لنفسي ماذا عن التعذيب الوحشي و الكهرباء و كسر اليد .... ماذا عن التهديد بالقتل …. ؟؟ ماذا عن شروط اطلاق سراحي مقابل(( العمل و التعاون معهم ))……… ماذا عن الكوي و التعليق و الفلقة ..... سألت : اعتقلت بالخطأ ؟ قال نعم .... بالخطاء .. ولكنك محظوظ.......... محظوظ ....... حصل حالات كثيرة و لكن بعد اعدام المحتجز اكتشفنا الخطأ ..... نعم .. قتل السجين ثم تحققنا من هويته وتبين لنا ان الضحية كان مشتبه به ... للاسف ......... للاسف .......... نعم حصل اخطاء كثيرة ........ لقد مات احد السجناء بحادث السيارة في نفس زنزانتك ! كان حادثا موسفا ......... موسفا حقا ....... ضحك الضابط ضحكة هيستيرية وقال لي بماذا تفكر.............﴿ قل لن يصيبنا الا ما كتب لنا ﴾.... سوف نطلق سراحك كما قلت لك، المسالة كلها كانت اشتباه واعذرنا على التقصير , اخذ الامر بروح رياضية .. ها ....ها....ها....ها ... وويلك من الحديث عن اي شيئ تعرضت له .. هل فهمت ؟ لم اجبه بشئ .... صرخ بوجهي وقال ...... هيا اخرج يا حقير....... اخرج ....... والا قتلتك ..... و عند خروجي من الغرفة , ضربني الروبوت ببسطاله الخرافي، اسقطني على الارض وانهال عليّ بالكيبل وبالبوكسات والشتائم والمسبات الصدامية ..... و قال لي ...... ادخل الزنزانة يا حقير .......... الم تسمع بكذبة نيسان ؟ هيا ادخل الزنزانة .... هيا ....... ركلني الى داخل الزنزانة حيث لا تعرف النهار متى ياتي و لا الليل كيف ينقضي دخلت الزنزانة معصوب العينين خوفا من حادث السير ......!! وقلت لنفسي........... مزحة سخيفة ! اليس كذالك يا شه مال !
نعم ........هكذا كانوا يعذبوننا نفسيا و جسديا في مسلخ امن اربيل ............
المشاهد تتكرر يوميا في مسلخ امن صداّمي ............... حكايات وهموم لا تنتهي .... لا تنتهي ...... ولسنوات طويلة بلا توقف .............. مازالت اثار ذالك التعذيب البشع محفورة على جسدي وفي ذاكرتي رغم مرور المدة الطويلة عليها .......
يتبع
* الصندوق او الحفرة ... غرفة انفرادية صغيرة , باردة ومعتمة لحد اللعنة ......... ** مسلخ ... قبو مثبتة في جدرانها الكلاب .... يتم تعليق الضحية بها و لفترة طويلة و باشكالا متنوعة ......
*** ارجوحة الموت او المروحة السقفية , كانوا يعلقوننا من قدم واحدة او الاثنين او راسا على عقب حسب مزاج الروبوت , وتدور المروحة بدرجات مختلفة حتى التقيوء و الاغماء ........ هناك نوعين من منتسبي المسالخ :-
* الحرس او المراقب ...... هناك حرس يومي داخلي لحراسة البوابات , تقديم ما كان يسمى بالطعام و الماء من فتحة الباب , مرافقة للمراحيض , مرافقة الى المسلخ و اماكن اخرى داخل المعتقل لشتى الاغراض ....... على سبيل المثال غرف التحقيق , والتعذيب .........
*الجلاد ........ وحش كاسر , مجرم سادي , سكير حاقد , ابتكر اساليب جديدة لتعذيب الابرياء في مسالخ صدام وشلته المجرمة . يتعامل مع السجناء بلغة الكهرباء , الفلقة , المكواه ..... الخ , لا يمارس التعذيب الا وهو مخمور ...... لم ار وجه الجلاد طيلة بقائي في السجن , كنت اسمع اصواتهم فقط , لم اضرب الا وانا مشدود العينين واليدين .... وعندما كانوا يستدعوني للتحقيق , كانوا يشدون عيني ويكبلون يداي الى الخلف و يسحبوني من شعري او يدي الى المسلخ .... وبعد التعذيب والضرب المبرح كانوا يضعوني في الحبس الانفرادي ..... لابقى في بحر من ظلام كامل معزول عن كل شيء فيه احساس يالحياة ............
2006-01-18 كوبنهاكن
|
|
04/07/2007 |