|
كان
المقدم الشرطة المرحوم " شيخ حسن شيخ ابراهيم " أول أيزيدي
يصل الى هذه الرتبة العالية في العراق أنذاك , لكنه بعد مجيء
زمرة البعث الى السلطة عام 1968 ولعدم انتمائه الى صفوف حزب
البعث الحاكم، أحيل الى التقاعد وهو برتبة مقدم شرطة....
في فترات لاحقة وبالتحديد الاعوام الاخيرة من الثمانينات وفي
بداية التسعينات كثيرا، كنت ما أجلس معه و كانت له حكاياته
الجميلة تندهش به القلب عندما كان يحكى عن سيرة حياته
العسكرية وهو في بداية الاربعينيات كان ظابط مع الجيش
الانكليزي وذهب الى الايران وكثيرا
ما كان يروي علي أثناء تواجده عن الحياة الصعبة والبعض من
الصفات للجيش الانكليزي من حسناتهم وسيئاتهم والى آخره، بعد
رحيل هذه ا لقوات من العراق عام 1949 تم احالة
المرحوم (حسن ابراهيم) الى سلك الشرطة برتبة مفوض في أحد من
مراكز الشرطة،
أثناء وجوده في مركز شرطة الكرادة ولقلة الملاك أصبح مأمورا في
المركز ذاته، في أحد المظاهرات السلمية في بغداد وامام قصر
رئيس الوزراء المرحوم (نوري سعيد) احتشد جمع غفير من المعلمين
والموظفين وكان من مطاليبهم زيادة الرواتب ورفع المستوى
المعاشي وهم كانوا
يهتفون بالمقولة الاتية :(نوري سعيد قوندرة وصالح جبر
قيطانة.) ..... أمام قصره !!
مندهش فعلا !! فسألته أيضا , انتم کشرطة هل أطلقتم النار على
المتظاهرين؟
هز رأسه، وقال يا بني بأعتباري
مأمورا للمركز، كان في يدي عصا ومسدس انكليزي واما الاخرين
كانوا يملكون كل واحد منهم سلاح نوع انكليزي طويل وفي كل
الاحوال كان من ممنوع ضرب الرصاص الحي بأتجاه المتظاهرين!!
اذا، ماذا کان رد فعلکم تجاه المتظاهرين، هل بقوا لفترة طويلة
امام قصر السيد رئيس الوزراء؟
لا .. خرج السيد رئيس الوزراء المرحوم نوري سعيد على طارمة
القصر وهو يسمع المتظاهرين وهم يهتفون ضده!!
اذا، ماذا کان موقف المرحوم رئيس الوزراء نوري سعيد من
هتافاتهم؟
قابلهم بسرور ثم قال: ماذا تريدون من الحكومة و ماهو مطاليبكم؟
قدم وفد ممثل عن المتظاهرين نحو الباب الامامي للقصر وقدم
مطاليب المتظاهرين الى رئيس الوزراء نوري سعيد، لم يدم طويلا
وبعد حوالي أقل من ساعة، وافق نوري سعيد على مطاليبهم بزيادة
وصرف (نصف دينار) على راتب كل موظف عراقي من زاخو شمالا الى
صفوان جنوبا .. هذه الاستجابة السريعة ادخل الفرح والسرور في
قلوب المتظاهرين و سرعان ما غيروا رأيهم و هتافهم من ( نوري
سعيد قوندرة وصالح جبرقيطانة) الى هتاف
آخر ( نوري سعيد وردة صالح جبر ريحانة !!)....
عجيب !! العراقيون شعراء يكتبون هتافاتهم کما يبدعون في الشعر
الشعبي وفي نفس اللحظة .
اخيرا
أقول: رحمك الله يا العزيز صاحب الحكاية الجميلة (المرحوم حسن
ابراهيم ) الذي نقل بعد سقوط الملكية الى مدارس الشرطة العاليا
وتخرج برتبة ملازم اول بقى في هذا السلک الى عام 1971 واحيل
الى التقاعد وهو برتبة المقدم وكان مرشح الى رتبة العقيد ..
ووافاه الاجل في نهاية
عام 2000م وهو يناهز من عمر أربعة وسبعون عاما ..
|