في يوم النطق بالإعدام .. هددت تركيا بالإنتقام

محسن جوامير ـ كاتب كوردستاني

mohsinjwamir@hotmail.com

  

هدد وزير خارجية تركيا عبدالله كول القيادة الكوردستانية في العراق, قائلاً: ان جلال الطالباني ومسعود البارزاني يريدان ان يصلا الى اهدافهما في تركيا عن طريق PKK.

وأضاف كول في تصريح خاص لصحيفة حريت الواسعة الانتشار في تركيا : ان القوات الامريكية في العراق هم ضيوف وسيعودون يوماً ما الى بلدهم, وتركيا تبقى في مكانها, وان الطالباني والبارزاني يجب ان لا ينسيا مصير ميلوسوفيج الذي اعتمد على امريكا لحين وصوله الى هذا المصير.

كما وقال وزير خارجية تركيا الذي هو نائب رئيس الوزراء التركي في الوقت نفسه: إن الطالباني والبارزاني يرتكبان 3 اخطاء, الاول: التفكير بكورستان مستقلة, والثاني: الحصول على كركوك, الثالث: التعاون مع PKK.

* * *

من خلال قراءة الخبر أعلاه والمنشور في موقع الإتحاد الوطني الكوردستاني، يتوضح قلق الترك الجديد والقديم قدم جمهوريتهم من اي تقدم كوردي باتجاه التحرر والإنعتاق من العبودية التي هم طرف رئيسي في تجسيدها لتركيع الكورد ـ وفق أحلامهم ـ امامهم دائما وابدا، وبالتالي معاكسة التيار المؤيد في العالم وخاصة أوروبا، للكورد، والتي تطالب تركيا بالاعتراف بالواقع الموجود حتى يتسنى لها الدخول في خانة الأمم التي لا تكاد تصدق بان هناك أمة في القرن 21 مازال وجودها ولسانها وتأريخها يتعرض للإغتيال.!

 

من يطلع على تصريحات وزير خارجية تركيا، يدرك المستوى المتدني الذي وصل إليه هو واشباهه، إضافة إلى الهلع الذي أصيب به الزعماء الترك وهم يرون الكورد وانجازاتهم والمكتسبات التي حققوها هم بدمائهم وإصرارهم والتضحيات التي قدموها، والمذابح التي جرت لهم في حلبجة والأنفال وقوشتبه، وعمليات الطرد التي شملت كل بقعة من كوردستان بدءا بسنجار وشيخان ومرورا بكركوك وكرميان وانتهاء ببدرة وجصان.. تلكم الجرائم التي أوصلت الحاكم السابق للعراق أن يُبَشَر بما خبأ له القدر ( جزاء وفاقا ) من حكم الإعدام في الدنيا ولعذاب الآخرة أشد وأبقى.

 

تهديد كول من خلال قوله أن ألأمريكيين هم ضيوف وسيغادرون، أي ان الكورد سوف ينالون جزاءهم العادل على ايدي تركيا.. هو هراء، وما هو إلا قول هزيل ودجل ليس له مثيل ولا يتعدى كونه للإستهلاك المحلي ولو بالشئ القليل.. فان نضال الكورد لم يكن من أجل هذه الدولة او تلك وبدفع من هذا أو ذاك ..وإن تحديهم كان في أوج قمته حتى حينما كانت الدول العظمى تساعد الأنظمة الظالمة لقمع الكورد.. وإن الورطة التي أوقعت تركيا نفسها فيها مع كوردها، ولا تدري كيف تخرج منها برغم كونها صديقة أمريكا، ليست بسبب موقف حكومة كوردستان أو حب أمريكا للكورد، إنما هي بسبب أخطاءها هي تجاه الكورد وعدم قبولها بالسلام الذي دعا إليه محبوه.

 

مسألة كركوك التي يحرص الكورد على حلها وفق المادة 140 من الدستور الفيدرالي ويريد السيد كول بتصريحاته أن يتهمهم بها ويربطها بنية الكورد في تشكيل دولتهم ـ وهذا حق سماوي وأرضي لهم _، غير مرتبطة بالأمر المذكور بقدر إرتباطها باعادة الحقوق إلى أهلها وعودة الذين أتى بهم صدام ظلما وعدوانا إلى ديارهم معززين مكرمين .. هذا مع إيماني بأن الإستقلال وخاصة لكورد تركيا هو من أوجب الواجبات, لأن لا ظلم يفوق ظلم تركيا ولا فاشية تبز فاشيتها، وإن كان الطلاق مكروها في الشرق بين شخصين فانه واجب وفرض بين الكورد وتركيا وبأمر من رب المشارق والمغارب.

 

مثال ميلوسوفيج الذي يذكره عبدالله كول، لا ينطبق إلا على معاصريه وعلى من سبقهم من قادة تركيا وخاصة العسكر، من يوم ولادة الجمهورية التركية وإلى اليوم,.. وما هم إلا أشباه  للدكتاتور العراقي المدان، وذلك في عنصريتهم وعنجهيتهم وفاشيتهم وشوفينيتهم وأنانيتهم وكراهيتهم لغيرهم .

 

نحن لا نقدس رؤساء الكورد ولا نزكيهم، فهم كغيرهم بشر وخطاءون .. ولكن للحق نقول بان تأريخنا لم يحتضن زعيما مثل اتاتورك يحذف الكل إلا الترك، ولم ير زعيما كالراحل أجويد يدعو إلى محاربة الآخرين في لغتهم وتأريخهم أو ثقافتهم.. بل كانوا دائما من المدافعين عن حقوق الكل وإن مشروع دستور كوردستان خير شاهد على ذلك.

 

قول عبدالله كول إن الأمريكيين سيرحلون يوما ما ولكن تركيا باقية, دليل على خوفهم من الكورد وكذلك فشلهم في مواجهتهم لهم الآن، وتشبثهم بقشة التبريرات، وإلا متى كان الأمريكيون موجودين في المنطقة حينما كانت الحروب بين الكورد وتركيا في أشدها في التسعينيات، ولم يتمكنوا بجيوشهم وجحوشهم القضاء عليهم .؟!

 

الأجدر بالسيد كول أن يتقرب من القيادة الكوردية في كوردستان الفيدرالية، فان في ذلك الخير كله لتركيا قبل الكورد.. فهم بخبراتهم وتجاربهم يمكنهم أن يعينوا تركيا في التغلب على مشاكلها وصراعها المزمن مع كوردها.. ثم إن الحدود المرسومة بين الدول المصطنعة ليست خطوطا إلهية حمراء لا يمكن تجاوزها، فالكورد سواء كانوا في الشمال أو الجنوب هم كورد، وسيكونون هكذا أبدا.. وإن الموانع التي هم يريدون تثبيتها بين الدول المتجاورة إلى يوم القيامة، أزيلت بين الدول الأوروبية التي تريد تركيا الدخول فيها اليوم وليس غدا.

 

نقول للسيد وزير خارجية تركيا، لا حاجة لتخويف الكورد برحيل أمريكا يوما ما .. فأمريكا قبل أن تحتل العراق، كانت موجودة عندكم بعددها وعدتها .. واليوم وبعد أن أتت بها دكتاتورية الطاغية السابق إلى المنطقة، فانها باقية، ولم تأت لتعود بخفي حنين من أجلكم أو من أجل الآخرين.. ثم إعلموا أن تمنياتكم بعودة الدكتاتورية والصراعات والأنفالات، وفي حال عودتها، فان التركمان الذين تذرفون ـ زورا وبهتانا ـ من اجلهم دموع التماسيح، سوف لن يكونوا أحسن حالا من الآخرين، وإن أي ضربة توجه لكوردستان ـ وزمن هذه الحماقات قد ولى ـ سيكون لهم نصيب منها لأنهم جزء من نسيجها ولحمها ودمها.

 

 وكذلك من الأفضل لتركيا الدخول في مفاوضات مع كوردها بدلا من اللجوء إلى التوقعات أو التفكير العقيم او التهديد  بالإنتقام.. وليكن مثال صدام وميلوسوفيج درسا لهم، ليس للفضلاء من الأنام.!

وإلا فان الكورد قادمون لفرض السلام.!

 

 

 

 

 

           

 

02/09/2015

 

goran@dengekan.com

 

dangakan@yahoo.ca