الجراح فائق كولبى.. هل سيكون أحد
الشهود ضد صدام حسين.؟ |
محسن جوامير ـ كاتب
كوردستاني
|
|
حينما يجلس أحدنا أمام التلفاز
ليشاهد صدام حسين وأذياله وهم في القفص، حيث اشتدت عليهم
الشهقة وصعب على رئتيهم النفس، يُحاكمون من قبل المشتكين قبل
المحكمة أو المدعي العام وأمام الحرس، يسرح به الخيال إلى عالم
يختلف كليا عن الواقع أو ما وقع، ويكاد ينسى الجرائم أو تختلط
عليه الأحداث التي قد يصعب تصورها أو مواصلة التدقيق في
مفرداتها ودقائقها بحدس.. أجل, إلى عالم صدام الملون بالوان
الدماء فقط لا غير.. حتى تقاسيم وجهه وتفاصيله تخيل إليك أنها
أنياب ومخالب تسعى وتبحث عن الفريسة لتنقض عليها وتنهش الحاضر
والغائب.. وحتى إبتسامته تعلوها حالات الإنذار ومنع التجول في
بلاد العرب والكورد والأجانب .. لهذا قد يقع الإنسان في غياهب
قراءة الملامح أكثر من متابعة ما جرى من أنفال ولمن جرى وكيف
جرت تلكم العجائب والغرائب.
لقد كنت في ذلك العالم اضرب
الأخماس بالأسداس، وإذا باسم الدكتور ( فائق كولبي ) يرد على
لسان إحدى النساء الكوردستانيات الفاضلات بين الناس، وهي تحكي
للمحكمة وللضمير الإنساني وبالتفصيل ما جرى لهم من أنفال
ومآسي، وكيف وصل الجرحى والمصابون إلى حيث عيادة الدكتور فائق
في الجبل وأثناء جو قاسي، والذي يقال أنه كان يُجري العمليات
الجراحية أمام ضوء القنديل أوالفانوس، ولم يتوان طوال كونه
بيشمه ركه في الجبل عن خدمة شعبه بالنهار أو في الأماسي.
لم أرَ الدكتور كولبي في حياتي
ولا مرة، ولكن علمت أنه إبن لأب قتل عام 1963 حينما كان فوق
ظهر دبابة قريبا من جسر زلم القريب من حلبجة، وإذا بطلقات
رشاشة قادمة من دبابة أخرى تغتاله ويسقط شهيدا.. إضافة إلى أن
امه وأحد أخوته راحا ضحية عمليات الأنفال1988.. وقد علمت قبله
أنه رئيس حزب الحل الديمقراطي الكوردستاني المجاز حقيقة لا
مجازا، وقد خاض الإنتخابات، وفي الفترة الأخيرة وترضية لتركيا
أغلقت مقار الحزب المذكور في العراق وكوردستان والقي القبض
عليه لبعض الوقت في السليمانية بتهمة إرتباطه بحزب العمال
الكوردستاني الذي تحول إلى كابوس على صدر العنصريين
والشوفينيين الأتراك.
إن الذي يؤرقني هو أن اسمع أن
رجلا مثل الجراح كولبي يساق للتحقيق معه، وهو بجانب كونه
سياسيا, فانه طبيب وعالم.. وكان جل حياته يداوي الجراح وحاضرا
في المآتم.. وقد أنقذ حياة المئات من الموت المحقق ( ومن
أحياها فكانما أحيا الناس جميعا ) فهذا والله لحق ومن لا يؤمن
به فقد إرتكب المآثم.. وفي نفس الوقت يتوارد إلى ذهني سؤال عما
إذا كان الدكتور فائق كولبي سيكون أحد الشهود ضد صدام حسين
وأذياله، لإنني على يقين بأن شهادته ستكون ذات نكهة جد خاصة
وإضافة قوية إلى مثيلاتها من الشهادات العامة والخاصة.؟
|
|