الجبهة التركمانية وطريق اللاعودة......

صفوت جلال الجباري

 

 

قبل كل شئ علينا نحن الكورد, حينما نتكلم عن ما تسمى( بالجبهة التركمانية)  ان نفرق بشكل واضح بينها وبين الشعب التركماني الاصيل والمُسالم....فالشعب التركماني يشكل  بدون ادنى شك احد المكونات الاساسية  للنسيج  الذي يؤلف الموزاييك العراقي  المتنوع الاطياف والالوان والمشارب, فالتركمان شعب عريق وُجد على ارض العراق منذ القدم , والحقيقة انهم عانوا ما عاناه  بقية ابناء شعبنا العراقي المظلوم من شرور وتعسف النظام البعثي المباد بشكل خاص.... بينما  ما تسمى بالجبهة التركمانية لا تتعدى كونها  منظمة كارتونية مصطنعة و هزيلة بعيدة كل البعد عن هموم ومشاكل المواطن التركماني, وهي دمية  مصنوعة في دهاليز  المخابرات التركية(الميت) ولا تمّت الى الشعب التركماني باية صلة عدا كون بعض المنتمين اليها من اصل تركماني(حيث ان بعض قياديها هم من الموظفين الاتراك وهم اصحاب القرا ر الفعليين  في هذه الجبهة العميلة) , تماما كما كان هناك في السابق أناس من ضعاف النفوس في صفوف الشعب الكوردي  ومن  المرتزقة و المتاجرين بمآسي وويلات  هذا الشعب وممن كانوا يتكلمون باسمه  في المنابر البعثية الكارتونية المصطنعة( ما كان يسمى بالمجلسين التنفيذي والتشريعي لمنطقة الحكم الذاتي) من الجحوش والمنتفعين الذين استخدمهم صدام بابخس الاثمان ضد شعبهم الكوردي والذين انتهت ادوار( معظمهم) بانتهاء حكمه البغيض.... فكما هو معروف ان الدولة التركية الطامعة بارض وثروات  العراق( ولاية الموصل بالتحديد) دأبت و منذ الاربعينات من القرن الماضي بتجنيد   بعض من التركمان, بل وحتى بعض الكورد المستتركين  الذين كانوا يتوجهون الى تركيا لغرض اكمال الدراسة, حيث كانت هناك (تسهيلات) للحصول على شهادات مرموقة العنوان ولكن ركيكة المستوى, وهناك كان يتم وبشكل مبرمج وتحت اشراف خبراء في جهاز الاستخبارات التركية( الميت)و المؤسسات والاحزاب القومية من( الذئاب الرمادية) حشو ادمغتهم بالمفاهيم العنصرية الاتاتوركية ليعودوا الى بلدهم بعد سنين من اكمال الدراسة و قد تشّربوا بهذه المفاهيم الرجعية المتخلفة وكانوا يتقصدون حتى في تغيير اللهجة التركمانية الدارجة في العراق الى لهجة قريبة من التركية الالستانبولية امعانا في الذوبان والخضوع الذليل لمفردات الثقافة العنصرية التركية البغيضة التي كانت ولازالت الى يومنا هذا تسعى لتمجيد الاوهام  الطورانية الموغلة في التخلف و تحاول تعظيم دورالامبراطورية العثمانية ومن بعدها الفكر الكمالي الفاشي اللتان لم تكونا الا وَبالا على كل الشعوب والاقوام التي ابتليت بحكمهم العنصري الفاشي الرجعي و المتخلف عن ركب العصور التي عاصرتها, امبراطورية تترية بربرية تشكلت في غفلة من الزمن وسرقت الخلافة الاسلامية والتي تحت مظلتها وبمباركتها ارتكبت افضع الجرائم بحق الشعوب الكوردية والارمنية والاشورية والعربية واليونانية ملوِثة صفحات تأريخها الاسود اصلا ببقع دموية لا تزال الى يومنا هذا تمثل عارا على الدولة التركية الوارثة لهذا الارث الدموي الثقيل.  

 

 

الانتخابات التي جرت في العراق في كانون الثاني الماضي والتي كانت في حقيقتها استفتاءا واقعيا للمكونات القومية والعرقية والدينية في العراق, اكثر من كونها انتخابات تشريعية اظهرت بشكل واضح الوزن الشعبي الهزيل لهذه الجبهة العميلة 

  في صفوف الجماهير التركمانية التي بالكاد وبعد الكثير من اساليب التزوير والخداع   استطاعت ان تحصل على  مقعد يتيم واحد في البرلمان العراقي المنتخب!!!!!...اي بنسبة عددية تقل كثيرا عن نصف بالمائة من مجموع الشعب العراقي .... في الوقت الذي حصل العديد من رؤوساء العشائر العراقية بل الشخصيات السياسية التي نزلت الى الساحة الانتخابية بمفردها على اصوات اكثر من هؤلاء الذين يدّعون تمثيل الشعب التركماني باكمله, وبكل تأكيد ان عدد  التركمان في العراق اكثر من هذه النسبة باضعاف!!!!.....

 

ان كافة الادعاءات الفارغة والمُغرضة لهذه الجبهة العميلة ضد الكورد ما هي الا صدى وتكرارا مُمِلا للادعاءات والاقاويل الصادرة عن الدولة التركية الفاشية ودوائر مخابراتها والمعروفة بعداءها المستحكم للكورد شعبا وارضا وتأريخا.....وهي تعكس بالاساس و بشكل واضح مخاوف وهواجس الدولة التركية من نهوض المارد الكوردي من قمقمه في بلاد الاناضول وقضمه ثلث مساحة ما تسمى( بتركيا) والقضاء على الاحلام المريضة التوسعية للفكر الكمالي العفن والذي لا يزال يعشعش في الادمغة الخاوية للجنرالات التركية التي تحلم باعادة أ مجاد الامبراطورية العثمانية الزائفة والزائلة وهي لا تزال تتغنى بالادوار الغير المشرفة والمشينة لهولاكو وجنكيزخان واحفادهما في تأريخ المنطقة والتي زحفت بكل وحشيتها من اواسط آسيا لتستقّر في نهاية المطاف في بلاد الاناظول مكتسحة في طريقها  وتحت سنابك خيولها كل الحضارات العظيمة التي صادفتها, وقضت على الجهد البشري لآلاف السنين من فنون  وعلوم وادب  واتلفت ملايين الكتب والمؤلفات القيمة والتراجم  التي كانت هذه الحضارات قد سجلتها بمدادها في صفحاتها  بغية حفظها لاجيالها القادمةعبر تأريخها الطويل .

 

ادعاءات ما تسمى (بالجبهة التركمانية) حول كركوك:

 

1:  كركوك مدينة عراقية ذات طابع تركماني:

 

هذه المقولة الفارغة تتكرر كثيرا هذه الايام سواءا من الابواق التركية مباشرة ام من قبل وكلائهم (الجبهة التركمانية) بل وحتى من بعض ايتام النظام السابق من عربان الحويجة.... حيث نسمع كثيرا من  الجهات التركية الرسمية وشبه الرسمية (ضرورة الحفاظ على وحدة العراق وسلامة اراضيه ) اشارة الى معارضتها لقيام اي كيان كوردي في اي جزء من كوردستان وباية صيغة كانت خوفا من نهوض كوردي متوقع واكيد داخل حدود دولتها المصطنعة,وهذه الاطروحات مفهومة لنا ككورد الى حد كبير لمعرفتنا المسبقة بالحقد التركي الدفين والمُزمن ضد كل ما هو غير تركي, وهذا ديدَن السياسة والايدولوجيا القومية التركية المتطرفة, في الوقت الذي يتحتم على الاتراك ان يكونوا آخر من يتحدثون عن وحدة اراضي الغير وهم الذي انتهكوا في عام 1974 وحدة وسلامة الدولة القبرصية اليونانية وانشأؤا  كيانا مسخا (خارج الاجماع الدولي) في شمال الجزيرة اليونانية  للاقلية التركية التي لاتتعدى ال20% من سكان الجزيرة , وهي اصلا اقلية دخيلة على الجزيرة اليونانية , حالها حال اتراك الاناضول  والذين هم ايضا  دخلاء على بلادالاناضول والمنطقة عموما كما معروف للجميع....

 

 ان الكلام حول عراقية كركوك لهو فعلا امر يثير الاستغراب والاشمئزاز ايضا...من ذا الذي يشكك بعراقية كركوك, فكركوك مدينة عراقية حالها حال المدن العراقية الاخرى وستبقى كذلك طالما بقي العراق, ونحن ككورد لسنا ضد العراق ووحدته ولا نسعى ايضا لتفتيت هذه الوحدة التي نتمناها ان تكون اختيارية وتتأسس على مفاهيم ديمقراطية عادلة تضمن حقوق الجميع وبلا استثناء , وذلك هو اختيارنا الطوعي على الرغم من كل ما لقيناه من مآسي وويلات من لدن الحكومات العراقية المتتالية ومنذ تأسيسها الى اليوم , اما اذا ما نفرط عقد العراق يوما ولاسباب خارج  عن ارادتنا فسيكون آنذاك لذلك الحادث احاديث كثيرة....... اضافة الى ان الدستور العراقي الذي حاز على رضا وتصويت اغلبية الشعب العراقي قد اجاز تشكيل اقاليم متعددة في العراق وفقا لمصلحة ومشيئة اهالي الاقاليم انفسهم ...... وفي هذه الحالة هل ان تشكيل اي اقليم متوقع وانضمام اية مدينة اليها سيعني انتفاء عراقيتها او خروجها من الخارطة العراقية؟؟؟؟   وهل ان اقليم كوردستان  مثلا وكواقع حال هو الآن خارج اطار الدولة العراقية او انه  ليس اقليما وجزءا من العراق , وما الذي سيتغير لو ان سكان مدينة معينة اختارت طوعيا وباغلبية اصواتها الالتحاق باقليم معين ضمن اسس قانونية وموضوعية , ما دامت كلها تخضع للقوانين العراقية السائدة والمتفق عليها من الجميع , ولماذا يقبل الكورد كشعب متميز وقيادات تأريخية مناضلة ان يكونوا جزءا من  دولة العراق, في حين لا يقبل التركماني او العربي او اية اقلية اخرى ان يكونوا جزءا من اقليم تابع ايضا للعراق بغض النظر عمن يحكم هذا الاقليم, أهو ترفع وتعالي واستهتار بقيمة ا للآخرين ام هي املاءة تركية عنصرية او عربية قومجية مستوحات من احلام وتمنيات استعلائية شوفينية باتت اليوم بمفاهيمها خارج حدود الجغرافيا والتـأريخ   والمنطق ؟؟؟؟ .

اما عن  ما يسمى بالطابع التركماني لمدينة كركوك الذي يرددها ابواق الجبهة التركمانية ليل نهار......فلا ندري نحن بالضبط ما هو المقصود من ذلك , اذا كان المقصود به ان اغلبية سكان محافظة كركوك الآن ولواء كركوك سابقا باقضيتها ونواحيها   كانوا من التركمان قبل ان تطالها ايادي و حملات التعريب الجائرة , فهذا القول لا يسنده لا الحقائق التأريخية ولا الاحصائيات الرسمية او الشبه الرسمية طيلة القرنين الماضيين على الاقل وقبلها ايضا....ودون الدخول في التفاصيل وببساطة شديدة ,لو كان الامر هكذا(اي ان التركمان كانوا يشكلون اغلبية محافظة كركوك) , لكانت عمليات التعريب قد انحصرت في  صفوف التركمان وليس الكورد, فلو  كان الكورد اقلية في كركوك كما يّدعون لما كان لتواجدها تأثير يذكر على التركيبة السكانية لكركوك, التي ارادها نظام البعث ان تكون مدينة ذات اكثرية عربية, لان قصد نظام صدام البعثي  العروبي الفاشي كان اصلا هو تعريب المحافظة  بغض النظر عن قومية الساكنين الاصليين,(فالخطورة) التي كان يشكلها الكورد عليهم كانت بنفس الاهمية بل واكثر لو كانت الاكثرية في المدينة تركمانية, نظرا للاطماع التركية والتوسعية المعلنة في ارض و نفط وثروات كركوك وبقية مناطق ولاية الموصل و التي  ما زالت وزارة المالية التركية الى يومنا هذا تخصص لها ميزانية سنوية شكلية(ليرة تركية واحدة) باعتبارها  ارضا تركيا مغتصبا!!!!!.

 

2: الكورد يبالغون في اعداد العوائل الكوردية المرحّلة من كركوك:

 

تدّعي الجبهة التركمانية ان اعداد الكورد الذين تم تهجيرهم من كركوك هي 11000 نسمة ابان حكم النظام البعثي البائد وان اعداد العائدين الى المدينة بعد سقوط النظام تفوق هذا العدد بكثير,  وذلك( استنادا) الى ما هو مثبت في البطاقة التموينية التي اعتمدها النظام لتوزيع المواد الغذائية في فترة الحصارمنذ التسعينيات..... وهم يعرفون جيدا ان عملية تعريب كركوك لم تبدأ في التسعينيات بل قبل ذلك بثلاثة عقود او اكثر , فالبعث قد بدأ بمضايقة وترحيل الكورد من المدينة وباسلوب منهجي منذ تسلمه للسلطة عام 1963,وهناك شواهد كثيرة في ارض الواقع يعرفها كل من كان يسكن كركوك آنذاك , فالكورد كان ممنوعا عليهم حق التملك لاية عقارات او ممتلكات ثابتة  او متحركة منذ ذلك الوقت وكان نقل الموظفين والعمال الكورد من الدوائر الرسمية الحكومية امرا شائعا بل كان يمنع حتى التعين الجديد للكورد من ابناء المدينة بعد تخرجهم من المؤسسات التعليمية المختلفة,و حتى من كان منخرطا منهم  في المؤسسات العسكرية(كجنود او مراتب طبعا) كان عليهم ان يختاروا مدينة اخرى سواءا في منطقة ما كانت تسمى (بالحكم الذاتي) او غيرها من المدن العراقية(عدا بغداد والموصل وديالى) لامتلاك قطعة ارض  سكنية اسوة بزملا ئهم العسكريين( مكرمة السيد الرئيس!!!!), اضافة الى حرمان مئات الآلاف من الكورد من اهالي الوحدات الادارية التي تم اقتطاعها من كركوك والحاقها بالمحافظات الاخرى من حق السكن او العمل في كركوك لانهم وبقدرة قادر اصبحوا غرباء عن مدينتهم وعليهم الرحيل من المدينة وشمل هذا الاجراء المتعسف كل الكورد الذين ينحدرون من الاقضية (جمجمال,طوز,كفري.كلار) اضافة الى كل النواحي التابعة لها , ولكن هذا الامر لم يشمل التركمان المنحدرين من  هذه المناطق والذين سكنوا كركوك بحكم العمل او الوظيفة او الهجرة الطبيعية من الوحدة الادارية الادنى الى الاعلى!!!!!,اضافة الى ما جرى على كورد كركوك من مآسي ومضايقات نتيجة مشاركتهم او احد ابناءهم او حتى اقربائهم في صفوف البيشمركة في الثورات الكوردية المتلاحقة والتي كانت احدى عقوباتها المترتبة هي منعهم من العودة الى المدينة مجددا سواءا بعد المفاوضات الفاشلة وانلاع المعارك  او بعد النكسات التي تعرضت لها الثورة الكوردية في اواسط السبعينات او نهاية الثمانينات ,وهناك قضية مهمة يتغافل عنها ادعياء ما تسمى (بالجبهة التركمانية) وهي قضية الانفال, حيث تم تصفية اكثر من 100 الف من سكان محافظة كركوك ضمن الحملة المذكورة, بل ان عملية الانفال قد صممت ونفذت اصلا لتفريغ الاقضية والنواحي والقرى الكوردية القريبة او التابعة لكركوك من ساكنيها باسلوب الابادة الجماعية , ويتقديري ان على الشعب الكوردي وقياداتها السياسية ان تطالب الدولة العراقية ,(كجزء من التعويض المعنوي) للكورد كشعب باضافة هذا الرقم مع (ما كان مفترضا ان سيؤول اليه من خلال الزيادة السكانية الطبيعية لو كانوا احياء) ,الى نفوس الكورد التي ستحتسب في المستقبل لتقرير مصير المدينة,فهناك اثباتات وشواهد ميدانية ان سكان المئات من القرى القريبة من كركوك قد تمت ابادتهم بالكامل ولم ينجُ من محرقة الانفال الا القلة القليلة التي صادفت الاقدار انهم كانوا بعيدين عن هذه المواقع اثناء العمليات السيئة الصيت, اما الرقم البسيط الذي يورده غالبا ادعياء( الجبهة التركمانية), والبالغة(11) الفا, استنادا الى البطاقة التموينية فهو عبارة عن هؤلاء الكورد الذين تم ترحيلهم ابان التسعينات بتهم وحجج شتى منها مشاركة ابناءهم في صفوف البيشمركة او  هروب احد ابناءهم الى خارج العراق او كون سجلات نفوسهم تعود الى احدى الوحدات الادارية التي اقتطعت من كركوك وهم  يشكلون اجمالا جزءا ضئيلا من العدد الكلي الذين شملهم اجراءات الترحيل كما اسلفت سابقا .

 

3: الكورد نقلوا الى كركوك اكرادا من ايران وتركيا وسوريا!!!!!

 

هناتقع الجبهة العميلة في تخبط واحراج كبيرين, فمن جهة عليها مضاعفة اعداد التركمانباية وسيلة!!!... ومن جهة اخرى التقليل من اعداد الكورد او الادعاء بانهم ليسوا من كورد كركوك الاصليين!!!!!, وبالتاكيد حينما يعجز المنطق ومعطيات الواقع من الاتيان بالبراهين والاثباتات فان على الذي يفتقد الصدق والمصداقية ان يلجأ الى الاعذار الواهية لتمرير حجته ومن وراءه قصده الخبيث  .....  وحينما تفاجأ الجبهة وكل اعداء كوردستان بالعدد الحقيقي للكورد في كركوك والذي طالما ارادوا اخفاءه او الاستهانة به لا يبقى لديهم اي مفر سوى الكذب و الافتراء  الرخيص  .... وحينما تكشِف ابسط التقديرات العدد الحقيقي لنفوس  التركمان  في العراق بشكل عام   وكركوك بشكل خاص والتي هي  في الحقيقة اقل بكثير من ادعاءاتهم (ثلاثة ملايين نسمة!!!), رغم ان مسألة الكَم العددي لا ينتقص شيئا من الحقوق الشرعية المكتسبة لاي مواطن ينتمي الى احدى المكونات الاثنية او الدينية للشعب  العراقي, حيث ووفق الدستور العراقي المصادق عليه من اغلبية الشعب فان  العراقيين متساوون في الحقوق والواجبات, ويتّضح كذلك مبالغة الجبهة العميلة لاعداد التركمان  من خلال اية مقارنة  ومقاربة حسابية بسيطة للنسب العددية التقريبية المتعارفة عليها لمكونات الشعب العراقي وفق الاحصائيات المتوفرة , حيث لو سلمنا جدلا بالادعاء الكاذب للجبهة التركمانية وحسبناها بنفس الاسس التي يستندون اليها لنجد ان نفوس العراقيين  سيقفز  الى اكثر من 50 مليونا!!!!!!.

 

,ثم الادعاء الآخر الاجوف من ان الكورد جلبوا الى كركوك  كوردا من تركيا وايران وسوريا!!!!..... فالسؤال المحيّر الذي سيطرح نفسه هو  لماذا يا ترى يترك الكوردي من سوريا وتركيا وايران موطنه المستقر والآمن وارض آباءه واجداده ليأتي الى مدينة تبعد عن مسقط رأسه مئات الكيلومترات  وتشهد يوميا اعمال عنف وارهاب والتي تستهدف  الكورد بالدرجة الرئيسية!!!!! واذا كان ولابد من الهجرة, لماذا لا يستقر هذا الكوردي المهاجر من من تركيا وسوريا في دهوك واربيل والكوردي المهاجر من ايران في السليمانية حيث الاستقرار والامان والعمل  والازدهار.... ولعلم الجميع  ان الكثيرين من كورد كركوك الاصليين لايزالوا الى يومنا هذا يسكنون ويعملون ايضا في اربيل والسليمانية ودهوك , ولم يقرروا بعد الرجوع الى مدينتهم كركوك لعدم استقرار الاوضاع فيها, فكيف بكورد تركيا وايران وسوريا اذن!!!!!

 وهناك امر آخر  وهو اللهجة الكوردية , فالمعروف لكل خبير في اللغة الكوردية ان لهجة كورد كركوك مختلفة عن باقي مناطق كوردستان وتسمى باللهجة الكرميانية او الكرمانجية الجنوبية, وهي تختلف اختلافا  واضحا مع لهجة كورد تركيا وسوريا( اللهجة الكرمانجية الشمالية), ومع اللهجة الكورانية و اللورية التي يتكلم بهما كورد ايران بشكل عام, ونحن نتحدى كل من يشكك( بكركوكية) الكورد العائدين الى كركوك ان يثبتوا ما يدعون ّ, ويمكن التحقق من ذلك بكل بساطة بالاستعانة بخبراء محايدين في اللهجات الكوردية واخذ نماذج بشرية عشوائية للتحقق من الموطن الاصلي لهؤلاء الكورد....

 

4: مصير كركوك يجب ان يقرره كل العراقيين:

 انطلاقا من الادعاء السابق حسب ما ذهبت اليه( الجبهة التركمانية ) , من ان (كركوك مدينة عراقية)... اذن يجب ان يستفتى كل العراق في تحديد مصير كركوك!!!! افتراض ساذج لا يقل غباءا ان القول ان مصير النجف مثلا يجب ان يقرره  اهل الانبار او حتى  العراقيين الآخرين من الكلدو آشوريين!!!! ناسين ان احد اهم مبادئ الديمقراطية وبناء العراق الفيدرالي الجديد يحتِمُ ان تستند تقرير مصير اي جزء من العراق على الارادة الحرّة لاهالي الاقاليم والمدن بل القصبات في تقرير مصيرهم ونمط معيشتهم وادارة منطقتهم, بشرط ان لا تتعارض ذلك في عمومياتها مع المبادئ الاساسية للدستور العراقي المنتخب , ان اية عملية استفتاء سيجري مستقبلا في العراق فيما يخص اية منطقة منها يجب بالطبع ان تنحصر بين اهالي تلك المنطقة حصرا والا فانها لن تكون حتما استفتاءا بل فرضا واجبارا باساليب (ديمقراطية)... الكل يعلم ان الاكثرية في العراق هي عربية وبالتالي اي استفتاء لامر يخص الاقاليم لو تم على الاساس الوطني سيكون في صالح تلك الاكثرية وبالتالي لن تكون هناك اية دواعي ومبررات  لاجراءها لان نتيجتها الحتمية معروفة مسبقا, وهذه الحقيقة يعرفها الجميع ولذلك تتمسك بها الجبهة العميلة والمعروفة بخبثها ودهائها وطروحاتها الساذجة ايضا , ولو كان الامر بهذه البساطة لتم استفتاء كل الاندوسيين لتقرير مصير تيمور الشرقية  ولفرضت الامم المتحدة استفتاء كل المغاربة لتقرير مصير الصحراء الغربية, واذا كانت هي وربيبتها وولي نعمتها( تركيا) مصّرة على هذا الامر فليتم ايضا طرح القضية القبرصية ومصيرها لاستفتاء اهل الجزيرة التي يشكل القبارصة اليونانيين اكثر من 80% من السكان وحينئذ على الجالية التركية الموجودة في قبرص ان تعود الى من حيث اتت وتترك الجزيرة لاهلها الاصليين.

 

5: اتهام الكورد  بارتكاب ما سمي بمجزرة كركوك عام 1959

 

لا اريد الخوض في تفاصيل ماجرى في كركوك في الايام(الرابع والخامس والسادس عشر من تموز) عام 1959 لانني شخصيا والعديد من الكتاب الكورد وغير الكورد قد تطرقنا الى هذه الحادثة المؤسفة باسبابها ودوافعها والجهات التي وقفت وراءها وكذلك  في النتائج المأساوية التي ترتبت عليها وفي مقدمتها كان التمهيد لاسقاط الحكم الوطني لحكومة عبد الكريم قاسم,  في مقالات سابقة وعديدة, ولكن اود ان اشير وباختصار شديد على ادانة الكورد كقومية وكقيادات سياسية لتلك الاعمال  في حينها,  ولكن  نبش ما جرى من حوادث استمرت ثلاثة ايام والتي راح ضحيتها وبكل اسف 34 مواطنا تركمانيا,  وقبل حوالي خمسين عاما لا يصّب بكل تأكيد في مصلحة  الاخاء والوئام المنشود في عراقنا الجريح الذي يتباكى الكثيرون عليه وعلى وحدته, بل على العكس تماما على الجميع فتح  صفحات جديدة في العلاقات العراقية عموما والعلاقات الكوردية والتركمانية خصوصا وطي الصفحات المؤلمة للماضي البعيد ,وان تكرار جرش هذه الحادثة وجعلها((هولوكوستا) تركمانيا سوف لن يداوي الجروح بقدر ما يؤلب الجيل الجديد من الكورد والتركمان بعضهم على بعض, ويصب النار على الزيت, وهي اطروحات ساذجة ايضا, فعلى الرغم من قدسية دم كل مواطن عراقي زهق روحه بالماضي او يزهق الآن من غير حق , فان عدد الضحايا الاربع والثلاثين في تلك الحادثة المؤلمة اصبح رقما متواضعا  قياسا بما يجري الآن في العراق, حيث ان اي انفجار ارهابي يومي بسيارة مفخخة او بجسد نتن من اجساد الارهابيين الوافدين من وراء الحدود يفوق ذلك الرقم بكثير , كذلك ان الكَم الهائل من الشهداء الكورد الذين سقطوا في سوح النضال ضد الفاشية او من ضحايا عمليات الانفال السيئة الصيت يفوق ذلك الرقم بآلاف المرات , ولم نسمع لغاية اليوم كورديا واحدا سواءا كان مواطنا بسيطا او مسؤولا في احد الاحزاب الكوردية ان اتهم العرب كشعب عن مسؤوليتهم تجاه تلكم الجرائم البشعة.

 

 

واخيرا اود ان انوه الى امر جوهري شديد الاهمية لمستقبل العلاقات الكوردية_ التركمانية ,فكركوك مدينة كوردية تركمانية كلدو آشورية مختلطة .... عاش الجميع منذ عشرات بل ومئات السنين بتألف واخاء , اختلطت دماءهم ومصالحهم بشكل لا يقبل الانفصام ,ومن مصلحة الجميع البحث عن سبل و حل للتعايش والاستمرار بدل التنابز والاحتراب ,وفيما تخص العلاقات الكوردية_ التركمانية فهي اقدم من غيرها واكثر عمقا , والكورد بشكل عام جزء من امة كوردية مجزءة تقع احدى اكبر اجزائها ضمن دولة معروفة بعدائها التاريخي للكورد كل الكورد واينما كانوا, وتعمل هذه الدولة مع الاسف ليل نهار ضد اية تطلعات للكورد ولو بحدودها الدنيا  سواءا داخل حدود دولتها الاقليمية او خارجها.... وبالمقابل يعتبر الكورد سياسة هذه الدولة المعلنة وغير المعلنة معادية لمصالحها ووجودها القومي ويقاومها بكل السبل المتاحة , وفي المستقبل المنظور لا توجد اية أفاق ممكنة لتغير هذه المعادلة, وموضوعيا فان هناك اختلافا كبيرا بين تركمان كركوك (لغة واصلا وثقافة بل وحتى مذهبا ) , بينها وبين اتراك تركيا ناهيك عن المواقف الهزيلة والانتهازية والمصلحية التي انتهجتها الدولة التركية تجاه التركمان طيلة عقود تحكم الديكتاتورية الصدامية على مقاليد الامور في العراق,وسكوتها المشين تجاه كل المظالم التي لحقت بالتركمان والتي وصلت الى حد اجبارهم  التنصل  من قوميتهم  وخُيروا  بين ان يكونوا عربا او كوردا !!!!!, وبالتالي فانه لو نجحت  الجبهة العميلة في خداع اخوتنا التركمان بناءا على اوامر وتعليمات اسيادها في انقرة واستانبول,  الذين يريدون منهم ان ينظروا الى الكورد وقضيتهم العادلة في العراق من خلال المنظار التركي المشوه  فانهم بالتأكيد سينجرّون الى المستنقع العنصري التركي البغيض وسيصطفون حتما  ضد الكورد في الخندق المقابل,  وهذا هو بالضبط هدف ومطلب اعداء الكورد من الطورانيين في الدولة التركية وعملائها, و في هذه الحالةلا تبقى هناك اية آفاق للتعايش بينهم وبين الكورد ,ولكن لو فكر عقلاء التركمان وهم الاكثرية لحسن الحظ,  في مصلحة شعبهم ومسقبله المشرق, الذي لو اختاروها مع الكورد فانها ستكون بالتاكيد حياة مشتركة عادلة ومتوازنة مبنية على احترام الخصوصية للآخر و سيكونون جزءا عزيزا ومؤثرا في عملية التطور والديمقراطية الايجابية التي يشهده كوردستان, وهي رغم نواقصها افضل بكثير  مما هو موجود او متوقع حتى في اي جزء من العراق ,

 

وسيكون الثقل التركماني في برلمان كوردستان  مستقبلا اكبر بكثير مما هو موجود في برلمان المركز, كما ان نوعية وكيفية تعامل القيادات السياسية في كوردستان مع قضية التركمان وحقوقهم سيكون المحك الذي يحدد مدى مصداقيتهم في المنادات بالديمقراطية ومفاهيمها......

اما الموقف من (الجبهة التركمانية ) العميلة فهو واضح تماما , فهذه الجبهة ينبغي ان تُبعد عن ممارسة الحياة السياسية في العراق لانها ليست عراقية اصلا وتلعب دور مسمار جحا  وحصان طروادة في دعوة دول الجوار للتدخل السافر في الشأن العراقي عموما والكوردستاني خصوصا, وتعمل على تخريب النسيج الاثني العراقي...والمتتبع لادبيات وافعال هذه الجبهة يتلمس بشكل جلي هذه التوجهات الهدامة بالضد من مصالح شعب العراق , فهي قد اختارت طريق اللاعودة حينما وقفت في الخندق المعادي  لآمال الجماهير العراقية ومع الزمر الارهابية في اطراف وداخل مدينة كركوك,  وهي قد اختارت ايضا طريق اللاعودة حينما التجأت الى دولة اقليمية طامعة بالعراق ارضا وشعبا وثروات, لتزويدها بالمال والامكانيات الاعلامية لتشويه الوجه الناصع للحركة التحررية الكوردية ,فمصيرها مرتبط جذريا مع مصير اعداء الشعب العرا قي لانها رغم تظاهرها بتأييد العملية السياسية الجارية في العراق الا انها في الحقيقة من الذّ اعداء الديمقراطية والفيدرالية والتأخي في العراق, وعلى القيادات الكوردستانية خصوصا ان تحرم اي تعامل معها في اي محفل عراقي ,  وتقاطع اية اجتماعات يحضرونها وعلى كل المستويات, هذا هو الرد الطبيعي  والموضوعي عليها وعلى توجهاتها الهدامة والعدائية, لان (الطرق على الحديد البارد لا يفيد ) واعوجاج الذيل لا يقوّمُ  ابدا.

 

           

 

02/09/2015

 

goran@dengekan.com

 

dangakan@yahoo.ca