ليست هذه هي المرة الاولى التي يصدر من المفتي تاج الدين
الهلالي تصريحات وعبارات تثير ردود الافعال وتخلق كثيرمن
التساؤلات لدى المتابعين من السياسيين والصحفيين وابناء
الجاليات المقيمة في أستراليا. حيث يبدو ان الهلالي بصفته مفتي
الجاليات الاسلامية في أستراليا و نيوزيلندا لا يعرف حدود
واجباته عندما يسمح لنفسه بالتطرق الى مواضيع لا تمت بصلة
بموقعه الديني. فقد سبق له ان وصف علنا هجمات التاسع من ايلول/
سبتمبرالارهابية على مركز التجارة العالمي في نيويورك والتي
راحت ضحيتها ثلاثة الاف انسان بانها "عقاب الله ضد المضطهدين"
فيما أيد في عدة مناسبات العصابات التكفيرية ومنفذي العمليات
الارهابية الشنيعة من الذبح والخطف و تفخيخ السيارات في
الفلوجة والمدن العراقية الاخرى تحت ذريعة مقاومة الاحتلال
الامريكي. وكعادته يبدى المفتي الهلالي تراجعا عن اقواله
ويقدم الاعتذار في محاولة لتبريرمواقفه المتخلفة، وبعد موجة
الانتقادات التي تثيرها يلتجأ الى الادعاء الجاهز دوما بانه تم
تفسير اقواله بطريقة خاطئة ولم يكن يقصد الاساءة الى
مشاعرالاخرين تارة و تارة اخرى يصرح بعبارات تقتقد الى
المصداقية بهدف تحريف مجرى القضية المثارة وكسب تأييد وعطف
السذج من الناس و باسلوب بعيد كل البعد عن الموضوع وفي رده على
جواب صحافي سأله إذا ما كان ينوي الاستقالة، اردف قائلا: "ليس
قبل أن ننظف العالم من البيت الأبيض".
تتعالى أصوات الاستنكار والشجب والخطب النارية من الهلالي ومن
على شاكلته عندما تصدر كلمات او عبارات تنتقد بعض الجوانب
المثيرة للجدل في الاسلام او عندما تنشر مقالة او صورا
كاريكاتيرية تنتقد ظاهرة معينة هنا وهناك، واقل ما يطالب به
هؤلاء هو تقديم الاعتذار للمسلمين من الجهات ذات العلاقة و كان
آخر تلك الحالات الضجة التي اثيرت حول ما بدر من بابا
الفاتيكان بينديكت السادس عشرعندما اشار الى قول الامبراطور
الروماني في القرن الرابع عشرحول نبي الاسلام محمد، بينما يسمح
من هم من امثال الهلالي لانفسهم بجرح مشاعر الملايين من الناس
وكأنهم فوق كل الانتقادات.
ان ما جاء على لسان المفتي تاج الدين الهلالي في خطبته في جامع
لاكيمبا امام المصلين في شهر رمضان والتي نشرتها صحيفة
"الاسترالي" في عددها الصادر يوم الخميس 23/10/2006 والقاءه
اللوم على النساء عند تعرضهن الى حالات الاغتصاب بعدم تقييدهن
بارتداء الحجاب الاسلامي وتشبيهه المرأة السافرة بقطعة لحم
مكشوف في متناول القطط، تعبر عن ضحالة الفكر الذي يحمله و
دونية مستوى الوعي والادراك لديه ويعتبرتطاولا فاضحا على حق كل
انسان، رجل كان ذلك او امرأة. لم يكن ما تفوه به المفتي
الهلالي زلة لسان وانما جاء ذلك من ايمان و قناعة راسخة مستندا
على افكاره ومعتقداته الدينية التي يحاول جاهدا ايصالها الى
الناس بغية غسل عقولهم بافكاره البالية. وان تلك ليست الا
تصرفا متعمدا يراد به تبرئه ساحة الرجل من جرائم الاغتصاب التي
ترتكب بحق النساء وتعتبر في الوقت ذاته اساليب لزرع الرعب لدى
النساء بغية اجبارهم على ارتداء الحجاب الاسلامي.
ان ما بدر من المفتي ليس الا انعكاس
لافكارالقرون الوسطى المتخلفة التي لا تزال تتحكم بعقلية
الهلالي ومن يسايره و يشاركه آراه ومعتقداته التي تستهين
بالمرأة وتعتبرها كاداة متعة في متناول الرجل، ليست من واجبها
الا اطاعة الرجل وترضية غرائزه و نزواته. ان الافكارالمريضة
التي تنادي بها من يعتبر نفسه مرجعا دينيا للجاليات الاسلامية
في بلد حضاري مثل استراليا لهو واقع خطيريجب الانتباه اليه
ويتحتم على السلطات الاسترالية القيام بما يضمن التصدي له و
معالجته باسرع ما يمكن و بعكسه فان ذلك من شأنه تسميم
أفكاراعداد كبيرة من الناس الذين يترددون على المسجد الاسلامي
في لاكيمبا.
رغم المواقف المعلنة من قبل كثير من المسؤولين الاستراليين
والكثير من ابناء الجاليات الاسلامية، و بغية الوقوف على ردود
افعال المرأة نفسها بصدد خطبة المفتي الهلالي، فقد اجريت
استطلاعا سريعا لاراء بعض النساء من الخلفيات الشرق–أوسطية في
مناطق جنوب غرب سيدني، وقد اجمعت اكثرية الاراء على رفض تلك
الاراء المتخلفة وعبرت الكثيرات منهن عن اشمئزازها واستهجانها
لتشبيه المرأة بقطعة لحم مكشوفة جامدة التي تستهوى القطط،
واعتبرتها استهانة كبيرة بالمرأة كأنسانة تمتلك الاحساس
والمشاعركالرجل تماما وقد تسألت احدى النساء بقولها: هل ان
الحجاب ستارحديدي ليمنع اغتصاب المرأة، ام ان المرأة غير
المحجبة تتعمد في تعريض نفسها للاغتصاب، اي هراء هذا ياترى؟
لا يمكن لنا اغفال نقطة مهمة والحالة هذه، وهي ان السياسة
التي تتبعها الجكومة الاسترالية باعطاءها المواقع والمناصب
للافراد الذي يستقون بحجم الجالية في المجتمعات الاسترالية
اضافة الى توفيرها الموارد والاموال الكبيرة تحت تصرفهم هي
التي مهدت الطريق واوصل المفتي الهلالي الى الموقع الذي زاد من
مكابرته و غروره والتي جعلته يعطي الحق لنفسه ليكون وصيا على
الاخرين باسم الدين ويتدخل في جزئيات حياتهم اليومية ويقوم
بالتجاوزعلى حقوقهم ويحط من انسانيتهم. على الحكومة الاسترالية
سحب جميع الامتيازات الممنوحة للمفتي الهلالي وعدم السماح له
بالاستمرار في القيام بجرح مشاعر الاخرين تحت اية ذريعة كانت و
ان التراجع وتقديم الاعتذارغير كاف وليس من شانه تخفيف الاثار
السلبية التي اوقعته خطبة الهلالي في نفوس المرأة والرجل على
السواء في المجتمع الاسترالي.
1/11/2006 |