الجزء الاول
اود ابداء بعض الملاحظات بشاَن وقائع جلسات محاكمة
سيء الذكر صدام حسين و ستة من عرفائه الذين اصبحوا فيما بعد
جنرالات ومارشالات للقتل والابادة بقرار قراقوشي صادر من قبل
سيدهم صدام حسين المحكوم بالاعدام شنقا حتى الموت ... بتهة
ارتكاب ابادة جماعية في اشرس حملة شوفينية سميت بالانفال
الاكثر من سيئة الصيت والتي قام النظام البعثي البائد بعملية
تدمير منهجي ومدروس لكوردستان ارضا وشعبا .......
كمتابع ومهتم بقضية ((الانفال )) يهمني جدا
تفاصيلها لاني احد الضحايا الاحياء لتلك الجريمة البشعة التي
ارتكبت بحق شعبنا الكوردي لابادته ورايت بام عيني تفاصيلها
الاجرامية التي فاقت الخيال...
نعم .... تلك الايام التي نجونا من خطورتها وطولها
بالتقتير وبكسرة خبز ورشفة ماء من العيون التي لم تصابها بعد
صواريخ وقنابل وسموم صدام ـ علي الكيمياوي الفسيخ، بعد ان
قطعنا مئات الكيلومترات تاركين وراءنا عوائلنا واطفالنا
وذكرياتنا واحبائنا الذين اجبرنا وارغمنا على تركهم بعد ان لم
تبقَ بيدنا حيلة او امل في انقاذهم ..... اما القرى فكانت تفجر
وتحرق وتدمر بالشفلات و المتفجرات ومن تاخر في الهروب نحو
المجهول.... وقع لقمة سائغة بين فكي الغول وغضب روبوتات صدام
حسين الذي امرهم بالابادة الشاملة للشعب الكوردي وبحرق ارضه
وسلب ونهب الغنائم ...
ومن نجى من فكي الغول ووقع اسيرا بيد هؤلاء الهمج من
النساء والشيوخ والشابات والأطفال و الرضّع، نُقل قسرا وبواسطة
سيارات الامن و الاستخبارات السيئة الصيت في رحلة عذاب
...موثوقي اليدين ومعصوبي العينين حيث اقتيدوا الى مصيرمجهول
والى بداية عملية التصفية الجسدية حيث ابتلعت رمال الصحراء
قسم منهم وهم احياء ....
اما القسم الاخر منهم فقد اعدموا ودفنوا في
مقابرجماعية في الصحراء الجنوبية، بعد ان ذاقوا شتى انواع
العذاب والاهانات والسب والتعذيب والضرب المبرح في مسالخ
النظام البائد ومعتقلاته العفنة التي هي اسوء وابشع بكثير من
معسكرات ومعتقلات النازيين السيئة الصيت ...... نعم بصدف
شبيهة بالمعجزة نجونا من تلك الحملات الشرسة التي سميت
بالانفال وكتبت لنا الحياة مجدداً لنسرد قصصنا التي فاقت
الخيال بكل امانة وواقعية وصدق رغم مرارتها وبشاعتها، التي
بقيت محفورة في صفحات قلوبنا المليئة بالماسي والويلات و
تبقى معلقة على جدار ذاكرتنا وتفكيرنا الى الابد ......
ولكي لا ابتعد عن جوهر الموضوع الذي انا بصدده
بالأكتفاء بسرد القصص الماساوية بلا نهاية التي رايتها بام
عيني كشاهد على تلك الحملات التدميرية، سادخل مباشرا في صلب
موضوعي هذا .....
ان اسئلة ومداخلات واستفسارات
هيئة الدفاع عن الطاغية صدام وعرفائه في قضية الانفال منذ
الجلسة الاولى ولحد الجلسة الثانية والعشرين كانت بعيدة كل
البعد عن جوهر القضية الرئيسي، والذي هو قيامهم بارتكاب
جرائم ضد الانسانية وجرائم حرب وجرائم الابادة الجماعية بحق
شعب كوردستان وتدمير وحرق ارضه واستخدام كافة انواع الاسلحة
الخفيفة والثقيلة والمحرمة دوليا ومنها السموم القاتلة
والقنابل العنقودية و النابالم وثم حجز العوائل وتصنيفهم الى
مجموعات شباب , شابات , شيوخ , نساء واطفال ثم حجزهم في
معتقلات ومجمعات قسرية اعدت سلفا لتلك الحملات الشوفينية وثم
القضاء عليهم كفصل اخير من تلك الفصول الماساوية لاتمام المهمة
الرئيسية الا وهي الابادة الجماعية...
وهذه القصص الماساوية التي نسمعها اليوم في اقوال
وافادات المشتكين عن ماساتهم ليس سياحة كلامية ..او قصص
خيالية او كلام بلا اسانيد او اثبات كما ادعى المتهم صدام حسين
المحكوم بالاعدام ... في احدى جلسات المحاكمة والتي ادعى فيها
بان سرد هذه القصص لا يوصلنا الى الحقيقة... !! اقول له ولكل
من يهمه الامر ان هذه القصص هي قصص واقعية وحقيقية تعرض لها
شعب كوردستان الذي حكم عليه بقرار قراقوشي صدامي بالموت
الجماعي وجرى دفنهم وهم احياء في حفر كبيرة كما سمعنا وسمع
العالم اجمع على لسان الضحايا الذين كتبت لهم الحياة مجدداً
بعد ان خرجوا من حلق الموت ونجوا من غضب ورصاصات فرق الاعدام
العشوائية بعد ان اطلقت النار عليهم بشكل هستيري في مذبحة
جماعية في عمق الصحراء في ظلام حالك .....
الا ان قسما منهم اصيبوا بجروح خفيفة نتيجة الأطلاق
العشوائي عليهم مما ادى الى انهم استطاعوا النجاة بحياتهم بعد
مغادرة فرق الاعدام الوحشية،
والى الهروب الى المجهول قبل ان تغطى الشفلات جثث الضحايا
بالرمال ويدفنون في تلك الحفر الرهيبة في عمق الصحراء وفي
تلك الليالي البائسة1)
)...........
نعم انها قصص ماساوية قد لا يصدقها عقل من لم يعش تلك المحنة
الرهيبة وكيف يصدق محامي اجنبي او عربي اتى للدفاع عن الطاغية
مادام محامون عراقيون لا يريدون تصديق ما رأوه بام اعينهم في
افلام وكاسيتات سجلت من قبل عصابة رئيسهم المعتوه عن تلك
الاعمال الشنيعة والنادرة في بشاعتها ليس في تاريخ العراق
فحسب بل في تاريخ المنطقة برمتها بالرغم من ان بعض هؤلاء
المريدين والمحامين الذين يحاولون التزييف كان على علم مباشر
بتلك الاحداث الماساوية حيث كان لهم مناصب في دوائر قمعية
استخباراتية سيئة الصيت لذالك يعرفون حق المعرفة ان بقائهم
ببقاء صدام وحزبه الفسيخ لذالك يبكون على مصير سيدهم وقائدهم
الفالصوويدافعون عنه ويبررون جرائمه الشنيعة.......
ان المتهمين وهيئة الدفاع عن الطاغية لم يستطيعوا ان
ينكروا او ينفوا وقوع تلك الجرائم الشنيعة بحق شعب الكوردي ..
لكثرة الادلة والوثائق الدامغة ابتداء بمراسيمهم وبتصريحاتهم
وبكتبهم الرسمية والصادرة من مخابراتهم العسكرية وديوان
الرئاسة و الجرائد والمجلات والافلام والكاسيتات واقراص
مسجلة صوت وصورة لعلي الكيمياوي وازلام عصابته المتورطين
بقضايا الانفال جرائم الابادة الجماعية من جهة ولوجود شهود
نجوا باعجوبة من معتقلات ومعسكرات ومسالخ وحملات الأعدامات
الجماعية وحفر الموت الصحراوية من جهة اخرى
لذالك حاولوا ويحاولون جاهدين و بكل الطرق ان يشجبوا
صراخ وبكاء واصوات ونداءات ضحايا عمليات الانفال الاكثر من
سيئة الصيت و ارادوا ومنذ البداية ان يقفزوا على الحقائق و
يخلطوا الاوراق وهم يعرفون حق المعرفة بانها اوارق خاسرة
وساقطة منذ البداية بعد ان اصبحت هذه الجرائم حقائق مكشوفة
للقاصي والداني الا انهم حاولوا جاهدين ليضيعوا الحابل
بالنابل ويجروا المحكمة الى نفق مظلم بحجج كاذبة ووهمية
بادعائهم بان (( هذه الحملة لم تكن موجهة ضد المدنيين الاكراد
بل كانت موجهة ضد الايرانيين الذين كانوا يخوضون حربا مع
العراق في عام 1980 الى 1988 وضد عملائهم المتمردين الاكراد
)).....!
حيث قال المتهم صابر عزيز الدوري مدير استخبارات
صدام العسكرية ( ان الهدف من هذه العملية كان يقضي بتنظيف شمال
العراق من الايرانيين والمتمرديين الاكراد وهذه الحملات لم تكن
موجهه اطلاقا ضد المدنيين الاكراد لكنهم لم يسمعوا نداء
الحكومة العراقية ولم يتركوا مناطقهم وقراهم المحظورة امنيا
حتى بعد اصدار العفو عنهم للعيش في المجمعات العصرية....!! ).
و لم ينكرالمتهم سلطان هاشم احمد الطائي وزير
الدفاع السابق دوره القذر في هذه العملية الاجرامية البشعة
كقائد لعمليات الانفال الاولى ودافع عن برائته كالآخرين من
زبانية النظام البعثي الفسيخ بان هذه الحملة كانت لتنظيف
اراضي احتلت من قبل الايرانيين وبمساعدة المتمردين الاكراد في
سركلو وبركلو وماوت وقيوان و.... الخ
وفعلا نجحوا الى حد كبيرفي تغيير مسارالجلسات و
بدفاعهم الرخيص واسئلتهم المثيرة للأشمئزاز بحيث ابتعدوا كل
البعد عن جوهر القضية الا وهي قضية الابادة الجماعية ... طبعا
باخذ الضوء الاخضر من القاضي عبدالله العامري كرئيس وكقاضي اول
لجلسات المحاكمة وخاصة عندما نطق و قال لسيء الذكر صدام حسين
بانه ليس دكتاتورا ... والاكثر من هذا انه لم يتبع الخطوات
العادلة التي رسمها القانون العراقي مما ادى الى سوء ادائه
وعدم ارتقائه بالمحاكمة العادلة وحول القاعة الى مضيف لعشيرة
يقول للمشتكي( كاكا وللمتهمين السيد او الاخ )... ولم يبقى الا
ان يوزع على المتهمين النياشين والاوسمة ثم البرنو ويقول لهم
هيا الى السلاح ....هيا الى السلاح ...
كما رفض ايضا ان يسال عن قومية الشاهد او الشاهدة
في هذه القضية الحساسة والخطيرة جدا رغم الالحاح وطلب محاميي
الحق الشخصي ولاكثر من مرة وذالك لعدم قناعته اصلا بقضية
الانفال كجريمة ارتكبت بغرض الابادة الجماعية التي مورست ضد
الكورد ارضا وشعبا حيث قال في احد الجلسات وردا على محامي حق
شخصي وبكل برودة (( كاكا ... كا كا ...من يقول ان هذه
الحملات كانت للابادة الجماعية ضد الكورد ؟ ))!! ومواقف
كثيرة اخرى غير مشرفة............
كان القاضي يتخيل بانه بصدد محاكمة سارق دجاجة وليس صدام
حسين وكبار مسؤولي النظام الفسيخين المنبوذين المتهمين
باعمال الابادة الجماعية والتطهير العرقي (( الجينوسايد) ضد
الشعب الكوردي.
ولهذه الاسباب التي ذكرتها ولاسباب كثيرة اخرى اعجب
به وبادائه الضعيف المتهمون السبعة ومقاوموهم القتلة
البائسون ومريديهم ومهرجيهم ممن يسمون انفسهم بهيئة الدفاع،
حتى نطق على الكيمياوي الفسيخ وقال بفمه الاعوج الذي ينفث
منه سموما قاتلة ( يشرفني ان تكون انت من تمثل القضاء
العراقي )....!!
وعلى هذا الاساس طالب رئيس هيئة الادعاء العام في
المحكمة الجنائية العليا وفي الجلسة السادسة من جلسات المحاكمة
و لانه ممثل الشعب وصوته داخل المحكمة، طالب بتنحي القاضي
عبدالله العامري واتهمه بالتساهل واعطاء المجال للمتهمين
وهيئة الدفاع عنهم بتحويل المحكمة الى منبرسياسي لصالح
المتهمين وانه لايعطي الدور القانوني الكافي للادعاء العام
وللمدعين بالحق الشخصي بالحديث فيما يسمح للمتهمين ووكلائهم
بتوجيه اسئلة غير منتجة ولم يرد على الاستهزءات وعلى تجاوزات
المتهمين على المشتكين ولم ينبههم على الفاظهم النابية ولم
يوقفهم عند حدهم حتى بدا هؤلاء يهددون المحكمة والادعاء العام
والمدعين بالحق الشخصي والكثير الكثير من التجاوزات والخروقات
الاخرى ......
مع تغيير القاضي عبدالله العامري وتعين القاضي محمد
العريبي، تغيرت مجريات المحاكمة ايضا حيث اتسم القاضي الجديد
بالاتزان والحزم والسيطرة على الامور داخل القاعة كما اتبع
خطوات عادلة من التي رسمها القانون والقضاء العراقي بالتزامه
باجراءات المحاكمة وفق الصحيح وبادائه الجيد والصارم والحاسم،
يليق بمحكمة الجنايات المختصة بمحاكمة كبار ازلام النظام
البائد وعلى راسهم الطاغية صدام حسين على جرائمهم وتلاعبهم
بقوت الشعب ارضاء واشباعا لاطماعهم واهوائهم وملذاتهم السادية
.....
لذالك وكخطوة اولى اعلنت هيئة الدفاع والمتهمين
تمردهم وذالك خوفا من احقاق واظهار الحق والعدل من جهة و
لمعرفتهم بان زمن التمثيل والتهريج والاستهزاء والسكوت
والتمرير والتغاضي عن الحقائق قد ولى والى الابد وذالك بعدم
السماح لهم وللمتهمين ان يحولوا المحكمة الى منبر للعنتريات
والمزايدات والعنفصة ومسرحا للتطاول على المحكمة وقانونها
ومجرياتها من جهه اخرى ....
كما نبههم القاضي الجديد منذ البداية بضرورة
الالتزام وعدم الخروج من اصل القضية المتداول عليها وان من
لا يلتزم بالقوانين المتبعة لاصول المحاكمات الجنائية سيتم
طرده من قاعة المحكمة كما حصل للمتهم السيء الذكر صدام حسين
المصاب بهستيريا جنون العظمة في جلسات عديدة ........
اما بالنسبة للترجمة , يجب ان نقر ونعترف بان هناك
خللا وتقصيرا واضحا .... فهي ناقصة وركيكة ومتقطعة وضعيفة جدا
وليست بمستوى وحجم تلك القضية الكبيرة و الخطيرة كعملية
الابادة الجماعية ... فعلى سبيل المثال حصلت اخطاء و نواقص
وتفطيع منذ اولى جلسات المحاكمة وكان الارتباك والتلكؤ واضحا
على اداء المترجمين حيث حصل ولمرات عديدة سوء فهم بين الشاهد
والمترجم وبين المترجم والقاضي مما ادى الى تقطيع وشطب تفاصيل
مهمة تخدم القضية والمحكمة بشكل خاص ....
كما حصل في الجلسات الحادية والثانية عشرة على سبيل
المثل لا الحصر اخطاء كبيرة وفادحة حيث قال المشتكي بان مجمع
بحركة يقع في منطقة (( ده شت وتعني باللغة العربية السهل ))
وتبعد عن ناحية عنكاوة خمس كيلومترات ولكن ترجم بان مجمع
بحركة تقع في( صحراء) ...!! وكما راينا كيف استغل السيء الذكر
على الكيمياوي هذا الخطأ الفاحش لصالحة واعترض قائلا ( بان
هذا غير صحيح ...وغير دقيق ... وسال هل يوجد صحراء في منطقة
كردستان ....؟ واضاف ايضا ان منطقة بحركة تقع خلف مطار
اربيل وهناك مجمع سكني عصري بني من قبل الحكومة العراقية
لاخلاء القرى الحدودية والمحظورة امنيا وذالك لسلامة راس
العراق...... ) على حد تعبيره وبلهجته التكريتية ممتزجة
بضحكة ماكرة مجيدية وبفمه الاعوج الذي كما لو تنفث منه رائحة
نتنة كانها من بقايا الصواريخ الكيمياوية التي كانت مكرمة منه
الى شعب كوردستان ... في حين كلنا نعرف ماذا يقصد هذا المجرم
براس العراق لان العراق كانت بنظرهؤلاء هو( صدام وصدام هو
العراق واذا قال القائد المؤمن قال العراق ) .....
(يتبع)
……………………………………..
( 1) كان الشفلات تحضر بعد فترة من تنفيذ الجريمة لتردم
الحفر على جثث الضحايا( الموتى والجرحى )…لذالك استطاع بعض من
هؤلاء الضحايا ان يخرجوا من تلك الحفر البائسة والتي كانت
عمقها متر وعرضها بعرض الحفار … طبعا بعد مغادرة فرق الاعدام
الوحشية وقبل وصول الشفلات الى مكان الحادث … وسمعنا من
المشتكي تيمور عبدلله احمد من مواليد 1967 كيف اختبا ودخل في
حفرة اخرى قريبة من حفرة التي اطلق الرصاص عليه وعلى افراد
عائلته بشكل هستيري في مذبحة جماعية في عمق الصحراء العراقية
معدة لضحايا اخرين حيث قال (لم احاول الخروج من الحفرة حتى
توقف النار علينا ..كنت اتظاهر بالموت داخل بحر من الدم وبعد
فترة حاولت الخروج من الحفرة ولكن واجهت مشقة بسبب كثرة الجثث
داخل الحفرة ... ولكن استطعت اخيرا ان انتقل من حفرة الى اخرى
وثم استطعت الهروب الى المجهول ……
كوبنهاكن
يوم محاكمة صدام حسين وعرفائه في قضية الانفال الاكثر من سيئة
الصيت
|