تتكشف يوما بعد
يوم الادوارالاجرامية لبعض رموزالنظام الساقط الذين انشقوا
عليه بعد ان ادركوا إن النظام آيل للسقوط، حيث انه ومن خلال
مجريات محاكمة الطاغية وعرض الوثائق الرسمية والمراسلات السرية
التي جرت بين اجهزة ومؤسسات النظام العسكرية والامنية
والاستخباراتية حول تنفيذ جرائم الانفال واستخدام الاسلحة
الكيمياوية ضد المديين والتي تزيل الشكوك باليقين، اتضحت بشكل
قاطع تورطهم وضلوعهم في خدمة السياسات الاجرامية للنظام
البائد.
ففي جلسات
المحاكمة الاخيرة والتي كانت اخرها الجلسة 33 في يوم الخميس
21/12/2006، عرض الادعاء العام وثائق سرية وشخصية تحمل تواقيع
رئيس اركان الجيش في عهد النظام السابق الفريق الركن
"نزارعبدالكريم فيصل الخزرجي" الذي فرّ من محل اقامته في
الدانمارك بعد ان وضع تحت الاقامة الجبرية من قبل المحاكم
الدانماركية التي قررت محاكمته بتهمة مشاركته في عمليات
الابادة الجماعية في كوردستان بعد رفع الدعوى القضائية ضده من
قبل مجموعة من الناشطين المقيمين في الدانمارك. كما ورد اثناء
عرض الوثائق اسم اللواء الركن "وفيق السامرائي" الذي كان يتولى
منصب معاون مديرالاستخبارات العسكرية اثناء عمليات الانفال ومن
ثم تولى منصب المدير فيها والذي ظهر تواقيعه على الكثيرمن
الوثائق التي اصدرتها المديرية المذكورة في تلك الفترة. بينما
عرضت وثيقة اخرى بنفس الخصوص وبتوقيع "جعفرعبدالكريم البرزنجي"
الذي كان يتولى منصب محافظ السليمانية.
فيما نرى ان
الطاغية و سته من اعوانه تتم محاكمتهم في قضية الانفال، يبادر
الى الذهن سؤال عن مغزى عدم استدعاء هؤلاء المجرمين الثلاثة
كمتهمين امام المحاكمة. فمن المعروف ان "نزارالخزرجي" قدم الى
المحاكمة في الدانمارك وثبتت عليه التهم الموجه اليه وورد اسمه
ضمن تقرير منظمة مراقبة حقوق الانسان الدولية حول جرائم
الانفال، الا ان الاتحاد الوطني الكوردستاني والحزب
الديموقراطي الكوردستاني والحركة الاسلامية في كوردستان دافعوا
عنه وبعثوا برسائل الى وزارة العدل الدنماركية نافين التهم
الموجهة اليه ووصفوه بانسان وطني شريف بينما راح السيد جلال
الطالباني (رئيس الجمهورية العراقية حاليا) يهاجم كل من قام او
أيد رفع الدعوى القضائية ضد الخزرجي ووصفهم بعملاء النظام
واعتبر الخزرجي شخصية وطنية اثناء في لقاءات صحفية وبالاخص
اثناء زيارته للكويت قبل سقوط النظام بفترة.
وبعد ان فشلت
تلك المحاولات لتبرأته من التهم الموجهة اليه، تمكنوا من
مساعدته على الهرب من الدانمارك ولا يزال مختبئا وملاحقا من
الشرطة الدولية (الانتربول).
http://www.interpol.int/public/Data/Wanted/Notices/Data/2001/96/2001_37796.asp
أما "وفيق
السامرائي" الذي كان يقيم في لندن فقد حالفه الحظ بسقوط النظام
ونجى من محاولة تقديمه الى المحاكم من قبل منظمة "جاك"، حيث
رجع الى العراق وتم تكريمه بتعينه في منصب المستشارالامني
لرئيس الجمهورية ولا يزال في منصبه رغم ثبوت دوره في تنفيذ
جرائم النظام. كما وان "جعفر عبدالكريم البرزنجي" محافظ
السليمانية في عهد النظام الدكتاتوري واثناء تنفيذ حملات
الانفال فهو الاخر لا يزال حرا طليقا ويحظى بحماية السلطات في
أقليم كوردستان. وقد صرح بعد انهيارالنظام وسقوط مدينة كركوك
حيث كان يتواجد فيها، بانه يحمل وثيقة اعلى مسؤول في الاتحاد
الوطني الكوردستاني بعدم التعرض له. هذا بالاضافة الى العشرات
من تجار الحروب من حثالات الشعب من مرتزقة افواج الدفاع
اللاوطني الذي يرد ذكر اسماءهم ضمن وقائع المحاكمة والمعروفين
جيدا لدى جماهير شعب كوردستان والذين ينعمون بحماية و رعاية
سلطة الاحزاب السياسية في كوردستان رغم اصوات الاحتجاج
والمطالبة بتقديمهم للمحاكمة لمحاسبتهم على عمالتهم للنظام
الدكتاتوري وارتكابهم الجرائم البشعة بحق الابرياء من اجل
السلطة والنفوذ.
يقال ان السياسة
هي فن الممكنات، ولكن اية سياسة لعينة هذه عندما يحتضن
المجرمين ويكرمون رغما على انوف الضحايا. ان الدفاع عن امثال
هؤلاء المجرمين لهو بحق جريمة لا تقل خطورة عن جرائمهم. انه
وبدون ادنى شك ليست لدى المدافعين عن هؤلاء المجرمين تبريرات
مقنعة تبرراللجوء الي مثل هذه الممارسات كي يتوجب عليهم
القفزعلى معاناة الالاف من الضحايا، لانها بكل بساطة ليس هناك
ما يبررها مهما كانت الدواعي والمبررات. ان ما هو واضح ولا
غبار عليه هو ان الحفاظ على المناصب والمواقع في المعادلة
السياسية واتباع الاسلوب الميكافيللي في الوصول الى الغايات
الفردية هو المحرك الاساس للجوء الى هذه الاساليب غير المشرفة
التي ترفضها كل القيم والاخلاق وبعيد كل البعد عن خدمة مصالح
الناس وبالاخص ممن عانوا الامرّين من بطش النظام والذين كانوا
يتطلعون الى اليوم الذي يخزى فيه هؤلاء المجرمين وينالون
جزاءهم العادل.
اخيرا يتعين على
السادة محاموا الدفاع عن ضحايا الانفال في المحكمة الجنائية
المختصة الثانية، مطالبة المحكمة بتوجيه التهم الى كل من
نزارالخزرجي ووفيق السامرائي وجعفر البرزنجي الذين وردت
اسماءهم ضمن الوثائق واحضارهم ومحاكمتهم بنفس التهم الموجهة
الى الطاغية واعوانه لمساهمتهم ومشاركتهم المباشرة في ارتكاب
جرائم الابادة الجماعية. وانه تجدر بالادعاء العام وهيئة
المحكمة ومن اجل احقاق العدالة، محاسبة كل من شارك او ساهم
فعليا او تضامنيا في تلك الجرائم وان لا تقتصر القضية على
محاكمة سبعة متهمين في جريمة كبرى بحجم حملات الانفال.
23/12/2006
|