فهمي کاکهيي
في
خضم الأحداث العاصفة التي سببتها الصحيفة الدنمارکية
بإسائتها إلی النبي محمد (صلی الله عليه و سلم) و العالم
الإسلامي أجمع، و التي أدت إلی ردود أفعال مختلفة من قبل
العالم الإسلامي (أحترم السلمية منها)، جاءت شقيقة زوجتي
من دنمارك إلی السويد لزيارتنا بمناسبة عطلة نهاية
الأسبوع، و لسوء الحظ فقد أصيبت بوعکة صحية ليلا مما
إضطررت أن أذهب بها إلی مستشفی الطوارئ في مدينة قريبة من
مکان سکني.
في
المستشفی و کالعادة يسأل عن الإسم و المواليد و البلد
الأصلي، و بما أنها لا تتکلم السويدية فقد أجبت أنا بدلا
عنها، و عندما سألت الممرضة عن البلد الأصلي جاوبت أنا
بأنها من سوريا.
لکن
شقيقة زوجتي قالت:لا تقل سوريا، قل کوردستان.
قلت
لها: هذا ليس الوقت المناسب للنضال القومي (الکوردايتي).
قالت: لکن السوريين أحرقوا السفارة الدنمارکية و السفارة
السويدية، مع أن السويد لا ناقة لها و لا جمل في مسألة
الصور الکاريکاتيرية، و أنا سورية مواطنة في دنمارك و
مريضة في السويد و إني خائف من أن هذا يؤثر علی تعاملهم
معي.
قلت
لها: حتی لو کنتي شقيقة أسامة بن لادن فسوف تلقين العلاج
المناسب، نفس العلاج الذي يقدم إلی أي مواطن سويدي.
و
هذا ما حدث بالطبع، فلمدة تسع ساعات متتالية إهتموا بها في
الطوارئ و أجروا لها کل الفحوصات المطلوبة و الإختبارات
اللازمة و أخذوا لها الصور الشعائية الضرورية ثم أحيلت إلی
إحدی الردهات في واحدة من أشهر المستشفيات في السويد و
التي تسمی:
Kärnsjukhuset i Skövde (KSS)
بعد مرور أربعة أيام، ظهر بأن حالتها الصحية تتطلب بقائها
في المستشفی لفترة أطول، و بعد إتصالات بدولة الدنمارك
إتفق الطرفان أن تنقل إلی هناك بإعتبارها مواطنة دنمارکية،
و کان لا بد من التفکير بواسطة نقل، و عندما قالوا لي
بأنهم سوف ينقلونها بطائرة إسعاف، تذکرت سفاراتهم و هي
تحترق بإيدي (إخوتنه النشامة).
لا
أدري لم هذه الأحادية في التفکير و الرؤية من قبل بعض
المسلمين عموما و الإخوة العرب خصوصا، و بالأخص
الفلسطينيين منهم، هل نسوا کل المساعدات المالية التي
تلقوها من الدول الإسکندنافية؟ هل نسوا الدعم المعنوي و
جائزة نوبل للسلام التي قلدوهها المرحوم ياسرعرفات؟ هناك
المئات من المواطنين الإسکندنافيين بل الألوف منهم ممن يضع
شال عرفات حول رقبته دعما للقضية الفلسطينية، لقد وصل
الغباء إلی الکورد أيضا بإحراقهم العلم الدنمارکي، ما هو
ذنب الشعب الدنمارکي و الحکومة الدنمارکية إذا قامت صحيفة
ما بعمل مهين؟ إنهم يهينون المسيح أيضا فيصورونه سکيرا
حينا و شاذا جنسيا حينا آخر. إنني بهذا لا أريد الدفاع عن
عمل مکروه بقدر ما أريد أن أبين عدم تأييدي لإستعمال العنف
بل اللجوء إلی الطرق السلمية بدلا من ذلك، منها مثلا تقديم
شکوی ضد الصحيفة الدنمارکية و تنظيم المظاهرات السلمية.
ألم تکن هذه أفضل وسيلة لإثبات عکس ما ذهبت إليه الصحيفة
الدنمارکية؟
السويد
2006-02-14
fahmikakaee@yahoo.se
شقيقة زوجتي و هي في طريقها إلی طائرة الإسعاف السويدية