القيادات الكوردستانية …. ومسألة كركوك

 الجزء الثالث

 صفوت جلال الجباري   

 

كنت قد تطرقت  في المقالين السابقين الى مسألتين  وهما  توحيد الادارتين وقضية الفسا د  الاداري والحزبي في كوردستان,  ومن حسن  حظ جماهير كوردستان بانه قد تم الاتفاق على توحيد الادارتين مؤخرا, نرجو ان تتكلل الجهود المبذولة بهذا الاتجاه بالنجاح, اما مسألة الفساد , فكما نوّهت في مقالي السابق فان الدرب لا يزال طويلا وطويلا جدا….

 

اليوم اوّد ان اسلّط بعض الضوء على مسألة اخرى مهمة في الاجندة الكوردية السياسية , بل هي من اهم المسائل المعلقة لحد الآن وبشكل مطلق الا وهي مسألة كركوك…. ذلك الجرح العميق في جسد كوردستان , وذلك  الهاجس داخل عقل ووجدان  كل كوردي اينما كان.....ان اهمية كركوك  لا تكمن فقط في كونها ارض كوردية مغتصبة وشعب كوردي مشرّد, وموارد نفطية واراضي زراعية معطاء , بل ابعد من ذلك بكثير, ان ( اغتصاب) كركوك شكّل في التأريخ الكوردي المعاصر الملئ بالمآسي والانتكاسات والنكبات جوهر ونواة السياسات العنصرية المكرّسة ضدّه , من ابادة جماعية وتطهير عرقي مقيت على مرّ التأريخ الحديث من قبل اعداءه التأريخيين  من عرب شوفينيين واتراك فاشيين وفرس طامعين(وانا هنا اقصد حكامهم على وجه الخصوص) , وقد ترّكزت هذه السياسات وتوسعت  منذ اكتشاف النفط فيه في اوائل القرن الماضي, ولكون هذه المادة (اللعينة) قد شكلت ولا تزال عماد الثروة والتقدم الاقتصادي والرفاه الاجتماعي وبالاخص ونحن نعيش في منطقة من العالم افتقدت ولاسباب شتى, الى سبل التطور الاقتصادي التأريخي والمتدرج,واصبح الاستهلاك السلعي ونمط الانتاج الزراعي المتخلف طابعها الغالب ,بلدان  وشعوب عاجزة  عن خلق  وتنمية الثروات بكدّها و بكدحها وعرق جبينها ,واصبحت  بالتالي الثروات الطبيعية وعلى رأسها النفط  هي الاساس  الاقتصادي لنشوء وتكوين العديد من دول المنطقة, وان شعوب هذه البلدان قد تم تأليب  وتشويه ذاكرتها  الانسانية من قبل حكام شوفينيين مثلوا ولا يزالوا قمة التخلف في السلم الحضاري والتطور الثقافي و في كافة مجالات الحياة, حكاما وساسة زرعوا في ذاكرة  شعوبهم (ولاوعيهم) السياسي والاجتماعي , مفهوما خطيرا لا يزال الكورد يدفع  ثمنه باهظا حتى الآن, وهو  ان (الكورد والنفط صنوان لا يجب ان يجتمعا ابدا) والاّ اصبحا خطرا داهما على وجود هذه الانظمة وشعوبها وأمنها واستقرارها ومستقبل اجيالها, لذا ارادها اعداء الكورد ان تكون هذه المادة, اما بعيدة عن متناول الكورد, او ان يتم ابعاد الكورد عن مكامنها وحقولها...... والمعروف ان احد  اهم اسلحة الابادة الجماعية المستخدمة ضد الشعوب المغلوبة على امرها هي تجريدها من القوة الاقتصادية او حرمانها منها  في البداية, ومن ثم الاجهاز عليها ومحوها بسهولة في النهاية, وهكذا كانت هدف وفلسفة كل عمليات الابادة الجماعية على مرّ التأريخ  وضد كل الشعوب المقهورة اينما كانوا, وهذا ما تم فعلا بالنسبة  للكورد وفي كركوك بالذات,فلا غرابة ان نجد ان الخليجي المتخم الذي يسبح على محيط من النفط يعادي الكورد اذا ما ارادوا ان  يداعوا بحقهم الطبيعي  في استرجاع حقوقهم في كركوك,  رغم ان نفط كركوك لايمثل شيئا يذكر قياسا  بآبار الخليج الغنية, لانه لقنّ لعشرات السنين بمبدأ (دع الكوردي بلا نفط ,حتى لا يفكر بتأسيس دولته القومية), تلك الحلقة المفقودة من كيانات المنطقة السياسية , ونفس الحال بالنسبة للسوداني او الصومالي او المصري الذي يتضور جوعا , اضافة الى عرب العراق انفسهم, وبمختلف مشاربهم وتوجهاتهم القومية والدينية والسياسية, ونفس هذا التفكير العنصري يسري على التركي والفارسي وكل من احتل كوردستان ولغاية اليوم,وعلى هدي هذا التفكير الخبيث قادت الحكومات العراقية المتعاقبة حملات الابادة والتطهير العرقي   ضدّ شعب كوردستان الاعزل واتهمته  بالانفصالي , والعميل ,  والمخرب  وما الى ذلك من النعوت الاسقاطية التي مهدت لتلك  الممارسات  اللاانسانية   ومن بينهاالابادة الجماعية باستعمال مختلف الاسلحة المحرمة دوليا مثل النابالم والغازات الكيمياوية الفتاكة والدفن الجماعي لمئات الالوف من الاطفال والنساء والشيوخ في الفيافي والصحارى, وتهيئة المناخ النفسي لمنتسبي الاجهزة الامنية والحكومية المختلفة لقبول فكرة  تنفيذ عمليات الابادة الجماعية دون وازع انساني او ديني او وطني  , واقناع الشارعين العراقي والعربي بان كل ذلك انما يصّب في المصلحة والامن القومي العربيين, تماما كما حدث مع الهنود الحمر في امريكا او اليهود في المانيا واوروبا وكذلك الارمن في الدولة العثمانية , ولا غرابة ان نجد ان ابشع هذه العمليات الواسعة النطاق قد بدأت من منطقة (كرميان) في كركوك وطالت اكثر من 750 قرية كوردية وابادت اكثر من 100.000 انسان برئ من سكان كركوك الكورد ,موطن الثروات الكردية  ومكمن اقتصادها, لارضاء الطموح الشوفيني والرغبة الكامنة في التخلص من الكورد, والمعشعشة في النفوس  والعقل الباطن للكثيرين  ممن عملت الماكنة الاعلامية والشوفينية في زرعها لدى السواد الاعظم من عرب العراق وغير العراق ولعقود من الزمن ولا يزال الكثيرون يعانون من آثاره (حتى من غير البعثيين او الشوفينيين العرب المعروفين)….. فمسألة كركوك اذن بالنسبة للكورد ونضالهم, يمثل قبل كل شئ كسر وتحطيم طوق هذا الفكر الاستقصائي وتدميره  بغيةاعادة الاعتبار الانساني للكورد كشعب يستحق الحياة الحرة الكريمة كغيره من شعوب المنطقة والعالم,وجعلهم يتقبلون وعن طيب خاطر فكرة ان للكورد الحق وكل الحق في التمتع بخيراتهم بالشكل الذي يقتضيه مصلحتهم  القومية, وهو حق مقدس لكل الشعوب والامم  ولا مبرر اطلاقا في عالم اليوم ان يحرم الكوردي من هذا الحق الطبيعي,وان كل ما قام به البعث في كركوك وقبله الانظمة المتعاقبة على حكم العراق وقبل ذلك ايضا الدولة التركية المستعمرة لكوردستان لهو بحق نموذج واقعي وفريد من نوعه في التطهير العرقي والابادة الجماعية بحق الشعوب , وان القضاء على آثار هذه السياسة المستمرّة منذاكثر من قرن  والا الابد, لن يتم  الأ بارجاع الحق الى اصحابه الشرعيين  , والجميع في المنطقة (حتى اعتى اعداء الكورد من العروبيين والفاشيين الترك خصوصا ) يعرفون وقبل غيرهم , ما هو هذا الحق ومن هم اصحابه الحقيقيون , ومن هنا تستمّد كركوك  كقضية وكارض وكشعب وقبل ذلك كحقوق مغتصبة قدسيتها  واهميتها الفائقة عند الكورد شعبا وقيادة وتأريخا ومصيرا.

                   

                         

وكما هو معلوم ان قضية كركوك قد لعبت دورا مركزيا للعلاقة بين الحركة الكوردية المعاصرة والحكام الذين توالوا على دست الحكم في العراق منذ حوالي نصف قرن , وشكلت العقدة المستعصية للحّل في كل المفاوضات والاتفاقيات الموقعة بين الطرفين والتي كانت السمة البارزة لها  دوما هي التسويف والمماطلة من قبل حكام بغداد , والعودة مجبرا الى القتال المسلح  والدفاع عن النفس من قبل القيادات الكوردية.

 

واليوم وبعد سقوط النظام العنصري الفاشي  قبل ثلاثة اعوام, تكاد القضية تراوح في مكانها بدون افق واضح واجراءات عملية تقرب الحل الشامل والنهائي لهذ العقدة المستعصية والمزمنة,ولو اننا ككورد لا نتوقع اية مبادرات ايجابية من الحكومة المركزية في بغداد , اية حكومة  كانت , فهم جميعا متوحدون ومتفقون ضمنيا  بالنسبة لقضية كركوك حتى لو اختلفت تسمياتهم, لانهم وكما قلت انما ينتهلون من نفس المعين العنصري الشوفيني المزروع في مخيلتهم منذ قرن من الزمان, لا تختلف عن بعضها البعض الا بالتسميات والشعارات المموهة المخادعة, ونحن هنا لا نعاتب عليها كثيرا وخاصة هي تمثل اناسا لم يتشرّبوا  بابسط المفاهيم الديمقراطية وحقوق الانسان ولا يعرفوها الأ  لفظا, ولكن العتب الكبير يقع على القيادات الكوردية نفسها التي لم تستطع وبعد مرور ثلاث سنوات من ازالة نظام الطاغية ان تكرسّ جهودها وامكانياتها ايفاءا بهذا الواجب القومي والمصيري المقدس, انا لا اريد الخوض في تفاصيل ما انعكس من آثار سلبية على الحركة الكوردية بشكل عام وقضية كركوك بالذات من جراء الاقتتال بين الحزبين الرئيسين, ولكن ادارة  هذين الحزبين للصراع بعد سقوط الطاغية لم تكن ايضا بمستوى القضية وخاصة  اداء الحزبين في بغداد مع مختلف القوى السياسية من جهة ومع الامريكان من جهة اخرى, حيث لا تزال القيادات الكوردية تتخبط في سياساتها تجاه الاحداث السائدة في العراق عامة وكوردستان خاصة, وفقدت اولوياتها واحيانا قدمت الهموم العراقية على الهموم الكوردية, اضافة الى انشغالها بتسييس قضية كركوك لصالح احزابها ومصالحها الضيّقة, دون الالتفات الى القضية المركزية الرئيسية  في الصراع الكوردي – العراقي—الاقليمي – الدولي, الا وهي قضية كركوك.

 

ان الخطأ الكبير الذي وقع فيه القيادات الكوردية كان في تسلسل الاولويات القومية الكوردية,  حيث قدمّت اولوية الفيدرالية على اولوية قضية كركوك بالرغم ان مطلب الفيدرالية بحد ذاته يعتبر من المطاليب المهمة  وهو مرتبط جذريا بقضية كركوك وبشكل لا يقبل الانفصام ,  حيث ان جوهر الفيدرالية هو ما يتعلق بحدودها الجغرافية  وهنا يقع قضية كركوك في صميمها, وحتى هذه الفيدرالية  المطروحة من جانب واحد و المبهمة الحدود ايضا لا تبدو ممكنة التحقيق بدون  الانتهاء من  تطبيع الاوضاع في كركوك وبقية المناطق المستقطعة من كوردستان ..... والمعلوم ان اية فيدرالية بدون كركوك  لا تكون الا تكريسا لفكرة قديمة جديدة سبق وان طرحها صدام على القيادات الكوردية في مفاوضات  الثمانينات وبداية التسعينيات  وهي ( مسموح لكم كل شئ عدا الاقتراب من كركوك), والواقع ان الكثيرين غيره ايضا قد طرحوا حتى انفصال كردستان عن العراق ولكن بدون كركوك ..... فقد سبق ان صرّح بذلك  وفيق السامرائي ومشعان الجبوري ومؤخرا صالح المطلك وغيرهم كثيرون بانهم يؤيدون حق تقرير المصير للكورد والانفصال حتى عن العراق ولكن (بدون كركوك!!!!).....ونفس هذه الافكار الشوفينية والغارقة في العنصرية تراود قادة الائتلاف الشيعي وعلى رأسهم ابراهيم الجعفري ورهطه, ولهذا نراه قد ماطل وعرقل ايضا حل قضية كركوك رغم مرور شهور عديدة على تسنمه  المنصب و رغم الآليات الواضحة الموجودة في المادة 58 من قانون ادارة الدولة المؤقت ((,الفقرتين ب و ج منه والتي تنّص على ..... (ب)- لقد تلاعب النظام السابق ايضاً بالحدود الادارية و غيرها بغية تحقيق اهداف سياسية . على الرئاسة والحكومة العراقية الانتقالية تقديم التوصيات الى الجمعية الوطنية وذلك لمعالجة تلك التغييرات غير العادلة. وفي حالة عدم تمكن الرئاسة الموافقة بالإجماع على مجموعة من التوصيات، فعلى مجلس الرئاسة القيام بتعيين محكم محايد و بالاجماع لغرض دراسة الموضوع وتقديم التوصيات . وفي حالة عدم قدرة مجلس الرئاسة على الموافقة على محكم، فعلى مجلس الرئاسة أن يطلب من الأمين العام للأمم المتحدة تعيين شخصية دولية مرمـوقة للقيام بالتحكيم المطلوب.

 (ج)- تؤجل التسوية النهائية للاراضي المتنازع عليها ، ومن ضمنها كركوك ،الى حين استكمال الاجراءات أعلاه، وإجراء إحصاء سكاني عادل وشفاف والى حين المصادقة على الدستور الدائم. يجب ان تتم هذة التسوية بشكل يتفق مع مباديء العدالة، آخذاً بنظر الاعتبار ارادة سكان تلك الاراضي

 ومن بعدها المادة 138 من الدستور العراقي والتي تنّص على : يلغى قانون ادارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية، وملحقه، عند قيام الحكومة الجديدة، باستثناء ما ورد في الفقرة (أ)و(ب.)  و (ج)   من المادة 58 من القانون المذكور..))...

:  ان الجعفري ومن وراءه الائتلاف الشيعي قد أخليا بوعوديهما  بموجب الاتفاق المكتوب والموقع بين القيادة الكوردية والائتلاف العراقي الشيعي غداة تشكيل حكومة الجعفري, ورغم ذلك لم نلمس من القيادات الكوردية اية ردود افعال مناسبة , ترتقي الى مستوى هذا التراجع الخطير, سوى بعض العتاب الخجول ... ان على القيادات الكوردية ان تستخلص الدروس من المرحلة الماضية وتفهم ان الفيدرالية البائسة التي يدور في اذهان قادة الائتلاف ما هي الا نسخة معدلة من الحكم الذاتي الذي اراد صدام فرضها على الشعب الكوردي وهي في الواقع فيدرالية عارية , وعرجاء ومشوهة , اية فيدرالية  تلك التي لا تضّم اكثر من نصف ارض كوردستان وثلث شعبها وكلّ ثرواتها , نعم الفيدرالية بدون كركوك هو تماما كعملية تسليب او قرصنة لقافلة في صحراء او سفينة في عرض البحر , عبارة عن تجريد الكورد من ثرواته حتى يتيه في صحراء المنطقة او تلتهمه امواج بحارها الغادرة من كل جانب, هكذا يريدون الكورد , بلا ثروات وبلا ارض وبلا امكانيات اقتصادية , حتى لا تقوم للكورد قائمة مدى الدهر ,وهذه هي نتاج عشرات السنين من محاولات اعداء الكورد في حشو مفاهيم الابادة  والتطهير العرقي في اذهان الكثيرين.

 

 

والشئ المهم الآخر فيما يتعلق بتسلسل الاولويات بالنسبة لقضية كركوك نفسها , حيث ان مسألة عودة الاقضية والنواحي

 المستقطعة من كركوك هو الاساس الصحيح والواقعي لعودة كركوك الى احضان كوردستان وترسيم حدود اقليم كوردستان على اساسها , وهي التي يجب ان تحضى بالاولوية ,لانها الاقل كلفة , والاسهل تطبيقا, اضافة الى عدم امكانية اي طرف عراقي او اقليمي او دولي معارضة تحقيق هذا المطلب كونه تصحيحا لقرارات جائرة اتخذها النظام البعثي السابق لاهداف شوفينية معروفة وواضحة, ولا يؤدي تطبيقه الى آثار جانبية اخرى تعطي بعض الذرائع لاعداء الكورد للتباكي على هذا تطبيق هذا الاجراء  وتبعاته الانسانية!!!!(كما هو الحال بالنسبة الى اعادة الوافدين مثلا), وحتى تطبيقه لا يستغرق وقتا كبيرا ,ولا يتعدى اصدار بيان او قرار بالتحاق هذه الوحدات الادارية الى محافظتها الاصلية ولا سيما ان هناك وحدات ادارية اخرى في الوسط والجنوب لها اوضاع مشابهة وتم فصلها من محافظاتها لاغراض طائفية في الماضي فهو اذن(تطبيق المادة 58 من قانون ادارة الدولة المؤقت او الفقرة 38 مت الدستور الدائم الذي قبله الشعب العراقي في استفتاء عام) مطلب كوردي شيعي مشترك...... ويكون في الوقت نفسه اختبارا حقيقيا لكشف نوايا الحكومة القادمة وبالاخص الائتلاف الشيعي المهيمن عليها , وآنذاك يمكن للكورد وقادته السياسين اتخاذ  المواقف الضرورية للردّ على كل من لا يريد اعادة الحقوق المغتصبة للكورد , وعلى رأسها  اعلان العصيان المدني اومقاطعة الحكومة وسحب الوزراء او استقالة رئيس الجمهورية في حال عدم تلبية هذا المطلب المشروع والبسيط, بل المضي الى   ما هو ابعد من ذلك  في سبيل احقاق الحقوق باساليب اخرى والاستعداد للتضحية في سبيل اقدس قضية للكورد ومستقبلهم ووجودهم .

 

ان فصل الوحدات الادارية ذات الاكثرية الكردية المطلقة  من جسد محافظة كركوك كان من الاجراءات الاكثر مكرا ودهاءا وخبثا تلك التي اتبعه النظام البعثي المقبور تجاه كوردستانية كركوك في اواسط السبعينات, والابقاء على القضاء الوحيد ضمن حدود المحافظة وهو ذات اكثرية عربية  معروفة(قضاء الحويجة) , وهو اجراء تنفرد به محافظة كركوك عن سائر محافظات العراق بل وفي اي بلد من بلدان العالم , هل هناك محافظة يتبعها قضاء واحد في طول العراق وعرضها , اوليست هذه حالة غريبة وشاذة وقد آن الأوان لتصحيحها , او القبول باتباع اجراء آخر مماثل وهو فصل هذا القضاء الوحيد ايضا عن كركوك(الحويجة) والحاقها باحدى المحافظات القريبة منها مثل الموصل او صلاح الدين ولا سيما ان اهالي القضاء ينحدرون اصلا من هاتين المحافظتين(عشائر العبيد والجبور) , الا يبدو هذا الحل اكثر عدالة مما هو عليه الآن,ان القبول بالحل الاول (ارجاع كل الوحدات الادارية التي كانت تابعة لمحافظة كركوك الى اصلها ) هو الحل الامثل والعادل ,مع اعادة تشكيل مجلس المحافظة من ممثلين لهذه الوحدات الادارية جميعا اضافة الى قضاء مركز كركوك وقضاء الحويجة.

 

ان عدم العمل الجدي من قبل القيادات الكوردية, لارجاع الاجزاء المستقطعة من محافظة كركوك والذي كان من المفروض ان يتم منذ اليوم الاول لتحرير المدينة  يفسره البعض بان هناك  تماهلا  او حماسا فاترا لدى بعض القيادات الكوردية  وبالاخص الاتحاد الوطني الكوردستاني الذي يشكل عودة  اقضية جمجمال وكفري وكلار الى جسد محافظة كركوك مجددا, تقليصا للمساحة الجغرافية التي تعتبر من مناطق نفوذه وبالتالي سيؤدي الى فقدان التوازن الجيوسياسي والمالي...الخ  مع منافسه الحزب الديمقراطي الكوردستاني  !!!! , واذا كان هذا الافتراض صحيحا ,ارجو ان يساهم توحيد الادارتين الى تعديل هذا التوازن او ازالة هذه المخاوف ان وجدت والعمل في كركوك بروحية الفريق الواحد  المشترك بدلا من العمل بروحية المنافسة الحزبية الضّيقة الافق.

ان الواجب القومي الملّح يتطلب من القيادات الكوردية الاصرار والحزم بعدم الاشتراك في اية حكومة عراقية قادمة مالم يكن القرار الاول لمجلس وزراءها هو ارجاع الاقضية والنواحي والقرى التي كانت تابعة لمحافظة كركوك الى عهدها السابق , واعتبار هذا الاجراء هو بداية لعملية التطبيع الذي تم الاتفاق عليها بين كل الاطراف العراقية والمثبتة في الدستور الدائم للبلاد, وكذلك اعتبارها بادرة حسن نية لكل طرف يهمه استقرار العراق واستمرار السير في العملية الديمقراطية الى نهاياتها وآفاقها المشرقة,و بمشاركة فعّالة من الكورد وقواه السياسية, وبخلافه لن تكون للكورد في العراق  وادارته ومستقبله السياسي  اية ناقة او جمل , وكما يقول الشاعر      ....... (اذا متّ ظمآنا فلا نزل القطر)  .... والى القاء في الجزء الرابع                     

 

صفوت جلال الجباري                                         

 

           

02/09/2015