في ذكرى رحيل السياسي والمثقف الكوردي آزاد مصطفى
1989 -19- 3 الفراق حزن ، واللقاء عيد والانسان كالشمعة والايام تذوبه... الأديب عبد المنعم الأعسم (المنفى والهجير).
عبد الحكيم نديم الداوودي
في التاسع عشر من شهرآذار وقبل ستة عشر عاما، وبعد صراع قاس مع المرض غيّبَ الموت المثقف والسياسي الكوردي المتنور والمخلص لقضية شعبه ( آزاد مصطفى). واحد منظري حركة استقلال كوردستان ( باسوك ). وكان الراحل من المناضلين الأوفياء الذين وهبوا روحهم في سبيل قضية امته العادلة ضد المحتلين والشوفينين في المنطقة، وتجسد فيه كل الخصال الحميدة والنضوج الفكري في التخطيط والقيادة. وكان انسانا مبدئيا ووفيا ولم يعرف يوما التنازل عن مبادئه السامية، وكان صارما بوجه الذين ساهموا في اجهاض الحركة التحررية الكوردية من اعداء امته المجزئة. ولم يطمع في نضاله الدؤوب لجاه اوسلطة او منصب، بل كان مناضلا ومقاتلا شجاعا وفي مقدمة المقاتلين في خنادق المنازلة مع اعداء كوردستان و شهدت له ولرفاقه المقاتلين قمم جبال ووديان كوردستان العديد من المآثروالبطولات في ايام النضال ضد النظام الديكتاتوري الفاشي البائد،وتالق ككادر متميز في العمل الميداني والنشاط الحزبي في داخل العراق وايام الكفاح في جبال كوردستان، وكمفكر ومثقف وصاحب قلم اصيل و فكر ثاقب ،وكان الراحل قارئا جيدّا للكتب التاريخية والسياسية، ومحبا من القلب للادب الكوردي والكلمة الكوردية المقدسة، ومترجما جيّدا من الآداب الاجنبية. وكاتبا متعمقا وكانت جل كتاباته تتسم بالموضوعية والتحليل الصائب لخلفيته الثقافية والسياسية المعمقةموظفا تلك القابلية الفذة في صقل افكاره وتطلعاته من اجل خدمة قضية شعبه في مقالاته ونتاجاته الأدبية والسياسية المنشورة والغير المنشورة. ولذلك كانت معظم طروحاته الفكرية والسياسية محل نقاش وتحليل دائم،وبالأخص المتعلقة منها في كيفية حل المشكلة الكوردية بشكل علمي مدروس. بعيدا عن كل المؤثرات العاطفية، ودراسة ابعادها المستقبلية والمستجدات الدولية والاقليمية مخافة المفاجئآت المحتملة. كان آزاد وفيا لتاريخ ونضال امته من اجل الحرية والاستقلال لآخر لحظات عمره، وكان من الذين يستمتعون بالنقاشات المثمرة والبنّاءة، ويحترم بعمق رأي الآخرين من دون اسفاف او استخفاف، ولم يفرض رأيه على الآخرين، وكان يضع مصلحة امته نصب عينيه في كل مؤتمر او اجتماع او لقاء يحضره في داخل وخارج كوردستان. ولم تنل منه الاقاويل الفارغة والصراعات والكتل السياسية ذات النظرةالضيقة، ولا الشائعات الكاذبة . فكان صارما وحازما في عمله الحزبي، وكان همه الكبير تحرير كوردستان من براثن محتليها، ولم يسع في سنوات كفاحه الطويلة لمنصب اوجاه، فاثبت من خلال تعامله الانساني والثوري مع الذين عايشوه في ايام الاعتقال والنضال كذب تلك الادعاءات. فتاريخه النضالي وسجله النظيف ومعاصروه من اصدقائه ومحبيه ، خير شاهد اثبات لسجاياه اللطيفةوصبره القوي في تحمل شدائد تلك الأيام الصعبة.و مقدرته الفذة في ادارة النقاشات السياسية والفكرية في فترة نضاله السري عندما كان طالبا في بغداد والسليمانية.وقريبا من معاناة وهموم المعدمين والبسطاء من ابناء امته المظلمومة،مفضلا العيش معهم حياة بسيطة كعيشة الزهاد،وكان بمقدوره العيش في الدول الاوروبية بكل ترف وبذخ. و باختصار لو امهله القدر لكان اليوم من المع الشخصيات السياسية والفكرية في الساحة الكوردستانية، لمؤهلاته الفكرية والساسية العميقة ولقد لفتت اليه الأنظار مبكرا و الى كتاباته وطروحاته السياسية منذ السبعينيات القرن الماضي وبالأخص في مجال الأبداع الفكري والأدبي فكتب آنئذ في العديد من الصحف والمجلات وفي مواضيع شتّى باسماء مستعارة مثل (جاويك،هه فريست)، استمر في الكتابة والبحث ولم يتوقف عطاؤه الفكري والسياسي لغاية وفاته،فوصيته لشريكة حياته واولاده تضمنت العديد من المفاهيم الوطنيةوالفلسفية في مجال الحياة والكفاح والثناءعلى جهود ومشقة رفيقة دربه كامراة مناضلة ووفية، موصيا لها بالسير في درب الكفاح من اجل حرية كوردستان وزرع محبة كوردستان في قلوب الأبناءجيلا بعد جيل. فكانت وصيته بحق وصية مناضل مخلص لوطنه متمنيا رؤية شمس وطنه مشرقة بلا أفول، وكتب البحوث والدراسات السياسية في مجال القضية الكوردية ،بالاضافة الى الكتب والكراريس المطبوعة .وكان شعلة من المبادئ الكوردية الأصيلة، ويا لسخرية القدر الكوردي لم يمهله المرض الخبيث فتنشب نوائب الموت اظفارها اللعينة في جسده القوي فرغم قسوة مرضه وصراعه المرير معه كان يبدي نفسه قويا امامه ومتحملاا لالمه كجبل من الصبرمبتسما للاخر لحظات عمره،ولم يعرف وجه الهادئ اي حزن او تشكي طيلة فترة مرضه القاسي ومكوثه في مستشفى كارولينيسكا في السويد، ومشاغلا نوبات مرضه بابتسامات دائمة وكلمات مفعمة بالتفائل. فادهشنا آزاد برحيله المبكر، وادهش زواره في المشتشفى،وكان محط اعجاب و تقدير جميع الكوادر الطبية والصحية في ردهة المستشفى،وكانوا يسطرون له من خلال كلماتهم الموثرة ونظرات عيونهم الحزينة اسمى آيات التقديروالثناء، لهذا الأنسان الصابر المتحمل لضراوة نوبات الألم .ويرحل بهدوء الى فضاء رحمة بارئه لتستقر والى الابد روحه مع العليين والشهداء من ابناء امته المضحية في نهاية شهر آذار من عام 1989 ، شهر الأحزان والمسرات ،فيبقى خالدا في القلب، وحيا في الذاكرة،مهما توالت النوائب ومضت الأعوام ،وان نسيه اليوم بعض من اصدقائه و محبيه من ايام النضال ولا اعتقد انهم يتذكرونه ويوم رحيله ولو بكلمة واحدة. وستنموا على قبرك الغريب في تلك الغابة الصامتة ورود النرجس الربيعية دونما زيارة مرتقبه من الأحبة فلربما انستهم مشاغل الحياة وصروف الزمان اسمك او ذكرى رحيلك. فاذكرونا مثل ذكرانا لكم ،رب ذكرى قرّبت من نزحا!، تحية معطرة في ذكرى رحيلك، مع باقة ورد ولوعة من غربتنا لغربة روحك ومن حبيبتك كوردستان المحررة، فنم قرير العين لقد اديت باخلاص امانة امتك المنجبة للشهداء والمناضلين،وها اليوم تكللت سنين كفاحك وكفاح رفاقك، واثمرت دماء ضحايا الأنفال حرية كوردستان ،بزوال النظام الديكتاتوري الفاشي والى الابد.
الراحل في سطور
من مواليد مدينة السليمانية ( 1948 ـ 1989). من مؤسسي حركة استقلال كوردستان العراق (باسوك). له العديد من البحوث والدراسات باللغة الكوردية في السياسة والفكر والأدب، واسهامات ادبية في مجال الراوية والترجمة. ولقد صدر للراحل وعن مركز شهيد فرهاد في السويد عام 1988 كتيب مطبوع تحت عنوان ـ حديث مقتضب حول الجبه الكوردستاني باللغة الكوردية.وكتيبب مطبوع آخر حول القومية والشعور القومي وبثلات طبعات ط1 برلين 1989 ط2 كوردستان 1992 ط3 ستوكهولم 1996
المصادر: ـــــــــــ 1 ـ مجلة ماموستاي كورد ـ معلم الكورد ـ ص 81عدد 7 ربيع89 19م ستوكهولم رئيس تحريرها الاستاذ الشاعر فرهاد شاكه لي. 2 ـ مقابلة شخصية مع الاعلامي الكوردي آري كاكه يي،مع تقديري لمساعدته لي في توفيربعض كتابات المرحوم المنسية.
|
|
02/09/2015 |