أين أنت يا نصير المظلومين، يا أبا ذر الغفاري فهمي کاکهيي
غني عن التعريف، هو أبو جندب بن جنادة الغفاري، أول من حيا الرسول صلی الله عليه و سلم بتحية الإسلام، هو المجاهر بالحق، نصير الضعفاء و المظلومين، محارب الفساد و عدو القهر، الصادق المتفرد الوحيد، و هو الذي قال فيه الرسول الکريم: (رحم الله أبا ذر، يمشي وحده و يموت وحده و يبعث يوم القيامة وحده.) کان أبو ذر مصلحا إجتماعيا، حارب السلطة بالطرق السلمية، من خلال الإستناد إلی القرآن و السنة النبوية الشريفة. إمتنع عن بيعة أبي بکر، ثم بايعه کارها. إعترض علی سيرة الحکام في بيت المال، فنفاه عثمان إلی الشام. فشل معاوية بتطويق أمره و ثنيه عن سلوکه رغم التهديد و الوعيد و التجويع، فکان رد أبي ذر: (إن بني أمية تهددني بالفقر و القتل، و لبطن الأرض أحب إلي من ظهرها و الفقر أحب إلي من الغنی) فلما لم يفلح معاوية کتب إلی عثمان بأمره، فنفاه عثمان إلی الربذة، فبقي هناك حتی مات قهرا و فقرا.
سأله الرسول ذات يوم: يا أبا ذر، کيف أنت إذا أدرکك أمراء يستأثرون بالفيء؟ أجاب قائلا: إذن و الذي بعثك بالحق، لأضربن بسيفي. قال الرسول صلوات الله عليه: أفلا أدلك علی خير من ذلك؟ أصبر حتی تلقاني. و قد حفظ أبا ذر وصية النبي، فلم يحمل السيف، مع أنه قال: (عجبت لمن لا يجد القوت في بيته، کيف لا يخرج علی الناس شاهرا سيفه)، إلا أنه حارب الفساد بغير السيف. ما يذکرني بأبا ذر ليس الجوع والفقر و إنعدام الکهرباء و الماء، بل إنه الأمان الذي فقده العراقيون منذ الإطاحة بصدام حسين و إلی الآن. تحدث الکثيرون عن حرب أهلية، قال بعضهم بأنها قائمة، و قال آخرون بأنها ليست قائمة، بل إن العراق في طريقه إلی حرب أهلية. يکذب من يقول بأنها ليست حرب أهلية. يتوهم من يدعي بأنها بدأت للتو. يتجاهل من يفسرها بغير طائفية. الحرب الأهلية الطائفية بدأت مع الغزو الأمريکي، عندما بدأ بعض المسلحين بالإنتقام من عناصر حزب البعث عن طريق تصفيتهم جسديا، مما حدا بالکثيرين منهم إلی حمل السلاح للدفاع حن أنفسهم علی أقل تقدير. لقد قام المسلحون بتصفية البعثيين في الشوارع و الطرقات، دقوا عليهم الأبواب و أقتادوهم إلی حيث لا رجعة. عندها بدأ القتل علی الهوية و ما زال. إن أنسب مکان يشعر فيه المرء بالإمان هو بيته، لکن ما من عراقي اليوم يشعر بالأمان في بيته. لو کان أبا ذر الغفاري موجودا بيننا لقال: عجبت لمن لا يجد الأمان في بيته، کيف لا يخرج علی الحکومة شاهرا نعاله. لکنه ما أن يکمل کلامه، يستدرك قائلا: لکن أين الحکومة؟
السويد 2006/3/23
|
|
02/09/2015 |