تركيا تعترف على إستحياء بكوردستان.. ولكن ؟ |
محسن جوامير ـ كاتب كوردستاني حسب ما جاء في الأخبار فان تركيا أعلنت على غير عادتها قبولها بالجوازات المختومة بختم " إقليم كوردستان ".. وبموجب هذا القرار يكون بامكان كل شخص الدخول إلى الأراضي التركية من دون إشكال قانوني، كما وُجد سابقا.. وقد جاءت هذه الخطوة بعد حالة التشنج والمشادّات والإحتقانات التي حصلت بين ادارتي كوردستان وتركيا أخيرا بخصوص السفر والطيران عبر تركيا من كوردستان، وعدم تنازل الكورد للمطلب التركي بحذف الإسم من على الختم.! لا يخالجنا الإعتقاد بعدُ بصحة الخبر وقد يكون على عكس ما يُتوقع، ولابد من أخذ الحيطة والحذر من كل ما يقال هناك أو يقع.. ولكن على فرض صحته فانه لا يتعدى حدود الإعتراف بالأمر الواقع وبعد ان ظل الكورد في جنوب كوردستان يرفضون كل تحذير عاقر غير نافع للتأثير على قراراتهم التي أصدروها لتأصيل واقعهم الذي أوجدوه بدماءهم وتضحياتهم وصمودهم أمام التحديات والتيارات والقوى والإرادات والأطراف الإقليمية الحاكمة التي أرادت فصل الكورد عن أرضهم إلى يوم ( إن عذاب ربك لواقع )، وبالأحرى الإنزعاج والكره التركي الذي كان دائما ضد كل طموح كوردي مهما قل وضَؤل ولو كان بحجم النقرة في ظهر النواة، والحسد داء لا يُبرأ منه .. في وقت حَسَم كل كوردي موقفه قائلا في سره وعلانيته : ولي وطن آليت أن لا أبيعه، ولا غيّر له الدهر مالكا.. وكفى ضرب الذلة والمسكنة عليّ إلى أن ( تَبيض وجوه وتسود وجوه ) وتصبح حالكا .!وإلا فان تركيا ومنذ ولادتها ما إنفكت عن محاربة كل ما يتعلق بالكورد ومحاولة إختصارهم في لاشئ، وقد زُيِّن لها حب معاداتها لهم بشكل ترفض أي مباحثة قصيرة معهم أو محاججة سواء كانت منطقية أو فِجّة و ( قد بدت البغضاء من أفواههم ) ولا تحتاج إلى برهان وحجة، ناهيكم عن عدم الإعتراف أصلا بتأريخهم وجغرافيتهم ولغتهم وتراثهم وآدابهم بل حتى بمذهبهم الشافعي، وكأن الأرض ما سُطحَت إلا لهم ولا السماء زُيِّنَتْ بزينةٍ الكواكب لغيرهم كذلك، ولا عزة إلا لهم، ويلمُ بهم طائف من البؤس حين يسمعون أحرف: كاف، واو، راء، دال : كورد.. وقد تأصّلت تلكم التوجهات والعقائد ببنود دستورية وكأنها آيات بينات محكمات فيها ذكر حكيم يقضي باعتبار كل نشاط غير تركي هو من باب الترويج للعنصرية والإنفصال عن جسد تركيا الذي يجب أن لا يُخدش بعنصر غريب أو طفيلي او آثار لا تمت بصلة لتراث الترك وحضارتهم المزعومة.. وسلالم الحياة وزهو صعودها لهم دون الآخرين، والذي تولَّى أن يكون طوع أمرهم وكفر فيعذبونه العذاب الأكبر ولا يخلفون الميعاد فيما صَغر أو كبُر، ومن إتخذ غير التركية دينا فانه من الأخسرين أعمالا في هذه الدنيا وما له من ناصر في يوم الحساب والحشر.!والواقع الكوردستاني في شمال وطن الكورد خير دليل على هذا الموقف القديم الجديد الذي كلف تركيا شططا، والذي لم يحصل فيه أي تغيير يذكر بالرغم من الأرق السياسي الدائم والمآسي والفواجع والإشتباكات الدامية التي طرأت على المجتمَعَين التركي والكوردستاني معا ونيرانهم اكلت نيرانهم كما يقول نزار القباني.. حيث مازال الجرح لم يندمل، ولا بُح صوت الكورد أو أصابهم الملل في المطالبة بحقوقهم التي يراد لها أن تبتلي بالشلل، وما قلَّلَ إيمانهم بحقيقة أن الأيام دول.بيد انه يبدو أن ما كان تتوقعه تركيا وتنتظره، يجري على الضد مما تشتهيه وتهواه، فان العناد والتدافع الكوردي والتحولات الجارية في كوردستان والعراق والمنطقة برمتها تتحول شيئا فشيئا إلى ورقة ضغط على الموقف التركي ( وتلك الأيام نداولها بين الناس ).. لذا لا مناص من إظهار بعض المرونة أو بالأحرى بعض المسايرة " مكره أخوك لا بطل " بعد أن كانت تُزمجر وتُرهب وتهدد وتتوعد وتعض الأنامل من الغيض لكل إقدام كوردي نمى، والإيمان بأن الرمد أهون من العمى.وما الرفض الملاييني الكوردي من دخول الجيش التركي إلى كوردستان والذي تَمَثلَ في المظاهرات العارمة والإحتجاجات الصارمة ومن ثم الإستياء الكوردي من وجود قواعد كانت لها قائمة في هه ولير والتي إضطرت للمغادرة من بعدُ صاغرةً سالمة، ومن قبلهما قرار البرلمان الكوردستاني " والعاقل لا ينتظر حتى يشيب الغراب " برفع العلم الكوردي على سارية كل المؤسسات الحكومية ورفرفته حتى بوجه العلم التركي في نقطة إبراهيم خليل الحدودية، إلا أمثلة على إجبارهم على مراجعة حساباتهم والتخفيف من حدة لهجتهم تجاه ما يجري في خارج حدودهم على الأقل والرضا بالواقع ضمنا وعلى إستحياء على الرغم من أن ( ما تخفي صدورهم أكبر).وإذا كان مدير مطار أتاتورك الدولي ذكر بأنه : وحسب البيان المنشور من قبل وزارة الداخلية التركية، لا بأس في الجواز الذي ختم عليه بإسم " إقليم كوردستان " ، غير أن كل شخص يحمل هوية أو جوازا فيه كلمة " كوردستان " وتحديدا في خانة " التولد " فإنه سوف يعاد ولا يسمح له بالطيران عبر تركيا إلى الخارج ولم يعد آمنا، لأن تركيا لا تعترف رسميا باسم كوردستان .! لكن لا ضير وكل آت قريب والوقت كفيل بأن تتعود تركيا على اللحن الجديد والقديم عن طريق ممارسة " الألعاب الكوردستانية " وليست " الألعاب السويدية " على قراءة إسم " كوردستان " مستقبلا لا على الطمغة فحسب بل في حقل " التولد " أيضا ويصبح بذلك حقيقة ملموسة، وتعلم وقتئذ بأن الشعوب ليست بدمية تقلب يمنة ويسرة بيد المحروس أو المحروسة.لقد طالما كانت عيون الكورد مشدوهة بآمال أكبر مما يُمْكرُ لهم من قبل الذين يود الكورد أن يعيشوا معهم في واحة واحدة ويستأنسوا وإياهم على قدم المساواة في الحقوق والواجبات والإعتراف المتبادل بعيدا عن منغصات التفوق العنصري و بالتالي يكفكف الكل من دموع الذل والشعور بالصغار، ولكنهم يرفضون وكبر مقتهم ولا يتذكرون!ولعل لصقة " الإقليم " على إسم كوردستان يُحذف ذكرها في المحافل أبدا، وعسى أن يكون ذلك قريبا جدا.. فانها تَردُ ـ وللأسف ـ على لسان بعض الكورد قبل الترك بين الفينة والأخرى، وكأنها ورب الشِّعرى صاعقة تقصف بالأمل والبشرى !والحق اثبتْ وإن مع اليوم غدا يا مسعدة !
mohsinjwamir@hotmail.com
|
|
02/09/2015 |