و إذا المؤنفلة سُئلت بأي ذنب أُنفلت؟

فينوس فائق

venusfaiq@yahoo.co.uk

ما يحز في نفسي كثيراً هو كل عام عندما نستذكر ذكرى جرائم الأنفال أنني أتذكر معه أن الشعب الكوردي هو أقل شعوب الأرض نصيباً في الحظ ، حيث أن قدره كان عندما يؤنفل و يدفن في القبور الجماعية و يضرب بالغاز السام لم تكن التكنلوجيا متطورة أو لم تكن هناك منافذ تصل منها التكنلوجيا إلى كوردستان بسبب الكبت و القهر الذي كان يعيشه في ظل الدكتاتور ، و بالتالي لم يعلم العالم الخارجي بتلك الجرائم إلا عندما مضى عليها عشرات السنوات ، بخلاف ما يحدث الآن ، حيث إذا عطس طفل في مكان ما في العالم تنقله أجهزة التكنلوجيا المتطورة من خلال التواصل الإنترنيتي و الفضائيات ، و أتذكر نفس الشيء عندما أستلم في بريدي رسائل تضامن و إستنكار و إستهجان قرار أو أي شيء يحدث هنا و هناك ، حتى تلك الصور التي تتناقلها الناس بالبريد الألكتروني عن نساء عراقيات مسجونات في العراق و ممارسات الجنود الأمريكان معهن و إستنكاره ، و رغم أنني أعلم أن بإمكان التكنلوجيا و وسائل إعلام البريطانيين و حتى الأمريكان أنفسهم أن يمنتجوا كل شيء في سبيل زرع البلبلة بين أبناء الشعب الواحد و زرع الحقد و الكراهية و إستمرار عدم الإستقرار في المنطقة حتى ولو كان على حساب سمعة قواتها في المنطقة..

عندما إنتهت الحرب التي أشعلها النظام العراقي ضد جارته إيران أواخر عام 1988 و بعدما راح ضحيتها خيرة أبناء الشعب العراقي ، لم يفوت النظام العراقي لحظة بدون أن يستمر في جرائمه ، فعندما تم الإعلان عن توقف مسلسل الحرب العراقية الإيرانية ، بدأ يخطط أو أنه بدأ فعلاً بتفيذ جريمة كان خطط لها مسبقاً ، أبشع جريمة نفذها في تأريخ البشرية على الإطلاق هي جريمة الأنفال ، و نفذها بدقة متناهية و على مراحل إبتداءاً من خريف 1988 و شملت غالبية المناطق الكوردية في كوردستان الجنوبية ، و بضمنها كانت أبشع جريمة إرتكبها النظام العفلقي الصدامي ، عندما رحٌل الآلاف المؤلفة من النساء الكورديات الأرامل و سجنهن في معتقلاته المختلفة و مارس ضدهن أبشع الممارسات اللاأخلاقية منها إغتصابهن و قتل الكثيرات منهن في المعتقلات و باقي النساء اللائي تم بيعهن إلى الكوريت و السعودية و إلى الملاهي الليلية في مصر ، هذه الجريمة التي هي أكثر بشاعة و شناعة عشرات بل مئات المرات من الجرائم التي يقال أن الجنود الأمريكان يرتكبونها ضد العراقيين أو النساء العراقيات ، و التي لا أظن نهائياً و لا اصدق أن عدد ضحاياها تصل إلى عشر العشر من ضحايا النساء المؤنفلات ، هذه الجريمة التي إرتكبت في غفلة من التكنلوجيا و لم تصل إلى العالم الخارجي إلا بعد مرور سنوات و سنوات ..

النساء المؤنفلات ، تلك القضية التي لازالت الدوائر السياسية العراقية تغض النظر عنها و لا تتطرق إليها لا من قريب و لا من بعيد ، و التي كان لها الأثر السلبي المباشر على البنية الإجتماعية الكوردية و ساعد على ولادة مشاعر الكره و الحقد من جانب –على الأقل- أهالي الضحيات ضد كل ما يمت بصلة إلى الأنظمة العراقية المتتالية ، لأنها لم تلتفت إلى تلك الجريمة و لم تدرجها في أجندتها السياسية منذ أن سقط نظام صدام حسين الدامي..

من خلال هذه المقالة البسيطة أدعوا المسؤولين العراقيين إلى فتح ملف أولئك النساء المؤنفلات و مخاطبة السلطات المصرية و بإلحاح و مطالبتها بأن تتحرى عن مصيرهن لكي على الأقل أن تبريء نفسها من تلك الجريمة النكراء إن كانت بريئة أصلاً ، لأن الساكت عن الحق شيطان أخرس كما يقال ، و حتى أن الشاهد على الجريمة يعتبر في حكم القانون شريك في إرتكاب الجريمة، فأين هم الشرفاء الذين يتداولون صور النساء العراقيات في السجون العراقية ، ليتداولوا أسماء و قضية النساء المؤنفلات و لياطلبوا يمعرفة مصيرهن و ليسألوا: و إذا المؤنفلة سئلت بأي ذنب أنفلت؟

و الوثيقة التالي تشهد..

 

           

 

02/09/2015