Good Kurds , Bad Kurds حميد كشكولي في الفترة الأخيرة تذكرت الفلم الوثائقي " الكُرد الخيّرون ، الكُرد السيئون" للمخرج الأمريكي والصحفي الكبير كفين مكيرنان ، والحائز على جائزة حقوق الإنسان في مهرجان سانتا بار بارا للأفلام علم 2000، وأنا أشاهد انتهاكات العسكر التركي لحقوق الإنسان وحرياته أثناء قمعه لمظاهرات الجماهير الكردية المطالبة بإطلاق سراح عبد الله أوجلان الذي ألقي عليه القبض في مؤامرة خبيثة مشتركة لسي آي أي ، والميت التركي ، والموساد الإسرائيلي، وحقوق قومية أخرى. والنفاق الأمريكي في هذه الحالة كان في منتهى الوضوح، وكانت كذبة الحرب في سبيل دمقرطة العالم و تمدينه فاضحة للغاية. والصحفي حاز أيضا على جائزة بوليتزر ، و هو من أجرأ الصحفيين إذ نقله البحث عن الحقيقة إلى أكثر المناطق خطورة في العالم ، ليصور ما يحدث و لكي يجعل العالم على بينة من مما يجري في الخفاء من انتهاكات لحقوق الإنسان ، و مظالم بحقه. أثناء هزيمة النظام البعثي في حرب الخليج الثانية ، و الهجرة المليونية للكرد صوب الجبال و الحدود المتاخمة لتركيا هربا من بطش النظام البعثي ، كان الصحفي كفين مكيرنان حاضرا بين هؤلاء الكرد الهاربين من بطش نظام صدام . و يصور مكميرنان مآسي الكرد هناك ، ولكنه لا ينسى مآسي أبناء جلدتهم في الجانب التركي على بعد بضعة أميال. صور مخرج فلم "الكرد الخيرون، الكرد السيئون" الحرب الخفية و انتهاكات العسكر التركي لحقوق الكرد و حرياتهم في كردستان تركيا، أمام مرأى ومسمع الأمريكان، بل وبدعمهم و بأسلحتهم، فهؤلاء الكرد " سيئون " لأنهم يقفون في وجه نظام صديق لأمريكا. يقول مكميرنان في فلمه الوثائقي إن الكرد سواء في العراق أو تركيا يحملون السلاح يناضلون في سبيل حقوقهم القومية ، لكن أكراد العراق خيرون بنظر الأمريكان لأنهم ضحايا صدام ،ونظامه الذي أصبح يعاديه الأمريكان، ويحظون بدعم أمريكا، بينما أكراد تركيا أشرار لأنهم يُقتلون بأسلحة أمريكية ونظام صديق لأمريكا. يبدأ الفلم من لاجئ كردي إلى سانتا باربارا، إلى أروقة الحكم والقرار في واشنطن دي سي ، وثم القرى الكردية ، مكتشفا التجاهل المتعمد للإدارة الأمريكية وسياستها الخارجية لما يجري بحق الكرد في تركيا من مظالم و جرائم.
إن المظالم التي لحقت وتلحق بالشعب الكردي في تركيا لا تقل هولا عما ارتكبته قوات صدام ونظامه بالشعب الكردي في العراق. إن في كردستان تركيا أيضا تم تجريف أكثر من 4000 قرية كردية ، لكن في مدى زمني أقل مما استخدمه النظام اليعثي ، وقد استخدم الجيش التركي الغازات الكيماوية ضد مقاتلي مؤتمر الشعب ( العمال الكردستاني سابقا) ، وأنني لست هنا في صدد المقارنة بين مآسي الكرد في كل من تركيا والعراق ، وسرد تاريخها، لكني الشيء الذي لفت انتباهي هو التعتيم الذي فرضه إعلام السلطة الكردية في كردستان العراق على هذا الفلم الوثائقي.
فالخيّر و الشرير يتم تعريفهما حسب ما تقتضيه مصالح الرأسمالية الأمريكية و مستلزمات هيمنتها على مقدرات العالم. فليس كل أكراد العراق هم الخيرون بنظر الإدارة الأمريكية ، حسب الفلم ، فأكثرية الشعب الكردي في كردستان العراق يعانون من طغيان واستبداد حكام يفخرون أنهم يحظون بدعم بوش وبلير وشارون. كيف يتم تعريف حكام بالخيرين بعد أن ارتكبوا جرائم فظيعة بحق الناس الأبرياء في سبيل السلطة والمال في حرب قتل فيها آلاف الناس ، وحولوا ملايين الدولارات من قوت الشعب الجائع إلى بنوك أوروبا الديمقراطية ، ويتركون الناس في الأزبال والنفايات ؟ كيف يكون هؤلاء خيّرين وهم يزجون بمتظاهرين يطالبون بأبسط الحقوق الإنسانية في السجون ، ويهددونهم بالإعدام ؟ كيف يكونون خيرين وهم لا ينفكون ينهبون و يسلبون كل مقدرات الجماهير ، و يعتاشون على مآسيها ومصائبها التي يتحملون هم الجزء الأكبر من أسبابها؟ لنسأل بوش ، هل خيّرون من يلقون القبض على طفلة عمرها بضع سنوات، لأنها كانت مع والدتها في تظاهرة لشجب سياسة القمع في كردستان تركيا التي يمارسها العسكر التركي والنظام التركي ؟
موقع كفين مكيرنان الإلكتروني: http://www.kevinmckiernan.com/bio.html
|
|
04/07/2007 |