لو أقاموا القيامة.. فان كركوكَ كوردستانية إلى يوم القيامة ! محسن جوامير ـ كاتب كوردستاني
قال مصدر من مكتب حقوق الإنسان في كركوك التابع للإتحاد الوطني الكوردستاني لوكالة الأنباء الكويتية ( كونا ) أن عدد المقابر التي تم العثور عليها قرب قريتي العصرية وتوبزاوا التابعتين لكركوك بلغ ثماني مقابر تحوي رفات نحو 1000 شخص يعتقد أنهم من الكورد.. وأضاف ان المكتب في إتصال مستمر مع القوات متعددة الجنسيات بخصوص الأمر. أول الغيث قطر ثم ينهمر.. يبدو أن أمر جرائم العنتر الأوحد الذي مازال يفلسف في دفاعه وأحلام يقظته بين جدران قفصه المخزي مستنكرا وملقيا شكوكه على كل الوثائق والأوراق والجذاذات التي تؤكد إدانته لا من خلال القرائن وإنما من خلال ألأدلة الثبوتية وبتوقيعه وعلى ضوء تأريخه الدموي الذي يشهد عليه القاصي والداني، تظهر بين الفينة والأخرى آثاره ومعالمه وبخاصة من دفنوا من الأبرياء أحياء أو أمواتا، رجالا ونساء واطفالا وشيوخا، ولا أحد من أهلهم واقاربهم يمكنه أن يتعرف عليهم، وبالتالي الكل يقضي حياته في حسرات على فقد عزيز عليه إلى أن يلقى ربه.. وكأن الطاغية لم يكتف بتهجير الكورد من كركوك فحسب، وإنما بتصفيتهم أيضا ليكونوا أقل ولدا وعددا، ومن ثم إستقدام أناس من البدو يبددونهم تبديدا. حينما يطغى الحاكم ويتجبر، ويحسب نفسه إلها على الأرض ويتكبر، لا تقف جرائمه عند حد محدود لا يتجاوزه ولا يجمع حواليه عددا معينا من أناس يستخلصهم لنفسه ليقوموا بما يأمرهم به فحسب، إنما يجيش من أجل تحقيق مآربه جيوشا من الأذيال الذليلة الذين لا يتورعون عن إرتكاب أفزع الموبقات تنفيذا لأوامر سيدهم، لتتحقق بذلك سياسة : القمع أساس الملك، بدلا من العدل.. والأنكى من هذا فان آثار تلكم الظاهرة الكارثية قد لا تزول مع زوال الطاغية أو الحكم الطاغي، وإنما تمتد إلى أجيال وأجيال إن لم يدرك العقلاء ويدرسوا الحالة بدقة وعمق ويحاولوا عن جد إيجاد الحلول اللازمة لمعالجتها وفق أسس سليمة.. وأول هذه الأمور إعادة الحقوق من أرض مغصوبة، وبيت محتل ومزرعة مزروعة من قبل أناس ليسوا بأصحابها، إنما جيئ بهم قصدا وغدرا ووفق سياسة مبرمجة موقوتة دبرت تدبيرا. ولكن الذي يُرى لحد الآن هو عكس ما كان يُتوقع ويُؤمل، خاصة في كركوك، حيث يبدو الأمر وكأنه إمتداد للسياسة التي سار عليها النظام المنهار وصار الواقع ضربة لازب لا يُزال، وذلك من خلال عدم الجدية في تطبيق ما أتفق عليه بين الكورد والأطراف التي عانت كما الكورد عانوا من غدر وإضطهاد وتهجير وتشريد، وعدم الرد على أولئك الوافدين وعناصر من المرتبطين بتركيا من الذين يعلنون جهارا نهارا رفضهم لكل ما أفرزته الإنتخابات من حقائق ووقائع تقضي بكوردستانية كركوك أو الألتزام بما جاء في المادة 140 من الدستور والتي تقضي باعادة المطرودين من الكورد وغيرهم وعودة الوافدين إلي أصقاعهم وإجراء التصويت على مستقبلها، ليعود الحق إلى نصابه من دون إلحاق اضرار بآزاد ويوحنا وعبيد ويلماز. في الوقت الذي يبحث الكورد فيه عن ذويهم في المقابر الجماعية التي اكتشفت وصْلة منها في كركوك في الأيام الأخيرة، تجد أن الوافدين الذين اسْتُقدِموا وذاقوا اليوم وبال أمرهم وبدفع من البعثيين القدامى والجبهة التركمانية التي تحولت عداوة الكورد لديها إلى العزف المنفرد وأحد اركان الإيمان، ينظمون المؤتمرات والمسيرات ويطلقون الهتافات والشعارات ضد تقرير واقعي صدر أخيرا من عضو تركماني في لجنة تطبيع الأوضاع في كركوك لحل مشكلتها، ظانين أنهم بذلك يضحكون على ذقون الكورد ويجبرون السلطات على التخلي عن الإتفاقات والعهود والمعاهدات، وأنهم بذلك سوف يسرحون ويمرحون على أرض الكورد التي إحتلوها ولا أحد يقدر ويدبر في النتائج المترتبة عن ( وإخراج أهله منه أكبر عند الله، والفتنة أكبر من القتل ) و " ما بني على الباطل فهو باطل ". إن المرتزقة الذين هتفوا بأن " عراقية كركوك خط أحمر لا يمكن تجاوزه وكاتب التقرير خارج عن العقيدة والعشيرة " و " أن العرب في كركوك عراقيون مخلصون لا يمكن لهم القبول بمثل هذه التقارير والوصف الدنئ الذي لا يمت إلى الواقع بصلة " و " التقرير يخدم المخطط التوسعي والتقسيمي للعراق ويجب مقاضاة ومحاسبة مروجيه وواضعيه، كونه يتضمن قذفا وسبا بأعراض العائلات العربية " و " أن كركوك يجب أن تبقى عراقية ونرفض ضمها لأي إقليم " و " لا إساءة إلى شرف الحرائر ".. إن نعيق هذه الشرذمة القليلة في كركوك والجمل " الفضفاضة " والعبارات " الرنانة " التي جعلوها جُنة لمقاصدهم وهم في حال هلع و( يحسبون كل صيحة عليهم ) ، يذكرنا بأقوال وخربشات الطاغية العنتر في داخل المحكمة وهو يهدد ويتوعد دفاعا عن كرامة العراقيين والحرائر العراقيات، وكأن هنالك من يسمع له ويعد أقواله من آيات الذكر الحكيم أو الأحاديث الشريفة ! لعل هؤلاء يعلمون جيدا بأن الكورد وقبل ما يزيد على ثلاثين عاما، بل وقبل أن يُسْتَقدموا هم إلى كركوك ويدَّعوا اليوم أنهم أصحابها ومالكوها، لم يحنوا رؤوسهم وجباههم وهاماتهم أمام اشرس طاغية عنتر في التأريخ، وفضلوا موتهم على حياة من دون كركوك، وكل ما حصل لهم من حلبجات وأنفالات وتدمير قرى وقصبات على رؤوسهم وأهوال، كان بسبب عدم رضوخهم لمطلب الغول الذي يساق اليوم في كل مرة إلى المحكمة بالسلاسل والأغلال .. فكيف بهم الآن وبعد كل هذه المنجزات التي حققوها بعرق جبينهم وتضحياتهم ـ لا بفضل ومنة احد ـ وأصبحوا عنصرا رئيسيا لإنهيار حكم الطاغية ومبادئه الجوفاء، يريدون ثني عزيمتهم عن إعادة ما سلبوه منهم ظلما وعدوانا، تحت عناوين وذرائع وتعاويذ ميتة مثل " مواجهة تقسيم وتجزئة العراق " و" الدفاع عن شرف حرائر العراق " ؟! ليس هناك شعب أحرص في الحفظ على شرف الحرائر، مثل الكورد.. وإن الذي يقدس شرف الحرائر لا يغتصب أرضا ولا يزرع في أرض الآخر ولا يسكن في بيت الآخر، بل ولا يعانق أو يغازل زوجته تحت سقف الآخر المسروق، ومن ثم يدعي وبكل حماقة بأنه هو المالك الأصلي والمقيم وصاحب الملك معتد أثيم.. وإن الذي يدافع عن الشرف والغيرة و " الناموس " في كركوك، فليخبرنا عن مصير 18 إمرأة كوردية عفيفات أرسلن على طبق من ذهب إلى ملاهي مصر ليشتغلن فيها.؟! طوال سيطرة البيشمركة على جبال كوردستان ووديانها، لم نسمع أن إمرأة تُعدي عليها من قبل المحاربين الكورد.. كل ذلك لكون العرض والشرف من أقدس المقدسات لديهم، فهما دينهم وديدنهم منذ عهد سيدنا نوح الكوردي ـ على نبينا وعليه الصلاة والسلام ـ الذي صنع فلك نجاة البشرية بأعين ووحي ربه وإلى عصر الإنترنيت.. وفي المقابل نجد أن الوحوش الكاسرة من أزلام العهد المنهار والزمرة الخاسرة، لم يتورعوا عن أقتراف أنكر المنكرات بحق العفيفات الكورديات سواء في داخل السجون أو في خارجها، ولولا الوضع الإجتماعي والسمعة والحياءْ لتجمعت اطنان من الشكاوى في العراءْ. إنه لمن العار على كل حكومة إتحادية وهي تقرأ نبأ الأولين أن تسمع لهؤلاء وتلهها تخرصاتهم عن إتخاذ الطريق الصحيح، وتحجم عمدا عن تنفيذ ما جاء في الدستور وخلال الأجل الذي حُدد ليأمن من في كوردستان والعراق كلهم جميعا، وأن تساوم على قضية كركوك من أجل حفنة من الأصوات أو لأطراف ذوي العاهات أو لمقاصد اخرى تافهات، ويصبح الأمر معلقا وتتكرر الأعوام إثر الأعوام عليه، في حين أن عُدة الحل موجودة ولا يعوزها إلا الإقدام والصدق في تنفيذ العهود المعهودة وعلى قاعدة لا ضرر ولا ضرار، قبل أن يفكر الكورد بالإستنجادْ بوسائل أخرى نتيجة شعورهم بالمرارة وخيبة الأمل من العبادْ. أخيرا وليس آخرا.. ليستبشر المحتلون والغاصبون لأرض ومزارع وبيوت وممتلكات الكورد والذين يعضون عليهم الأنامل من الغيظ، بأن لدى الكورد من هدف طموح وخبرة وتجارب وإصرار ورجال ومن ثم من دعم دستوري ومستمسكات ومستدركات قانونية مدونة ومؤيدة للإستناد عليها، ما يكفي لإعادة كركوك حتما إلى حضن كوردستان . وإنها بالرغم من وجود مئات الآلاف من الوافدين وعدم مشاركة مئات الآلاف من السكان الكورد الأصليين وعدم عودة الأقضية والنواحي المستقطعة إليها، فان كوردستانيتها تجلت في نتائج الإنتخابات الأخيرة التي كانت ( مثل صاعقة عاد وثمود ) على من كذب وتولى ورضي بالجحود.. وبالتالي علم الجميع من هم الذين يمثلون الكثرة الكاثرة.. وستبقى كذلك إلى يوم القيامة، ولحين تحقق نبأ ( فإنما هي زجرة واحدة، فإذا هم بالساهرة )!
|
|
04/07/2007 |