هل للكورد أقلام صديقة ؟
محسن جوامير ـ كاتب كوردستاني
المتابع لما ينشر في الصحف والمواقع الألكترونية التي تنطلق من خارج كوردستان والعراق وبالذات في أوروبا ومن ألأطياف المختلفة التي تحمل أفكارا وإتجاهات وأيديولوجيات متعددة، يجد أن هناك اصواتا واقلاما ونقاطا مشتركة بين الشرائح الكوردستانية المثقفة والشرائح العراقية والعربية التي تعي الحقيقة من خلال التعامل مع الواقع وبالتالي الإعتراف به وتقدير الأمور وحملها محمل الجد ولو على مضض.. ولعل ما يبشر بالخير هو أن اصحاب هذه الأقلام والأفكار بدأوا يقتربون من بعضهم بنشر اطروحاتهم ونظراتهم بالتحرير والكتابة في مساحات الطرف الآخر وبرحابة صدر بغض النظر عن مشاربهم وإنتماءاتهم الفكرية، كل ذلك من أجل إثراء الفكر والتفاهم بما يعود على المنطقة بالخيرالعميم.. بل تعدى الأمر كما ذكرت حدود كوردستان والعراق.. وتحول إلى هَبّة حدت بكتاب أمثال الاستاذ المفكر عفيف الأخضر ( تونسي ) والدكتور أحمد أبو مطر ( فلسطيني ) ومحمد غانم ( سوري معتقل ) إلى أن يكونوا أعضاء في التجمع العربي الذي أسسه عراقيون غيورون لنصرة الكورد، والذي يحوي في جنباته أكثر من مئتي كاتب أغلبهم من الشريحة العربية.
وهذا لا يعني بأنه ليس هناك إتجاهات ورثت عُقدا من خلال التربية وإيحاءات الذين ما زالوا يسبحون بحمد الأفكار الخارجة عن حدود منطق النظرة الحضارية أو الإنسانية للأمور، وبالتالي يرفضون كل حل ويهدمون كل جسر يمكن أن يُبنى على روح التفاهم والحوار للتوصل إلى الإعتراف بالآخر، وكأن الخالق لم يضع الأرض إلا لهم وليس لبقية الأنام ( فيها فاكهة والنخل ذات الأكمام ).. فأصحاب هذه الأفكار كانوا دائما وقود خلق التنافر والمشاحنات والبغضاء بين الشعوب أيا كانوا وبالتالي عصا السلطات والنظريات الظلامية السابقة واللاحقة مهما رفعوا من شعار أو إدعوا من إدعاءات.. فهؤلاء باقون وماضون إلى يوم ( سنفرغ لكم أيها الثقلان ).
إن أصحاب الأقلام والفكر والمواقف الثابتة أمثال الأساتذة الدكتور كاظم حبيب و زهير كاظم عبود و الدكتور منذر الفضل و الدكتورتيسير الآلوسي و حامد الحمداني و الدكتور عبدالإله الصائغ ( شافاه الله وعافاه ) و الدكتور جواد الطعمة و حمزة الجواهري والدكتورهشام الديوان و عبدالمنعم الأعسم و أحمد الشمري و مهند البراك و عدنان جواد و كامل السعدون و عدنان حسين و عبدالخالق حسين و سمير سالم داود وغيرهم من قوافل الكتاب والمفكرين الذين لم ولن يألوا جهدا في التصدي للحق سواء أثناء طغيان نظام الطاغية أو بعد إعتقاله في جحره وقرضه الشعر فيه، كانوا من رواد المدافعين عن قضية شعب كوردستان، ومواقفهم لم تكن مبنية على أسس إنسانية ترقيعية أو إصلاحية في قالب المثاليات أو من أجل دفع الظلم الذي إستبد بالكورد من جراء تعرضهم إلى الأنفالات والتشريد والقصف الكيمياوي فحسب، إنما كانت ومازالت نابعة من إيجاد الحلول السياسية اللازمة والأساسية للقضية ضمن الأطر القانونية والمعايير الدولية التي تنطبق على الجميع وعلى كل الشعوب.
والعبرة في المواقف والنصرة مرهونة بالثبات والإستقامة على طول الخط وفي العسر واليسر، من دون التأثر بالأعاصيرالتي تهزالقلم وتفلسه وبالتالي ترديه في جحيم الانتهازية والأنانية.
وهنا ارى أنه من المهم القول بأنه بالرغم من آلام الغربة وثقلها على كيان الإنسان ووجوده، إلا أن الذين لهم رسوخ في الفهم والعلم وعقول في الرأس ونظرة حادة للحضارة الإنسانية وإستعداد للقبول، يكون الغرب مُعَلِما وكذلك مَعْلَمَا لهم لفهم الحياة وحقوق الإنسان وكيفية الرُقي والخروج من ربقة الإستئثار والنظرة الدونية للآخرين.. ولعل هذه الكوكبة المثقفة يكون لها قصب السبق في فهم المقابل وبالتالي نقل هذه الظاهرة التي تقوم عليها العلاقات البشرية أصلا إلى شعوبهم سواء بالقلم أو بالكلام أو بالمواقف.
إننا نتطلع إلى خلق علاقات أفضل بين الأقلام الكوردستانية والعراقية والعربية من خلال الاعتراف بوجود واقعين يتميزان بخصائص ذاتية ولكن في إطار التناغم والتوائم الذي يحتمه تجاور أرض كوردستان لأرض العراق كتجاور أي مدينة بخصوصيتها لاخرى في أي من الواقعين مع الإعتراف بحق الكورد في تقرير مصيرهم بالشكل الذي يريدونه دائما وابداً.
( والأرض وضعها للانام ) لا لشعب دون آخر ولا لطائفة دون أخرى.. وبذلك يمكن خلق نموذج في الشرق وللدول التي تتعشش فيها الحساسية القاتلة التي تؤدي إلى خلق العقد التي لا مبرر لها فى أصل العلاقة بين الشعوب والتي تنتقل كعدوى الأمراض الفتاكة في الأخير.
فهل نحن فاعلون ؟
|
|
02/09/2015 |